أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-07-2015
889
التاريخ: 7-08-2015
1327
التاريخ: 20-11-2014
867
التاريخ: 6-08-2015
864
|
تمسّك الأشاعرة بوجوه ذكرها في « شرح المقاصد » (1) :
الأوّل : أنّه لو حسّن العقل أو قبّح ، لزم تعذيب تارك الواجب ومرتكب الحرام سواء ورد الشرع أم لا ـ بناء على أصلهم في وجوب تعذيب من استحقّه إذا مات غير تائب ـ واللازم باطل ، لقوله تعالى : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].
الثاني : أنّه لو كان الحسن والقبح بالعقل ، لما كان من أفعال العباد حسنا ولا قبيحا عقلا ، واللازم باطل باعترافكم.
وجه اللزوم أنّ فعل العبد إمّا اضطراريّ وإمّا اتّفاقيّ ، ولا شيء منهما بحسن ولا قبيح عقلا.
أمّا الكبرى ، فبالاتّفاق. وأمّا الصغرى ، فلأنّ العبد إن لم يتمكّن من الترك فذاك ، وإن تمكّن فإن لم يتوقّف الفعل على مرجّح ، بل صدر منه تارة ولم يصدر أخرى ، كان اتّفاقيا ، على أنّه يفضي إلى الترجّح بلا مرجّح وفيه انسداد باب إثبات الصانع. وإن توقّف على مرجّح ، فذلك المرجّح إن كان من العبد ، ننقل الكلام إليه ويتسلسل ، وإن لم يكن ، فمعه إن لم يجب الفعل ـ بل صحّ الصدور واللاصدور ـ عاد الترديد ولزم المحذور. وإن وجب فالفعل اضطراريّ (2) ، أو العبد مجبور بناء على عدم كفاية الإرادة ولزوم الانتهاء إلى مرجّح لا يكون من العبد ، ويجب معه الفعل ، ويبطل استقلال العبد.
الثالث : أنّه لو كان قبح الكذب لذاته لما تخلّف عنه في شيء من الصور ضرورة ، واللازم باطل فيما إذا تعيّن الكذب لإنقاذ نبيّ من الهلاك ؛ فإنّه يجب قطعا ، فيحسن. وكذا كلّ فعل يجب تارة ويحرم أخرى كالقتل والضرب حدّا وظلما ، بناء على أنّ الكذب ـ مثلا ـ من جهة تعيّن سبب الإنجاء فيه يصير حسنا ؛ لأنّ الحسن هو الإنجاء.
الرابع : أنّه لو كان الحسن والقبح ذاتيّين لزم اجتماع المتنافيين في إخبار من قال : « لأكذبنّ غدا » لأنّه إمّا صادق ، فيلزم بصدقه حسنه ، ولاستلزامه الكذب في الغد قبحه ، وإمّا كاذب فيلزم لكذبه قبحه ، ولاستلزامه ترك الكذب في الغد حسنه ، فيلزم اجتماع الحسن والقبح بناء على أنّ ملزوم الحسن حسن ، وملزوم القبيح قبيح ، وأنّ كلّ حسن أو قبح ذاتيّ.
الخامس : أنّ الفعل لو كان حسنا أو قبيحا لذاته ، لزم قيام العرض بالعرض وهو باطل باعتراف الخصم.
وجه اللزوم أنّ حسن الفعل مثلا أمر زائد عليه ؛ لأنّه قد يعقل الفعل ولا يعقل حسنه أو قبحه ، ومع ذلك فهو وجوديّ غير قائم بنفسه ، فهو عرض صفة للفعل الذي هو أيضا عرض ، فيلزم قيام العرض بالعرض بناء على منع كونه كإمكان الفعل ، وأنّ الحسن الشرعيّ قديم متعلّق بالفعل لا صفة له حتّى يلزم النقض بلزوم قيام العرض بالعرض.
السادس : أنّه لو حسن الفعل أو قبح لذاته أو لصفاته وجهاته ، لم يكن البارئ تعالى مختارا في الحكم ، واللازم باطل بالإجماع.
وجه اللزوم : أنّه لا بدّ في الفعل من حكم ، والحكم على خلاف ما هو المعقول قبيح لا يصحّ عن البارئ ، بل يتعيّن عليه الحكم بالمعقول الراجح بحيث لا يصحّ تركه ، وفيه نفي الاختيار ، الذي لا يجوز ولو كان لصارف (3) بناء على كون الحكم عندهم قديما متعلّقا بالأفعال غير مناف للاختيار.
السابع : أنّ قبح الفعل أو حسنه إذا كان صارفا عنه أو داعيا إليه كان سابقا عليه ، فيلزم قيام الموجود بالمعدوم بناء على منع كون الصارف والداعي هو العلم باتّصاف الفعل بالحسن والقبح عند الحصول.
والمصنّف ... أشار إلى الجواب عن وجوه أخر من وجوه الأشاعرة بقوله : ( ويجوز التفاوت في العلوم ؛ لتفاوت التصوّر ، وارتكاب أقلّ القبيحين مع عدم إمكان المخلص (4) ، والجبر باطل ).
بيان ذلك : أنّ الأشاعرة قالوا : إنّ الحسن والقبح لو كانا عقليّين ، لما وقع التفاوت في العلوم ؛ لاتّحاد السبب والمدرك وهو العقل ، والتالي باطل بالضرورة.
والجواب : أنّه يجوز التفاوت في العلوم بسبب التفاوت في تصوّر أطرافها ، فما كان تصوّره نظريّا يكون نظريّا ، وما كان تصوّره بديهيّا أوّليّا يكون بديهيّا أوّليّا ، وما كان تصوّره حدسيّا يكون كذلك ، وهكذا سائر مراتب العلم من الضروريّات والنظريات المحتاجة إلى النظر.
وقالوا أيضا : إنّ الحسن والقبح لو كانا عقليّين ، لما اختلفا أي لما حسن القبيح ، ولما قبح الحسن، والتالي باطل ؛ لأنّه يحسن تخليص النبيّ صلى الله عليه وآله ـ مثلا ـ من يد الظالم بالكذب المقتضي له ، فالكذب يصير حسنا ، كما أنّ الصدق المهلك قبيح (5).
والجواب : أنّ الكذب في الصورة المذكورة قبيح في نفسه ، باق على قبحه ، وكذا الصدق حسن، باق على حسنه إلاّ أنّ ترك إنجاء النبيّ أقبح ، فيصير الكذب الموجب للإنجاء من جهة اقتضائه دفع الأقبح حسنا بالعرض عند عدم إمكان التخلّص بغيره كالتعريض ، وكذا حكم الصدق ؛ فإنّه باق على حسنه إلاّ أنّه يصير قبيحا بالعرض عند عدم إمكان التخلّص عن الضرر إلاّ بتركه.
وقالوا أيضا : الجبر حقّ ، فينتفي الحسن والقبح العقليّان. وقد قرّر الشارح القوشجي هذا الوجه، بأنّه لو كان الحسن والقبح بالعقل لما كان شيء من أفعال العباد حسنا ولا قبيحا عقلا ، واللازم باطل باعترافكم.
وجه اللزوم أنّ العبد مجبور في أفعاله ، ولا شيء من أفعال المجبور بحسن ولا قبيح عقلا.
أمّا الكبرى ، فبالاتّفاق. وأمّا الصغرى ، فلأنّ العبد إن لم يتمكّن من الترك فذاك ، وإن تمكّن فإن لم يتوقّف فعله على مرجّح ، بل صدر عنه تارة ولم يصدر أخرى بلا تجدّد أمر ، لزم الترجيح بلا مرجّح ، وانسدّ باب إثبات الصانع ، وإن توقّف ، فذلك المرجّح إن لم يجب معه الفعل ، بل يصحّ الصدور واللاصدور ، عاد الترديد ، وإن وجب فالفعل اضطراريّ والعبد مجبور (6).
والجواب : أنّ المرجّح هو الإرادة ؛ وصدور الفعل معها على سبيل الوجوب لا ينافي الاختيار ، فالجبر باطل ... فالصغرى المذكورة لإثبات الشرطيّة ممنوعة ، بل فاسدة، فيكون الشرطيّة أيضا كذلك ، فلا يكون النتيجة صحيحة.
وأمّا الجواب عن سائر الوجوه ، فيظهر بالتأمّل.
__________________
(1) « شرح المقاصد » 4 : 284 ـ 289.
(2) كذا في النسخ ، والصحيح « والعبد » كما في « شرح المقاصد ».
(3) في « أ » : « الصارف ».
(4) كذا في النسخ و « كشف المراد » وفي « تجريد الاعتقاد » : 197 و « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : 339 : « التخلّص ».
(5) « شرح تجريد العقائد » : 339.
(6) نفس المصدر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|