أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الموت والقبر والبرزخ/البرزخ والقبر/الإمام علي (عليه السلام)
أبي، عن علي بن مهزيار، عن عمرو
بن عثمان، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن إبراهيم بن العلاء، عن سويد بن غفلة،
عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: إن ابن آدم كان في آخر يوم من الدنيا
وأول يوم من الآخرة مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله
إني كنت عليك لحريصا شحيحا، فمالي عندك ؟ فيقول: خذ مني كفنك، ثم يلتفت إلى ولده
فيقول: والله إني كنت لكم لمحبا، وإني كنت عليكم لمحاميا، فماذا
لي عندكم ؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها، ثم يلتفت إلى عمله فيقول:
والله إني كنت فيك لزاهدا، إنك كنت علي لثقيلا، فماذا عندك ؟ فيقول: أنا قرينك
في قبرك، ويوم حشرك حتى اعرض أنا وأنت على ربك، فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس
ريحا، وأحسنهم منظرا، وأزينهم رياشا، فيقول: ابشر بروح من الله وريحان وجنة
نعيم، قد قدمت خير مقدم، فيقول: من أنت ؟ فيقول: أنا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا
إلى الجنة، وإنه ليعرف غاسله، ويناشد حامله أن يعجله، فإذا ادخل قبره أتاه
ملكان وهما فتانا القبر، يجران أشعارهما، ويبحثان الارض بأنيابهما، وأصواتهما
كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، فيقولان له: من ربك ومن نبيك وما دينك
؟ فيقول: الله ربي، ومحمد نبيي، والاسلام ديني، فيقولان: ثبتك الله فيما تحب
وترضى، وهو قول الله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [إبراهيم: 27] الآية، فيفسحان له في قبره مد بصره، ويفتحان له بابا إلى الجنة،
ويقولان له: نم قرير العين نوم الشاب الناعم، وهو قوله: { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ
يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24] وإذا كان لربه
عدوا فإنه يأتيه أقبح خلق الله رياشا،
وأنتنه ريحا، فيقول له: ابشر بنزل من حميم، وتصلية جحيم، وإنه ليعرف غاسله، ويناشد
حامله أن يحبسه، فإذا دخل قبره أتياه ممتحنا القبر فألقيا عنه أكفانه، ثم
قالا له: من ربك ؟ ومن نبيك ؟ وما دينك ؟ فيقول: لا أدري ! فيقولان
له: ما دريت ولا هديت، فيضربانه بمرزبة ضربة ما
خلق الله دابة إلا وتذعر لها ما خلا الثقلين، ثم يفتحان له بابا إلى النار، ثم يقولان له: نم
بشر حال، فهو من الضيق مثل ما فيه القنا من الزج حتى أن دماغه يخرج من بين ظفره
ولحمه، ويسلط الله عليه حيات الارض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره،
وإنه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 6 / صفحة [ 224 ]
تاريخ النشر : 2024-03-30