1

بمختلف الألوان
رِسالةٌ إلى قَلبِكَ (الرَّحمَةُ) عِندَما تَضِيقُ بِكَ الدُّنيا، وَعِندَما تَتَسَاءَلُ: أينَ الفَرجُ مَتَى تَنكَشِفُ الغُمَّةُ تَذَكَّرْ هذهِ الآيَةَ العَظيمَةَ: {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مختارات
المراد بالفطرة الإنسانية
السيد محمد باقر السيستاني
2023/10/16
المراد بالفطرة الإنسانية خلق الإنسان وتكوينه الخاص بأبعاده المختلفة، فإنّ للإنسان تكويناً إدراكياً وجسدياً ونفسياً وسلوكياً وأخلاقياً وحِكَميّاً خاصّاً، كما هو ملحوظ بالوجدان وهو أمر ظاهر في علوم التشريح ووظائف الأعضاء والطبّ وفي علوم النفس بأنواعها.
وهذا التكوين يملي على الإنسان وفق قواعد الإدراك السليم بعيداً عن وجوه التفكير الارتغابي استجابات وحدوداً وقوانين خاصّة لسلوكه هي ملائمة مع هذا التكوين، وهي كما قلنا أشبه بالتوضيحات التي تقرن بالأجهزة الصناعية في بيان أسلوب تشغيلها والانتفاع بها وصيانتها.
فهذه الاستجابات والحدود نعبّر عنها بالاقتضاءات الفطرية؛ لأنّها مما فطر عليها الإنسان.
وتقع في مقابل ذلك اقتضاءات وحوائج مكتسبة ينجذب الإنسان إليها في إثر عوامل حادثة كالانفعالات والعادات والأعراف وحدوث الإدمان عليها وغير ذلك.
فالفارق بين الاقتضاءات الفطرية والمكتسبة أنّ الاقتضاءات الفطرية هي اقتضاءات ثابتة كامنة في تكوين الإنسان كما هو الحال في الأكل والشرب والنوم والحركة وطلب الراحة والمعاشرة والزواج والتوليد والاستطلاع والنظافة.
وأما الاقتضاءات المكتسبة فهي ما يتعلق بها الإنسان وفق عوامل متجددة، نظير أكثر تفاصيل العادات الغذائية والاجتماعية، فإنها ليست بهذه التفاصيل مما تتضمنه خلقة الإنسان، بل هي مناحي مكتسبة لتعلقات فطرية، فالإنسان مفطور على تناول الطعام، ولكنه ليس مفطوراً على تناول هذا الطعام أو ذاك، وإنما يحصل التعلق بطعامٍ ما من خلال العادات والميول المتجددة.

وتختلف الاقتضاءات الفطرية عن الاقتضاءات المكتسبة من وجهين:

الوجه الأوّل: اختلافهما في تقديرها والاعتبار بها في القوانين الفطرية.
فالاقتضاءات الفطرية المتعارفة ذات دلالات تشريعية وأخلاقية ودينية، بمعنى أنّ ممارسة الإنسان لما فطر عليه يكون على الإجمال أمراً مشروعاً وأخلاقياً وشرعياً لا محالة، فيجوز للإنسان الأكل والشرب والزواج والتوليد ونحوها.
وأما الاقتضاءات المكتسبة فليس لها دلالات من هذا القبيل، بل القبول بها بحسب القانون الفطري يتوقف على شرطين:

١ - عدم مجافاتها مع الحاجات الفطرية ومع القانون الفطري.
٢- أن لا يكون الإيفاء بها خلاف الحكمة لعدم ملاءمتها مع الصلاح الإنساني.
ولذلك فإنّ حاجة المدمن على المخدرات مثلاً ليست حاجة مشروعة في التقدير العقلائي العام وإن كان هناك شعور قوي بها، لعدم توفر أيٍّ من الشرطين فيها.

أما الشرط الأول: - وهو عدم المجافاة مع الفطرة - فلأنّها من جهة أضرارها مجافية مع الحاجة الفطرية إلى الصحة والسلامة النفسية.

وأما الشرط الثاني: - وهو عدم مخالفتها مع الحكمة والصلاح - فلأنّها توجب ابتلاء الآخرين بها فينافي الصلاح الإنساني العام.
إذاً يستخلص من ذلك أن كون الإنسان مطبوعاً على اقتضاءات معينة متعارفة دليل صوابها ومشروعيتها بحسب القانون الفطري، فلا يصح المنع عما بني عليه الطبع واقتضته الفطرة.
فإن انطوت الفطرة العامة التي اقتضت تلك الحاجة على اتجاه محدد كانت دليلاً على مشروعية ذلك الاتجاه الخاص دون ما يغايره، وإن خلت الفطرة العامة عن أي اتجاه محدد ينبغي الانتباه إلى مقتضى الحكمة في شأن القبول العام بهذا الاتجاه أو ذاك من خلال تقدير الصالح الخاص والعام بالنظر إلى آثار كل اتجاه سلوكي على الإنسان والمجتمع الإنساني، فإن لم يكن هناك محدد حكيم لاتجاه معين تعين القبول بكل اتجاه مكتسب والبناء على مشروعيته، وإن كان هناك محدد حكيم لاتجاه ما لموافقته للصلاح العام دون غيره لزم تحديد مشروعية تلك الحاجة بالاتجاه الحكيم.

الوجه الثاني: - الفارق بين الاقتضاءات الفطرية والاقتضاءات المكتسبة - وهو ما يتعلق بالمنظور الطبي، وذلك في مقام التشخيص بين الحالة السليمة والحالة المرضية وشبهها.
وذلك أنّ الاقتضاءات الفطرية تكون حالات سليمة من المنظور الفطري، ولن تُعتبر حالات مرضية بتاتاً، بل يكون فقدانها ووجود أضدادها حالة مرضية أو شبه مرضية استوجبها اختلال في أصل الخلق من خلال تشوّه الإنسان عند نشأته حيث كان جنيناً، أو اختلال طارئ لاحقاً في أثر حوادث خاصة.
وأما الاقتضاءات المكتسبة فيجوز أن تكون حالات غير سليمة حتى وإن تجذّرت بحيث لم يمكن التخلص منها كما هو الحال في الإدمان على الأشياء على وجه يشلّ النشاطات الطبيعية للإنسان، وكذلك الحالات المستدامة من الكآبة والقلق والاضطراب والخوف والوسوسة والهلاوس البصرية والسمعية والتخيلات الواهمة، وكذلك الحال في الميول الغريزية إلى الأطفال والحيوانات والميل إلى ممارسة العنف الزوجي والأسري والاجتماعي (السادية)، أو الميل إلى أن يقع الإنسان مورد العنف الزوجي ونحوه (المازوخية).


من كتاب تكامل الذكر والانثى في الحياة/ للسيّد محمّد باقر السيستاني/ ح١ ، ص ٢5
اعضاء معجبون بهذا
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ايام
2025/05/11م
((قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) سورة الحجرات : الآية ١٤ يقدم لنا هذا النص القرآني... المزيد
عدد المقالات : 32
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ايام
2025/05/11م
في بداية عام 2000 تم تسمية السيد ثائر جسام مدربا لمنتخب الشباب حيث كان يجب الاعداد اولا لتصفيات شباب آسيا وكان الاتحاد مهتما بصنع جيل جديد يرفد الساحة العراقية بعد فشل جيل 1998 في الظهور بشكل جيد اسيويا وانعكس لاحقا على المنتخب الاولمبي في تصفيات 1999 لذلك تم تسمية السيد ثائر جسام الذي كان يقدم اجمل كرة قدم... المزيد
عدد المقالات : 4
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ايام
2025/05/11م
لماذا لا تزال الكتابة مهمّشة رغم أنها أساس كل فكرة عظيمة سؤال يتردد في ذهني باستمرار. على الرغم من التطور التقني وانتشار المحتوى المرئي، تبقى الكتابة هي الأساس الذي تنبثق منها كل فكرة؛ فهي البداية التي تُبنى عليها المشاريع والأفكار العظيمة. ورغم ذلك، لا تزال الكتابة والكتاب في كثير من مجتمعاتنا... المزيد
عدد المقالات : 21
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/05/09م
كان مقرر ان يخوض المنتخب العراق منافسات كاس الخليج في اذار/1984 ثم مباشرة بعدها تصفيات اسيا الاولمبية في نيسان/1984 لذلك قرر الاتحاد الاحتفاظ بالكادر التدريبي بقيادة عموبابا من اب/1981 وتحضير برنامج اعدادي جيد لغرض تحقيق نتائج جيدة في هاتين المشاركتين الهامتين وقد رتب الاتحاد للمنتخب خوض ثماني مباريات... المزيد
عدد المقالات : 4
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/05/15م
عنوان هذه المجموعة القصصية يجعلك منجذبا نحو تناول الكتاب وقراءته ، ومع تناول القصة الأولى يقرر القاريء أن العنوان قد حالفه كثير من التوفيق؛ فالمحتوى حافل بمشاعر حيَّة ونابضة وإن لم تكن جميعها ( مشاعر كامنة ) ، فبعض قصص المجموعة تطل منها المشاعر بوجه مشرق تراه العين بوضوح ويستشعره القلب قوياً ، ومنها... المزيد
عدد المقالات : 28
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/05/09م
كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق الهيبة،وتشكو همها إلی الله تعالی،فلا يسمعها أحد،ولايشهد حسرتها أحد،سوی الله المطلع  علی حالها تجلس يوميا بجانب شباك الشناشيل الذي يشرب الشمس بصعوبة في محلة(ام النومي) في الكاظمية،وبعد صلاة الفجر تجلس الجلسة نفسها،وتبقی... المزيد
عدد المقالات : 32
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/05/09م
يا ساكن القلب يا دائي وترياقي حُمَّ الفؤادُ لنظرةٍ وتلاقـــي النفسُ تهفو للوصال لعلَّها تحظى برؤية نوركم أحداقي لا لم تغيبي يا منايا وإنني أشكو حبيباً جدَّ في إحراقيِِ فنفوسنا تصبوا لليلٍ حالمٍ والقرب يروي لهفةَ العشاقِ أنتِ الصبابةُ... المزيد
عدد المقالات : 28
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/04/27م
كانَ زيدٌ رجلاً بسيطاً، يعيشُ في قريةٍ صغيرةٍ بينَ الحقولِ والجبالِ، اشتهرَ بينَ الناسِ بحكمتهِ وهدوئهِ، وكانَ يردِّدُ دائماً: الصبُر زينةُ المؤمنِ، والسَّترُ تاجُ الكرامةِ. لم يكنْ زيدٌ يشتكي منْ همٍّ ولا يشكو ضعفَهُ لأحدٍ، حتّى عندما كانتِ الرياحُ العاتيةُ تَهُبُّ على بيتهِ المتواضعِ وتكادُ... المزيد
عدد المقالات : 9
علمية
1- مفهوم الحملة الإعلامية: يمكن تعريف الحملة الإعلامية بأنها "ذلك البرنامج الاتصالي الإعلامي المخطط بدقة ، والذي يتضمن مجموعة من الرسائل الاتصالية التي تحمل نفس الدعوى أو دعاوي مترابطة ومتكاملة معا،لتصل إلى مختلف فئات الجمهور المستهدف،عبر وسائل... المزيد
مرض السكري هو أحد الأمراض المزمنة التي تؤثر على حياة ملايين الأشخاص حول العالم، ويحتاج المصابون به إلى مراقبة دقيقة ومستدامة لمستوى السكر في الدم لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة. في السنوات الأخيرة، شهدنا تطورًا ملحوظًا في التكنولوجيا المستخدمة... المزيد
أهم القوى التي تعوق الفرد عن التمتع بالصحة النفسية: سوف نتحدث عن أربعة معوقات فقط نري أنها الأشد تأثيرا علي صحة الفرد النفسية وهي: (الإحباط - الصراع النفسي - فقدان الهدف في الحياة - التشاؤم) 1- الإحباط: نحن نسلك في حياتنا سلوكا مدفوعا يهدف الي اشباع... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
ميدان الأوّلويّات
السيد رياض الفاضلي
2024/10/14م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/05/04
أصدر قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتابًا بعنوان "قلوب بلا مأوى". يضمّ الكتاب مجموعة قصصية إنسانية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
2025/05/04
( صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com