أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/أهل البيت (عليهم السلام)/ظلامة أهل البيت (عليهم السلام) ومصائبهم والبكاء والحزن عليهم/الإمام الصادق (عليه السلام)
محمد الحميري ،
عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سالم ، عن محمد بن خالد ، عن عبد الله بن حماد ، عن
عبد الله الاصم ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما اسري
بالنبي صلى الله عليه وآله قيل له : إن الله مختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك؟
قال : اسلم لأمرك يا رب ، ولا قوة لي على الصبر إلا بك ، فما هن؟ قيل : أولهن
الجوع والاثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة ، قال : قبلت يا رب ورضيت وسلمت ،
ومنك التوفيق والصبر.
وأما الثانية
فالتكذيب والخوف الشديد ، وبذلك مهجتك في ومحاربة أهل الكفر بمالك ونفسك ، والصبر
على ما يصيبك منهم من الاذى ومن أهل النفاق والالم في الحرب والجراح قال : يا رب
قبلت ورضيت وسلمت ومنك التوفيق والصبر.
وأما الثالثة
فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل : أما أخوك فيلقى من امتك الشتم والتعنيف
والتوبيخ والحرمان والجهد والظلم وآخر ذلك القتل ، فقال : يا رب سلمت وقبلت ومنك
التوفيق والصبر.
وأما ابنتك
فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصبا الذي تجعله لها ، وتضرب وهي حامل ، ويدخل على حريمها
ومنزلها بغير اذن ، ثم يمسها هوان وذل ثم لا تجد مانعا وتطرح ما في بطنها من الضرب
وتموت من ذلك الضرب ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون قبلت يا رب وسلمت ومنك
التوفيق والصبر.
ويكون لها من
أخيك ابنان يقتل أحدهما غدرا ويسلب ويطعن ، يفعل به ذلك امتك ، قال: قبلت يا رب
وإنا لله وإنا إليه راجعون ، وسلمت ومنك التوفيق والصبر.
وأما ابنها
الاخر فتدعوه امتك إلى الجهاد ، ثم يقتلونه صبرا ويقتلون ولده ومن معه من أهل بيته
، ثم يسلبون حرمه فيستعين بي وقد مضى القضاء مني فيه بالشهادة له ، ولمن معه ،
ويكون قتله حجة على من بين قطريها فتبكيه أهل السماوات والارضين جزعا عليه ،
وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته ، ثم أخرج من صلبه ذكرا به أنصرك وإن شبحه عندي تحت
العرش ، وفي نسخة اخرى : ثم أخرج من صلبه ذكرا أنتصر له به وإن شبحه عندي تحت
العرش يملأ الأرض بالعدل ويطفئها بالقسط ، يسير معه الرعب، يقتل حتى يسئل فيه قلت
إنا لله.
فقيل : ارفع
رأسك ، فنظرت إلى رجل من أحسن الناس صورة وأطيبه ريحا ، والنور يسطع من فوقه ومن
تحته ، فدعوته فأقبل إلي وعليه ثياب النور ، وسيماء كل خير ، حتى قبل بين عيني ،
ونظرت إلى ملائكة قد حفوا به لا يحصيهم إلا الله عزوجل ، فقلت يا رب لمن يغضب هذا
ولمن أعددت هؤلاء وقد وعدتني النصر فيهم ، فأنا أنتظره منك ، فهؤلاء أهلي وأهل
بيتي وقد أخبرتني بما يلقون من بعدي ولو شئت لأعطيتني النصر فيهم على من بغى عليهم
، وقد سلمت وقبلت ورضيت ، ومنك التوفيق والرضا والعون على الصبر.
فقيل لي : أما
أخوك فجزاؤه عندي جنة المأوى نزلا بصبره ، افلج حجته على الخلائق يوم البعث ،
وأوليه حوضك يسقي منه أولياءكم ، ويمنع منه أعداءكم وأجعل جهنم عليه بردا وسلاما
يدخلها فيخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من المودة وأجعل منزلتكم في درجة واحدة من
الجنة.
وأما ابنك
المقتول المخذول وابنك المغدور المقتول صبرا فانهما مما ازين بهما عرشي، ولهما من
الكرامة سوى ذلك ما لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء ولكل من أتى قبره
من الخلق لان زواره زوارك ، وزوارك زواري ، وعليّ كرامة زائري ، وأنا اعطيه ما سأل
وأجزيه جاء يغبطه من نظر إلى تعظيمي له ، وما أعددت له من كرامتي.
وأما ابنتك فاني
أوقفها عند عرشي فيقال لها : إن الله قد حكمك في خلقه فمن ظلمك وظلم ولدك فاحكمي
فيه بما أحببت ، فاني أجيز حكومتك فيهم ، فتشهد العرصة فاذا أوقف من ظلمها أمرت به
إلى النار ، فيقول الظالم « واحسرتاه على ما فرطت في جنب الله » ويتمنى الكرة «
ويعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ
فلانا خليلا » وقال : « حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس
القرين * ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون » فيقول الظالم : «
أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون » أو الحكم لغيرك؟ فيقال لهما : « ألا
لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالأخرة هم
كافرون ».
وأول من يحكم
فيه محسن بن علي عليه السلام في قاتله ثم في قنفذ فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان
بسياط من نار ، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها ، ولو وضعت
على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا ، فيضربان بها. ثم يجثوا أمير المؤمنين
صلوات الله عليه بين يدي الله للخصومة مع الرابع وتدخل الثلاثة في جب فيطبق عليهم
لا يراهم أحد ، ولا يرون أحدا ، فيقول الذين كانوا في ولايتهم « ربنا أرنا اللذين
أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الاسفلين » قال الله عزوجل «
ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون » فعند ذلك ، ينادون بالويل
والثبور ، ويأتيان الحوض يسئلان عن أمير المؤمنين عليه السلام ومعهم حفظة فيقولان
اعف عنا واسقنا وخلصنا ، فيقال لهم : « فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل
هذا الذي كنتم به تدعون» بإمرة المؤمنين ، ارجعوا ظماء مظمئين إلى النار فما
شرابكم إلا الحميم والغسلين ، وما تنفعكم شفاعة الشافعين.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 28 / صفحة [ 61 ]
تاريخ النشر : 2025-07-19