أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2017
3072
التاريخ: 29-5-2016
9230
التاريخ: 8-8-2022
1487
التاريخ: 8-5-2016
2674
|
إنَّ أهمية المناقصة تكمن في كونها أحد أساليب التعاقد الذي تلجأ اليه الإدارة لغرض اختيار المتعاقد معها، وترجع أهميتها إلى ان المناقصات بطبيعتها تسعى الإدارة من ورائها إلى ضمان تحقيق هدفين هامين، الأول المحافظة على المال العام مما يترتب على الإدارة الإلتزام بإختيار المتعاقد الذي يقدم أفضل العروض المالية، والثاني مراعاة المصلحة الفنية لجهة الإدارة مما يمكنها من اختيار الأكفأ من بين المتقدمين لإداء الخدمة المعلن عنها بغض النظر عن الاعتبارات المالية، وطبيعي ان الهدف الأول يقيد حرية الإدارة إلى مدى بعيد، بينما يمنحها الهدف الثاني بعضاً من الحرية في عملية اختيار المتعاقد معها، وايضاً تتمتع المناقصة بكونها أسلوب شفاف وعادل لاختيار المتعاقد مع الإدارة تكفل تنفيذ محل المناقصة وفق أفضل الشروط الفنية وبأقل الأسعار لضمان حماية المال العام من العبث أوالهدر وبما يغلق الباب أمام العابثين وسراق المال العام، وكذلك الحال بالنسبة للأموال الخاصة (1). وتحتل المناقصات اليوم أهمية بالغة للدول بوصفها إحدى الوسائل الضرورية في انجاز مشاريعها ومؤسساتها العامة، وهي تتمتع بالأهمية ذاتها بالنسبة لشركات القطاع الخاص والأفراد، وتقوم المناقصات في جوهرها الحقيقي على أساس هام واعتباري يتمثل في رعاية المنافسة الحرة الشريفة التي تعد مرتكز رئيسي في سوق العمل والخدمات، ومن ثم تحقيق غاية الإدارة في الحصول على خيارات متعددة سواء من حيث الأسعار أو الكفاءة الفنية نتيجة لزيادة فرص المشاركة في المناقصة العامة (2).
وتنقسم المناقصات على عدة أنواع حسب بعض المعايير ، كأن تكون على أساس العمومية أو حرية التقديم اليها أو على أساس مراحل اجرائها، وقد ذكرت المادة (3) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (2) لسنة 2014 أساليب التعاقد وهي المناقصة العامة، المناقصة المحدودة، المناقصة العامة بطريقة التأهيل الفني، المناقصة بمرحلتين الدعوة المباشرة، العطاء الواحد أو العرض الوحيد، التعاقد المباشر، الشراء المباشر من الشركات المصنعة الرصينة ولجان المشتريات وسنأتي على بيان أهم هذه الأنواع و أكثرها انتشارًا بشيء من التفصيل وقدر تعلق الأمر بموضوع البحث وكما يلي:
أولا - المناقصة العامة:
نصت المادة (3/أولًا) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية على المناقصة العامة وذكرت بأن "ينفذ هذا الأسلوب بإعلان الدعوة العامة إلى جميع الراغبين في المشاركة بتنفيذ العقود بمختلف أنواعها ممن تتوفر فيهم شروط المشاركة، وأن تتسم الإجراءات بالعمومية والتنافسية والعدالة والعلنية والوضوح ومراعاة السقوف المالية في تعليمات تنفيذ الموازنة الاتحادية عند اعتماد هذا الأسلوب".
وإن المناقصة العامة هي الطريقة السائدة في اختيار المتعاقدين مع الإدارة، والأصل ان تكون المناقصة عامة أي مفتوحة لكل من يريد الاشتراك فيها، بينما الاستثناء هو تقييد المناقصة وجعلها مقصورة على بعض المناقصين، وهي النوع التقليدي من المناقصات (3).
ويقوم هذا الأسلوب في المناقصة على افساح المجال لأكبر عدد ممكن من الراغبين بالتعاقد للاشتراك والتنافس للفوز بالتعاقد، ولذلك يعرف هذا النوع من المناقصات بالمناقصات المفتوحة (4)، إذ لا يقتصر فيها الاشتراك على أشخاص معينين موردين كانوا أو مقاولين، ويتوقع ان يكون عدد المناقصين فيها كبيرا (5).
وتخضع المناقصات العامة في الواقع للضوابط الأساسية للتعاقد بأسلوب المناقصات وأهمها مبدأ العلانية حيث ان الدعوة فيها تكون للكافة، وكذلك مبدأ التنافس أي استثمار رغبة مقدمي العرض في التعاقد في إثارة روح المنافسة بينهم للوصول إلى أفضلها، فضلاً عن خضوعها لمبدأ المساواة بين مقدمي العروض (6).
ثانيا - المناقصة المحدودة:
وهي التي يقتصر الاشتراك فيها على عدد محدود من الموردين أو المقاولين المقيدة أسمائهم في كشوفات وسجلات خاصة تعدها الجهة المختصة بالوزارة أو المصلحة أو المؤسسة على ان اعتماد هذهِ الأسماء لا يكون إلا بعد التحري عنها والتحقق من كفاءتها المالية والفنية بعد ذلك تقوم الإدارة بتوجيه دعوة لهم للاشتراك في المناقصة حسب الإجراءات التي رسمها القانون واعتمدتها التعليمات والانظمة النافذة.
والمناقصة المحدودة في الحقيقة وإن كانت تعطي للإدارة سلطة مسبقة في اختيار ممن يحق لهم الدخول فيها بالمنافسة، إلا إنها لا تعطيها الحق في تجاوز فرص المنافسة بـ بين المتناقصين، لأن التساوي بالمنافسة يعد مبدأ عام في جميع أنواع المناقصات فهو من النظام العام وفي هذا النوع من المناقصات تتم دعوة من لهم حق الاشتراك فيها عن طريق كتب رسمية موصى عليها بعلم الوصـــــــول وتتضمن البيانات الواجب ذكرها في إعلانات المناقصات العامة كما يجوز الإعلان عنها في الصحف إذا اقتضت الضرورة ذلك، حيث ينطبق عليها ما ينطبق على المناقصات العامة من حيث إجراءات النشر وتلجأ الإدارة إلى هذا النوع من المناقصات إستثناء لتحقيق مصلحة فنية و مالية (7). لذلك ينبغي ان يكون هناك مبرراً لإجرائها حتى لا تعد مخلة بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المتنافسين المتوقع ان يكون عددهم قليلاً، وفي الغالب يتم اختيار الراغبين في الاشتراك بالمناقصة من بين المنتجين المباشرين لا من الوسطاء، حتى تكون أسعار عطاءاتهم أقل ولديهم خبرة كبيرة في هذا المجال وكذلك لديهم الامكانات التي تؤهلهم للقيام بالأعمال التي يمكن ان توكل لهم فيما إذا ما تم اختيارهم لإجراء التعاقد مع الدوائر الحكومية (8).
ثالثا - المناقصة العامة بطريقة التأهيل الفني:
تتم المناقصة العامة بطريقة التأهيل الفني بالإعلان عن المناقصة إلى جميع الراغبين في الإشتراك بتقديم عطاءاتهم الفنية والتجارية بظرفين منفصلين لقاء ثمن مع مراعاة فتح العطاءات الفنية من لجان التحليل لبيان الأشخاص المؤهلين و فتح العطاءات التجارية للمؤهلين بما لا يقل عن ثلاثة لاختيار العطاء الأفضل وإعادة ظروف العطاءات التجارية للمناقصين غير المؤهلين فنياً، وبالنتيجة تخضع هذه العطاءات للتحكم والتفرد فيمن يكون مؤهلاً أو غير مؤهل لهذا يكون هذا الأسلوب مقرأ بالاختيار الشخصي للمقاولين ويقع في مطب الفساد المالي والإداري، وبالتالي لا تستطيع ان تسبغ على الأسلوبين الثاني والثالث بالمناقصة العامة وانما بالاختيار الذي يقود المشروع الاستثماري إلى نفق مظلم (9).
رابعا - المناقصة بمرحلتين :
يختص هذا النوع من المناقصات بالعقود التي يصعب إعداد مواصفاتها الفنية أو تصاميمها، وتكون عادة ذات مستوى تكنولوجي معقد، والعقود التخصصية ذات الطبيعة العلمية المتطورة، ويجوز ان يسبق ذلك التأهيل المسبق ابتداء تتم بدعوة عامة لجميع الراغبين ليقدموا عطاءاتهم وبحسب معلوماتهم في التصاميم الأولية لتدرس من جهة فنية متخصصة لغرض اختيار المناسبة منها وفقاً لمعايير التأهيل الفني والمالي والقانوني والأعمال المماثلة ولجهة التعاقد التدخل في تعديل هذه العطاءات بعد التفاوض الفعلي معهم وتعيين الكلفة، و المرحلة الثانية تتم من خلال توجيه دعوة مباشرة للمرشحين في المرحلة الأولى لتقديم عطاءاتهم، ويؤخذ على هذا الأسلوب انه يخول الدائرة اختيار المناسب من بين العطاءات وتوجيه الدعوة المباشرة إليهم لتقديم عطاءاتهم وبالتالي يكون أسلوباً تحكمياً للدائرة وبدون اعتراض أو ضوابط لاختيار أفضل العطاءات، وهو أسلوب قديم مطبق في الدول النامية ومدعاة للفساد المالي والإداري في اختيار المرشحين ويطغي عليه الطابع العشائري والقبلي بل وتفصيل المناقصة على أناس محددين (10).
خامسا - الدعوة المباشرة
نصت المادة (3/خامسًا من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية على أنه "يتم تنفيذ هذا الأسلوب بتوجيه الدعوة المباشرة مجانا إلى ما لا يقل عن (3) ثلاثة من مقاولين أو المجهزين أو الاستشاريين المعتمدين لرصانتهم وقدرتهم وكفاءتهم الفنية والمالية لتنفيذ مشاريع أو تعاقدات الجهات الرسمية وعند توافر واحد أو أكثر من المبررات الاتية
أ- إذا تطلب العقد السرية في إجراءات التعاقد والتنفيذ.
ب أن تكون هناك أسباب أمنية تستوجب ذلك.
ج حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية.
د- تجهيز الأدوية والاجهزة والمستلزمات الطبية التخصصية المنقذة للحياة.
هـ - عزوف مقدمي العطاءات عن الاشتراك في المناقصات العامة المعلن عنها للمرة الثانية أو في حالة تسلم عطاءات غير مستوفية للشروط والمواصفات وللمرة الثانية.
و- العقود التخصصية التي تصدر ضوابطها دائرة العقود الحكومية العامة وبالتنسيق مع اللجنة القطاعية المختصة في مجلس الوزراء.
ز - المشاريع الستراتيجية والكبيرة التي تتطلب خبرات أجنبية والتي تحدد من اللجنة القطاعية المختصة في مجلس الوزراء وبالتنسيق مع وزارة التخطيط والمنفذة من شركات عالمية رصينة ذات خبرة في هذا التخصص مدة لا تقل عن (5) خمس سنوات واعمال مماثلة لا تقل عن (3) ثلاثة مشاريع في هذا المجال".
ويتضح من هذا النص بأن أسلوب التعاقد بالدعوة المباشرة، يكون بحالات خاصة ومحددة بالتعليمات أي عند وجود أسباب تقنية أو فنية أو أسباب تتعلق بحماية الحقوق الحصرية، أو عندما تكون تصنيع أو تجهيز السلع أو الخدمات من قبل مجهز واحد او شركة واحدة (الشركات الإحتكارية العالمية) أو شركات محدودة العدد أو الوكيل الحصري للسلعة أو الخدمة المطلوبة، أو لأن المصلحة العامة لا تسمح بإحالة العقد على أسس تنافسية كاملة، ففي مثل هذه الحالات تلجأ الإدارة إلى توجيه الدعوة المباشرة إلى ما لا يقل عن ثلاثة من مقاولين أو المجهزين أو الاستشاريين المعتمدين، وقد تلجأ ايضا لهذا النوع من أنواع المناقصات لمواجهة ظروف لا يمكن مواجهتها بالأساليب الأخرى للتعاقد كحالات الطوارئ والاستعجال.
أما المشرع المصري أورد في قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة رقم 182 لسنة 2018، مبادئ وطرق التعاقد، إذ نص في المادة (7) من الباب الثاني على ان يكون التعاقد على شراء أو استئجار المنقولات أو العقارات أو التعاقد على مقاولات الاعمال أو تلقي الخدمات أو الاعمال الفنية، بطريق المناقصة العامة، ويجوز استثناء وبقرار مسبب من السلطة المختصة بناءً على عرض ادارة التعاقدات إجراء هذا التعاقد بإحدى الصور الآتية: (أ) الممارسة العامة (ب) الممارسة المحدودة
(ج) المناقصة المحدودة. (د) المناقصة ذات مرحلتين (هـ) المناقصة المحلية (و) الاتفاق المباشر". أما المشرع الجزائري فقد نص في المادة (28) من المرسوم الرئاسي رقم 10-236 في 2010 المعدل والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية بأن للمصلحة المتعاقدة اشكالا متعددة للمنافسة، بما يتوافق ونشاطها وامكانياتها، وذلك في خمسة اشكال المناقصة المفتوحة والمحدودة، والمزايدة، وكذلك الاستشارة الانتقائية والمسابقة".
وعند المفاضلة بين الأساليب أو الأنواع المذكورة تقتضي يقينًا منا القول أنَّه لا يمكن تحديد أسلوب معين ليكون هو المعتمد دون غيره من الأساليب الأخرى، فهناك بعض العقود الحكومية تحتاج إلى أسلوب المناقصة العامة واخرى تحتاج إلى أسلوب المناقصة المحدودة وغيرها؛ لذلك لا يمكن اعتماد أسلوب فقط بعينه واهمال الأساليب الأخرى، لأنه لكل أسلوب مزاياه وسلبياته، وعليه نعتقد أنه اعطاء الحرية للإدارة الحكومية في اختيار الأسلوب الذي يناسب المشروع أو العقد المراد ابرامه هو الطريقة المثلى لنجاح المناقصة، والابتعاد عن حالات الروتين الإداري الذي قد يصادر حرية الإدارة مطلقاً في الاختيار، ويجعل المناقصة تحال على أشخاص غير مؤهلين لإدارة المشروع لمجرد أنهم تقدموا بأقل عطاء في المناقصة التي تم تقديم العطاءات عليها.
_____________
1- د. مال الله جعفر عبد الملك الحمادي، المناقصة العامة والاجراءات السابقة على ابرام العقد الإداري، دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة للنشر الاسكندرية 2018 ، ص 36.
2- د. محمد كامل ليلة، نظرية التنفيذ المباشر في القانون الإداري دراسة مقارنة للتشريع والفقه والقضاء، دار الفكر العربي، مصر ، 1962، ص 82.
3- د. عبد الرؤوف جابر ، ضمانات المشاريع الانشائية العامة (دراسة قانونية مقارنة)، منشورات الحلبي الحقوقية بیروت 2003، ص111.
4- د. محمد ماهر أبو العينين العقود الإدارية وقوانين المناقصات والمزايدات الكتاب الأول، منشأة المعارف، 1998، ص 271.
5- د. عبد الغني بسيوني عبد الله، القانون الإداري، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1998، ص 538.
6- د. محمود خلف الجبوري، النظام القانوني للمناقصات العامة (دراسة مقارنة)، ط 1 ، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان 1999، ص 140
7-Dunean Wallace building anacivl engineering standard forms London 1969 p 69.
8- د. هاتف كاظم جاسم الموسوي، حدود السلطة التقديرية للإدارة في المزايدات العامة (دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي ،الحقوقية، بيروت، لبنان، 2009، ص99.
9- د. بلاوي ياسين ،بلاوي، الجزاءات الضاغطة في العقد الإداري، دار الكتب القانونية القاهرة، 2011، ص 44؛ و د. حميد لطيف نصيف ادارة المناقصات والعطاءات في عقود المقاولات ط 1 ، دار النهضة العربية، مصر، 2013، ص78.
10- في تفصيلات ذلك: د. خالد عبد الفتاح محمد الشامل في العقود الإدارية في ضوء احكام المحكمة الإدارية العليا حتى عام 2008، ط ،1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2009، ص32.
|
|
في شهر التوعية للحد من الانتحار.. مخاطر وإحصائيات مقلقة
|
|
|
|
|
علماء: الميكروبات المسببة للأمراض تنتقل لمسافات بعيدة بفعل الرياح
|
|
|
|
|
جمعية العميد تعقد اجتماعها الدوري لمناقشة مشاريعها البحثية والعلمية السنوية
|
|
|