أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/مواضيع متفرقة/شخصيات/ابو طالب (عليه السلام)
روى الواقدي
بإسناد له أن رسول الله لما كثر أصحابه ، فظهر أمره ، اشتد ذلك على قريش وأنكر
بعضهم على بعض ، وقالوا : قد أفسد محمد بسحره سفلتنا وأخرجهم عن ديننا ، فلتأخذ كل
قبيلة من فيها من المسلمين ، فيأخذ الاخ أخاه وابن العم ابن عمه فيشده ويوثقه
كتافا ويضربه ويخوفه وهم لا يرجعون ، فأنزل الله : « ألم تكن أرض الله واسعة
فتهاجروا فيها » فخرج جماعة من المسلمين إلى الحبشة يقدمهم جعفر بن أبي طالب فنزلوا
على النجاشي ملك الحبشة فأقاموا عنده في كرامة ورفيع منزلة وحسن جوا ، وعرفت قريش
ذلك فأرسلوا إلى النجاشي عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي [
فخرج ] فلما قدم عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد في رهط من أصحابهما على النجاشي تقدم
عمرو بن العاص فقال : أيها الملك إن هؤلاء قوم من سفهائنا صباة ، قد سحرهم محمد ابن
عبد الله بن عبد المطلب ، فادفعهم عنك فإن صاحبهم يزعم أنه نبي قد جاء بنسخ دينك ومحو
ما أنت عليه ، فلم يلتفت النجاشي إلى قوله ولم يحفل بما أرسلت به قريش ، وجرى على
إكرام جعفر وأصحابه وزاد في الاحسان إليهم ، وبلغ أبا طالب ذلك فقال يمدح النجاشي
:
ألا ليت شعري
كيف في الناس جعفر وعمرو وأعداء النبي
الاقارب
وهل نال أفعال
النجاشي جعفرا وأصحابه أم عاق ذلك شاغب
تعلم خيار الناس
إنك ماجد كريم فلا يشقى لديك المجانب
وتعلم بأن الله
زادك بسطة وأسباب خير كلها لك لازب
فلما بلغت
الابيات النجاشي سر بها سرورا عظيما ولم يكن يطمع أن يمدحه أبو طالب بشعر ، فزاد
في إكرامهم وأكثر من إعظامهم ، فلما علم أبو طالب سرور النجاشي قال يدعوه إلى
الاسلام ويحثه على اتباع من النبي عليه أفضل الصلاة والسلام :
تعلم خيار الناس
أن محمدا وزير لموسى والمسيح بن مريم
أتى بالهدى مثل
الذي أتيا به فكل بأمر الله يهدي ويعصم
وإنكم تتلونه في
كتابكم بصدق حديث لا حديث الترجم
فلا تجعلوا الله
ندا وأسلموا فإن طريق الحق ليس بمظلم
وإنك ما يأتيك
منا عصابه لقصدك إلا ارجعوا بالتكرم
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 35 / صفحة [ 185 ]
تاريخ النشر : 2025-11-08