أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/العلم والعلماء/العلماء/علماء السوء/الإمام علي (عليه السلام)
روي أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال:
إن أبغض الخلائق إلى الله تعالى
رجلان : رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشعوف بكلام بدعة ودعاء
ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته
وبعد وفاته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته. ورجل قمش جهلا فوضعه في جهال الامة،
غارا في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة، قد سماه اشباه الرجال عالما وليس
به، بكر فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن وأكثر من غير
طائل، جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، إن خالف من سبقه لم يأمن
من نقض حكمه من يأتي من بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزل به إحدى المبهمات هيأ
لها حشوا رثا من رأيه ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت لا يدري
أصاب أم أخطأ، إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، و إن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب، جاهل
خباط جهلات، غاش ركاب عشوات، لم يعض على العلم بضرس قاطع، يذري الروايات إذراء الريح
الهشيم، لا مليئ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا يحسب العلم في شئ مما أنكره، ولا
يرى أن من وراء ما بلغ منه مذهبا لغيره، وإن قاس شيئا بشئ لم يكذب رأيه، وإن أظلم
عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، يصرخ من جور قضائه الدماء، وتعج منه المواريث،
إلى الله أشكو من معشر يعيشون جهالا ويموتون ضلالا. وروي أنه عليه السلام قال
بعد ذلك: أيها الناس عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعتذرون بجهالته، فإن العلم الذي
هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين في عترة نبيكم محمد صلى الله
عليه واله فأنى يتاه بكم ؟ ! بل أين تذهبون ؟ ! يا من نسخ من أصلاب السفينة، هذه
مثلها فيكم فاركبوها، فكما نجا في هاتيك من نجا فكذلك ينجو في هذه من دخلها، أنا
رهين بذلك قسما حقا، وما أنا من المتكلفين، والويل لمن تخلف ثم الويل لمن تخلف، أما
بلغكم ما قال فيكم نبيكم صلى الله عليه واله حيث يقول في حجة الوداع: اني تارك فيكم
الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا
حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، ألا هذا عذب فرات فاشربوا، وهذا
ملح أجاج فاجتنبوا.
- المفيد، عن علي
بن خالد المراغي، عن أحمد بن الصلت، عن حاجب ابن الوليد، عن الوصاف بن صالح، عن أبي
إسحاق، عن خالد بن طليق قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول:
ذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم إنه لا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على
التقوى سنخ أصل، ألا إن الخير كل الخير فيمن عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف
قدره، إن أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علما من أغمار غشوة وأوباش فتنة فهو في عمى
عن الهدى الذي اتي به من عند ربه وضال عن سنة نبيه صلى الله عليه واله يظن أن الحق
في صحفه، كلا والذي نفس ابن أبي طالب بيده قد ضل وأضل من افترى، سماه رعاع الناس
عالما ولم يكن في العلم يوما سالما فكر فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا
ارتوى من غير حاصل واستكثر من غير طائل، جلس للناس مفتيا ضامنا لتخليص ما اشتبه عليهم،
فإن نزلت به إحدى المهمات هيأ لها حشوا من رأيه ثم قطع على الشبهات، خباط جهالات،
ركاب عشوات والناس من علمه في مثل غزل العنكبوت، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم،
ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيغنم، تصرخ منه المواريث، وتبكي من قضائه الدماء،
وتستحل به الفروج الحرام غير مليئ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا نادم على ما فرط
منه، اولئك الذين حلت عليهم النياحة وهم أحياء. فقال: يا أمير المؤمنين فمن نسأل
بعدك وعلى ما نعتمد ؟ فقال: استفتحوا كتاب الله فإنه إمام مشفق، وهاد مرشد، وواعظ
ناصح، ودليل يؤدي إلى جنة الله عز وجل.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 2 / صفحة [ 284 و 300 ]
تاريخ النشر : 2024-02-27