قوله –سبحانه -: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } [آل عمران: 128].
جاءت (1) ((أو)) بعد ما لا يجوز أن يعطف عليه ، قوله : { أو يتوب عليهم } معطوف على قوله : {لِيَقْطَعَ طَرَفًا } [آل عمران: 127].
والمعنى : إنه – تعالى – عجل لكم هذا النصر (2)، ومتعكم (3) به {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } [آل عمران: 127] أي : قطعة منهم . وطائفة من جميعهم {أَوْ يَكْبِتَهُمْ } [آل عمران: 127] أي : يغلبهم ، فيخيب سعيهم (4)، أو يعطفهم (5) ما يريدون من تظاهر آيات الله الموجبة لتصديق نبيه – عليه السلام – فيتوبوا ويؤمنوا ، فيقبل (6) الله ذلك منهم ، ويتوب عليهم ، أو يكفروا بعد قيام الحجج ، فيموتوا ، أو يقتلوا كافرين ، فيعذبهم الله – تعالى – فيكون قوله :{ ليس لك من الأمر شيء} معطوعاً على قوله : { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 126].
أي : ليس لك ، ولا لغيرك من هذا النصر من شيء ، وإنما هو من [عند](7) الله .
ويقال: ليس لك من الأمر شيء، أو من أن يتوب (8) عليهم . فأضمر(9) (من) اكتفاء بالاولى، وأضمر (أن) بعدها ، لدلالة الكلام عليها ، وهي مع الفعل – الذي بعدها – بمنزلة المصدر (10).
وتقدير الكلام : ليس لك من الأمر شيء ، ومن (11) توبتهم ، وعذابهم .
ويقال : ليس لك من الأمر شيء ، حتى يتوب عليهم .كما قال أمرؤ القيس(12):
فقلت له لاتبك عينك إنما           نحاول ملكا أو تموت فنعذرا
أراد: إلا أن نموت(13).
فيكون تقدير الكلام : ليس ماتريده من توبتهم ، أو عذابهم بك(14) ، وأنما يكون ذلك بالله (15)- تعالى -.
_______
1- في (ش) : جاز.
2- في (هـ): الضرر . وهو تحريف
3- في (ش) و(ك) منحكم . وفي (هـ): فتحكم. وفي (أ): بتعكم. وما أثبتناه هو الموافق للسياق
4- في (أ) : شعيهم. بالشين المعجمة.
5- في (هـ): يغطفهم بالغين المعجمة.
6- في (ك): فيتقبل.
7- مابين المعقوفتين زيادة من (ح).
8- في (أ) يتعب. وهو تحريف.
9- في (هـ) أضمروا. بإسناده الى واو الجماعة.
10- في (أ): المصدور.
11- العبارة )ومن توبتهم..شيء) ساقطة من (أ).
12- ديوان أمرؤ القيس: 66.
13- كتاب سيبويه:3: 47. المقتضب: 2: 28.
14- في (هـ) بل.
15- في (أ) بأن الله.