Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
خطبة الجوع في غزة... حين يسقط المنبر من ثقل الألم

منذ 5 شهور
في 2025/07/29م
عدد المشاهدات :2490
في غزة، لم تعد القصص تُروى فقط في نشرات الأخبار، بل تنطق بها مآذن المساجد، وتُهمس بها المنابر التي تعبت من التكرار، وبُحت أصواتها من الدعاء، وارتعشت أيديها من فرط الألم. ومن بين هذه المشاهد، خرجت واحدة لا تُنسى، حملت كل معنى الفقر، والانكسار، والجوع.

وقف خطيب الجمعة في أحد مساجد غزة، بثوبه الأبيض، يحمل خطبته بيد مرتجفة. نظر إلى وجوه المصلين أمامه، فلم يرَ وجوهًا، بل رأى بطونًا خاوية، وعيونًا غائرة، وأجسادًا جافة من التعب. بدأ يتلو كلماته، لكنه لم يستطع المضي طويلًا. توقف، تنهد، ثم قال بصوت خافت، غلب عليه العجز:
"أنا لا أستطيع إكمال الخطبة بسبب الجوع... وأنتم لا تستطيعون الاستماع بسبب الجوع... أقم الصلاة."

كلمات قليلة، لكنها أقوى من ألف خطبة. لم يكن الموقف ضعفًا في الحفظ أو ارتباكًا على المنبر، بل لحظة صدق مؤلمة نابعة من بطنٍ فارغة، من قلبٍ مثقل بالحزن، ومن واقعٍ لا يُحتمل. الخطيب لم يتحدث عن الجوع، بل كان الجوع نفسه. لم يشرح أحوال الناس، بل كان انعكاسًا لها.

الناس في المسجد لم يندهشوا. لم يعترض أحد، لم يُكمل أحد. ساد الصمت. ذلك الصمت الذي لا يأتي من الخشوع، بل من الإنهاك، من التعب، من الجوع الطويل الذي أصبح ضيفًا مقيمًا في كل بيت.
فأي خطبة تُسمَع، إذا كان المصلون يفكرون في كسرة خبز وأي كلام يُفهم، إذا كان العقل مشغولًا بكيفية إطعام الطفل قبل المساء

في غزة، لم يعد المنبر منصة للبلاغة، بل منصة للبكاء. حتى الخطبة، تلك الشعيرة المقدسة التي تسبق الصلاة، لم تَسلَم من الجوع. لقد تسلل إلى كل شيء: المدارس، المستشفيات، الأسواق، وحتى بيوت الله.

المشهد هذا ليس عابرًا، وليس رمزيًا فحسب. إنه عنوان مرحلة بأكملها. مرحلة يُختصر فيها حال شعب بموقف واحد: خطيب لا يستطيع الكلام، ومصلّون لا يستطيعون الاستماع. كأنّ الجوع قطع خط الاتصال بين الأرض والسماء.

كيف يستقيم حال أمة إذا جاع خطيبها كيف تُصلى الجمعة و"الجمعة" نفسها مكلومة كيف يُذكر الصبر، والقلوب قد أنهكها اليأس

هذا المشهد لا يجب أن يُنسى، بل يجب أن يُكتب، ويُوثق، ويُعلّق على جدران الضمير العالمي. لأن غزة لا تختنق فقط تحت القصف، بل تنكسر تحت وطأة التجاهل. ولأن صوت الخطيب الجائع، هو الصوت الحقيقي لهذه المرحلة.

"أقم الصلاة"...
بهذه الكلمات، أنهى خطبته. لكنها لم تكن دعوة للصلاة فقط، بل صرخة صامتة: أقم العدالة، أقم الضمير، أقم إنسانيتك من سباتها الطويل.

اعضاء معجبون بهذا

الغرفة الزجاجية بين الصخب الإعلامي وظلال الحقيقة
بقلم الكاتب : وائل الوائلي
في زمنٍ صار فيه الضوء يُسلَّط حيث الضجيجُ أعلى، لا حيث الحاجةُ أعمق، بتنا نشهد مشاهد إنسانية تُقدَّم على هيئة عروضٍ استعراضية، غرفٌ زجاجية تُشيَّد كأنها معابد عصرية للترند، لا يُعرَف من يديرها، ولا إلى أين تذهب الأموال التي تُسكَب عند عتبتها، ولا بأي روحٍ تُستثمر دموعُ الفقراء على منصاتها... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

الْتَّضَارِيْسُ إِنَّ الْـعُـيُوْنَ الَّـتِـيْ سَـالَـتْ تُـوَدِّعُـكُمْ ... المزيد
كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ...
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...


منذ 5 ايام
2025/12/09
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثمانون: الفيزياء بلا زمن: مفهوم الزمن في كونية...
منذ 6 ايام
2025/12/08
هي تشكيلات جبلية تبدو للعين مجرّدة من أي ممرات مائية سطحية، فلا تظهر عليها أودية...
منذ 6 ايام
2025/12/08
تتميز الفقاعة الاقتصادية بارتفاع سريع في أسعار الأصول، غالبًا بسبب المضاربة،...