امتازت النسبية العامة بالخصوبة العلمية فقد شملت بين حناياها مضامين ومجالات فيزيائية عملاقة وبقي العلماء على تواصل معها وخصوصاً علماء الكون (الكوزمولوجيون) فالنسبية العامة قدمت لهم الكثير ولازالت تعطيهم لذا فلم يتوقفوا عن مزاولتها .
العمل الحثيث والجهود المتواصلة لم تذهب في مهب الريح فقد اثمرت نتاجات رائعهة وارصادات مهمه جداً ومالتعدّس الثقالي والازاحة الحمراء الا امثلة شاهدة على هذه النتاجات العبقرية التي خُتِمت بالشمع الأحمر على النسبية العامة وهذا ماناقشناه في آخر مقالتين (النسبية العامة (4,5) ).
في مقال اليوم سوف نتطرق الى تجربة فكرية رائعة جداً اجراها العلماء ولعل نتائجها تعود بنا الى المقال الاول (النسبية العامة (1) ) وبالتحديد عندما انتقد اينشتاين جاذبية نيوتن ووضع عليها العديد من علامات الاستفهام وواحده من ابرز الاشكالات التي اشكلها اينشتاين على جاذبية نيوتن هي كيف تمكن نيوتن ان يخرِّج قانون الجاذبية من دون التطرق الى الزمن؟
او بعبارة اخرى كيف يمكن ان يتجاذب اي جسمين وفق قانون جاذبية نيوتن من دون الاعتماد على زمن؟!
هذا ماثار اينشتاين حيث قال اينشتاين هذا يعني خرق سافر لأُسس العلم الحقيقي وهذا يعني ان الجسمين يتجاذبان وفق قانون نيوتن آنياً وبلا زمن (t=0) اي ان التسارع بينهما لانهائي ( x/0=∞ = v=x/t) من هنا غضب اينشتاين وقال كيف يمكن ان تكون سرعة جسم ما لانهائية؟! فهذا شرخ علمي واضح لاسس النسبيه الخاصه التي تقتضي ان تكون سرعة الضوء هي المتصدرة على كل السرع مهما بلغت سرعة الاجسام سرعها القصوى ونتائج نيوتن تقول ان سرعة الجسيم تفوق سرعة الضوء لانها سرعه لانهائية!!.
على اي حال نعود الى التجربة الفكرية التي اجراها العلماء , وقبل الخوض في التجربه يجدر بنا ان نشير الى مصطلح (التجربة الفكرية) فهو مصطلح يطلق على نوع التجارب التي تجرى فكرياً لاتجريبياً مثل تجربة قطة شرودنجر وتجربة التوامين لدى اينشتاين وكثير من التجارب الفكرية فهي نافعة على مستوى التصديق المنطقي .
نعود الى تجربتنا الفكرية اقترح العلماء في التجربة التالية ما يلي : ان الارض واقعه على بعد معين من الشمس وهي تدور حولها والارض خاضعة للزمكان المنحني حول الشمس وان الضوء المنبعث من الشمس يستغرق قرابة 8 دقائق للوصول الى الارض , نيوتن يقول ان بين الارض والشمس جاذبية تخضع لقانونه الجذبي ونحن نقر بذلك ولا مشكله لدينا في وجود الجاذبية اصلاً .
العلماء افترضوا فرضية رائعه جداً حيث قالوا لو ان الشمس فجاة اختفت ماذا سيحصل ؟.
ان الذي سوف يحصل سوف يعود الزمكان المنحني الى وضعه الحالي لكنه لايعود فجأة بل يتموج وتنتقل الموجة الزمكانية من الشمس الى الارض فتفلت الارض من مسارها لان الشمس التي كانت تجبر الارض على المسار الدائري حولها قد اختفت.
لنضع تصوراً بسيطاً لفهم هذا المقطع من التجربة تخيل ان هنالك قطعة فلين على سطح ماء وفجاه رفعت قطعة الفلين ماذا سيحدث لسطح الماء ؟ سوف يصنع موجه من منطقة رفع الفلينة من الماء وتنتقل في الماء الان تخيل ان هذه الفلينه هي الشمس وان الموجة المتكونة هي الزمكان المتموج الذي ينتقل في الفضاء نتيجة لاختفاء الشمس , نعود الى التجربه الفكريه الان اختفت الشمس ماذا سيحدث للارض ؟ حسب نيوتن فان الارض سوف تتحرر من جاذبية الشمس آنياً لأن الجاذبية في نظر نيوتن غير معتمدة على الزمن ولكنه سيصطدم بحقيقة مهمة وهي كيف يمكن للجاذبيه ان تسبق الضوء المنبعث من الشمس الى الارض والذي يستغرق 8 دقائق لوصوله اليها لو تخيلنا الان ان الارض قد تحررت من الجاذبيه على راي نيوتن فان الضوء القادم من الشمس لحظة اختفائها سوف لايلحق بالارض لانها تحررت من الجاذبية بزمن آني اي بتسارع لانهائي وهذا شئ غير معقول لأن الارض ستتحرر بسرعه اكبر من سرعة الضوء.
مارأي اينشتاين بهذه التجربه الفكريه ؟
اينشتاين يقول حالما تختفي الشمس سوف تنتقل موجات الزمكان التي تدعى (الموجات الثقالية) ويرافقها الضوء ويصلان معاً الى الارض فالأرض تستلم الضوء وتفلت من الجاذبية لحظة استلامها الضوء او بعبارة اخرى ان موجات الجاذبيه (الموجات الثقالية ) التي تولدت نتيجة لاختفاء الشمس ستصل بعد 8 دقائق الى الارض بنفس الزمن الذي وصل به الضوء من الشمس الى الارض ومن هنا نجد ان الموجات الثقالية هي بنفس سرعة الضوء.







د.فاضل حسن شريف
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN