المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
Untitled Document
أبحث في الأخبار


كلام في المستضعف


  

1848       02:49 صباحاً       التاريخ: 24-10-2014              المصدر: محمد حسين الطباطبائي

أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-28 1082
التاريخ: 2024-04-27 367
التاريخ: 2023-10-31 2035
التاريخ: 17-10-2014 1892
التاريخ: 8-7-2021 2127
أن الجهل بمعارف الدين إذا كان عن قصور وضعف ليس فيه صنع للإنسان الجاهل كان عذرا عند الله سبحانه.
توضيحه : أن الله سبحانه يعد الجهل بالدين وكل ممنوعية عن إقامة شعائر الدين ظلما لا يناله العفو الإلهي ، ثم يستثني من ذلك المستضعفين ويقبل منهم معذرتهم بالاستضعاف ثم يعرفهم بما يعمهم وغيرهم من الوصف ، وهو عدم تمكنهم مما يدفعون به المحذور عن أنفسهم ، وهذا المعنى كما يتحقق فيمن أحيط به في أرض لا سبيل فيها إلى تلقي معارف الدين لعدم وجود عالم بها خبير بتفاصيلها ، أو لا سبيل إلى العمل بمقتضى تلك المعارف للتشديد فيه بما لا يطاق من العذاب مع عدم الاستطاعة من الخروج والهجرة إلى دار الإسلام والالتحاق بالمسلمين لضعف في الفكر أو لمرض أو نقص في البدن أو لفقر مالي ونحو ذلك كذلك يتحقق فيمن لم ينتقل ذهنه إلى حق ثابت في المعارف الدينية ولم يهتد فكره إليه مع كونه ممن لا يعاند الحق ولا يستكبر عنه أصلا بل لو ظهر عنده حق اتبعه لكن خفي عنه الحق لشيء من العوامل المختلفة الموجبة لذلك.
فهذا مستضعف لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلا لا لأنه أعيت به المذاهب بكونه أحيط به من جهة أعداء الحق والدين بالسيف والسوط ، بل إنما استضعفته عوامل أخر سلطت عليه الغفلة ، ولا قدرة مع الغفلة ، ولا سبيل مع هذا الجهل.
هذا ما يقتضيه إطلاق البيان في الآية الذي هو في معنى عموم العلة ، وهو الذي يدل عليه غيرها من الآيات كقوله تعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة : 286] فالأمر المغفول عنه ليس في وسع الإنسان كما أن الممنوع من الأمر بما يمتنع معه ليس في وسع الإنسان.
وهذه الآية أعني آية البقرة كما ترفع التكليف بارتفاع الوسع كذلك تعطي ضابطا كليا في تشخيص مورد العذر وتمييزه من غيره ، وهو أن لا يستند الفعل إلى اكتساب الإنسان ، ولا يكون له في امتناع الأمر الذي امتنع عليه صنع ، فالجاهل بالدين جملة أو ، بشيء من معارفه الحقة إذا استند جهله إلى ما قصر فيه وأساء الاختيار استند إليه الترك وكان معصية ، وإذا كان جهله غير مستند إلى تقصيره فيه أو في شيء من مقدماته بل إلى عوامل خارجة عن اختياره أوجبت له الجهل أو الغفلة أو ترك العمل لم يستند الترك إلى اختياره ، ولم يعد فاعلا للمعصية ، متعمدا في المخالفة ، مستكبرا عن الحق جاحدا له ، فله ما كسب وعليه ما اكتسب ، وإذا لم يكسب فلا له ولا عليه.
ومن هنا يظهر أن المستضعف صفر الكف لا شيء له ولا عليه لعدم كسبه أمرا بل أمره إلى ربه كما هو ظاهر قوله تعالى بعد آية المستضعفين "فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا" وقوله تعالى {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة : 106] ورحمته سبقت غضبه.
قوله تعالى : {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [النساء : 99] هؤلاء وإن لم يكسبوا سيئة لمعذوريتهم في جهلهم لكنا بينا سابقا أن أمر الإنسان يدور بين السعادة والشقاوة وكفى في شقائه أن لا يجوز لنفسه سعادة ، فالإنسان لا غنى له في نفسه عن العفو الإلهي الذي يعفى به أثر الشقاء سواء كان صالحا أو طالحا أو لم يكن ، ولذلك ذكر الله سبحانه رجاء عفوهم.
وإنما اختير ذكر رجاء عفوهم ثم عقب ذلك بقوله {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا } [النساء : 43] اللائح منه شمول العفو لهم لكونهم مذكورين في صورة الاستثناء من الظالمين الذين أوعدوا بأن مأواهم جهنم وساءت مصيرا.
قوله تعالى : {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء : 100] قال الراغب : الرغام بفتح الراء التراب الرقيق ، ورغم أنف فلان رغما وقع في الرغام ، وأرغمه غيره ، ويعبر بذلك عن السخط كقول الشاعر : إذا رغمت تلك الأنوف لم أرضها ولم أطلب العتبي ولكن أزيدها.
فمقابلته بالإرضاء مما ينبه على دلالته على الإسخاط ، وعلى هذا قيل : أرغم الله أنفه ، وأرغمه أسخطه ، وراغمه ساخطه ، وتجاهدا على أن يرغم أحدهما الآخر ثم يستعار المراغمة للمنازعة قال الله تعالى : "يجد في الأرض مراغما كثيرا" أي مذهبا يذهب إليه إذا رأى منكرا يلزمه أن يغضب منه كقولك : غضبت إلى فلان من كذا ورغمت إليه انتهى.
فالمعنى : ومن يهاجر في سبيل الله ، أي طلبا لمرضاته في التلبس بالدين علما وعملا يجد في الأرض مواضع كثيرة كلما منعه مانع في بعضها من إقامة دين الله استراح إلى بعض آخر بالهجرة إليه لإرغام المانع وإسخاطه أو لمنازعته المانع ومساخطته ، ويجد سعة في الأرض.
وقد قال تعالى في سابق الآيات : {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً } [النساء : 97] ، و لازم التفريع عليه أن يقال : ومن يهاجر يجد في الأرض سعة إلا أنه لما زيد قوله "مراغما كثيرا" وهو من لوازم سعة الأرض لمن يريد سلوك سبيل الله قيدت المهاجرة أيضا بكونها في سبيل الله لينطبق على الغرض من الكلام ، وهو موعظة المؤمنين القاطنين في دار الشرك وتهييجهم وتشجيعهم على المهاجرة وتطييب نفوسهم.
قوله تعالى : {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء : 100] إلخ المهاجرة إلى الله ورسوله كناية عن المهاجرة إلى أرض الإسلام التي يتمكن فيها من العلم بكتاب الله وسنة رسوله ، والعمل به.
وإدراك الموت استعارة بالكناية عن وقوعه أو مفاجآته فإن الإدراك هو سعي اللاحق بالسير إلى السابق ثم وصوله إليه ، وكذا وقوع الأجر على الله استعارة بالكناية عن لزوم الأجر والثواب له تعالى وأخذه ذلك في عهدته ، فهناك أجر جميل وثواب جزيل سيوافي به العبد لا محالة ، والله سبحانه يوافيه بألوهيته التي لا يعزها شيء ولا يعجزها شيء ولا يمتنع عليها ما أرادته ، ولا تخلف الميعاد.
و ختم الكلام بقوله {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [النساء : 100] تأكيدا للوعد الجميل بلزوم توفيه الأجر والثواب.
و قد قسم الله سبحانه في هذه الآيات المؤمنين أعني المدعين للإيمان من جهة الإقامة في دار الإيمان ودار الشرك إلى أقسام ، وبين جزاء كل طائفة من هذه الطوائف بما يلائم حالها ليكون عظة وتنبيها ثم ترغيبا في الهجرة إلى دار الإيمان ، والاجتماع هناك ، وتقوية المجتمع الإسلامي ، والاتحاد والتعاون على البر والتقوى وإعلاء كلمة الحق ورفع راية التوحيد وأعلام الدين.
فطائفة أقامت في دار الإسلام من مجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، وقاعدين غير أولي الضرر ، وقاعدين أولي الضرر ، وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة.
و طائفة أقامت في دار الشرك ، وهي ظالمة لا تهاجر في سبيل الله ومأواهم جهنم وساءت مصيرا ، وطائفة منهم مستضعفة غير ظالمة لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ، وطائفة منهم غير مستضعفة خرجت من بيتها مهاجرة إلى الله ورسوله ثم أدركها الموت فقد وقع أجرها على الله.
والآيات تجري بمضامينها على المسلمين في جميع الأوقات والأزمنة وإن كان سبب نزولها حال المسلمين في جزيرة العرب في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بين هجرته إلى المدينة وفتح مكة وكانت الأرض منقسمة يومئذ إلى أرض الإسلام وهي المدينة وما والاها فيها جماعة المسلمين أحرار في دينهم وجماعة من المشركين وغيرهم لا يزاحمون في أمرهم لعهد ونحوه ، وإلى أرض الشرك وهي مكة وما والاها هي تحت سلطة المشركين مقيمين على وثنيتهم ، ويزاحمون المسلمين في أمر دينهم يسومونهم سوء العذاب ، ويفتنونهم لردهم عن دينهم.
لكن الآيات تحكم على المسلمين بملاكها دائما فعلى المسلم أن يقيم حيث يتمكن فيه من تعلم معالم الدين ، ويستطيع إقامة شعائره والعمل بأحكامه ، وأن يهجر الأرض التي لا علم فيها بمعارف الدين ، ولا سبيل إلى العمل بأحكامه من غير فرق بين أن تسمى اليوم دار الإسلام أو دار شرك فإن الأسماء تغيرت اليوم وهجرت مسمياتها وصار الدين جنسية ، والإسلام مجرد تسم من غير أن يراعى في تسميته الاعتقاد بمعارفه أو العمل بأحكامه.
والقرآن الكريم إنما يرتب الأثر على حقيقة الإسلام دون اسمه ويكلف الناس من العمل ما فيه شيء من روحه لا ما هو صورته ، قال تعالى : {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا } [النساء : 123 ، 124] ، وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة : 62].


Untitled Document
زيد علي كريم الكفلي
لَا شَيْءَ يُعْجِبُنِي ....
علي الحسناوي
امتيازات الشهادة التي يحصل عليها الموظف اثناء الخدمة
طه رسول
كيمياء الشاي: سحر العلوم في كوبك!
منتظر جعفر الموسوي
النمو الاقتصادي وتعزيز البنى التحتية للدول
ياسين فؤاد الشريفي
اليرقات المضيئة، والمعروفة أيضًا باليرقات المتوهجة
علي الحسناوي
الدرجة المالية التي يستحقها حاملو شهادة الدبلوم...
حسن السعدي
مفاعل تشيرنوبل: كارثة غيرت مسار الطاقة النووية
ياسين فؤاد الشريفي
البطريق: الطائر الذي لا يطير ولكنه يسبح ببراعة:
د. فاضل حسن شريف
الشهادة الثالثة و مفردات من القرآن الكريم (أشهد أن) (ح 11)
الشيخ أحمد الساعدي
بك يا علي يعرف المؤمنون
د. فاضل حسن شريف
عبارات قرآنية مفرحة في العيد (ح 13) (فتبسم ضاحكا)
حسن الهاشمي
تطبيق حقيبة المؤمن يأخذك في رحلة إيمانية
د. فاضل حسن شريف
عبارات قرآنية مفرحة في العيد (ح 12) (الصفح الجميل)
د. فاضل حسن شريف
عبارات قرآنية مفرحة في العيد (ح 11) (ثمرات النخيل...