أخبرنا محمد بن
محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري،
قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الصمد بن محمد الهاشمي، قال: حدثنا الفضل بن سليمان
النهدي، قال: حدثنا ابن الكلبي، عن شرقي بن القطامي، عن أبيه، قال: خاصم عمرو بن عثمان
بن عفان أسامة بن زيد إلى معاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة، في حائط من حيطان المدينة،
فارتفع الكلام بينهما حتى تلاحيا ، فقال عمرو: تلاحيني وأنت مولاي؟ فقال أسامة: والله
ما أنا بمولاك ولا يسرني أني في نسبك، مولاي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال:
ألا تسمعون بما يستقبلني به هذا العبد؟
ثم التفت إليه عمرو
فقال له: يا بن السوداء، ما أطغاك! فقال: أنت أطغى مني وألام، تعيرني بأمي، وأمي والله
خير من أمك، وهي أم أيمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بشرها رسول الله (صلى
الله عليه وآله) في غير موطن بالجنة، وأبي خير من أبيك، زيد بن حارثة صاحب رسول الله
(صلى الله عليه وآله) وحبه ومولاه، قتل شهيدا بمؤتة على طاعة الله وطاعة رسوله، وقبض
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وانا أمير على أبيك، وعلى من هر خير من أبيك، على أبي
بكر وعمر وأبي عبيدة، وسروات المهاجرين والأنصار، فاتى تفاخرني يا بن عثمان! فقال عمرو:
يا قوم أما تسمعون بما يجبهني به هذا العبد؟
فقام مروان بن الحكم
فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان، فقام الحسن بن علي (عليه السلام) فجلس إلى جنب أسامة،
فقام عتبة بن أبي سفيان فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد الله بن عباس فجلس إلى جنب أسامة،
فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد الله بن جعفر فجلس إلى جنب أسامة.
فلما رآهم معاوية
قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني أمية، خشي أن يعظم البلاء، فقال: إن عندي من هذا
الحائط لعلما. قالوا: فقل بعلمك فقد رضينا.
فقال معاوية: أشهد
أن رسول الله (صلى الله عليه واله) جعله لأسامة بن زيد، قم يا أسامة فاقبض حائطك هنيئا
مريئا، فقام أسامة والهاشميين وجزوا معاوية خيرا.
فأقبل عمرو بن عثمان
على معاوية، فقال: لا جزاك الله عن الرحم خيرا، ما زدت على أن كذبت قولنا، وفسخت حجتنا،
وشمت بنا عدونا.
فقال معاوية: ويحك
يا عمرو! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا، ذكرت أعينهم
تزور إلي من تحت المغافر بصفين فكاد يختلط علي عقلي، وما يؤمنني يا بن عثمان منهم وقد
أحلوا بأبيك ما أحلوا، ونازعوني مهجة نفسي حتى نجوت منهم بعد نبأ عظيم وخطب جسيم، فانصرف
فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إن شاء الله (تعالى).
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 212
تاريخ النشر : 2024-01-02