أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-1-2022
1744
التاريخ: 2024-11-14
132
التاريخ: 21-7-2016
1899
التاريخ: 8-1-2022
2149
|
إذا كانت التّوبة توبةً حقيقيةً وواقعيةً ونابعةً من الأعماق، فلا بُدَّ من أن تقع مورد القَبول من قبل اللَّه تعالى العَفوّ الغَفور، وستنشر خيرها بركاتها على صاحبها في حركة الحياة، وتُغطَّي على ما صدر منه من معاصي أدّت به إلى السّقوط في منحدر الضّلال والزّيغ.
مثل هذا الإنسان، يعيش أجواء الحَذر الدّائم من مجالس السّوء والعصيان، ومن كلٍّ عوامل الذّنب والوساوس، والتّداعيات الأخرى، الّتي توقعه في وحلّ المعصية مرّةً أخرى.
ويعيش حالة الخجل والنّدم، ويدأب باستمرار لتحصيل رضا اللَّه تعالى، وجبران ما فاته من الطّاعات. هذه هي العلاقات الفارقة لهم، عن المتظاهرين والمرائين.
قال قسم من المفسّرين، في معرض تفسيرهم للآية الشّريفة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]: إنّ المراد من التّوبة النّصوح، هي تلك التّوبة التي تفعّل في الإنسان عناصر الخير من موقع النّصيحة، وتتجلّى في روح التّائب على مستوى حثّها له، للقضاء على جذور العصيان في باطنه، قضاءً تامّاً بلا رجعةٍ بعدها.
وفسّرها قسم آخر، بالتّوبة الخالصة، وقال آخرون إنّ: «النّصوح» من مادّة «النّصاحة»، وهي بمعنى الخِياطة والتّرقيع، لما حدث من تمزيق، وبما أنّ الذّنوب: الإيمان والدّين فتقوم التّوبة بتوصيلها ببعض، وتعيد التّائب إلى حضيرة الأولياء، كما تجمع الخياطة بين قطع الثّوب (1).
إنّ بركات وفوائد التّوبة جمّةٌ لا تُحصى، وقد أشارت إليها الرّوايات والآيات العديدة، ومنها:
1 ـ تمحو وتُفني الذّنوب، كما ورد في ذيل الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} وردَّ: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ...} [التحريم: 8].
2 ـ تمنح التّائب بركات الأرض والسّماء، كما ورد في الآيات (10 و11 و12) من سورة نوح (عليه السلام): {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 ـ 12].
3 ـ تبدل التّوبة السّيئات حسنات، كما ورد في سورة الفرقان الآية (70): {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70].
4 ـ يتعامل اللَّه مع هذا الإنسان، من موقع السّتر على الذّنوب، وينسي الملائكة الكاتبين ذنبه، ويأمر أعضاء بدنه بالستر عليه يوم القيامة، وكتمان أمره، فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: ((إِذَا تَابَ اَلْعَبْدُ تَوْبَةً نَصُوحاً أَحَبَّهُ اَللَّهُ فَسَتَرَ عَلَيْهِ فِي اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ. فَقُلْتُ: كَيْفَ يَسْتُرُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: يُنْسِي مَلَكَيْهِ مَا كَتَبَا عَلَيْهِ مِنَ اَلذُّنُوبِ وَيُوحِي إِلَى جَوَارِحِهِ اُكْتُمِي عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ وَيُوحِي إِلَى بِقَاعِ اَلْأَرْضِ اُكْتُمِي عَلَيْهِ مَا كَانَ يَعْمَلُ عَلَيْكِ مِنَ اَلذُّنُوبِ فَيَلْقَى اَللَّهَ حِينَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ شَيْءٌ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ اَلذُّنُوبِ)) (2).
5 ـ التّائب الحقيقي، يُحبّه اللَّه تعالى، لدرجةٍ أن ورد في الحديث: ((إِنّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) أَعطَى التّائِبِينَ ثَلاثَ خِصالٍ، لَو أَعطى خِصْلَةً مِنْها جَمِيعَ أَهْلِ السَّمواتِ والأَرضَ لَنَجَوا بِها)). وبعدها يشير إلى الآية الشريفة: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. وقال: ((مَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ لَمْ يُعَذِّبْهُ)).
ثمّ يُعرّج على الآية: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [غافر:7 ـ 9] (3).
إلى هنا نصل إلى خاتمة بحثنا، في الخطوة الاولى لتهذيب الأخلاق، وهي التّوبة، وتوجد مطالب أخرى في هذا المجال، يمكن الإستفادة منها في بحوثٍ مُستقلةٍ.
نعم، فإنّه ما لم ينجلِ عن القلب والروح صدأ الذُنوب، ويتحرك الإنسان لتطهير النّفس من مخلّفات المعصية بماء التّوبة، فلن يشرق القلب بنور ربّه، ولن يتمكّن هذا الإنسان من السّير على خطّ الإيمان، والسّلوك إلى اللَّه تعالى والفوز بجواره، ولن يذوقَ طعم التجلّيات العرفانيّة، في حركة الحياة المعنويّة.
هذا هو أوّل محطٍّ للرحال وأهمّها، ولا يمكن تخطّيه إلّا بعزمٍ صادقٍ وإرادةٍ راسخةٍ، يدعمها لطفٌ إلهي وتوفيقٌ ربّاني، ولا يُلقّيها إلّا ذو حظٍّ عظيمٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار، ج 6، ص 17.
(2) أصول الكافي، ج 2، ص 430، (باب التوبة، ح 1).
(3) أصول الكافي، ج 2، ص 432.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|