أذا كان الضوء تنتابه الازدواجية في سلوكه فلمَ لم يكن الجسيم كذلك ؟ على مايبدو لي هذا ماطرحه دي برولي على نفسه قبل ان يبهر العلم والعلماء بالموجات المادية المرافقة للجسيمات . في مطلع القرن المنصرم مرت الفيزياء بتحولات جوهرية ادت بها بنقلة من المحسوس الى المجرد وحدثت تعديلات شبه جذرية للفيزياء النيوتنية , من بين هذه التحولات الجذرية هي (موجات دي برولي) . في عام 1924 حدثت طفرة علمية على يد طالب الدكتوراه الفرنسي لويس دي برولي حيث أقرَّ ان الجسيم المتحرك ترافقه موجة!! واطلق على هذه الموجات بـ (الموجات المادية).
تخيلوا معي ان للجسيمات موجات مرافقة لحركته وهذه الموجات تتناسب مع كتلة الجسيم المتحرك وسرعته او بعباره اخص مع زخمه او كمية حركته كما يسميها نيوتن , حيث يتناسب طول هذه الموجة عكسياً مع كتلة الجسيم فكلما ازدادت الكتلة قل الطول الموجي للموجة المرافقة لتلك الكتلة وكلما قلت الكتلة قصر الطول الموجي! من هنا تم استثمار هذه الموجات في ميكانيك الكم حيث ان ميكانيك الكم يُعنى بشكل اكبر بالجسيمات الدقيقة امثال الالكترون والبروتون وغيرها من الجسيمات ذات الكتل الصغيرة والتي من الممكن ان نستدل على خصائصها من خلال الموجات المرافقة لها بتسخير موجات دي برولي.
ما اود ان ابينه هنا هو الصراع الذي خاضه دي برولي لاثبات ان هنالك بالفعل موجة مرافقة لحركة الجسيم . قبل ان ابدأ في هذا الشرح المتواضع اود ان الفت تركيزكم الى كلمه مهمة الا وهي ( مرافقة ) نعم مرافقة انا برايي ان اهم كلمة في هذا الافتراض هي كلمة (مرافقة) . ان دي برولي وبسبب هذه الكلمة اجرى تعديلات على موجات كادت ان تنهي مسيرته العلمية بسبب فشله. ان دي برولي ادعى ادعاء رائعا ومنطقيا جداً يقول (ان الجسيم المتحرك تصاحبه او ترافقه موجات).
على دي برولي الان ان يدعم ادعائه رياضيا لاثبات ان هنالك بالفعل موجات ترافق حركة الجسيم , دي برولي الان امام مشكلة اثبات الموجة وحتى يخرج بنتيجة اثباته الرياضي يجب عليه ان يحدد ما شكل هذه الموجة؟ وهو بالفعل مرّ بهذه الازمة وهي ازمة اثبات شكل الموجة , ماهو شكل الموجة؟ من منطلق هذا السؤال برأيي انطلقت الشراره الاولى لاثباته الرياضي.
*افترض دي برولي ان شكل الموجة هي موجة مستوية منفردة جيبيه وقال ان الموجة المرافقة لحركة الجسيم هي موجية متذبذبة حالها حال اي موجة اخرى . ذهب دي برولي في تفاصيلها الرياضية ولكي يثبت انها فعلا موجات مرافقة يجب عليه ان يجد سرعة الطور لهذه الموجة اي يجد سرعة الموجة نفسها هنا وقعت الكارثة!!!! وجد ان سرعة طور هذه الموجة اكبر من سرعة الجسيم اي ان الموجة تسبق الجسيم والجسيم يركض بعد الموجة اين الترافق اذن ؟؟!! والكارثة الاعظم ان سرعة الطور لهذه الموجة ليست فقط اكبر من سرعة الجسيم بل حتى اكبر من سرعة الضوء ودي برولي لاينكر انه امام حقيقة لايمكن انكارها اسس لنتيجتها البرت اينشتاين بانه لايوجد اي شئ اكبر من سرعة الضوء , وايضاً وجد على الرغم من ان الموجة التي افترضها هي محددة الطول الموجي وايضاً تحدد الزخم لكن لايمكن تحديد موقع الجسيم بالنسبه لها اي لايمكن تحديد اين يقع الجسيم بالنسبة لهذه الموجة وبالتالي الجسيم الذي لايمكن تحديد موقعه فاقد للخصائص الفيزيائية التي يمكن تحديدها فيما لو كان محدد الموقع . اذن هذه الموجة غير مؤهله لدعم الافتراض الذي يعتقد دي برولي انه صائب لذا فهي موجة فاشلة لم تدعم الفرضية. من هنا بدا دي برولي بالتفكير بموجة اخرى فوضع الافتراض التالي:-
* دي برولي هنا تنازل عن الموجة الاولى المستوية الجيبية وقال ان هذه الموجة ليست هي الموجة المقصودة بالنظر لنتائجها الفاشلة التي لم تحقق المصبوّ اليه وقال ( ان الجسيم الذي يتحرك لاترافقه موجة واحدة بل ترافقه مجموعة موجات هذه الموجات متقاربة بالاطوال الموجية وعندما تنتج عن الجسيم المتحرك يحدث فيما بينها تداخلات بنائة وهدامة وبالتالي ينتج من هذه التداخلات جميعاً موجة واحدةتمثل صافي التداخلات البنائة والهدامة حيث وضع هذه الموجة الناتجة من التداخلات في غلاف موجي وهذا الغلاف يمثل موجة تحتوي الموجة الناتجة من عمليات التراكب يسمى الغلاف بــ(موجة المجموعة) لان ضم الموجة الناتجة من تراكب مجموعة الموجات , الآن صار لدينا موجة مجموعة (غلاف) بداخلها موجة ويفترض ان تكون الموجة التي بداخل الغلاف ان لاتكون اسرع من موجة المجموعة (الغلاف) وايضاً بديهياً يجب ان لاتكون اكبر من سرعة الضوء . وايضاً ذهب دي برولي لاثبات تفصيلاتها الرياضية ليرى هل تتوافق النتائج المستحصلة من هذه الموجات مع افتراضه الاصلي , حصل دي برولي على ان سرعة المجموعة تساوي سرعة الجسيم وهذا منطقي وشئ ممتاز ويعني ان الموجات مرافقة للجسيم ويحقق شرط التوافق . اذن موجة المجموعة هي التي تمثل الموجة المرافق لحركة الجسيم وذلك لانهما نفس السرعة , وبما ان سرعة الموجة الموجودة داخل الغلاف يجب ان تكون اقل من سرعة المجموعة فوجد ان سرعتها اقل من سرعة المجموعة بنصف .
من هنا اثبت دي برولي ان الجسيم ترافقه موجات ووفق الافتراض الثاني .
خلاصة المقال:-
1- ان الموجات المستوية المنفردة فشلت في الاثبات لانها لم تثبت ترافق سرعة الجسيم والموجة معا بل اثبتت شئ خطير هو ان سرعتها اكبر من الضوء وايضا لم تحدد موقع الجسيم من هنا اقر فشلها.
2- ان الجسيم ترافقه مجموعة موجات ويحدث تراكب بين هذه الموجات لتنتج موجة واحدة وضع دي برولي هذه الموجة الناتجة في غلاف اسماه موجة المجموعة لانها غلفت الموجة الناتجة من تراكب الموجات ووجد من خلال اثباتاته ان سرعة موجة المجموعه (الغلاف) هي نفسها سرعة الجسيم وهذا مانبحث عنه لان هذا التساوي يدعم الترافق بين الجسيم والموجة
3- ان سرعة المجموعة (الغلاف) يجب ان تكون اكبر من سرعة الموجة التي في داخلها وبما ان سرعة المجموعة تساوي سرعة الجسيم اذن يجب ان تكون سرعة الجسيم اكبر من سرعة الطور ومن خلال الاثباتات الرياضية وُجِد ان سرعة الطور تساوي نصف سرعة الجسيم.







د.فاضل حسن شريف
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN