المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



التضحية في سبيل العقيدة  
  
2966   03:46 مساءً   التاريخ: 18-1-2018
المؤلف : السيد محمد بحر العلوم .
الكتاب أو المصدر : من مدرسة الامام علي (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص44-53.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / قضايا عامة /

دب اليأس إلى زياد عن استمالة حجر وصمم على تنفيذ خطته التي رسمها، فقد قبض على مجموعةٍ تضم حجر وأخوته في الجهاد، وأرسلهم إلى معاوية، ومعهم المحضر الذي يثبت نكث البيعة للخليفة الأموي، وكان زياد قد رحل هذه الصفوة - أصحاب حجر- إلى الشام على جمالٍ غير موطدة، وأوصى المكلفين بهم أن يصبوا على هذه المجموعة أنواع التعذيب، ووصلت القافلة إلى مرج عذراء في الشام، وقد أنهك السير أجسامهم.
وعلم معاوية بقدومهم: وكان في مجلسه، فداخله شيءٌ من الزهو، ولكن سرعان ما طفت على وجهه ظلال غيمة حزنٍ، ترى ماذا خالج الطاغية؟، ولم جبهته بتأثرٍ، وهو لا يرفع نظره عن الكتاب ومحضر الشهود، وطال به التفكير، فحاول أحد البطانة الذي رافق الأسرى من الكوفة تبديد هذه السحابة من وجه سيده فالتفت اليه قائلاً، وهو يفتعل ظل ابتسامةٍ: يا أمير المؤمنين لقد أوصانا واليك زياد بأن نضيق الخناق على هؤلاء المسجونين، الذين خلعوا طاعة سيدنا معاوية في الطريق فأريناهم أنواع العذاب، وأثقلناهم بالحديد، وأتعبنا أجسامهم بالسفر، أتريد يا أبا يزيد أن تراهم، وقد أنزلناهم في خربة لا تقيهم من حر أو بردٍ، وسنذهب لجلبهم وإدخالهم عليك.
وهنا أفاق معاوية من شبه ذهولٍ، والتفت إلى الكوفي وهو يهذر على هذا الجمع، ليدلل كيف أدى أمر سيده زياد، وصاح به كفى... كفى لا أريد أن أرى حجر أو جماعته، دعوهم في سجنهم وأبعدوهم عن وجهي لأرى فيهم رأيي.
كان معاوية يتمتع بشيءٍ من الدهاء والتفكير، وكان يعلم مكانة حجر، وصحابته عند المسلمين، وهو من أفاضل صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما هي مكانته كانت عند الإمام علي (عليه السلام)، وما يتمتع به من منزلةٍ عند المسلمين، وهو إذا أقدم على قتله فمن المؤكد أن عمله هذا سيحدث رد فعلٍ عكسي عند عامة الناس، عدى المرتزقة من حواليه التي تحبب له فعلته؛ لتغنم منه بالكثير من المال، والتفت إلى مقربيه، والغضب بادٍ على قسماته، وقال: لقد فعلها ابن مرجانة، تخلص من أمرهم، وألقاهم علينا، وعاد إلى تفكيره ووجومه، وفجأةً انتفض، وكأنه أفاق من غفوةٍ وصاح بكاتبه: خذ القلم والقرطاس واكتب لزياد: أما بعد فهمت ما ذكرت من أمر حجر وأصحابه، والشهادة عليهم، فأحياناً أرى أن قتلهم أفضل، وأحياناً أرى أن العفو عنهم أفضل من قتلهم، فماذا ترى والسلام .؟
ووصل الكتاب إلى والي الكوفة، وكاد يصعق من هول الدهشة، لقد أرسلهم ليتخلص منهم، ويأبى معاوية أن ينفذ فيهم أمره، كان ينتظر أن يفض فيهم أمره، كان ينتظر أن يفض الكتاب، ويقرأ خبرهم فإذا بمعاوية يقول: أنا في حيرة من أمرهم، فكتب إلى معاوية عاجلاً:
أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت رأيك في حجر وأصحابه، فعجبت لاشتباه الأمر عليك فيهم، مع شهادة أهل مصرهم عليهم، وهم أعلم بهم، فإن كانت لك حاجةٌ في هذا المصر، فلا تردن حجراً وأصحابه إلي، والسلام .
وقد لمس زيادٌ نقطة الضعف في معاوية، فثبت في كتابه قوله فإن كانت لك حاجةٌ في هذا المصر ويكفي أن معاوية إذا قرأ هذه العبارة سينهار، وينفذ فيهم أمره..
وكان كما اعتقد، فما أن وقع نظر معاوية على هذه الفقرة من كتاب زيادٍ حتى اربد وجهه واضطرب، ثم صاح لا حاجة بالإطالة في أمرهم اقتلوهم، اقتلوهم إلا أن يتبرأوا من أبي تراب.
وهرعت الجلاوزة إلى مرج عذراء، واستقبلهم القوم بقلوبٍ كلها الإيمان، وعقيدةٍ صادقةٍ يبعثها الإخلاص.
أخذ حجر وجماعته إلى مرج عذراء وسيوف البغي مسلولةً على رؤوسهم، حتى وصلوا تلك القرية، فالتفت حجر إلى الأشجار الباسقة، والخضرة اليانعة، التي تحيط بهذه القرية فحدثته نفسه بأشياء وأشياء، وسأل عنها فقالوا له: مرج عذراء فالتفت إلى أصحابه، وقد ارتسم عليهم العجب وقال: الحمد لله، أما والله إني لأول مسلمٍ ذكر الله فيها وسبحه، وأول مسلمٍ نبح عليه كلابها في سبيل الله، ثم أنا اليوم أحمل إليها أيضاً مصفداً بالحديد.
ثم قال لإخوانه: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا حجر تقتل في محبة علي صبراً، فإذا وصل رأسك إلى الأرض مادت وأنبعت عين ماءٍ، فغسلت الرأس .
ومضى حجر يحدث إخوانه في العقيدة، عن فضيلة الجهاد والصبر على الموت، والمثابرة على المجاهرة في الحق، واستمع الصفوة الطيبون حديث حجر، وقلوبهم تشع بالإيمان، وتنبض بالعقيدة، وهم لا يبالون أن وقعوا على الموت، أو وقع الموت عليهم، ما داموا على الحق.
وأقبل جلاوزة معاوية، وسيوفهم مسلولةٌ، تقطر حقداً وبغضاً، واستقبلهم القوم بصدورٍ رحبةً، ووجوهٍ ضاحكةً مستبشرةً، وهلعت عيون الحاقدين، وهم يرون هذه الصفوة لا يرهبها نذير الموت، ولا يأخذ بلبهم لمع السيوف، وإذا كان الكبار منهم لا يهابون القتل في سبيل العقيدة والكرامة، فهذا أمرٌ غير مستغربٍ، ولكن الذي يجلب الأنظار هو التفاني الرائع، الذي تجسد في هذه المجموعة، وحتى في الصغار أيضا، وتقبلهم للموت وهم في عمر الورود، تعبق أشذاؤهم وتشع أوراقهم.
فقد كان مع هذه الصفوة التي أرسلها زياد لقمةً لسيوف الأمويين، شاب قد لمعت وجنتيه حمرة الشباب ونضارة الصبا، ذلك هو همام فلذة كبد حجر، فقد لازم أباه بأمرٍ من زياد، أصابه قسطٌ من العذاب مما أصاب أباه وإخوانه، وقابل الفتى هذه الأيام القاسية كما يتحملها أي رجلٍ كبيرٍ، يحمل في جنبيه عقيدةً وإيماناً.
وعرض الجلاوزة المرتزقة أمر معاوية بالقتل على هذه الصفوة، فلم تطفوا على قسماتهم علائم الدهشة والاستغراب، وكأنهم على موعدٍ مع الحديث، ثم عرض الجلاوزة عرض معاوية عليهم أن يعفيهم عن القتل، إن تبرؤوا من موالاة علي بن أبي طالبٍ.
إن معاوية لا يهمه أمر الدين، بقدر ما يهمه البراءة من موالاة علي، فحقده على بيت رسول الله حقدٌ قديمٌ، تثيره نعرات الجاهلية؛ لذا قرر أن يطلق سراح كل من يتبرأ من علي، إذ جعل المقياس الديني هو البراءة من ابن عم رسول الله وسبه، والنيل منه ومن آله، وكأنه تناسى معاوية ما روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): إن كل من شتم واحداً من أصحابه، فهو دجال، وعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين.
ولكن هذا الرجل الحاقد، كان لا يستقر حتى يبح في شتم علي (عليه السلام) لأنه لا يطيق اسم علي، وذكره.
فقد نقلت المصادر: أن معاوية سمع مرة أن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب قد رزق ولداً، فهناه، وسأله عن اسمه وكنيته؟
فقال له: سميته علياً، وكنيته أبو الحسن..
فأربد وجه معاوية، وغضب غضباً شديداً، والتفت إلى عبد الله بن العباس، وهو يصيح، لا تجمع علينا الاسم والكنية، إن كان ولابد، فاحذف أحدها.
هكذا كان برغم الأمويين مع علي وآل علي، وهو يقول: حتى يربو عليه الصغير، ويهرم عليه الكبير.
فعرض الجلاوزة طلبهم على هؤلاء المحكومين بالإعدام وخابت الظنون، وتهشمت الآمال، فقد أنكر حجر وجماعته هذا الطلب منهم، وأمطروهم بوابلٍ من شتم الأمويين.
ولكن رسل معاوية قد تعلموا من سيدهم المباغتة والمجاملة، فلما لم يروا بداً منهم أمروا حجراً، وإخوانه بأن يحفروا لأنفسهم قبوراً، وطفحت البشرى على وجه هذا العبد الصالح، وشكر الله على هذه النعمة، وما أن أتم الجميع عملهم من حفر قبورهم، اعتقد جماعة معاوية أن هذا الأمر سيبعث فيهم حب البقاء، فكرروا عليهم عرض معاوية بالبراءة من علي فسخروا منهم، وضحكوا عليهم، وقدموا لحجرٍ، وصحبه، وولده أكفانهم فلبسوها استعداداً للموت، وصلوا ركعتين، وما أن أتم حجرٌ حتى تقدم له السياف ـ وولده يقف قبالته ـ لا يدريان من سيكون أولهما ضحيةً، الأب، أم الابن، وقبل أن يرفع السياف يده أشار إليه حجر، فسأله أحدهم عما يريد؟ قال له حجر: إذا كنت قد أمرت بقتل ولدي أم لا.. 
قال: نعم إلا إذا تبرأ من علي، فالتفت حجر إلى السياف، طالباً أن ينفذ الحكم بولده قبله، وكان ما أراد.
كل شيءٍ يمكن التغلب عليه إلا العاطفة، وكل عاطفةٍ يمكن السيطرة عليها، إلا عاطفة الأبوة والبنوة ليس من السهل أن يرى الأب فلذة كبده يلتهمه السيف، وهو راضٍ بهذا، ولكن حجر فضل هذا الموقف، وسيطر على أعصابه، وتغلب على عاطفته في سبيل عقيدته لماذا؟
لقد سئل حجر، وهو في خضم الصراع النفسي عن هذا الدافع الداخلي الذي حدا به إلى مثل هذا الطلب العنيف، فأجاب بكل صلابةٍ وإيمانٍ: خفت أن يرى ولدي هول السيف على عنقي، فيرجع عن ولاية علي (عليه السلام) فلا نجتمع في دار المقام، التي وعد الله بها الصابرين .
وتدحرج رأس الفتى أمام عين والده، وتلوى الجسد اليافع يبحث في الأرض من ثقل المأساة، والأب الصابر يرمق هذا المنظر المؤلم، ويرفع يديه للسماء شاكراً هذه النعمة نعمة الجهاد والصبر.. 
إن ولده ذهب، ولم يتقاعس عن عقيدته، ويزحف المثقل بالحديد إلى الرأس، ينفض عنه التراب والدم، ويطبع على جبينه قبلةً، يودعها كلماً في أعماق الإنسان من لوعةٍ بيض الله وجهك كما بيضت وجهي عند رسول الله .
ما أثبت العقيدة عند حجر، وما أركزها في نفسه منظرٌ دامي تنهار أمامه العواطف البشرية، ويتهادى على عتبته الكبرياء، ولكن حجراً من نوعٍ آخر، يتمتع بقابليةٍ عاليةٍ تكاد تكون فريدةً، لم يتمتع بها إلا الصالحون من عباد الله، واطمأن الرجل بعد هذا، وقفزت على ثغره ابتسامة الإيمان، وانجابت عن صدره ظلمةٌ، كانت تنخر في أعماقه، وجلاوزة معاوية على مقربةٍ من هذا المنظر، ينظرون وفي أعماقهم إكبارٌ وتعظيمٌ لهذه التضحية الغالية، وتقدم أحدهم من حجر، اعتقاداً منه بأن الوقت غير من نفسه شيئاً، وقال له: ابرأ من علي وقد أعد لك معاوية جميع ما تريد إن فعلت، ولكن هيهات، فنفسية حجر أعظم من أن تزعزعها أهوالٌ وأهوالٌ.
ثم التفت إلى أصحابه فقال: إذا قتلت فلا تفكوا عني قيودي، ولا تغسلوا دمي، وادفنوني في ثيابي، فإني أرغب أن ألاقي معاوية غداً عند الحساب على حالتي.
وتقدم إليه الجلاوزة ونفذوا فيه أمر طاغيتهم، وانتهت حياة هذا العبد الصالح المجاهد في سبيل عقيدته.
وأخبر معاوية بذلك، فغم وعلته موجة حزنٍ، وتمتم: ما أنا وحجر لولا أمر زيادٍ، وبقيت في نفسه لوعةٌ كانت تظهر عليه فيردد: يومي من حجر بن عدي يومٌ طويلٌ، وهكذا تأسف الطواغيت، ولكن حين لا ينفع الندم، وانعقد مجلس معاوية، وتوافد إليه الناس، فرحين مستبشرين، أو في الحقيقة يحاولون إظهار الفرحة وتصنع الاستبشار أمام معاوية بنصره الكبير، فقد تمكن من سحق العناصر الكبيرة من معارضيه في الكوفة، بقتل حجر وأصحابه.
يا أمير المؤمنين: أرأيت صنع الله بأعدائك؟!
وكتم معاوية في نفسه اللوعة، وطبع على شفتيه ظل ابتسامة، ولم يحاول أن يجيب، فتقدم آخرٌ إليه يا معاوية: أصحاب أبي تراب لم يبق منهم بعد إلا النزر القليل، ولا بد لزيادٍ أن يقتص آثارهم، ويريح آل أبي سفيان من ظلهم ولم يجب معاوية، فالصراع في أعماقه كبيرٌ وكبيرٌ.
ويلح عليه قومه بالحديث، وهو يحاول أن يلوذ بالصمت..
وأخيراً قال: لقد أخبرني الجلادون بأن حجراً لم يطمئن حتى قدم ولده إلى القتل، وشاهد رأسه يتدحرج، هنالك تقدم السياف بنفسه، أتعرفون لماذا فعل الرجل هذا الفعل وأقدم على هذا الأمر الخطير؟
ووجم الجالسون عن الجواب إنه لإقدامٌ كبيرٌ جداً.
ونظرات معاوية تدور عليهم، تكاد تعصرهم عصراً، ولما رأى أن الجواب خمد على أفواههم، قال: إنه فعل ذلك؛ خشية أن تأخذ الرقة الطفل ويسيطر الخوف على مشاعره، فنتمكن من الاستيلاء عليه، والاستفادة من معلوماته، لأنه كان واسطة الارتباط بين أقطاب المعارضة على صغر سنه، هذه هي التضحية في سبيل العقيدة.
ثم التفت إلى جلاسه وقال: ولم يكن هذا هو كل الموقف، لقد أخبرني الجلادون بأن حجراً، وأصحابه حفروا بأنفسهم قبورهم ولبسوا أكفانهم، وتقدموا للموت بقلوبٍ ثابتةٍ، إيماناً منهم بأنهم وصاحبهم على الحق، وأن غيرهم على الباطل.
وسكت معاوية عن الحديث فقد علته صفرةٌ داكنةٌ، ثم زفرةٌ، وقال: لو كنت أملك أمثال حجر في صحابتي عدداً لتمكنت أن أفرض سيطرة الأمويين من أول الدنيا إلى آخرها، ولكن هيهات وهيهات.
أين لي حجر وأمثال حجر يضحون بأنفسهم في سبيل عقيدتهم بكل صلابةٍ، كما نراهم يضحون،
ثم يغيم في موجة حزنٍ، ويتمتم طويلاً يكاد لا يسمع، حتى القريب منه، ثم يتعالى ذلك الصدى، وإذا به يقول: إن يومي من حجر بن عدي يومٌ طويلٌ .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.