أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/النبي محمد صلى الله عليه واله/شهادة الرسول ووصيته وآخر الايام/الإمام الصادق (عليه السلام)
كتاب الطرف للسيد علي بن طاووس نقلا
من كتاب الوصية للشيخ عيسى بن المستفاد الضرير، عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما
السلام) قال: لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الوفاة دعا الانصار وقال:
" يا معشر الانصار قد حان الفراق، وقد دعيت وأنا مجيب الداعي، وقد جاورتم فأحسنتم
الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الاموال، ووسعتم في المسلمين، وبذلتم
لله مهج النفوس والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الاوفى،
وقد بقيت واحدة وهي تمام الامر وخاتمة العمل،
العمل معها مقرون إني أرى أن لا أفترق بينهما جميعا لو قيس بينهما بشعرة ما
انقاست، من أتى بواحدة وترك الاخرى كان جاحدا للأولى ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا
" قالوا: يا رسول الله فأين لنا بمعرفتها، فلا نمسك عنها فنضل ونرتد عن الاسلام،
والنعمة من الله ومن رسوله علينا، فقد أنقذنا الله بك من الهلكة يا رسول الله،
وقد بلغت ونصحت وأديت وكنت بنا رؤفا رحيما شفيقا، فقال رسول الله (صلى الله عليه
وآله) لهم: " كتاب الله وأهل بيتي فإن الكتاب هو القرآن وفيه الحجة والنور والبرهان،
كلام الله جديد غض طرئ شاهد ومحكم عادل ولنا قائد بحلاله وحرامه وأحكامه يقوم
غدا فيحاج أقواما فيزل الله به أقدامهم عن الصراط، واحفظوني معاشر الانصار في أهل
بيتي، فإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ألا وإن الاسلام
سقف تحته دعامة، لا يقوم السقف إلا بها، فلو أن أحدكم أتى بذلك السقف ممدودا
لا دعامة تحته فأوشك أن يخر عليه سقفه فيهوي في النار، أيها الناس الدعامة: دعامة
الاسلام، وذلك قوله تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه
" فالعمل الصالح طاعة الامام ولي الامر والتمسك بحبله، أيها الناس أفهمتم ؟
الله الله في أهل بيتي، مصابيح الظلم،
ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ومستقر الملائكة، منهم
وصيي وأميني ووارثي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى ألا هل بلغت معاشر الانصار ؟
ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا إن فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب
الله "، قال عيسى: فبكى أبو الحسن (عليه السلام) طويلا، وقطع بقية كلامه، وقال:
هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله يا امه صلوات
الله عليها.
ثم قال (عليه السلام): أخبرني أبي، عن
جدي محمد بن علي قال: قد جمع رسول الله (صلى الله
عليه وآله) المهاجرين فقال لهم: " ايها الناس إني قد دعيت، وإني مجيب دعوة الداعي،
قد اشتقت إلى لقاء ربي واللحوق بإخواني من الانبياء وإني اعلمكم أني قد أوصيت
إلى وصيي، ولم اهملكم إهمال البهائم، ولم أترك من اموركم شيئا " فقام إليه عمر
بن الخطاب فقال: يا رسول الله أوصيت بما أوصى به الانبياء من قبلك ؟ قال: نعم، فقال
له: فبأمر من الله أوصيت أم بأمرك. قال له: " اجلس يا عمر، أوصيت بأمر الله، وأمره
طاعته، وأوصيت بأمري و أمري طاعة الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصى وصيي فقد
عصاني، ومن أطاع وصيي فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله لا ما تريد أنت وصاحبك
" ثم التفت إلى الناس وهو مغضب فقال: " أيها الناس اسمعوا وصيتي، من آمن
بي وصدقني بالنبوة وأني رسول الله فأوصيه
بولاية علي بن أبي طالب وطاعته و التصديق له، فإن
ولايته ولايتي، وولاية ربي، قد أبلغتكم فليبلغ الشاهد الغائب أن علي بن أبي
طالب هو العلم، فمن قصر دون العلم فقد ضل، ومن تقدمه تقدم إلى النار، ومن تأخر عن
العلم يمنيا هلك، ومن أخذ يسارا غوى وما توفيقي إلا بالله، فهل سمعتم ؟ قالوا: نعم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 22 / صفحة [476]
تاريخ النشر : 2024-06-15