المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4880 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28

اصطناع القلويدات واشكالها وتوزعها
25-11-2020
تقسيم الأعمال المنزليّة يجسد روح التعاون العائليّ
2024-02-22
عناصر البرنامج
10/9/2022
مقومات الشخصية القوية / أنجز أعمالاً
2024-07-28
الصفا والمروة
13-11-2014
معنى كلمة فجر‌
10-12-2015


الحسن والقبح  
  
943   01:31 صباحاً   التاريخ: 7-08-2015
المؤلف : الشيخ الطوسي
الكتاب أو المصدر : الاقتصاد
الجزء والصفحة : ص 47
القسم : العقائد الاسلامية / العدل / الحسن و القبح /

ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺗﻨﺰﻳﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ، ﻓﺈﺫﺍ ﺣﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ. ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻧﺒﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺛﻢ ﻧﺒﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺒﻴﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻧﻘﺴﺎﻣﻪ ﺛﻢ ﻧﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺮﺽ. ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺪﻭﻣﺎ. ﻭﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﺃﻡ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺻﻔﻪ ﺯﺍﺋﺪﺓ، ﻓﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺴﺎﻫﻲ ﻭﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﻭﺣﺮﻛﺎﺕ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻌﺪﺍﻩ، ﻭﻣﺎ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺴﻨﺎ ﺃﻭ ﻗﺒﻴﺤﺎ، ﻓﺎﻟﺤﺴﻦ ﻫﻮ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﺇﺫﺍ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﻣﺨﺘﺎﺭﺍ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺬﻡ. ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ: ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻨﻪ، ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻻ ﺻﻔﺔ ﻟﻪ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻨﻪ. ﻓﻤﺎ ﻻ ﺻﻔﺔ ﻟﻪ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺻﻮﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺒﺎﺡ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﻓﻌﻠﻪ ﺃﻭ ﺩﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻣﺎ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ. ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ:

ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﺬﻡ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ، ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺬﻡ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ. ﻓﺎﻷﻭﻝ ﻣﻮﺻﻮﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ:

ﺃﺣﺪﻫﺎ: ﻭﺍﺟﺐ ﻣﻀﻴﻖ ﻛﺎﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺿﺔ ﻭﻛﺮﺩ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻮﺩﻳﻌﺔ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺨﻴﺮﺍ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻟﻜﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﺽ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺎﺕ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ ﺳﻘﻂ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻛﺮﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ. ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻧﺪﺏ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ: ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻔﻌﺎ ﻭﺍﺻﻼ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻓﻴﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﺇﻧﻌﺎﻡ ﻭﺇﺣﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻗﺼﺪ ﺫﻟﻚ، ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻻ ﻳﺘﻌﺪﺍﻩ ﻓﻼ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻧﺪﺏ. ﻭﺃﻣﺜﻠﺔ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻗﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻭﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻨﺎ.

ﻭﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻫﻮ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻘﺒﺤﻪ ﺃﻭ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻘﺒﺤﻪ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺬﻡ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻘﺒﺢ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻭﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ [ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻘﻠﻴﺎ ﻭﺷﺮﻋﻴﺎ: ﻓﺎﻟﻌﻘﻠﻴﺎﺕ ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﻘﺒﺢ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﺍﻟﻌﺎﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﻔﻊ ﺃﻭ ﺿﺮﺭ ﻭﺍﻟﻌﺒﺚ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ]  ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺭﺩ ﺍﻟﻮﺩﻳﻌﺔ ﻭﺍﻻﻧﺼﺎﻑ ﻭﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺤﺴﻦ ﺍﻻﺣﺴﺎﻥ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ. ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻛﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ ﻭﺍﻟﺤﺞ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻛﻘﺒﺢ ﺷﺮﺏ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﺍﻟﺰﻧﺎ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ.

ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺸﺮﻉ، ﻫﻮ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻋﺎﻗﻞ ﻣﻔﻄﻮﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﻌﻠﻢ ﻗﺒﺢ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﻗﺒﺢ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﻌﺒﺚ، ﻓﻠﻮ ﻻ ﺃﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻟﻤﺎ ﻭﺟﺐ ﺷﻤﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ، ﻭﻟﻜﺎﻥ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺴﻤﻊ. ﻭﻓﻲ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﺎﺷﺘﺮﺍﻙ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻣﻦ ﻣﻮﺣﺪ ﻭﻣﻠﺤﺪ ﻭﻣﻘﺮ ﺑﺎﻟﻨﺒﻮﺍﺕ ﻭﺟﺎﺣﺪ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻘﻞ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ " ﺇﻧﻬﻢ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﺨﺎﻟﻄﺘﻬﻢ ﻟﻠﻌﻘﻼﺀ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮﻉ " ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻌﻠﻤﻮﺍ ﻗﺒﺢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﺢ ﺷﺮﺏ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﺍﻟﺰﻧﺎ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺴﺎﺩ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮﻩ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻭ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻧﻪ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻠﻢ. ﻟﺰﻣﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺍﺕ ﺃﻳﻀﺎ، ﻷﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻃﺮﻳﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻤﻊ، ﻭﻟﺰﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ ﻓﻲ ﻧﻔﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﻧﺴﺒﺘﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻈﻦ ﻭﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﺎﻟﻘﺎ ﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺍﺕ، ﻭﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺲ ﺿﺪﻩ، ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺿﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﻞ، ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ ﻗﺒﻴﺢ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺎﻟﻘﺒﻴﺢ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﺤﺴﻦ، ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺃﻥ ﻗﻌﻮﺩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﻏﻴﺮﻩ ﻏﺼﺒﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻗﻌﻮﺩﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﻣﺎﻟﻜﻬﺎ، ﻭﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻗﺒﻴﺢ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺣﺴﻦ. ﻭﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﻨﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ، ﻷﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ، ﻭﻻ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﻪ ﺑﻘﺪﺭ ﺩﻭﻥ ﻗﺪﺭ ﻭﻻ ﺑﺠﻨﺲ ﺩﻭﻥ ﺟﻨﺲ.

ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻬﻮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ ﻭﻫﻮ ﺣﺴﻦ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺳﻠﻢ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻗﺒﺢ ﻋﻘﺎﺑﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﺇﺳﻼﻣﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭﺍ، ﻓﺒﺎﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ. ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻘﺒﺢ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻭﻋﻠﻤﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻏﻨﻲ ﻋﻨﻪ، ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻘﺒﺢ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﺑﺄﻧﻪ ﻏﻨﻲ ﻋﻨﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ.

ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﺿﻪ ﻭﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻘﺒﺢ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻣﻊ ﺗﺴﺎﻭﻳﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺽ، ﻭﻻ ﻋﻠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺇﻻ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﻘﺒﺢ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺑﺄﻧﻪ ﻏﻨﻲ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﺼﺪﻕ ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻟﺜﺒﻮﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ. ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﺟﺎﺯﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻤﺎ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻷﻧﻪ ﻳﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺨﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﻣﻊ ﺗﺴﺎﻭﻱ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻣﻊ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻪ، ﻷﻧﻪ ﻳﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺪﻕ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻻ ﻗﺒﻴﺢ ﺇﻻ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻘﺒﺤﻪ. ﻭﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﺃﻥ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺃﻭ ﻣﺤﺪﺛﺔ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺮﻳﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻓﺒﻄﻞ ﺫﻟﻚ. ﻭﻟﻮ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﻟﻜﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻟﻬﺎ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻻ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ ﺳﻮﺍﻩ. ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻟﻬﺎ ﻟﻜﺎﻥ ﻓﺎﻋﻼ ﻟﻠﻘﺒﻴﺢ، ﻷﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻗﺒﻴﺤﺔ، ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻬﺎ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻋﻠﻢ ﻗﺒﺤﻬﺎ ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﻗﺒﺤﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﺎﻋﻼ ﻟﻠﻘﺒﻴﺢ، ﻭﻗﺪ ﺩﻟﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﺎﻋﻼ ﻟﻠﻘﺒﻴﺢ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ ﺃﻧﻪ ﻧﺎﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻬﻴﺎ ﺇﻻ ﺑﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﻳﺪﺍ ﻟﻠﻘﺒﻴﺢ ﻷﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﻳﺪﺍ ﻟﻠﺸﺊ ﻛﺎﺭﻫﺎ ﻟﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻠﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻟﻜﺎﻥ ﻣﺤﺒﺎ ﻟﻪ، ﺭﺍﺿﻴﺎ ﺑﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺮﺿﺎ ﻫﻲ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻣﺨﺼﻮﺹ، ﻭﺃﺟﻤﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ ﻣﻦ ﺃﻃﻠﻖ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: 31] ﻭ {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 108] ﻭ { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. ﻭﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻌﺴﺮ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56] ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻼﻡ ﻻﻡ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻻﻡ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻜﺎﻥ ﻛﺬﺑﺎ ﻟﻮﺟﻮﺩﻧﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻹﻧﺲ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻭﻗﻮﻟﻪ { سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} [الأنعام: 148] ﻭﺍﺿﺢ ﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻷﻧﻪ ﻛﺬﺏ ﻣﻦ ﺃﺿﺎﻑ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﻟﻠﻈﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﺎﻫﺪﺓ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﻫﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺤﺼﻰ. ﻭﻗﻮﻟﻪ {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179] ﺍﻟﻼﻡ ﻫﻬﻨﺎ ﻻﻡ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } [القصص: 8] ﻭﻟﻢ ﻳﻠﺘﻘﻄﻮﻩ ﺇﻻ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻗﺮﺓ ﻋﻴﻦ ﻟﻬﻢ. ﻭﻗﻮﻟﻪ { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] ﺇﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻠﺠﺊ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻭﻳﻨﺘﻘﺾ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺑﻪ، ﻭﺟﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﻣﺠﺮﻯ ﻗﻮﻟﻪ {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4].

ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﺁﻳﺔ ﻳﺘﻌﻠﻘﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﻓﺎﻟﻮﺟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ، ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﻪ {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] ، ﻭﻗﻮﻟﻪ {لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا } [الرعد: 31] ﻭﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ، ﻓﺎﻟﻮﺟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ. ﻓﻼ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻫﺎ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺴﺘﻮﻓﻰ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺫﻛﺮﻩ ﻫﻬﻨﺎ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ " ﻟﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻟﻠﺤﻘﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﻫﻦ ﻭﺿﻌﻒ ﻭﻧﻘﺺ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻊ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻔﻪ " ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺨﻼﻑ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ، ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﺘﻰ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﻧﻔﻌﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻻ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﻘﻊ ﺃﻭ ﻭﻗﻊ ﺧﻼﻓﻪ ﻻ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺿﻌﻒ ﻭﻻ ﻧﻘﺺ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﻧﻔﻌﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﺼﺮﺗﻪ ﻭﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻨﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﻀﺮ ﺑﻔﻮﺗﻪ، ﻭﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺑﻜﻮﻥ ﻧﻔﻌﻪ ﻟﻠﺨﻠﻖ ﺩﻭﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻋﻠﻴﻪ.

ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺸﺘﺒﻪ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻳﻜﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﻌﺪ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻭﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﻨﻪ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻭﻻ ﻋﺎﻗﻞ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺿﻌﻒ ﺑﺬﻟﻚ. ﺛﻢ ﻳﻠﺰﻣﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺿﻌﻒ، ﻷﻥ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﻻ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺿﻌﻴﻦ. ﻭﻻ ﺧﻼﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﻠﻢ ﻳﻘﻊ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻪ، ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻠﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺿﻌﻒ. ﻓﺒﺄﻱ ﺷﺊ ﻓﺼﻠﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻓﻬﻮ ﻓﺼﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺎﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻛﻠﻬﻢ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻫﻦ ﻭﻻ ﺿﻌﻒ ﻭﻳﻠﺰﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﺄﻥ ﻳﻀﻌﻔﻮﻩ ﻭﻳﻮﻫﻨﻮﻩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻬﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ " ﻟﻮ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﺎ ﻛﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻜﺎﻥ ﻗﺪ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﺃﺑﺎﻩ ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ " ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﻟﻴﺲ ﺑﻜﺮﺍﻫﻴﺔ، ﻷﻥ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻨﻊ ﻭﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﺘﻤﺪﺣﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ " ﻓﻼﻥ ﻳﺄﺑﻰ ﻟﻠﻀﻴﻢ " ﺃﻱ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻣﻨﻪ، ﻭﻻ ﻣﺪﺣﻪ ﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﺮﻩ ﺍﻟﻀﻴﻢ ﻷﻥ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻜﺮﻫﻪ. ﻭﺗﻌﻠﻘﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺎﻟﻮﺍ " ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺸﺄ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ " ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻣﻨﻪ. ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﻢ، ﻷﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻳﻤﺘﻨﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺇﻃﻼﻗﻪ. ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ " ﻻ ﻣﺮﺩ ﻷﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﻣﺤﻴﺺ ﻣﻨﻪ "، ﻭﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻗﺪ ﺭﺩ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻣﺘﻰ ﻣﻨﻌﻮﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻌﻨﺎ ﻣﺜﻠﻪ ﻭﺇﻥ ﺗﺄﻭﻟﻮﺍ ﺃﻭﻟﻨﺎ.

ﻭﻟﻮ ﺳﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺸﺄ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﺃﻟﺠﺄ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﺎﻥ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻮ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺇﺫﺍ ﺣﻠﻒ ﺃﻧﻪ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺩﻳﻨﻪ ﻏﺪﺍ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻘﻀﻪ ﻳﺤﻨﺚ، ﻭﺃﺟﻤﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻓﻪ. ﻗﻴﻞ: ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﻳﺤﻨﺚ ﻭﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﻋﻠﻲ ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻻ ﻳﺤﻨﺚ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﺗﻔﺎﻗﺎ ﻟﻠﻜﻼﻡ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺷﺮﻃﺎ ﻭﻷﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻫﻞ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺑﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻗﺪﺭﻩ ﺃﻡ ﻻ؟ ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ:

ﺃﺣﺪﻫﺎ: ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺍﻷﺣﺪﺍﺙ، {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: 12] ﺃﻱ ﺧﻠﻘﻬﻦ ﻭﺃﺣﺪﺛﻬﻦ.

ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﻛﻘﻮﻟﻪ {اللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} [غافر: 20] ﻭﻣﻨﻪ ﺍﺷﺘﻘﺎﻕ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ.

ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻻﻟﺰﺍﻡ، ﻛﻘﻮﻟﻪ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] ﺃﻱ ﺃﻣﺮ ﻭﺃﻟﺰﻡ.

ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﻭﺍﻷﺧﺒﺎﺭ، ﻛﻘﻮﻟﻪ {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ } [الإسراء: 4] ﺃﻱ ﺃﻋﻠﻤﻨﺎﻫﻢ ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﺎﻫﻢ(1).

ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻀﻰ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﺣﺪﺛﻬﺎ، ﻷﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﺃﻭ ﺣﺴﻨﺎ، ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﻗﺒﻴﺢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻼ ﻟﻪ، ﻷﻧﺎ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﺴﻦ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻷﻧﻪ ﻓﻌﻠﻨﺎ، ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻓﺎﻋﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺒﻴﻨﻪ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻀﺎﺀ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺣﻜﻢ ﺃﻭ ﺃﻣﺮ ﻭﺃﻟﺰﻡ، ﻷﻥ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻟﺰﻣﻨﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺃﻭ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺄﻥ ﻧﻔﻌﻠﻬﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺧﺒﺮ ﻭﺃﻋﻠﻢ ﻣﺎﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻓﺠﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: " ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺮﺽ ﺑﻘﻀﺎﺋﻲ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻜﺮ ﻧﻌﻤﺎﺋﻲ ﻭﻟﻢ ﻳﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺋﻲ ﻓﻠﻴﺘﺨﺬ ﺭﺑﺎ ﺳﻮﺍﻱ " ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺑﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺣﺪﺍﺛﻪ ﻟﻮﺟﺐ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﺧﻼﻑ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ. ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﻟﻠﻪ، ﻟﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ. ﻭﻗﺪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 23] ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ: ﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﻗﺪﺭ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﻴﺪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﻳﻄﻠﻖ ﺑﻪ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻣﻀﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻣﺤﺪﺙ ﻷﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﻣﻮﺟﺪ ﻟﻬﺎ، ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ.

ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺟﻮﺏ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺩﻭﺍﻋﻴﻨﺎ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ ﻭﺍﻧﺘﻔﺎﺋﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺻﻮﺍﺭﻓﻨﺎ ﻭﻛﺮﺍﻫﺘﻨﺎ، ﻓﻠﻮﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻟﻤﺎ ﻭﺟﺐ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻃﻮﻟﻨﺎ ﻭﻗﺼﺮﻧﺎ ﻭﺧﻠﻘﻨﺎ ﻭﻫﻴﺄﺗﻨﺎ، ﻭﻻ ﺗﺠﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﻏﻴﺮﻧﺎ ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻨﺎ.

ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺩﻭﺍﻋﻴﻨﺎ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻣﺘﻰ ﺩﻋﺎﻩ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻌﻮﺩ ﻭﻻ ﺻﺎﺭﻑ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﻣﺎﻧﻊ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻣﺎ ﺩﻋﺎﻩ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻖ ﻟﻪ ﺑﻪ ﻛﻄﻮﻟﻪ ﻭﻗﺼﺮﻩ. ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﺑﻨﺎ ﻭﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺠﻬﺘﻨﺎ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﻴﻞ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﺓ، ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻃﻼ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﺒﺮﻧﺎﻩ، ﻷﻥ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ. ﻭﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﺽ ﻭﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻣﺠﺮﺍﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ.

ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﺎﻟﻔﺎﻋﻞ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﻘﻮﻻ ﻗﺒﻞ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﻓﺎﻋﻞ ﻣﻌﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺎﻟﻔﺎﻋﻞ ﺁﻛﺪ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺏ ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺪﻭﺍﻋﻴﻪ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﺣﺎﺻﻞ ﻣﻌﻨﻰ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﻓﻴﺎ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﻨﺎ ﻭِﻫﻮ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻧﺎ ﻣﺠﻮﺯ، ﻭﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﻮﺯ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﻴﻞ ﺇﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻛﺴﺒﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ. ﻗﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺠﺪﺩ ﻋﻨﺪ ﺩﻭﺍﻋﻴﻨﺎ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻻ ﻏﻴﺮ ﺩﻭﻥ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺠﺪﺩ ﻋﻨﺪ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺘﺤﺮﻛﺎ، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺘﺤﺮﻛﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺤﻮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻮﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻘﻮﻝ، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺑﻪ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻣﻌﻘﻮﻝ ﻣﻌﻠﻮﻡ، ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻌﻘﻮﻝ ﻭﻻ ﻣﻌﻠﻮﻡ.

ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﻘﻮﻻ ﻭﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻤﺸﻲ ﻣﺨﺘﺎﺭﺍ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ. ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻣﺸﻴﻪ ﻣﺨﺘﺎﺭﺍ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻭﺑﺈﻳﺜﺎﺭﻩ، ﻭﺇﺫﺍ ﺳﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻴﻪ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻳﺘﺠﺪﺩ ﻋﻨﺪ ﺩﻭﺍﻋﻴﻨﺎ ﺻﻔﺎﺕ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﻭﻗﺒﺢ ﻭﺣﻠﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ ﻭﻛﻮﻧﻪ ﻏﺮﺿﺎ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻓﻠﻢ ﻗﻠﺘﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺎ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﺩﻭﻥ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ؟ ﻗﻠﻨﺎ: ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﻘﺒﺢ ﻓﻘﺪ ﻳﺨﻠﻮ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﻧﺤﻮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺴﺎﻫﻲ ﻭﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﻭﺣﺮﻛﺔ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺘﻌﺪﺍﻩ ﻭﺣﻠﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻞ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺑﻪ ﺻﻔﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺑﻘﺎﺅﻩ ﻛﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﻤﺤﻞ. ﺛﻢ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻣﺤﻞ ﻛﺎﻟﺠﻮﻫﺮ ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﻛﺮﺍﻫﺘﻪ ﻭﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺙ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺸﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﻦ. ﻭﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﻣﺎ ﻳﻮﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﺷﻌﺒﻪ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﻓﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ، ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ. ِِﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ: ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻟﻨﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﺪﻭﺭﺍ ﻟﻪ ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻣﻌﺪﻭﻣﺎ، ﻷﻧﺎ ﻟﻮ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺩﻋﺘﻪ ﺍﻟﺪﻭﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺇﻳﺠﺎﺩﻩ ﻭﺟﺐ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺮﺩﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ، ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺟﻮﺏ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﻭﻭﺟﻮﺏ ﺍﻧﺘﻔﺎﺋﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺤﺎﻝ ﻓﻮﺟﺐ ﺑﻄﻼﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ.

ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻣﺤﺪﺙ ﻷﻓﻌﺎﻟﻪ، ﺃﻧﻪ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﺪﺣﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﺫﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﺪﺣﻪ ﻭﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺫﻣﻪ، ﻭﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﺪﺣﻪ ﻭﻻ ﺫﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻟﻪ ﻭﻗﺼﺮﻩ ﻭﺣﺴﻨﻪ ﻭﻗﺒﺤﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺎ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺎ ﻻ ﺑﺸﺊ ﺳﻮﺍﻩ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﻭﺍﻟﻘﻌﻮﺩ ﻭﻳﻨﻬﺎﻩ ﻋﻨﻪ ﻭﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﻳﺄﻣﺮﻩ. ﺑﺎﻟﻄﻮﻝ ﻭﺍﻟﻘﺼﺮ ﻭﻻ ﻳﻨﻬﺎﻩ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻟﻪ ﻓﺤﺴﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻟﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﻪ ﻭﻻ ﻧﻬﻴﻪ ﻋﻨﻪ. ﻓﺒﺎﻥ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻓﺎﻋﻞ، ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﺆﻛﺪ ﺫﻟﻚ، ﻷﻧﻪ ﻗﺎﻝ {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 14] ﻭ {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [التوبة: 82] ﻭ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [الزلزلة: 7، 8] ﻭﻗﺎﻝ {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] ﻭ {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا } [الفرقان: 19] ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺿﺎﻑ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻴﻨﺎ، [ﻓﻤﻦ ﻧﻔﺎ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻋﻨﺎ ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﻴﻞ: ﺃﺿﺎﻓﻪ ﺇﻟﻴﻨﺎ] ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻛﺴﺒﺎ ﻟﻨﺎ ﻗﻠﻨﺎ: ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻌﻘﻮﻝ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺘﻮﻟﺪ ﻻ ﻛﺴﺐ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻓﻴﻪ [ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻻ ﻛﺴﺐ ﻟﻠﻌﺒﺪ]  ﻓﻴﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﺤﻞ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻷﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ، ﻭﻋﻨﺪﻫﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻌﺪﻯ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻛﺴﺐ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻓﻴﻪ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺣﻤﻞ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻛﺎﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺇﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻭﺍﻟﻀﺎﺭﺏ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻘﺘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻤﻀﺮﻭﺏ. ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻜﺎﺑﺮﺓ ﻟﻠﻌﻘﻮﻝ، ﻭﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻧﻲ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺒﻨﻲ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺳﺞ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺜﻮﺏ ﺍﻟﻤﻨﺴﻮﺝ، ﻭﺫﻟﻚ ﺗﺠﺎﻫﻞ ﻣﻦ ﺑﻠﻎ ﺇﻟﻴﻪ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﻛﻼﻣﻪ. ﻭﻗﻮﻟﻪ {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ، ﻷﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺒﺪﻭﻥ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﺩﻭﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻌﻨﻔﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺄﻥ ﻗﺎﻝ: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: 95] ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺤﺘﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ، ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻣﺎ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ] ﻓﻴﻪ. ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻀﺎﻑ ﺍﻟﻤﻌﻤﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ، ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺒﺎﻧﻲ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ ﻋﻤﻞ ﻓﻼﻥ، ﻓﻴﻀﻴﻔﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﻤﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺠﺎﺯ.

_____________

(1) ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺇﺣﻜﺎﻡ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺇﺗﻘﺎﻧﻪ ﻭﺇﻧﻔﺎﺫﻩ ﻟﺠﻬﺘﻪ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺍﻧﻈﺮ ﻣﻌﺠﻢ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻠﻐﺔ 5 / 99.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.