أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/عصمة الانبياء/الإمام الرضا (عليه السلام)
تميم القرشي، عن أبيه عن حمدان بن سليمان،
عن علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى
عليه السلام فقال له المأمون: يابن رسول الله
أليس من قولك إن الأنبياء معصومون ؟ قال: بلى، قال: فما معنى قول الله عز وجل: "
وعصى آدم ربه فغوى " ؟ فقال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى قال لآدم:
" اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا "
حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة " وأشار لهما إلى شجرة
الحنطة " فتكونا من الظالمين " ولم يقل لهما لا تأكلا من هذه الشجرة، ولا
مما كان من جنسها، فلم يقربا تلك الشجرة، وإنما
أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما وقال: " ما نهكما ربكما عن
هذه الشجرة " وإنما نهاكما أن تقربا غيرها، ولم ينهكما
عن الأكل منها " إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمها إني لكما
لمن الناصحين " ولم يكن آدم وحواء شاهدا " قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا
" " فدلاهما بغرور " فأكلا منها ثقة بيمينه
بالله، وكان ذلك من آدم قبل النبوة ولم يكن ذلك
بذنب كبير استحق به دخول النار، وإنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء
قبل نزول الوحي عليهم، فلما اجتباه الله وجعله نبيا " كان معصوما " لا يذنب
صغيرة ولا كبيرة، قال الله عزوجل: " وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه
وهدى " وقال عزوجل " إن الله اصطفى آدم ونوحا " وآل إبراهيم وآل عمران
على العالمين " فقال له المأمون: فما معنى
قول الله عزوجل: " فلما آتاهما صالحا " جعلا له شركاء
فيما آتاهما " ؟ فقال الرضا عليه السلام: إن حوا ولدت لآدم خمسمائة بطن، في كل
بطن ذكرا " وانثى، وإن آدم وحواء عاهدا الله عزوجل ودعواه، وقالا: " لئن آتيتنا
صالحا لنكونن من الشاكرين " فلما آتاهما صالحا " من النسل خلقا " سويا
" بريا " من الزمانة والعاهة كان ما
آتاهما صنفين: صنفا ذكرانا " وصنفا " إناثا "، فجعل
الصنفان لله تعالى ذكره شركاء فيما آتاهما، ولم يشكراه كشكر أبويهما له عزوجل، قال
الله عزوجل: " فتعالى الله عما يشركون ". فقال المأمون: أشهد أنك ابن رسول الله
حقا "، فأخبرني عن قول الله عزوجل في إبراهيم
عليه السلام: " فلما جن عليه الليل رأى كوكبا " قال هذا ربي " فقال
الرضا عليه السلام: إن إبراهيم عليه السلام وقع
إلى ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزهرة، وصنف يعبد
القمر، وصنف يعبد الشمس، وذلك حين خرج من السرب الذي اخفي فيه، فلما جن عليه
الليل فرأى الزهرة فقال: " هذا ربي " على الإنكار والاستخبار " فلما
أفل " الكوكب " قال لا احب الآفلين
" لان الافول من صفات الحدث لا من صفات القدم " فلما
رأى القمر بازغا " قال هذا ربي " على الإنكار والاستخبار " فلما أفل
قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين
" يقول: لو لم يهدني ربي لكنت من القوم الضالين
" فلما " أصبح و " رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر " من
الزهرة والقمر على الإنكار والاستخبار لا على الإخبار
والإقرار " فلما أفلت " قال للأصناف الثلاثة
من عبدة الزهرة والقمر والشمس: " يا قوم إني برئ مما تشركون * إني وجهت وجهي
للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما أنا من المشركين " وإنما أراد إبراهيم بما قال
أن يبين لهم بطلان دينهم، ويثبت عندهم أن العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهرة والقمر
والشمس، وإنما تحق العبادة لخالقها وخالق السماوات والأرض، وكان ما احتج به على
قومه بما ألهمه الله عزوجل وآتاه، كما قال عزوجل: " وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على
قومه ". فقال المأمون: لله درك يابن رسول الله، فأخبرني عن قول إبراهيم:
" رب أرني كيف تحيي الموتى * قال أو لم تؤمن
قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " قال الرضا عليه السلام:
إن الله تبارك وتعالى كان أوحى إلى إبراهيم عليه السلام: أني متخذ من عبادي خليلا
" إن سألني إحياء الموتى أجبته، فوقع في نفس إبراهيم عليه السلام: أنه ذلك الخليل،
فقال: " رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي "
على الخلة " قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن
يأتينك سعيا " واعلم أن الله عزيز حكيم " فأخذ إبراهيم عليه السلام نسرا
" وبطا " وطاووسا " وديكا
"، فقطعهن وخلطهن ثم جعل على كل جبل من الجبال التي حوله - وكانت
عشرة - منهن جزء، وجعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم دعاهن بأسمائهن
ووضع عنده حبا " وماء، فتطائرت تلك الأجزاء بعضها
إلى بعض حتى استوت الأبدان، وجاء كل بدن حتى انضم إلى رقبته ورأسه، فخلى إبراهيم
عليه السلام عن مناقيرهن، فطرن ثم وقعن فشربن من ذلك الماء والتقطن من ذلك الحب،
وقلن: يا نبي الله أحييتنا أحياك الله، فقال إبراهيم عليه السلام: بل الله يحيي
ويميت وهو على كل شئ قدير. قال المأمون: بارك الله فيك يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول
الله عزوجل: " فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان " قال الرضا عليه
السلام: إن موسى عليه السلام دخل مدينة " من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها
وذلك بين المغرب والعشاء " فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوة
فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه " فقضى موسى عليه السلام على العدو بحكم
الله تعالى ذكره " فوكزه " فمات " قال هذا من عمل الشيطان " يعني
الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسى
عليه السلام من قتله " إنه " يعنى الشيطان
" عدو مضل " قال المأمون: فما معنى قول موسى: " رب إني ظلمت نفسي فاغفر
لي " ؟ قال: يقول: إني وضعت نفسي غير
موضعها بدخولي هذه المدينة " فاغفر لي " أي استرني
من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني " فغفر له إنه هو الغفور الرحيم قال موسى رب بما
أنعمت علي " من القوة حتى قتلت رجلا " بوكزة " فلن أكون ظهيرا
" للمجرمين " بل اجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى
" فأصبح " موسى " في المدينة خائفا " يترقب فإذا
الذي استنصره بالأمس يستصرخه " على آخر " قال له موسى إنك لغوي مبين
" قاتلت رجلا " بالأمس وتقاتل هذا اليوم لاؤدبنك،
وأراد أن يبطش به " فلما أراد أن يبطش بالذي
هو عدو لهما " وهو من شيعته " قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا
" بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا
" في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين ". قال المأمون:
جزاك الله خيرا " يا أبا الحسن، فما معنى قول موسى لفرعون: " فعلتها إذا وأنا
من الضالين " قال الرضا عليه السلام: إن فرعون قال لموسى لما أتاه: " وفعلت فعلتك التي
فعلت وأنت من الكافرين " لي، قال موسى: " فعلتها إذا وأنا من الضالين
" عن الطريق بوقوعي إلى مدينة من مدائنك
" ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما " وجعلني
من المرسلين " وقد قال الله عزوجل لنبيه محمد صلى الله عليه وآله: " ألم يجدك
يتيما فآوى " يقول: ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس ؟ " ووجدك ضالا
" " يعني عند قومك " فهدى " أي هداهم إلى
معرفتك ؟ " ووجدك عائلا " فأغنى " يقول: أغناك بأن جعل
دعاءك مستجابا ". قال المأمون: بارك الله فيك يابن رسول الله، فما معنى قول الله
عزوجل: " ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني
" الآية، كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران لا يعلم أن الله تعالى ذكره
لا تجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال ؟ فقال الرضا عليه السلام: إن كليم الله
موسى بن عمران عليه السلام علم أن الله تعالى أعز من أن يرى بالأبصار، ولكنه
لما كلمه الله عزوجل وقربه نجيا " رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عزوجل كلمه وقربه
وناجاه فقالوا: لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت، وكان القوم سبعمائة ألف رجل،
فاختار منهم سبعين ألفا "، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبعمائة، ثم اختار
منهم سبعين رجلا " لميقات ربه، فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل
وصعد موسى عليه السلام إلى الطور، وسأل الله تبارك وتعالى أن يكلمه ويسمعهم
كلامه، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء
وأمام، لأن الله عزوجل أحدثه في الشجرة وجعله منبعثا " منها حتى سمعوه من جميع
الوجوه، فقالوا: " لن نؤمن لك " بأن هذا الذي سمعناه كلام الله " حتى
نرى الله جهرة " فلما قالوا هذا القول العظيم
واستكبروا وعتوا بعث الله عزوجل عليهم صاعقة فأخذتهم
بظلمهم فماتوا، فقال موسى: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا:
إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا " فيما ادعيت من مناجات الله إياك ؟ فأحياهم
الله وبعثهم معه، فقالوا: إنك لو سألت الله أن يريك تنظر إليه لأجابك، وكنت
تخبرنا كيف هو نعرفه حق معرفته، فقال موسى عليه السلام: يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار ولا
كيفية له، وإنما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله، فقال
موسى عليه السلام: يا رب إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم، فأوحى
الله جل جلاله إليه: يا موسى سلني ما سألوك فلن اؤاخذك بجهلهم. فعند ذلك قال موسى:
" رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه
" وهو يهوي " فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل
" بآية من آياته " جعله دكا " وخر موسى صعقا "
* فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك " يقول: رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي
" وأنا أول المؤمنين " منهم بأنك لا ترى.
فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول
الله عزوجل: " ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " فقال الرضا عليه السلام:
لقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت، لكنه كان معصوما "، والمعصوم
لا يهم بذنب ولا يأتيه، ولقد حدثني أبي عن أبيه الصادق عليه السلام أنه
قال: همت بأن تفعل، وهم بأن لا يفعل، فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن، فأخبرني
عن قول الله عزوجل: " وذا النون إذ ذهب مغاضبا " فظن أن لن نقدر عليه
" قال الرضا عليه السلام: ذاك يونس بن متى عليه
السلام " ذهب مغاضبا " " لقومه " فظن " بمعنى
استيقن " أن لن نقدر عليه " أن لن نضيق عليه رزقه، ومنه قول الله عزوجل:
" وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه
" أي ضيق وقتر " فنادى في الظلمات " ظلمة الليل وظلمة
البحر، وظلمة بطن الحوت " أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
" بتركي مثل هذه العبادة التي قد فرغتني لها
في بطن الحوث، فاستجاب الله له وقال عزوجل:
" فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ". فقال المأمون: لله
درك يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول الله عزوجل: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم
قد كذبوا جاءهم نصرنا " قال الرضا عليه السلام: يقول عزوجل: حتى إذا استيأس الرسل
من قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا جاء الرسل نصرنا. فقال: المأمون: لله درك يا أبا الحسن فأخبرني
عن قول الله عزوجل: " ليغفر لك الله ما تقدم
من ذنبك وما تأخر " قال الرضا عليه السلام: لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم
ذنبا " من رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة
وستين صنما "، فلما جاءهم صلى الله عليه وآله بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر
ذلك عليهم وعظم، وقالوا: " أجعل الآلهة إلها " واحدا " إن هذا لشيء
عجاب * وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على
آلهتكم إن هذا لشيء يراد * ما سمعنا بهذا في الملة
الآخرة إن هذا إلا اختلاق " فلما فتح الله عزوجل علي نبيه مكة قال له: يا محمد
" إنا فتحنا لك " مكة " فتحا " مبينا " * ليغفر لك الله ما
تقدم من ذنبك وما تأخر " عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى
توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لأن مشركي مكة أسلم
بعضهم وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا
الناس إليه، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا " بظهوره عليهم. فقال المأمون: لله درك
يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول الله عزوجل: " عفا الله عنك لم أذنت لهم "
قال الرضا عليه السلام: هذا مما نزل بإياك أعني
واسمعي يا جارة، خاطب الله عزوجل بذلك نبيه
صلى الله عليه وآله وأراد به امته، فكذلك قوله عزوجل: " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن
من الخاسرين " وقوله عزوجل: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا
" " قال: صدقت يابن رسول الله، فأخبرني عن قول الله عزوجل: " و إذ تقول
للذي أنهم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك
واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى
الناس والله أحق أن تخشاه " قال الرضا عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه
وآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراجيل الكلبي في أمر أراده، فرأى امرأته تغتسل، فقال
لها: سبحان الذي خلقك، وإنما أراد بذلك تنزيه الله تبارك وتعالى عن قول من زعم أن الملائكة
بنات الله. فقال الله عزوجل: " أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا
" إنكم لتقولون قولا " عظيما " " فقال النبي صلى الله عليه وآله
لما رآها تغتسل: سبحان الذي خلقك أن يتخذ ولدا
" يحتاج إلى هذا التطهير والأغتسال، فلما عاد زيد
إلى منزله أخبرته امرأته بمجيء رسول الله صلى الله عليه وآله وقوله لها: سبحان الذي
خلقك، فلم يعلم زيد ما أراد بذلك، وظن أنه
قال ذلك لما أعجبه من حسنها، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له: يا رسول
الله إن امرأتي في خلقها سوء وإني اريد طلاقها، فقال له النبي صلى الله عليه وآله:
" أمسك عليك زوجك واتق الله " وقد كان الله عزوجل عرفه عدد أزواجه، وأن تلك المرأة
منهن، فأخفى ذلك في نفسه ولم يبده لزيد، وخشي الناس أن يقولوا: إن محمدا " يقول
لمولاه: إن امرأتك ستكون لي زوجة فيعيبونه بذلك فأنزل الله عزوجل: " وإذ تقول للذي
أنعم الله عليه " يعني بالإسلام " وأنعمت عليه " يعني بالعتق
" أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه
وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " ثم إن زيد بن حارثه
طلقها واعتدت منه، فزوجها الله عزوجل من نبيه محمد صلى الله عليه وآله وأنزل
بذلك قرآنا فقال عزوجل: " فلما قضى زيد منها وطرا " زوجناكها لكيلا يكون
على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا
منهن وطرا " وكان أمر الله مفعولا " " ثم علم
عزوجل أن المنافقين سيعيبونه بتزويجها فأنزل: " ما كان على النبي من حرج فيما فرض
الله له ". فقال المأمون: لقد شفيت صدري يابن رسول الله وأوضحت لي ما كان ملتبسا
" علي، فجزاك الله عن أنبيائه وعن الإسلام خيرا ". قال علي بن محمد بن الجهم:
فقال المأمون إلى الصلاة، وأخذ بيد محمد بن جعفر بن محمد وكان حاضر المجلس وتبعتهما،
فقال له المأمون: كيف رأيت ابن أخيك ؟ فقال: عالم ولم نره يختلف إلى أحد من أهل
العلم. فقال المأمون: إن ابن أخيك من أهل بيت النبي الذين قال صلى الله عليه وآله
فيهم: (ألا إن أبرار عترتي وأطائب ارومتي أحلم الناس صغارا "، وأعلم الناس كبارا
"، لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، لا يخرجونكم من باب هدى، ولا يدخلونكم في باب ضلال)
وانصرف الرضا عليه السلام إلى منزله، فلما كان من الغد غدوت عليه وأعلمته ما كان
من قول المأمون وجواب عمه محمد بن جعفر له، فضحك عليه السلام ثم قال: يا بن الجهم
لا يغرنك ما سمعته منه فإنه سيغتالني والله ينتقم لي منه. قال الصدوق رحمه الله: هذا الحديث عجيب
من طريق علي بن محمد بن الجهم مع نصبه وبغضه وعداوته
لأهل البيت عليهم السلام.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [78]
تاريخ النشر : 2024-05-27