أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الأخلاق والآداب/محاسن الأخلاق والآداب/الصبر/الإمام الصادق (عليه السلام)
علي بن إبراهيم، عن أبيه: وعلي بن
محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري،
عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا حفص إن من صبر صبر قليلا
وإن من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله عز وجل بعث
محمدا (صلى الله عليه وآله) فأمره بالصبر والرفق، فقال: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا *
وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ} [المزمل: 10، 11] وقال تبارك وتعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [السيئة] فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ
وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا
الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34، 35] ، فصبر رسول الله (صلى الله عليه
وآله) حتى نالوه بالعظائم ورموه بها ، فضاق صدره فأنزل الله عز وجل {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 97، 98] ثم كذبوه ورموه، فحزن لذلك، فأنزل
الله عز وجل {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي
يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ
اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى
مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } [الأنعام: 33، 34] فألزم النبي (صلى الله عليه وآله)
نفسه الصبر، فتعدوا فذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه، فقال : قد صبرت في نفسي
وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي ، فأنزل الله عز وجل {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي
سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}
[ق: 38، 39] فصبر النبي (صلى الله
عليه وآله) في جميع أحواله ثم بشر في عترته بالأئمة و وصفوا بالصبر، فقال: جل
ثناؤه: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا }
[الأنبياء: 73] {لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } [السجدة: 24]
فعند ذلك قال (صلى الله
عليه وآله): الصبر من الايمان كالرأس من الجسد، فشكر الله عز وجل ذلك له، فأنزل
الله عز وجل {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي
إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ
وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف: 137] فقال (صلى الله عليه وآله): إنه
بشرى وانتقام، فأباح الله عز وجل له قتال المشركين فأنزل [الله] {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ
وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: 5] {وَاقْتُلُوهُمْ
حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } [البقرة: 191] فقتلهم الله على يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)
و أحبائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة، فمن صبر واحتسب لم يخرج من
الدنيا حتى يقر [الله] له عينه في أعدائه، مع ما يدخر له في الآخرة.
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج2 ، ص 88
تاريخ النشر : 2023-08-04