المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8827 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
لمحة تأريخية عن تربية البط
2024-04-24
سلالات الديك الرومي
2024-04-24
تحضيرN-Substituted Sulfonate,3-Substituted Sulfonate Succinimide)) Poly
2024-04-24
تحضير N-Sulfonyl ,3-ChloroSulfonyl Succinimide
2024-04-24
تحضير (Poly ( N-Substituted Sulfonate Maleimide
2024-04-24
تحضيرPoly( N-Substituted Sulfonamido Maleimide)
2024-04-24

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


رشيد الهجري  
  
2432   01:36 مساءً   التاريخ: 21-12-2017
المؤلف : السيد محمد بحر العلوم .
الكتاب أو المصدر : من مدرسة الامام علي (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص95-106.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-01-2015 3069
التاريخ: 19-12-2017 2665
التاريخ: 5-01-2015 2849
التاريخ: 9-4-2016 3744

انتفض أبو أراكة فزعا ورعبا، وعلت الدهشة وجهه وجف ريقه، وخفت صوته، ثم أخذ يدير طرفه في الجالسين كأنه يستنجد بهم، وحاول أن يصيح، ولكن الكلمات ماتت على شفتيه، ماذا يرى وأي مصيبة حلت به، وشد عينه بخطوات هذا القادم، وهو يقترب منه، ثم لم يلبث أن وقف على رأسه، ولم يطق أبو أراكة الحديث، بل لاذ بالصمت وعيناه قد تسمرت بخطى الطارق الجديد، وسرت في جسمه رعشة خفيفة عندما لمح هذا الشخص المطارد من قبل الوالي الأموي يلج داره.

ونهض أبو أراكة من مجلسه، والأرض تميد به، ودخل على زوجته، وأسنانه تصطك من الرعب، والصفرة قد غطت وجهه المتجعد، وهو يسحب رجليه سحبا، وخفت إليه زوجته مندهشة من حاله لتسأله عما دهاه؟.

ويجذب أنفاسه المتهرئة، وكأنه يجمعها من هنا وهناك، ويحاول أن يجيب زوجته فيخونه التعبير، ويتمتم ثم يبلع ريقه ويستعيد أنفاسه مرة ثانية، وثالثة، ويبحث عن الكلمات الجامدة في جوفه، ثم يلتفت يمنة ويسرة، وهو يخشى عليها من الرقيب أن يختطفها، ويرسلها إلى حاكم الكوفة العنيد.

وتمد زوجته أذنها المشدوهة إلى فم زوجها المرعوب فيهمس فيها، وهو يشد عليها بأطراف أصابعه قائلا: إن رشيد الهجري دخل بيتنا ليختفي فيه عن عيون الذين ضايقوه في الطريق.

وتفغر الزوجة فاها مدهوشة ذاهلة، ثم تلطم خدها، وتحاول أن تصرخ، فيكم زوجها فمها، ويهدئ من خاطرها، وبعد لأي تسترد أنفاسها ويجلسان معا للتفكير بتدبير الأمر بحنكة وحزم، ويرسمان الخطة وينهض الزوج إلى رشيد يقول له وقد تحامل على نفسه: ويحك ـ يا رشيد ـ قتلتني، وأيتمت ولدي وأهلكت عائلتي.

قال رشيد: وما ذاك؟

قال أبو أراكة والغيظ يكاد يخنقه : لا تتجاهل ما صنعت بي؟ ألست مطلوبا لزياد وإلى الأمويين، وعيونه تبحث عنك في كل مكان، فكيف تدخل علي في وضح النهار؟

قال رشيد: أرجو لا يكون قد رآني أحد يخشى منه.

وحملق صاحب البيت في وجهه متعجبا، وغمز زوجته، وقال: وتسخر بي أيضا.

ثم حملا عليه وأمسكاه، وأدخل بيتا بعيدا عن الأنظار وأغلق عليه بابه خشية أن يخرج فيفسد عليه أمره.

وعاد أبو أراكة إلى أصحابه في مجلسهم في رحبة داره، والاضطراب باد عليه، والتفت إليهم قائلا: خيل لي أن رجلا شيخا  قد دخل داري آنفا، ولكن جلاسه أنكروا ذلك، وقالوا ما رأينا أحدا.

وكرر ذلك عليهم مرة ومرتين، وجلاسه ينفون أنهم رأوا أحدا يدخل داره، ولكن هذا لم يكن كافيا لراحة أبي أراكة، فقام وجر نفسه جرا ـ والفزع يأخذ منه ـ إلى مجلس يتصيد فيه الأنباء؛ ليتعرف هل سبقه الخبر، فإذا علم بأن النبأ طرق سمع زياد، يخبره بأنه قادم عليه ليعلمه بأن طلبته في بيته، أوثقه كتافا وأنه بانتظار من يتسلمه منه.

وطال الجلوس بالرجل في مجلس زياد، ودب الاطمئنان إليه بأن أحدا لم يعرف عن أمره شيئا، ورغم هذا لم تتركه أشباح الخوف، وغادر المجلس وفارقه، والاضطراب لم يفارقه، وعاد أبو أراكة إلى بيته، وفي نفسه وجل مخيم رغم أنه لم ير في مجلس الأمير ما يبعث على الخوف، واستقبلته زوجته، وهي تفتعل الابتسامة؛ لتخفف من حزن زوجها، وخف إليها، وهو يرد على ابتسامتها بابتسامة ثقيلة وقال لها: قضيت وقتا طويلا في مجلس الأمير، فما شعرت بشيء يدل على وصول نبأ رشيد له.

وتقفز الفرحة على بسمات الزوجة، وترفع طرفا إلى السماء، شاكرة لها هذا اللطف، وسارع أبو أراكة الى مخدع رشيد والتقى به هاشا، خلافا لعادته وابتدره:  طاب يومك يا رشيد.

ـ وسعد يومك يا أبا أراكة.

وأحس رشيد بأن ظلا من الطمأنينة قد ألم بصاحبه، وإن كانت سحابة من التفكير تخيم عليه، وحاول أن يبدد هذه السحابة بالاعتذار له عن مضايقته لهم، وموقفه معهم فقال: يا أبا أراكة أعتذر منك كثيرا لقد نغصت عليكم حياتكم اليومية وعرضتكم لخطر كبير، أما كفاني أن أكون أنا في خطر، حتى أشرك معي أحدا بهذا الأمر، أعتذر منك يا أبا أراكة، وأكرر اعتذاري.

وكأن أبا أراكة على رغبة من هذا الحديث، وهذا الاعتذار فالتفت إليه قائلا: يا رشيد أما كان الأجدر بك أن لا تلقي بنفسك في هذه المآزق، وهذه المهلكة، فما أنت ومعارضة الأمويين، وأنت تعلم أن معاوية لا يترك الأمر بالهين، وهو لا يهمه أن يقتل نصف المسلمين في سبيل استقامة الحكم له، وإني أنصحك أن تقلع عن هذا الأمر، وتعود إلى بيتك ترعى أطفالك وتحتضن أهل بيتك، وتكحل عيونهم بسلامتك.

وسكت عن الحديث وشعر أبو أراكة بأن سكوت رشيد دليل قبول كلامه، فالتفت إليه وقال: أتعدني بأن تقلع عن معارضة معاوية يا رشيد.؟

وضحك رشيد في قرارة نفسه من سذاجة هذا الشخص الذي يكيل له النصائح، وهو لا يعلم بأن على الرجال المخلصين واجبا لا يمكن الفرار منه، ذلك هو الواجب الديني، وكلمة الحق تقال مهما كلفت قائلها.

والتفت رشيد إلى مضيفه، وهو يتصنع الهدوء وقال: يا أبا أراكة جزاك الله خيرا عن نصيحتك، ولكن أما تشعر معي أن هذا الحكم الأموي القائم غير جميع معالمنا الإسلامية، وأفقدنا العدالة الاجتماعية، التي ضحى من أجلها الرسول الأعظم، وابن عمه علي بن أبي طالب، والكثير من قادة المسلمين.

أتنكر أن العهد الأموي هذا عندما مد جناحه على المسلمين، ضرب بالإسلام وأحكامه عرض الحائط، وأصدر قوانين تنسجم وأهواء هذا البيت المعارض لرسول الله من يومه الأول، ثم لا يرعوي عن ترك جميع ما نص عليه القرآن، وما دلت عليه السنة، حتى صارت المصالح النفعية هي الأساس لإدارة أمور المسلمين... .

وبصوت متقطع قال أبو أراكة: هذا صحيح، وقد أكون مؤيدا لك في بعضه، ولكن ما أنت والدخول في هذا الأمر، أما كان في البلد غيرك يحمل راية المعارضة بوجه الأمويين، أمن المستحسن أن تجلب اليتم على بيتك وأولادك؟ فهل يتواني زياد من صب غضبه عليك، وتخسر حياتك وتفسد أمر عائلتك؟!

وأشفق رشيد على هذا المخلوق الضعيف الذي ملكه حب الدنيا، فسكت على الباطل، وحاول أن يسكت غيره.

ما أكثر أمثال أبي أراكة من ضعاف القلوب، يكتمون الواقع خشية غضب السلطان، وهم على علم من بطلانه وزيفه.

واعتقد صاحبنا: أن سكوت رشيد يدل على تقبل حديثه، فتشجع على الاسترسال، وعاد للحديث ثانية قائلا: يا رشيد أعلمت أن معاوية كتب إلى ولاته في سائر الأقطار يأمرهم بأن لا يجيزوا أحدا من شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأهل بيته شهادة، وإن من قامت عليه البينة بمحبته له، يمحى اسمه من الديوان، ويسقط عطاؤه، ورزقه، وينكل به، ويهدم داره، وعلى هذا الأساس أخذ زياد وأضرابه الناس على الظن والتهمة، ووضع في رقابهم السيف، وشدد النكير عليهم، بحيث أصبح الفرد يخشى حتى من ظله، ثم في هذا الجو المحفوف بالمخاطر تعلن معارضتك بهذه اللهجة الصريحة؟! بالله عليك إلا ما تركت هذا الأمر، وانزويت في قعر دارك ترعى أطفالك، وتحتضن بيتك، وبذلك تريح نفسك، ومحبيك.

وضاق رشيد ذرعا بهذا البيت، وانحبست أنفاسه من هذا الرجل، وتأكد له أن بقاءه فيه، سيميت الرجولة في قلب مجيره خوفا وفزعا، ولا يمكنه الصمود للحوادث، وربما انهار أمام عيون الوالي الطاغية، فصمم على مغادرة البيت.

وحدث أبا أراكة بفكرة مغادرته، فانكشفت أساريره، وارتاح لهذا النبأ، وما أن مالت الشمس للمغيب حتى وقف أبو أراكة أمامه وكأنه يذكره بفكرته: رشيد لا تظن أني أمسك عليك هذا البيت، لو لا قسوة زياد، وأخذه الناس على الظن والتهمة، وإني أخشى على عيالي من اليتم.

ومع الظلام ترك رشيد البيت، وبقيت صورته متجسمة في ذهن أبي أراكة، كلما خطرت تزحف معها أشباح الموت، فيلتاع ويضطرب، وكان يتجنب أن يجالس أصحابه، خشية أن تفلت من لسانه كلمة تدل على أن هذا المطلوب للوالي الأموي قد اختفى عنده، برهة وجيزة من الوقت.

ومضيت أيام وتبعتها أيام، وزياد لا يلين عن مطالبة شرطته بالقبض على هذا الإنسان الخطر على الحكم الأموي، وأخيرا وفي غسق الليل انقضت عليه أيدي الجلاوزة، حين كان يحاول فيه رشيد أن يغير مكانه، وانتشر الخبر، وتسابق الناس إلى مجلس زياد مع إشراقة الشمس؛ لتعرف ما يكون أمر هذا المعارض العنيف.

وأدخل رشيد مقيدا وامتدت الأعناق، وزحفت الأبصار تستقبل هذا الإنسان، وهو يرسف في وثاقة بين يدي زياد، وساد سكون عميق، كان له رهبة في نفوس الجالسين.

ونطق زياد، وهو يكاد يبلعه من التحديق فيه، ثم نطق، وهو يصك على أسنانه من الغيظ: إيه يا رشيد، قم واخطب الناس، واذكر فضائل بني أمية، أعلن براءتك من علي، ومن معارضتك لآل أبي سفيان، وإلا فبيني وبينك السيف.

وطفرت ضحكة ساخرة على ثغر رشيد، امتعض منها زياد واستشاط غضبا، وصرخ به: ما يضحكك يا كافر؟

وبكل جرأة وصبر قال: يضحكني طلبك مني أن أتبرأ من علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول، وزوج بضعته الطاهرة، والكاشف عن وجهه الكربة، والحاكم بالسوية والعدالة.

وقطب زياد، وصرخ محتدما: كفى لا تثقل أسماعنا بذكر من لا نحب، إذا كنت مصرا على قولك، فسوف تقتل.

فأمعن رشيد في ضحكة ساخرة، مزقت قلب زياد حقدا، ثم التفت إليه رابط الجأش، ثابت الجنان قائلا: زياد، إن الذي يبلغ به هذا الحد من المعارضة، يحسب لموقفه معكم ألف حساب، وإن العقاب الذي ستنزله بي من قتل وتعذيب، قد وضعته نصب عيني، من الساعة التي رأيت فيها معاوية يتربع على دست الحكم، فيمسخ معالم الإسلام ويشوه حقائقه، بأحكامه التي لا تستند إلى قرآن، أو سنة، فالموت أهون علي من أن أرى هذا الوضع الفاسد تتحكمون به، وسنقف غدا بين يدي الله، ونرى وترون... .

ثم يلتفت إلى جلاسه -جلاس زياد- متشفيا قائلا: لا أريد هذا الرجل يموت براحة، فليتعذب، وأشفي قلبي بأنينه، أليس كذلك؟.

وترتفع الأصوات الناقمة باهتة مثقلة بالخزي من هنا وهناك، من أطراف مجلس الأمير، وتهتز الرؤوس المنحنية بذل العبودية مؤيدة الظلم والغدر، وتنطلق الأفواه المكهربة بتيار الطمع، وهي تتلعثم خجلا: فعلا يا أمير، فليعذب محب أبي تراب كما تشاء، ولنفرح بفرحك، أطال الله بقاك!!!

ويرميهم حبيب أبي تراب، وأسير زياد رشيد الهجري بنظرة كلها سخرية وازدراء، ولقد عرف رشيد، وعرف من هو قبله، ومن هو بعده طبيعة جلاس السلطان، وآكلة خوانه والمستفيدين منه، والمنتفعين في حكمه، إنهم يسبحون بحمده ويهللون بذكره، ويكبرون بأعماله، ولو أنها تمثل الظلم والحقد والعداء.

ولم يبق خفيا على أحد، أن أمثال هؤلاء من شفاه تردد ما يقوله الحاكم، وأيد تنفذ مآربه، طمعا في دنيا، ورغبة في جاه وحرصا على نفع.

أبداً لم يتعجب رشيد من منظر هذه الطبقة التي تحف بزياد وهي هي، كانت تحف بالولاة من أعداء زياد قبل هذا اليوم، ولم يكن عليه بالجديد هذا اللون من النفاق فهم ينعقون مع كل ناعق... .

ولهذا لم يتأثر رشيد عندما يسمع الأصوات ترتفع في مجلس زياد، وهي تردد رغبته: نعم يا أمير، فليعذب شيعة أبي تراب كما تشاء، ونفرح بفرحك..

وضاق الوالي الغاضب برشيد، وخاف أن يمزق هذا الأسير الجو الإرهابي الذي اصطنعه في مجلسه؛ ليبعث الرعب والخوف في نفوس أهل الكوفة، فينهدم تخطيطه، فأشار إلى الجلاد أن يقطع رأسه؛ ليريح نفسه من شره.

ولكن شيخا طاعنا في السن قام وهو يتوكأ على عصاه، حتى إذا وقف قبالة زياد، التفت إليه بكلماته المرتعشة: سلم الله الأمير، لا تقتل الرجل فيستريح، دعه يعاني الألم والشقاء، اتركه بهذه الحالة زمنا علنا؛ نشفي غليلنا منه كما تعذب عثمان..

ولم يسكت رشيد.

كل ما يلم به من أذى، وتعذيب، بل يستقبل كل ذلك بصبر وثبات، واستمر يمزق الأمويين، ويذكر مثالبهم وحقدهم على آل محمد، وعدائهم الصارخ للإسلام.

وعلى مقربة من هذا المنظر المفجع، تقف فتاة، وهي لم تتجاوز الثلاثين من عمرها تشاهد مع المشاهدين حكم الأمير الجائر، ينصب على أبيها، واللوعة لا تفارقها، وقد ماتت في وجهها إشراقة الحياة... .

وتقدمت الفتاة بخطى ثابتة، ورزانة لم يزعزعها هول المصاب، ولم تذهلها جسامة الحادثة، تخطت الفتاة بقلب صابر، وأقدام صامدة إلى أبيها، بعد أن تفرق الجمع من المجلس، وقد طبعت على شفتيها ابتسامة مشرقة، فقبلت رأسه، ثم هوت تلم تلك القطع التي فرقها زياد، عن هذا الجسد الطاهر، تزيح عنها التراب، ورشيد لا يرفع عنها طرفه، وابتسامة الإيمان يخالطها شيء من الألم تطفو على محياه، ثم قالت له: يا أبتاه هل تجد ألما مما أصابك؟.

فيجيب الأب المؤمن الذي يعاني مشقة الجراح: لا يا بنية أبدا إلا كالزحام بين الناس.

ثم حملت قربان العقيدة وغادرت قصر الطاغية، وما إن وقعت أبصار الناس عليه، حتى تجمعوا حوله ينظرون إليه، فقالت له فتاته: إن الناس حولك في انتظار حديثك، فهل ترغب في الكلام معهم؟

فقال: يا بنتاه إن في رغبة للحديث، سأحدثهم ما استطعت قبل الرحيل.

وتحدث الجريح ما شاء له الزمان وهو يلهث بدمائه، فكشف حقيقة الأمويين، وأساليب حكمهم، ومروقهم عن الدين، ووصل الخبر إلى زياد، وشق عليه ذلك، وبدت على سحنته غمامة حزن، فأشار عليه أعوانه أن يقطع لسانه... .

سل لسان رشيد على مرأى ومسمع من المشاهدين، وبين يدي ابنته البطلة، وهي تعتبر أنها الشهادة في سبيل العقيدة والتي ينالها الأبطال، وفيها الشرف والخلود، ولم يبق طويلا فقد فاضت نفسه الزكية شهيدا صابرا.

وتقدمت الفتاة الطيبة إلى جثمان أبيها، خاشعة الطرف دامية القلب، توسد شهيد العقيدة، بلوعة وأسى، وترمق السماء، بعين دامعة، وترفع كفها للدعاء: اللهم يا رب تقبل من أبي هذه التضحية من أجل دينك، ومحبة نبيك، ووفائه لوصيه، اللهم عوضه الجزاء الوفير.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






العتبة العباسية: الاحتفاء بتكليف نحو (15) ألف طالبة منذ انطلاق مشروع الورود الفاطمية
الخطابة النسويّة: مشروع الورود الفاطميّة انطلق قبل أربعة أشهر بإعداد مسبق وخطّة تربويّة متكاملة
العتبة العباسية المقدسة: رسالة حفل التكليف الشرعي هي الحفاظ على الاحتشام والعفة
وحدة التدريب والتأهيل العلمي تنظّم سلسلة دورات القيادة المؤثرة وبناء العلاقات الوظيفية الجيدة