أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/أحاديث وروايات عامة/الإمام علي (عليه السلام)
الإحتجاج في
حديث طويل يذكر فيه إتيان رجل من الزنادقة أمير المؤمنين عليه السلام وسؤاله عما
اشتبه عليه من آيات القرآن وظن التناقض فيها فأجابه عليه السلام وأسلم فكان مما
سأله قوله وأجده يقول ( يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ ) (
فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) و ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ
وَجْهَهُ ) و ( أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ ) و ( أَصْحابُ
الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ) ما معنى الجنب والوجه واليمين والشمال فإن
الأمر في ذلك ملتبس جدا فأجابه عليه السلام بأن المنافقين قد غيروا وحرفوا كثيرا
من القرآن وأسقطوا أسماء جماعة ذكرهم الله بأسمائهم من الأوصياء ومن المنافقين لكن
أعمى الله أبصارهم فتركوا كثيرا من الآيات الدالة على فضل منزلة أوليائه وفرض
طاعتهم ثم ذكر عليه السلام كثيرا من ذلك إلى أن قال وقد زاد جل ذكره في التبيان
وإثبات الحجة بقوله في أصفيائه وأوليائه عليه السلام ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا
حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ ) تعريفا للخليقة قربهم ألا ترى أنك
تقول فلان إلى جنب فلان إذا أردت أن تصف قربه منه إنما جعل الله تبارك وتعالى في
كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وغير أنبيائه وحججه في أرضه لعلمه بما يحدثه
في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء حججه منه وتلبيسهم ذلك على الأمة ليعينوهم على
باطلهم فأثبت فيه الرموز وأعمى قلوبهم وأبصارهم لما عليهم في تركها وترك غيرها من
الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه وجعل أهل الكتاب القائمين به والعالمين بظاهره
وباطنه من شجرة ( أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها
كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها ) أي يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد
الوقت وجعل أعداءها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم (
وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ) ثم بين عليه السلام ذلك بأوضح
البيان إلى أن قال وأما قوله ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) فالمراد كل
شيء هالك إلا دينه لأن من المحال أن يهلك منه كل شيء ويبقى الوجه هو أجل وأعظم
وأكرم من ذلك وإنما يهلك من ليس منه ألا ترى أنه قال ( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ
وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ) ففصل بين خلقه ووجهه.
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
المصدر : بحار الأنوار
الجزء والصفحة : جزء 24 / صفحة [ 195 ]