عن عمرو بن أبي
المقدام عن أبيه ، عن جده قال : ما أتى على علي عليه السلام يوم قط أعظم من يومين
أتياه فأما أول يوم فيوم قبض رسول الله (ص) ، وأما اليوم الثاني فوالله إني لجالس
في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر والناس يبايعونه إذ قال له عمر يا هذا ليس في
يديك شيء منه ما لم يبايعك علي فابعث إليه حتى يأتيك فيبايعك فإنما هؤلاء رعاع ،
فبعث إليه قنفذا فقال له اذهب فقل لعلي أجب خليفة رسول الله (ص) فذهب قنفذ فما لبث
أن رجع فقال لابي بكر قال لك : ما خلف
رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا غيري ، قال ارجع إليه فقل أجب ، فان الناس
قد أجمعوا على بيعتهم إياه ، وهؤلاء المهاجرون والانصار يبايعونه ، وقريش ، وإنما أنت
رجل من المسلمين، لك ما لهم ، وعليك ما عليهم ، وذهب إليه قنفذ فما لبث أن رجع
فقال : قال لك : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي وأوصانى إذا واريته في
حفرته أن لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب الله فانه في جرائد النخل ، وفي أكتاف الابل.
قال : قال عمر
قوموا بنا إليه فقام أبو بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبو
عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وقنفذ وقمت معهم فلما انتهينا إلى الباب
فرأتهم فاطمة صلوات الله عليها أغلقت الباب في وجوههم وهي لا تشك أن لا يدخل عليها
إلا بإذنها ، فضرب عمر الباب برجله فكسره ، وكان من سعف ، ثم دخلوا فأخرجوا عليا
عليه السلام ملببا فخرجت فاطمة عليها السلام فقالت : يا أبا بكر أتريد أن ترملني
من زوجي؟ والله لئن لم تكف عنه لأنشرن شعري ، ولاشقن جيبي ، ولاتين قبر أبي ،
ولأصيحن إلى ربي ، فأخذت بيد الحسن والحسين عليهما السلام وخرجت تريد قبر النبي
صلى الله عليه وآله.
فقال علي عليه السلام
لسلمان : أدرك ابنة محمد ، فاني أرى جنبتي المدينة تكفئان والله إن نشرت شعرها
وشقت جيبها وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربها ، لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها [ وبمن
فيها ] فأدركها سلمان رضي الله عنه فقال : يا بنت محمد إن الله إنما بعث أباك رحمة
، فارجعي ، فقالت : يا سلمان يريدون قتل علي ما علي صبر ، فدعني حتى آتى قبر أبي ،
فأنشر شعري ، وأشق جيبي ، وأصيح إلى ربي ، فقال سلمان : إنى أخاف أن يخسف بالمدينة
وعلي بعثني إليك يأمرك أن ترجعي له إلى بيتك، وتنصرفي ، فقالت إذا أرجع وأصبر
وأسمع له واطيع.
قال : فأخرجوه
من منزله ملببا ومروا به على قبر النبي صلى الله عليه وآله قال : فسمعته يقول : « يابن ام إن القوم استضعفوني
وكادوا يقتلونني » وجلس أبو بكر في سقيفة بنى ساعدة ، وقدم علي عليه السلام فقال
له عمر : بايع ، فقال له علي عليه السلام : فان أنا لم أفعل فمه؟ فقال له عمر :
إذا أضرب والله عنقك ، فقال له علي : إذا والله اكون عبد الله المقتول ، وأخا رسول
الله صلى الله عليه وآله ، فقال عمر : أما عبد الله المقتول فنعم وأما أخو رسول
الله صلى الله عليه وآله فلا ، حتى قالها ثلاثا ، فبلغ ذلك العباس بن عبد المطلب
، فأقبل مسرعا يهرول ، فسمعته يقول : ارفقوا بابن أخي ، ولكم علي أن يبايعكم فأقبل
العباس وأخذ بيد علي عليه السلام فمسحها على يد أبي بكر، ثم خلوه مغضبا فسمعته
يقول : ورفع رأسه إلى السماء اللهم إنك تعلم أن النبي صلى الله عليه وآله قد
قال لي : إن تموا عشرين فجاهدهم ، وهو قولك في كتابك « إن يكن منكم عشرون صابرون
يغلبوا مائتين » قال : وسمعته يقول : «اللهم وإنهم لم يتموا عشرين» حتى قالها
ثلاثا ثم انصرف.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 28 / صفحة [ 247 ]
تاريخ النشر : 2025-07-22