المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16679 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
مملكة «متني» في خطابات تل العمارنة.
2024-07-04
مملكة آشور وخطابات «تل العمارنة»
2024-07-04
آلاشيا «قبرص» في خطابات تل العمارنة.
2024-07-04
لمحة عن ممالك الشرق التي جاء ذكرها في خطابات تل العمارنة (بابل)
2024-07-04
معنى الازدراء
2024-07-04
معنى الخبت
2024-07-04

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير آية (107-109) من سورة النساء  
  
9911   03:23 مساءً   التاريخ: 14-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


قال تعالى : { وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء : 107-109] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير  هذه الآيات (1)  :

 

نهى تعالى عن المجادلة ، والدفع عن أهل الخيانة ، مؤكدا لما تقدم ، فقال : {ولا تجادل} قيل الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حين هم أن يبرئ أبا طعمة ، لما أتاه قوم ينفون عنه السرقة . وقيل : الخطاب له ، والمراد قومه . وقيل : تقديره ولا تجادل أيها الإنسان {عن الذين يختانون أنفسهم} أي : يخونون أنفسهم ، ويظلمونها . أراد من سرق الدرع ، ومن شاركه في السرقة والخيانة . وقيل : إنه أراد به قومه الذين مشوا معه إلى النبي ، وشهدوا له بالبراءة ، عما نسب إليه من السرقة .

وقيل : أراد به السارق وقومه ، ومن هو في معناهم ، وإنما قال {يختانون أنفسهم} وإن خانوا غيرهم ، لأن ضرر خيانتهم ، كأنه راجع إليهم ، لاحق بهم ، كما تقول لمن ظلم غيره : ما ظلمت إلا نفسك ، وكقوله تعالى : {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} . {إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما} : هو فعال الخيانة أي : من كان كثير الخيانة ، وقد ألفها واعتادها ، وقد يطلق الخوان على الخائن في شيء واحد ، إذا عظمت تلك الخيانة . والأثيم : فاعل الإثم . وقيل معناه : لا يحب من كان خوانا ، إذا سرق الدرع ، وأثيما إذا رمى به اليهودي . وقال ابن عباس في معنى الآية : لا تجادل عن الذين يظلمون أنفسهم بالخيانة ، ويرمون بالخيانة غيرهم ، يريد به سارق الدرع سرق الدرع ، ورمى بالسرقة اليهودي ، فصار خائنا بالسرقة ، أثيما في رميه غيره بها {يستخفون من الناس} أي : يكتمون عن الناس {ولا يستخفون من الله وهو معهم} يعني الذين مشوا في الدفع عن ابن أبيرق ، ومعناه : يتسترون عن الناس بمعاصيهم في أخذ الأموال ، لئلا يفتضحوا في الناس ، ولا يتسترون من الله ، وهو مطلع عليهم . وقيل معناه : يستحيون من الناس ، ولا يستحيون من الله وعلمه معهم .

فيكون معناه : يخفون الخيانة عن الناس ، ويطلبون إخفاءها حياء منهم ، ولا يتركونها حياء من الله ، وهو عالم بأفعالهم {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} أي : يدبرون بالليل قولا لا يرضاه الله . وقيل : يغيرون القول من جهته ، ويكذبون فيه .

وقيل : إنه قول ابن أبيرق في نفسه بالليل ، أرمي بهذا الدرع في دار اليهودي ، ثم أحلف أني برئ منه ، فيصدقني المسلمون ، لأني على دينهم ، ولا يصدقون اليهودي ، لأنه ليس على دينهم . وقيل : إنه رمى بالدرع إلى دار لبيد بن سهل .

{وكان الله بما يعملون محيطا} قال الحسن : حفيظا لأعمالهم . وقال غيره  : عالما بأعمالهم ، لا يخفى عليه شيء منها .

وفي هذه الآية تقريع بليغ لمن يمنعه حياء الناس وحشمتهم ، عن ارتكاب القبائح ، ولا يمنعه خشية الله عن ارتكابها ، وهو سبحانه أحق أن يراقب ، وأجدر أن يحذر ، وفيها أيضا توبيخ لمن يعمل قبيحا ، ثم يقرف غيره به سواء كان ذلك الغير مسلما ، أو كافرا . {ها أنتم} : خطاب للذابين عن السارق {هؤلاء} يعني الذين {جادلتم} أي : خاصمتم ودافعتم {عنهم} : عن الخائنين {في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة} : استفهام يراد به النفي ، لأنه في معنى التقريع والتوبيخ . أي : لا مجادل عنهم ، ولا شاهد على برأتهم بين يدي الله ، يوم القيامة .

وفي هذه الآية النهي عن الدفع عن الظالم والمجادلة عنه . {أم من يكون عليهم وكيلا} أي : من يحفظهم ، ويتولى معونتهم ، يعني لا يكون يوم القيامة عليهم وكيل يقوم بأمرهم ، ويخاصم عنهم وأصل الوكيل : من جعل إليه القيام بالأمر ، والله يسمى وكيلا بمعنى أنه القائم بالأمر . ويقال : إنه يسمى وكيلا بمعنى الحافظ ، ولا يقال إنه وكيل لنا ، وإنما يقال إنه وكيل علينا .

_________________________

1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 183-185.

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير  هذه الآيات (1)  :

 

{ ولا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهً لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً } .

الخطاب بظاهره للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولكن التكليف عام لكل عاقل بالغ ، بخاصة القضاة والحكام ، أما الذين يختانون أنفسهم فهم من اقترف ذنبا ورمى به بريئا . .

ومن جادل عنهم فهو مثلهم ، ومعنى خيانة المرء لنفسه ان يحملها ما لا تطيق من العذاب لإخلاله بالواجبات ، وارتكابه المحرمات ، وقدمنا ان النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما دافع ، ولن يدافع عن الخائنين ، وهذه الآية تؤكد قوله : { ولا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً } وتبين أيضا ان من ظلم غيره فقد ظلم نفسه ، وانه تعالى يمقت كل خائن وظالم لنفسه ولغيره .

{ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ ولا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ } . يخفي المجرم جريمته ، ويتوارى في الظلام عن أعين الناس رغبة في مدحهم ، أو رهبة من ذمهم ، وكان الأولى أن يعكس القضية فيستخفي من اللَّه - لو أمكن - ولا يعتني إطلاقا بالناس ، لأن اللَّه وحده هو مالك الضر والنفع ، وغيره لا يغني عنه شيئا ، ومديح الناس وذمهم مجرد كلمات تذهب مع الريح . . وإذا كان الاختفاء من اللَّه محالا فطاعته تكون حتما ، لا ندبا . . ولا حكمة أبلغ من هذا البيت :

فليت الذي بيني وبينك عامر        *        وبيني وبين العالمين خراب

لو أراد الشاعر الخالق ، دون المخلوق .

{ ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهً عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } . الخطاب والإشارة - هؤلاء - لقوم السارق الخائن ، لأنهم وحدهم الذين دافعوا عنه ، وناضلوا دونه ، وقد أنبهم تعالت كلمته بأن دفاعهم عنه لا يجدي الخائن نفعا يوم يعرض على اللَّه ، ويقول له ولكل مجرم من أمثاله وأمثالهم : { وامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ } [يس : 59 ] .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 431-432 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير  هذه الآيات (1)  :

 

قوله تعالى { وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ } ، قيل : إن نسبة الخيانة إلى النفس لكون وبالها راجعا إليها ، أو يعد كل معصية خيانة للنفس كما عد ظلما لها ، وقد قال تعالى. { عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ } [ البقرة : 187 ] .

ويمكن أن يستفاد من الآية بمعونة ما يدل عليه القرآن من أن المؤمنين كنفس واحدة ، وأن مال الواحد منهم مال لجميعهم يجب على الجميع حفظه وصونه عن الضيعة والتلف ، كون تعدي بعضهم على بعض بسرقة ونحوها اختيانا لأنفسهم .

وفي قوله تعالى { إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً } دلالة على استمرار هؤلاء الخائنين في خيانتهم ، ويؤكده قوله { أَثِيماً } فإن الأثيم آكد في المعنى من الإثم وهو صفة مشبهة تدل على الثبوت. على أن قوله { يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ } لا تخلو عن دلالة على الاستمرار ، وكذا قوله { لِلْخائِنِينَ } حيث عبر بالوصف ولم يعبر بمثل قولنا : للذين خانوا ، كما عبر بذلك في قوله { فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ } [ الأنفال : 71 ] .

فمن هذه القرائن وأمثالها يظهر أن معنى الآية ـ بالنظر إلى مورد النزول ـ : ولا تكن خصيما لهؤلاء ، ولا تجادل عنهم فإنهم مصرون على الخيانة مبالغون فيها ثابتون على الإثم ، والله لا يحب من كان خوانا أثيما. وهذا يؤيد ما ورد في أسباب النزول من نزول الآيات في أبي طعمة بن الأبيرق . كما سيجيء .

ومعنى الآية ـ مع قطع النظر عن المورد ـ : ولا تدافع في قضائك عن المصرين على الخيانة المستمرين عليها ، فإن الله لا يحب الخوان الأثيم ، وكما أنه تعالى لا يحب كثير الخيانة لا يحب قليلها ، ولو أمكن أن يحب قليلها أمكن أن يحب كثيرها وإذا كان كذلك فالله ينهى أن يدافع عن قليل الخيانة كما ينهى عن أن يدافع عن كثيرها وأما

 

من خان في أمر ثم نازع في أمر آخر وهو محق في نزاعه ، فالدفاع عنه دفاع غير محظور ولا ممنوع منه ، ولا ينهى عنه قوله { وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً } (الآية) .

قوله تعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ } ، وهذا أيضا من الشواهد على ما قدمناه من أن الآيات ( 105 126 ) جميعا ذات سياق واحد ، نازلة في قصة واحدة ، وهي التي يشير إليها قوله { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } (الآية) ، وذلك أن الاستخفاء إنما يناسب الأعمال التي يمكن أن يرمى بها الغير كالسرقة وأمثال ذلك فيتأيد به أن الذي تشير إليه هذه الآية وما تقدمها من الآيات هو الذي يشير إليه قوله { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ } (الآية) .

والاستخفاء من الله أمر غير مقدور إذ لا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء فطرفه المقابل له أعني عدم الاستخفاء أيضا أمر اضطراري غير مقدور ، وإذا كان غير مقدور لم يتعلق به لوم ولا تعيير كما هو ظاهر الآية. لكن الظاهر أن الاستخفاء كناية عن الاستحياء ولذلك قيد قوله { وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ } ( أولا ) بقوله { وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ } فدل على أنهم كانوا يدبرون الحيلة ليلا للتبري من هذه الخيانة المذمومة ، ويبيتون في ذلك قولا لا يرضى به الله سبحانه ثم قيده ( ثانيا ) بقوله { وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } ودل على إحاطته تعالى بهم في جميع الأحوال ومنها حال الجرم الذي أجرموه ، والتقييد بهذين القيدين أعني قوله { وَهُوَ مَعَهُمْ } ، وقوله { وَكانَ اللهُ } ، تقييد بالعام بعد الخاص ، وهو في الحقيقة تعليل لعدم استخفائهم من الله بعلة خاصة ثم بأخرى عامة.

قوله تعالى : { ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا } (الآية) بيان لعدم الجدوى في الجدال عنهم ، وأنهم لا ينتفعون بذلك في صورة الاستفهام والمراد أن الجدال عنهم لو نفعهم فإنما ينفعهم في الحياة الدنيا ، ولا قدر لها عند الله ، وأما الحياة الأخروية التي لها عظيم القدر عند الله أو ظرف الدفاع فيها يوم القيامة فلا مدافع هناك عن الخائنين ولا مجادل عنهم بل لا وكيل لهم يومئذ يتكفل تدبير أمورهم وإصلاح شئونهم .

_________________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 64-65 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير  هذه الآيات (1)  :

 

تستطرد الآيات الثلاث الأخيرة في التشديد على حرمة الدفاع عن الخائنين ، بالأخص أولئك الذين يخونون أنفسهم .

ويجب الانتباه هنا إلى أن الآية (١٠٧) تشير إلى الذين يخونون أنفسهم ، بينما الذي عرفنا من سبب نزول الآيات السابقة ، هو أنّها نزلت في شأن الذين يخونون الغير ، وفي هذا إشارة إلى ذلك المعنى الدقيق الذي ينبه إليه القرآن في العديد من الآيات ، وهو أن أي عمل يصدر عن الإنسان يتأثر بنتيجته ـ سواء كانت حسنة أو سيئة ـ الإنسان ذاته قبل غيره ، كما جاء في الآية (٧) من سورة الإسراء ، إذ تقول {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها} .

أو أنّ الآية المذكورة تشير إلى موضوع آخر أكّد عليه القرآن أيضا ، وهو أن جميع أفراد البشر هم جميعا كأعضاء جسد واحد ، فإذا أضر أحدهم بغيره فكأنما أضرّ بنفسه ، أي يكون بالضبط كالذي يصنع نفسه بنفسه.

والأمر الآخر في الآية أنّها لا تخص الذين يرتكبون الخيانة لمرّة واحدة ثمّ يندمون على ما فعلوا ، حيث لا ضرورة لاستعمال العنف والشدة مع هؤلاء ، بل هم بحاجة إلى الرأفة أكثر ، والشدّة يجب أن تطبق على أولئك الذين يحترفون الخيانة وتكون جزءا من حياتهم.

ويدل على هذه القرينة الواردة في الآية من خلال عبارة {يَخْتانُونَ} التي هي فعل مضارع يدل على الاستمرارية ، بالإضافة إلى القرينة الأخرى التي تفهم من عبارتي {خَوَّاناً} أي كثير الخيانة و {أَثِيماً} أي كثير الذّنب ، والكلمة الأخيرة جاءت لتأكيد عبارة «خوان» في الآية ، كما أنّ الآية السابقة جاءت بكلمة «خائن» التي هي اسم فاعل والتي لها معنى وصفي يدل على تكرار الفعل .

لقد تعرض الخائنون في الآية الأخرى إلى التوبيخ ، حيث قالت أن هؤلاء يستحيون أن تظهر بواطن أعمالهم وسرائرهم وتنكشف إلى الناس ، لكنهم لا يستحيون لذلك من الله سبحانه وتعالى ، إذ تقول الآية : {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ ...} فلا يتورع هؤلاء من تدبير الخطط الخيانية في ظلام الليل ، والتحدث بما لا يرضى الله الذي يراهم ويراقب أعمالهم ، أينما كانوا : {وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} .

بعد ذلك تتوجه الآية (١٠٩) من سورة النساء بالحديث عن شخص السارق الذي تمّ الدفاع عنه ، وتقول بأنّه على فرض أن يتمّ الدفاع عن هؤلاء في الدنيا فمن يستطيع الدفاع عنهم يوم القيامة ، أن من يقدر أن يكون لهؤلاء وكيلا ليرتب أعمالهم ويحل مشاكلهم ؟! حيث تقول الآية : {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} . ولذلك فإنّ الدفاع عن هؤلاء الخونة في الدنيا ليس له أثر إلا القليل ، لأنّهم سوف لا يجدون أبدا من يدافع عنهم أمام الله في الحياة الآخرة الخالدة .

والحقيقة هي أنّ الآيات الثلاث الأخيرة تحمل في البداية إرشادات إلى النّبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم وإلى كل قاض يريد أن يحكم بالحق ، بأن ينتبهوا حتى يفوتوا الفرصة على أولئك الذين يريدون انتهاك حقوق الآخرين ، عبّر وسائل مصطنعة وشهود مزورين .

بعد ذلك تحذر الآية الخائنين ومن يدافع عنهم ، بأن ينتظروا عواقب سيئة لأعمالهم في هذه الدنيا وفي الآخرة أيضا.

وفي تلك الآيات سر من أسرار البلاغة القرآنية ، حيث أنّها أحاطت جميع جوانب القضية وأعطت الإرشادات والتحذيرات اللازمة في كل مورد ، مع أنّ موضوع القضية يبدو موضوعا صغيرا بحسب الظاهر ، إذ يدور حول درع مسروقة أو مواد غذائية أو يهودي من أعداء الإسلام .

وقد تناولت الآية ـ أيضا ـ الإشارة إلى النّبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم الذي يعتبر إنسانا معصوما عن الخطأ ، كما أشارت إلى الأفراد الذين يحترفون الخيانة ، أو الذين يدافعون عن الخائنين اندفاعا وراء عصبيات قبلية ، إشارات تتناسب ومنزلة الأشخاص المشار إليهم في الآيات المذكورة .

__________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 293-295 .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .