المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث في الأخبار


تفسير الآيات [92،93] من سورة آل‏ عمران


  

2105       06:06 مساءاً       التاريخ: 12-06-2015              المصدر: محمد جواد البلاغي
قال تعالى : {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [آل عمران : 92، 93] .
{لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ} ويكون انفاقكم برا يرضاه اللّه بأن تنفقوا الشي‏ء الزهيد الذي لا ترضونه بل‏ {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ‏} وترغبون بماليته فإن قصدكم التقرب الى اللّه إنما يظهر ببذلكم لوجهه الكريم ما لا تستحقرونه‏ {وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْ‏ءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ‏} لا يخفى عليه شي‏ء منه ولا من نياتكم في إنفاقه وهو مجازيكم عليه ويضاعف لكم الجزاء كما وعدكم بذلك في القرآن الكريم فلا تخشوا أن يفوتكم من انفاقكم وإخلاصكم في النية شي‏ء {كُلُّ الطَّعامِ‏} أي أصول المطعومات‏ {كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ}‏ أي يعقوب‏ {عَلى‏ نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ} متعلق بحرّم وقيل بتعلقه بقوله تعالى‏ «حِلًّا» ويدفعه لزوم الفصل باجنبي وهو جملة «إلا ما حرّم» المشعرة بتمام ما قبلها فيلزم التعقيد والإيهام. نعم يفهم من قوله تعالى‏ «كانَ حِلًّا» انه من قبل أن تحرمه التوراة بتنزيلها {أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ} على موسى. وللتنبيه على تفسير الآية ثلاث مقدمات- الأولى- قال علي بن ابراهيم القمي في تفسيره هذا الكلام حكاية عن اليهود ولفظه لفظ الخبر. أي انه كلام اليهود ومن دعاويهم الكاذبة. وهو في الآية في مقام الاستفهام الانكاري وحذفت منه اداة الإنكار لدلالة قوله تعالى‏ {فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ * فَمَنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}‏. كما حذفت اداة الاستفهام لدلالة المقام عليها في قوله تعالى في سورة البقرة {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ} [البقرة : 80] وقوله تعالى في سورة الشعراء {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء : 22] على الصحيح من تفسير ذلك بإنكار موسى على فرعون ولو كان هذا الكلام اخبارا من اللّه لما ناسبه تكذيب اللّه لهم- الثانية- قيل في تفسير ذلك ان يعقوب حرم على نفسه العروق ولحم الجمل فقالت اليهود ان لحم الجمل محرم في التوراة أي انها تذكر ان إسرائيل حرمه على نفسه- الثالثة- ان تحريف التوراة الحقيقية كان قبل رسول اللّه بقرون متطاولة منذ انقطع أثرها بارتدادات بني إسرائيل وتتابع البلايا عليهم فادعى وجودها «حلقيا» الكاهن في زمان «يوشيا» الملك وذكروا تجديد كتابتها من عزرا بعد سبي بابل. كما أشرنا الى ذلك في المقدمة الخامسة من كتاب الهدى‏ «1» فراجعه. كما ذكرنا بعض الشهادات بتحريفها من كتابي «اشعيا» و«ارميا» وهما من كتب وحيهم‏ «2» فالتوراة في عهد رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) هي نفس التوراة الموجودة في عصورنا فإنها كانت إذ ذاك منتشرة بين الاسرائيليين والسامريين والنصارى في الشرق والغرب والحبشة وغيرهم بلغات متعددة ومنها اليونانية السبعينية والحبشية ولا يوجد بينها إلا اختلاف طفيف فالتوراة الرائجة في عصورنا هي المحرفة التي جادلهم القرآن بها وقال‏ {فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها} إذن فمعنى الآية ان بعض اهل الكتاب قالوا كل أصول المطعومات كانت جلا لبني إسرائيل قبل أن تحرم التوراة ما حرمته منها ثم استثنوا من ذلك ما زعموا ان إسرائيل حرّمه على نفسه من قبل أن تنزل التوراة فنزلت التوراة بتحريمه. وهذا كله كذب وافتراء حتى ان توراتهم تكذبهم فيه وتذكر ان المحرمات من الحيوانات البرية والمائية والطيور إنما هي رجس فانها نهتهم عن أن يأكلوا كل رجس كما في العدد الثالث من الفصل الرابع عشر من سفر التثنية ثم نصّت في الفصل المذكور على المحرمات كما نصت عليها في الفصل الحادي عشر من سفر اللاويين. إذن فكيف يكون الرجس حلالا شرعيا قبل التوراة وايضا لم تذكر التوراة ان إسرائيل حرم على نفسه شيئا. بل إنما نذكر ان إسرائيل ضرب على حق فخذه على عرق النساء لذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النساء الى هذا اليوم. فتوراتهم تقول ان ذلك تشريع منهم لا من إسرائيل كما في الفصل الثاني والثلاثين من سفر التكوين. يا رسول اللّه ان هؤلاء لا ينتهون عن الكذب إذن فجادلهم بتوراتهم و{قُلْ}‏ لهم في اظهار كذبهم‏ {فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها} في هذه الموارد {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏} فإن‏ قيل ان اليهود يقولون بامتناع النسخ فكيف يدّعون الحل الشرعي قبل التوراة «قلنا» المعروف ان اليهود يزعمون ان الشرع في التوراة منع من نسخ احكامها لأنها أبدية وهذا لا ينافي ادعاءهم هذا فيما قبل. وقد ذكرنا زعمهم وبطلانه في الجزء الأول من كتاب الهدى صفحة 288- 291 ولو كان اليهود كبعض النصارى يزعمون امتناع النسخ عقلا وانه لا شريعة قبل التوراة لكانت دعواهم هذه باعتبار الحل العادي وعدم الحرمة الشرعية. وقد ذكرنا هذا الزعم وبطلانه في الجزء الأول من كتاب الهدى صفحة 235- 239 و241- 243 وقيل في تفسير هذه الآية وجوها أخر مرجعها الى أن الآية اخبار من اللّه بأن المطعومات كانت حلا لبني إسرائيل وذكروا لذلك وجوها «منها» ما في الكشاف من ان الآية رد عليهم في دعواهم ان كل الذي حرم عليهم قد كان محرما على نوح وابراهيم ليتخلصوا بهذه الدعوة الكاذبة مما ذكره القرآن انه بظلم من الذين هادوا حرمت عليهم طيبات أحلت لهم. كما في سورة النساء 158 وببغيهم كما في سورة الأنعام 147 : ويرد على هذا الوجه انه ليس في الآية ما يشير اليه. وليس في التوراة ما يدل على ان الذي حرم عليهم كان حلالا قبل ذلك ومن الطيبات بل العدد الثالث من الفصل الرابع عشر من سفر التثنية يبين ان المحرمات عليهم رجس ففيه لا تأكلوا كل رجس ثم شرع في ذكر المحرمات التي ذكرت في الفصل الحادي عشر من سفر اللاويين.
واما الإلية والشحم وزيادة الكبد والكليتين فقد ذكرت التوراة انها توقد على المذبح طعام وقود للرب وان كل الشحم للرب. وفي كل مساكنهم لا يأكلون شيئا من الشحم والدم كما في الثالث من سفر اللاويين فليس في توراتهم ما يكذبهم فيما ذكر لهم من الدعوى ولا ما يدل على انهم حرمت عليهم بظلمهم طيبات أحلت لهم «ومنها» ما في تفسير الرازي وغيره ان اليهود ينكرون وقوع النسخ في الشريعة ويزعمون ان الذي هو الآن حرام كان حراما ابدا وان الذي حرمه إسرائيل كان حراما من لدن زمان آدم (عليه السلام) فطلب رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ان يحضروا التوراة لأنها ناطقة بأن بعض انواع الطعام انما حرم بسبب ان إسرائيل حرمه على نفسه انتهى ملخصا : ويرد على هذا الوجه أيضا انه ليس في الآية ما يشير إلى ورودها في مسألة النسخ ولا يلتفت من مخائلها إلى النسخ أصلا فتنزيلها على ذلك يلحق بالمعميات مع انه ليس في التوراة ان الذي حرم عليهم كان حلالا أو ان ما حرمه إسرائيل على نفسه هو محرم عليهم كما ذكرنا فلا يظهر كذبهم في زعمهم من التوراة. فالوجهان مشتركان في انه ليس لما ذكر فيهما عن‏ بني إسرائيل قول او كلام صريح او مدلول عليه بإحدى الدلالات لكي يمتحنوا فيه بالإتيان بالتوراة وتلاوتها ليظهر كذبهم فيه او صدقهم‏.
_________________________
(1) في الجزء الأول من صفحة 19 إلى 30.

(2) في الجزء الأول من الهدى صفحة 35 و36 وغير ذلك من الشواهد الكثيرة.


Untitled Document
زيد علي كريم الكفلي
لَا شَيْءَ يُعْجِبُنِي ....
علي الحسناوي
امتيازات الشهادة التي يحصل عليها الموظف اثناء الخدمة
طه رسول
كيمياء الشاي: سحر العلوم في كوبك!
منتظر جعفر الموسوي
النمو الاقتصادي وتعزيز البنى التحتية للدول
ياسين فؤاد الشريفي
اليرقات المضيئة، والمعروفة أيضًا باليرقات المتوهجة
علي الحسناوي
الدرجة المالية التي يستحقها حاملو شهادة الدبلوم...
حسن السعدي
مفاعل تشيرنوبل: كارثة غيرت مسار الطاقة النووية
ياسين فؤاد الشريفي
البطريق: الطائر الذي لا يطير ولكنه يسبح ببراعة:
د. فاضل حسن شريف
الشهادة الثالثة و مفردات من القرآن الكريم (أشهد أن) (ح 11)
الشيخ أحمد الساعدي
بك يا علي يعرف المؤمنون
د. فاضل حسن شريف
عبارات قرآنية مفرحة في العيد (ح 13) (فتبسم ضاحكا)
حسن الهاشمي
تطبيق حقيبة المؤمن يأخذك في رحلة إيمانية
د. فاضل حسن شريف
عبارات قرآنية مفرحة في العيد (ح 12) (الصفح الجميل)
د. فاضل حسن شريف
عبارات قرآنية مفرحة في العيد (ح 11) (ثمرات النخيل...