إن المراد من ذكر محتوى التوراة: {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} [البقرة: 63] هو الأخذ بالتوراة بقوة ليس فقط في مقام الحدوث بل في مقام البقاء أيضاً، ولما كان «الذكر» هو غير «القراءة»، فهو بمعنى أنه يتعين عليكم أن تجعلوه علناً محط مذاكرة ودرس وبحث لا أن تكتفوا بقراءته، بل عليكم أن تذكروا محتواه أيضاً وأن تعملوا به حيث إنه بالعمل بأحكام الكتاب يبقى العلم راسخاً وإلا فإنّ العلم سيرتحل إذا لم يُعمل به: «... والعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل عنه» [1]
هذه الجملة، كما هو حال جملة: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء:82] تنطوي على الأمر بالتدبر في الكتاب وهو ما يكون مقدمة للعمل ثم حصول التقوى في نهاية المطاف؛ ومن أجل ذلك فقد أتبعت بتعبير: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 63].
[1] الكافي، ج 1، ص 44؛ وبحار الأنوار، ج 2، ص 40.