المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16691 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
رعمسيس.
2024-07-07
مانيتون وتواريخ الأسرة التاسعة عشرة.
2024-07-07
بداية الأسرة التاسعة عشرة.
2024-07-07
بلاد خيتا في «خطابات» تل العمارنة.
2024-07-07
الأصناف التي يجب فيها الخمس
2024-07-07
واجبات الطواف
2024-07-07

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير آية (47) من سورة النساء  
  
6566   05:40 مساءً   التاريخ: 10-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-2-2017 7892
التاريخ: 10-2-2017 5526
التاريخ: 10-2-2017 6209
التاريخ: 10-2-2017 1781


قال تعالى : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً} [النساء : 47] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

خاطب الله أهل الكتاب بالتخويف والتحذير فقال : {يا أيها الذين أوتوا الكتاب} : أي أعطوا علم الكتاب ، {آمنوا} : أي صدقوا {بما نزلنا} يعني :

بما نزلناه على محمد صلى الله عليه وآله وسلم من القرآن ، وغيره من أحكام الدين ، {مصدقا لما معكم} من التوراة والإنجيل ، اللذين تضمنا صفة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، وصحة ما جاء به ، {من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها} : واختلف في معناه على أقوال أحدها : إن معناه من قبل أن نمحو آثار وجوهكم حتى تصير كالأقفية ، ونجعل عيونها في أقفيتها ، فتمشي القهقري ، عن ابن عباس ، وعطية العوفي . وثانيها : إن المعنى : أن نطمسها عن الهدى ، فنردها على أدبارها في ضلالتها ، ذما لها بأنها لا تفلح أبدا ، عن الحسن ، ومجاهد ، والضحاك ، والسدي ، ورواه أبو الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام . وثالثها : إن معناه : نجعل في وجوههم الشعر ، كوجوه القرود ، عن الفراء ، وأبي القاسم البلخي ، والحسين بن علي المغربي . ورابعها : إن المراد : حتى نمحو آثارهم من وجوههم : أي نواحيهم التي هم بها ، وهي الحجاز الذي هو مسكنهم ، ونردها على أدبارها حتى يعودوا إلى حيث جاؤوا وهو الشام ، وحمله على إجلاء بني النضير إلى أريحا ، وأذرعات ، من الشام ، عن ابن زيد .

وهذا أضعف الوجوه ، لأنه ترك للظاهر .

فإن قيل على القول الأول كيف أوعد سبحانه ، ولم يفعل ؟ فجوابه على وجوه : أحدها : إن هذا الوعيد كان متوجها إليهم لو لم يؤمن واحد منهم ، فلما آمن جماعة منهم ، كعبد الله بن سلام ، وثعلبة بن شعبة ، وأسد بن ربيعة ، وأسعد بن عبيدة ، ومخريق ، وغيرهم ، وأسلم كعب في أيام عمر ، رفع العذاب عن الباقين ، ويفعل بهم ذلك في الآخرة ، على أنه سبحانه قال : {أو نلعنهم كما لعنا} والمعنى أنه يفعل أحدهما ، وقد لعنهم الله بذلك . وثانيها : إن الوعيد يقع بهم في الآخرة ، لأنه لم يذكر أنه يفعل بهم ذلك في الدنيا ، تعجيلا للعقوبة ، ذكره البلخي ، والجبائي . وثالثها : إن هذا الوعيد باق منتظر لهم ، ولا بد من أن يطمس الله وجوه اليهود ، قبل قيام الساعة ، بأن يمسخها ، عن المبرد .

{أو نلعنهم} : أي نخزيهم ونعذبهم عاجلا ، عن أبي مسلم . وقيل : معناه نمسخهم قردة . {كما لعنا أصحاب السبت} : يعني الذين اعتدوا في السبت ، عن السدي ، وقتادة ، والحسن . وإنما قال سبحانه : {نلعنهم} بلفظ الغيبة ، وقد تقدم خطابهم لأحد أمرين : إما للتصرف في الكلام كقوله {حتى إذا كنتم في الفلك} فخاطب ، ثم قال {وجرين بهم بريح طيبة} فكنى عنهم ، وإما لأن الضمير عائد إلى أصحاب الوجوه ، لأنهم في حكم المذكورين . {وكان أمر الله مفعولا} فيه قولان :

أحدهما : إن كل أمر من أمور الله سبحانه ، من وعد ، أو وعيد ، أو خبر ، فإنه يكون على ما أخبر به ، عن الجبائي . والآخر : إن معناه أن الذي يأمر به بقول كن كائن لا محالة ، وفي قوله سبحانه {من قبل أن نطمس وجوها} دلالة على أن لفظة {قبل} تستعمل في الشيء ، أنه قبل غيره ، ولم يوجد ذلك لغيره ، ولا خلاف في أن استعماله يصح ، ولذلك يقال : " كان الله سبحانه قبل خلقه " .

___________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 99-100 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير  هذه الآية (1) :

 

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ} . ظاهر الخطاب يشمل اليهود والنصارى ، لأنهم جميعا من أهل الكتاب . . وقيل : الخطاب مختص باليهود بقرينة السياق . والمراد بما أنزلنا القرآن الكريم ، فإنه مصدق للتوراة كما نزلت على موسى (عليه السلام) ، وللإنجيل كما نزل على عيسى (عليه السلام) .

لقد دعا النبي (صلى الله عليه وآله) اليهود إلى الإسلام باعتباره حقا من عند اللَّه ، وقدم لهم الدلائل والبينات مرات بعد مرات . . ولكن ما لليهود والحق وبراهينه ؟ . .

انهم لا يدينون إلا بالربح والمال ، ولن يجدوا الربح العاجل في الإسلام ، ولا في التوراة ، وإنما يجدونه في الاحتكار والربا ، وفي السلب والنهب ، والغش والخداع ، والدعارة والقمار ، وإثارة الفتن والحروب ، وما إلى هذه من المفاسد والموبقات : ومن أجل هذا سبقوا في هذا الميدان الأولين والآخرين ، والنبي (صلى الله عليه وآله) يعلم هذا حق العلم ، ولكنه دعاهم لإلقاء الحجة فقط : {وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا - 16 الإسراء} .

{مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها} . رأينا لهذه الآية أربعة تفاسير متناقضة ، وأرجحها فيما نرى تفسير الشيخ محمد عبده ، ويتلخص بأن الطمس كناية عن أن اللَّه سبحانه يعمي عليهم السبيل ، بحيث لا يستطيعون التوجه إلى مقاصدهم ، تماما كالذين يردّون إلى الوراء كلما أرادوا التقدم إلى الأمام .

{أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ} . وأصحاب السبت قوم من اليهود حرفوا الدين ، وتعدوا حدود اللَّه ، فخذلهم وانتقم منهم في الدنيا قبل الآخرة ، وتعرضنا لهم في تفسير الآية 65 من سورة البقرة ص 220 من المجلد الأول .

وفي هذه الآية هدد اللَّه خلفهم بأنهم إذا لم يرتدعوا عن الضلال والإضلال والتحريف فإنه تعالى يخذلهم ، كما خذل أسلافهم . . وفي كثير من التفاسير ، ومنها تفسير الرازي ومجمع البيان والبحر المحيط قرأت جملة انقلها بالحرف ، وهي « عندنا انه لا بد من طمس أو مسخ في اليهود قبل قيام الساعة » . . اللهم آمين رب العالمين . {وكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} لا رادّ لحكمه ، ولا ناقض لأمره الذي يقول للشيء كن فيكون . . اللهم عجل هذا الأمر الذي يجعل دينك الأعلى ، وحزبك الأقوى .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 340-341 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

قوله تعالى : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا } إلخ الطمس محو أثر الشيء ، والوجه ما يستقبلك من الشيء ويظهر منه ، وهو من الإنسان الجانب المقدم الظاهر من الرأس وما يستقبلك منه ، ويستعمل في الأمور المعنوية كما يستعمل في الأمور الحسية ، والأدبار جمع دبر بضمتين وهو القفا ، والمراد بأصحاب السبت قوم من اليهود كانوا يعدون في السبت فلعنهم الله ومسخهم ، قال تعالى : { وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ } [ الأعراف : 163 ] ، وقال تعالى : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها } : [ البقرة : 66] .

وقد كانت الآيات السابقة ـ كما عرفت ـ متعرضة لحال اليهود أو لحال طائفة من اليهود ، وانجر القول إلى أنهم بإزاء ما خانوا الله ورسوله ، وأفسدوا صالح دينهم ابتلوا بلعنة من الله لحق جمعهم ، وسلبهم التوفيق للإيمان إلا قليلا فعم الخطاب لجميع أهل الكتاب ـ على ما يفيده قوله : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ } ـ ودعاهم إلى الإيمان بالكتاب الذي نزله مصدقا لما معهم ، وأوعدهم بالسخط الذي يلحقهم لو تمردوا واستكبروا من غير عذر من طمس أو لعن يتبعانهم اتباعا لا ريب فيه.

وذلك ما ذكره بقوله : { مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها } ، فطمس الوجوه محو هذه الوجوه التي يتوجه بها البشر نحو مقاصدها الحيوية مما فيه سعادة الإنسان المترقبة والمرجوة لكن لا المحو الذي يوجب فناء الوجوه وزوالها وبطلان آثارها بل محوا يوجب ارتداد تلك الوجوه على أدبارها فهي تقصد مقاصدها على الفطرة التي فطر عليها لكن لما كانت منصوبة إلى الأقفية ومردودة على الأدبار لا تقصد إلا ما خلفته وراءها ، ولا تمشي إليه إلا القهقرى .

وهذا الإنسان ـ وهو بالطبع والفطرة متوجه نحو ما يراه خيرا وسعادة لنفسه ـ كلما توجه إلى ما يراه خيرا لنفسه ، وصلاحا لدينه أو لدنياه لم ينل إلا شرا وفسادا ، وكلما بالغ في التقدم زاد في التأخر ، وليس يفلح أبدا.

وأما لعنهم كلعن أصحاب السبت فظاهره المسخ على ما تقدم من آيات أصحاب السبت التي تخبر عن مسخهم قردة.

وعلى هذا فلفظة « أَوْ » في قوله : { أَوْ نَلْعَنَهُمْ } ، على ظاهرها من إفادة الترديد ، والفرق بين الوعيدين أن الأول أعني الطمس يوجب تغيير مقاصد المغضوب عليهم من غير تغيير الخلقة إلا في بعض كيفياتها ، والثاني أعني اللعن كلعن أصحاب السبت يوجب تغيير المقصد بتغيير الخلقة الإنسانية إلى خلقة حيوانية كالقردة.

فهؤلاء إن تمردوا عن الامتثال ـ وسوف يتمردون على ما تفيده خاتمة الآية ـ كان لهم إحدى سخطتين : إما طمس الوجوه ، وأما اللعن كلعن أصحاب السبت لكن الآية تدل على أن هذه السخطة لا تعمهم جميعهم حيث قال. { وُجُوهاً } فأتى بالجمع المنكر ، ولو كان المراد هو الجميع لم ينكر ، ولتنكير الوجوه وعدم تعيينه نكتة أخرى هي أن المقام لما كان مقام الإيعاد والتهديد ، وهو إيعاد للجماعة بشر لا يحلق إلا ببعضهم كان إبهام الأفراد الذين يقع عليهم السخط الإلهي أوقع في الإنذار والتخويف لأن وصفهم على إبهامه يقبل الانطباق على كل واحد واحد من القوم فلا يأمن أحدهم أن يمسه هذا العذاب البئيس ، وهذه الصناعة شائعة في اللسان في مقام التهديد والتخويف.

وفي قوله تعالى : { أَوْ نَلْعَنَهُمْ } ، حيث أرجع فيه ضمير « هم » الموضوع لأولي العقل إلى قوله : { وُجُوهاً } كما هو الظاهر تلويحا أو تصريحا بأن المراد بالوجوه الأشخاص من حيث استقبالهم مقاصدهم ، وبذلك يضعف احتمال أن يكون المراد بطمس الوجوه وردها على أدبارها تحويل وجوه الأبدان إلى الأقفية كما قال به بعضهم ، ويقوى بذلك احتمال أن المراد من تحويل الوجوه إلى الأدبار تحويل النفوس من حال استقامة الفكر ، وإدراك الواقعيات على واقعيتها إلى حال الاعوجاج والانحطاط الفكري بحيث لا يشاهد حقا إلا أعرض عنه واشمأز منه ، ولا باطلا إلا مال إليه وتولع به .

وهذا نوع من التصرف الإلهي مقتا ونقمة نظير ما يدل عليه قوله تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ } : [ الأنعام : 110 ] .

فتبين مما مر أن المراد بطمس الوجوه في الآية نوع تصرف إلهي في النفوس يوجب تغيير طباعها من مطاوعة الحق وتجنب الباطل إلى اتباع الباطل والاحتراز عن الحق في باب الإيمان بالله وآياته كما يؤيده صدر الآية : { آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ } إلخ ، وكذا تبين أن المراد باللعن المذكور فيها المسخ.

وربما قيل : إن المراد بالطمس تحويل وجوه قوم إلى أقفيتهم ويكون ذلك في آخر الزمان أو يوم القيامة ، وفيه : أن قوله : { أَوْ نَلْعَنَهُمْ } ينافي ذلك كما تقدم بيانه.

وربما قيل : إن المراد بالطمس الخذلان الدنيوي فلا يزالون على ذلة ونكبة لا يقصدون غاية ذات سعادة إلا بدلها الله عليهم سرابا لا خير فيه ، وفيه : أنه وإن كان لا يبعد كل البعد لكن صدر الآية ـ كما تقدم ـ ينافيه.

وربما قيل : إن المراد به إجلاؤهم وردهم ثانيا إلى حيث خرجوا منه ، وقد أخرجوا من الحجاز إلى أرض الشام وفلسطين ، وقد جاءوا منهما ، وفيه أن صدر الآية بسياقه يؤيد غير ذلك كما عرفته.

نعم من الممكن أن يقال : إن المراد به تقليب أفئدتهم ، وطمس وجوه باطنهم من الحق إلى نحو الباطل فلا يفلحون بالإيمان بالله وآياته ، ثم إن الدين الحق لما كان هو الصراط الذي لا ينجح إنسان في سعادة حياته الدنيا إلا بركوبه والاستواء عليه ، وليس للناكب عنه إلا الوقوع في كانون الفساد ، والسقوط في مهابط الهلاك ، قال تعالى : { ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا } : [ الروم : 41 ] ، وقال تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ } : [ الأعراف : 96 ] ولازم هذه الحقيقة أن طمس الوجوه عن المعارف الحقة الدينية طمس لها عن حقائق سعادة الحياة الدنيا بجميع أقسامها فالمحروم من سعادة الدين محروم من سعادة الدنيا من استقرار الحال وتمهد الأمن وسؤدد الاستقلال والملك ، وكل ما يطيب به العيش ، ويدر به ضرع العمل اللهم إلا على قدر ما نسرب المواد الدينية في مجتمعهم وعلى هذا فلا بأس بالجمع بين الوجوه المذكورة جلها أو كلها.

قوله تعالى : { وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً } إشارة إلى أن الأمر لا محالة واقع ، وقد وقع على ما ذكره الله في كتابه من لعنهم وإنزال السخط عليهم ، وإلقاء العداوة والبغضاء بينهم إلى يوم القيامة ، وغير ذلك في آيات كثيرة .

___________________________

1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 311-314 .

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

مصير المعاندين :

تعقيبا على البحث السابق في الآية المتقدمة حول أهل الكتاب ، وجه الخطاب في هذه الآية إليهم أنفسهم ، إذ قال سبحانه : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ} أي آمنوا بالقرآن الكريم الذي تجدونه موافقا لما جاء في كتبكم من العلامات والبشائر ، ولا شك أنّكم أولى من غيركم ـ ولديكم مثل هذه الأدلة والعلائم ـ بالإيمان بهذا الدين الطاهر.

ثمّ إن الله سبحانه يهددهم بأنّ عليهم أن يخضعوا للحقّ ويذعنوا له قبل أن يصابوا بإحدى عقوبتين ، الأولى : أن تنمحي صورهم كاملة ، وأن تذهب عنهم جوارحهم وأعضاؤهم التي يرون ويسمعون ويدركون بها الحق ، كلّها ثمّ تقلب وجوههم إلى خلف كما يقول سبحانه : {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ (2) وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} [النساء : 47] .

ولعلّنا لسنا بحاجة إلى أن نذكر بأنّ المراد من هذه العبارة هو تعطل عقولهم وحواسهم من حيث عدم رؤية حقائق الحياة وإدراكها ، والانحراف عن الصراط المستقيم كما جاء في حديث عن الإمام الباقر عليه‌ السلام من أنّ المراد : «نطمسها عن الهدى فنردّها على أدبارها في ضلالتها ذمّا لها بأنّها لا تفلح أبدا» (3).

توضيح ذلك أنّ أهل الكتاب ، وبخاصّة اليهود منهم ، عند ما أعرضوا عن الإذعان بالحق رغم كل تلك العلائم والبراهين ، وعاندوا تعنتا واستكبارا وأظهروا مواقفهم المعاندة في أكثر من ساحة ، صار العناد والزور طبيعتهم الثانية شيئا فشيئا ، وكأن أفكارهم قد مسخت وكأن عيونهم قد عميت وآذانهم قد صمت ، ومثل هؤلاء من الطبيعي أن يتقهقروا في طريق الحياة بدل أن يتقدموا ، وأن يرتدوا على الأدبار بدل أن يتحركوا إلى الأمام ، وهذا هو جزاء كل من ينكر الحق عنادا وعتوا ، وهذا في الحقيقة يشبه ما أشرنا إليه في مطلع سورة البقرة الآية (٦) .

وعلى هذا ، فإن المراد من «الطمس وعفو الأثر والرّد على العقب» في الآية الحاضرة هو المحو الفكري والروحي ، والتأخر المعنوي.

وأمّا العقوبة الثانية التي هددهم الله بها فهي اللعن والطرد من رحمته تعالى إذ قال : {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ} (4) .

وهنا يطرح سؤال وهو : ما الفرق بين هذين التهديدين ، حتى يفصل بينهما بـ «أو» ؟

ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ التهديد الأوّل ينطوي على جانب معنوي ، والتهديد الثّاني ينطوي على جانب ظاهري ومسخ جسمي ، وذلك بقرينة أن الله قال في هذه الآية : {كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ} ونحن نعلم أن أصحاب السبت ـ كما يتّضح من مراجعة الأعراف ـ قد مسخوا مسخا ظاهريا وجسديا.

وذهب آخرون إلى أن هذا اللعن والطرد من رحمة الله ينطوي أيضا على جانب معنوي بفارق واحد ، هو أنّ التهديد الأوّل إشارة إلى الانحراف والضلال والتقهقر الذي أصابهم ، والتهديد الثّاني إشارة إلى معنى الهلاك والفناء (الذي هو أحد معاني اللعن).

خلاصة القول : إنّ أهل الكتاب بإصرارهم على مخالفة الحق يسقطون ويتقهقرون أو يهلكون.

ثمّ إنّ هنا سؤالا آخر هو : هل تحقق التهديد في شأن هؤلاء ، أم لا ؟

لا شك أنّ التهديد الأوّل قد تحقق في شأن كثير منهم ، وأمّا التهديد الثّاني فقد تحقق في بعضهم ، ولقد هلك كثير منهم في الحروب الإسلامية ، وذهبت شوكتهم وقدرتهم. وإنّ تأريخ العالم ليشهد كيف تعرضوا بعد ذلك لكثير من الضغوطات في البلاد المختلفة ، وفقدوا الكثير من أفرادهم وعناصرهم ، وخسروا الكثير من طاقاتهم ، ولا يزالون إلى الآن يعيشون في ظروف صعبة وأحوال قاسية.

ثمّ إنّ الله يختم هذه الآية بقوله : {وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً} ليؤكّد هذه التهديدات ، فإنّه لا توجد قوّة في الأرض تستطيع أن تقف في وجه إرادة الله ومشيئته.

__________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 151-153 .

2. الطمس هو إزالة الأثر بالمحو ، مثل أن نهدم بيتا ثم نزيل أثره بالمرة ـ ولكنه يطلق ـ كناية ـ على ما فقد أثره وخاصيّته .

3. تفسير مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٥٥ ، في ذيل الآية مورد البحث .

4. أصحاب السبت هم الذين ستأتي قصّتهم في سورة الأعراف عند تفسير الآيات (١٦٣ ـ ١٦٦) وهم جماعة من اليهود كانوا قد كلفوا بتعطيل العمل والكسب في يوم السبت ، ولكنّهم اشتغلوا بالصيد في ذلك اليوم بالرغم من نهى نبيّهم ، فتجاوزوا في الطغيان الحدّ ، فابتلاهم الله بأشد العقوبات.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .