أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
في الروضة :
محمد بن علي بن معمر ، عن محمد بن علي ، عن عبد الله بن أيوب الاشعري عن أبي عمرو
الاوزاعي ، عن عمرو بن شمر ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الهيثم بن التيهان أن أمير
المؤمنين عليه السلام خطب الناس بالمدينة فقال : الحمد لله الذي لا إله إلا هو
كان حيا بلا كيف ، ولم يكن له كان ، ولا كان لكانه كيف ، ولا كان له أين ، ولا كان
في شيء ، ولا كان على شيء ، ولا ابتدع لكانه مكانا ولا قوي بعد ما كون شيئا ، ولا
كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا ، ولا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا ، ولا يشبه شيئا
ولا كان خلوا عن الملك قبل إنشائه ولا يكون خلوا منه بعد ذهابه.
كان إلها حيا
بلا حيوة ، ومالكا قبل أن ينشأ شيئا ، ومالكا بعد إنشائه للكون ، وليس يكون لله كيف ولا أين ، ولاحد يعرف ، ولا
شيء يشبهه ولا يهرم لطول بقائه ، ولا يضعف لذعره ، ولا يخاف كما يخاف خليقته من
شيء ، ولكن سميع بغير سمع ، وبصير بغير بصر ، وقوي بغير قوة من خلقه ، لا تدركه
حدق الناظرين ولا يحيط بسمعه سمع السامعين ، إذا أراد شيئا كان ، بلا مشورة ولا
مظاهرة ولا مخابرة ولا يسأل أحدا عن شيء من خلقه أراده ، لا تدركه الابصار وهو
يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير.
وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق
ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، فبلغ الرسالة وأنهج الدلالة صلى الله عليه
وآله.
ايها الامة التي
خدعت فانخدعت ، وعرفت خديعة من خدعها فأصرت على ما عرفت، واتبعت أهواءها وضربت في
عشواء غوائها ، وقد استبان لها الحق فصدعت عنه ، والطريق الواضح فتنكبته ، أما
والذي فلق الحبة وبرا النسمة لو اقتبستم العلم من معدنه وشربتم الماء بعذوبته ،
وادخرتم الخير من موضعه ، وأخذتم من الطريق واضحة ، وسلكتم من الحق نهجه لنهجت بكم
السبل وبدت لكم الاعلام وأضاء لكم الاسلام ، فأكلتم رغدا وما عال فيكم عائل ولا
ظلم منكم مسلم ولا معاهد ، ولكن سلكتم سبيل الظلام ، فأظلمت عليكم دنياكم برحبها ،
وسدت عليكم أبواب العلم ، فقلتم بأهوائكم ، واختلفتم في دينكم ، فأفتيتم في دين
الله بغير علم ، واتبعتم الغواة فأغوتكم ، وتركتم الائمة فتركوكم، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم
، إذا ذكر الامر سئلتم أهل الذكر ، فاذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه ، فكيف وقد
تركتموه ونبذتموه وخالفتموه ، رويدا عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم ، وتجدون وخيم
ما اجترمتم ، وما اجتلبتم.
والذي فلق الحبة
وبرا النسمة ، لقد علمتم أني صاحبكم ، والذي به امرتم وأني عالمكم ، والذي بعلمه
نجاتكم ، ووصي نبيكم صلى الله عليه وآله وخيرة ربكم ، ولسان نوركم ، والعالم
بما يصلحكم ، فعن قليل رويدا ينزل بكم ما وعدتم ، وما نزل بالامم قبلكم ، وسيسألكم
الله عزوجل عن أئمتكم ، معهم تحشرون ، وإلى الله عزوجل غدا تصيرون. أما والله لو كان لي عدة أصحاب طالوت ، أو عدة
أهل بدر ، وهم أعداؤكم لضربتكم بالسيف حتى تؤلوا إلى الحق وتنيبوا للصدق ، فكان
أرتق للفتق ، وآخذ بالرفق ، اللهم فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين.
قال : ثم خرج من
المسجد فمر بصيرة فيها نحو من ثلاثين شاة ، فقال : والله لو أن لي رجالا ينصحون
لله عزوجل ولرسول الله صلى الله عليه وآله بعدد هذه الشياه لازلت ابن آكلة
الذبان عن ملكه.
قال فلما أمسى
بايعه ثلاثمائة وستون رجلا على الموت ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام اغدوا بنا
إلى أحجار الزيت محلقين وحلق أمير المؤمنين عليه السلام ، فما وافى من القوم
محلقا إلا أبو ذر والمقداد وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر ، وجاء سلمان في آخر
القوم ، فرفع يديه إلى السماء فقال : اللهم إن القوم استضعفوني كما استضعفت بنو
إسرائيل هارون ، اللهم فانك تعلم ما نخفي وما نعلن ، وما يخفى عليك شيء في الارض
ولا في السماء توفني مسلما وألحقني بالصالحين.
أما والبيت
والمفضي إلى البيت ـ وفي نسخة ـ والمزدلفة والخفاف إلى التجمير ، لو لا عهد عهده
إلي النبي (ص) لأوردت المخالفين خليج المنية ، ولأرسلت عليهم شآبيب صواعق الموت ،
وعن قليل سيعلمون.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 28 / صفحة [ 259 ]
تاريخ النشر : 2025-07-23