أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/إمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام/إمامة الائمة عليهم السلام وما جاء في حقهم/الامام علي عليه السلام
قال : وتفسير
قوله عزوجل : « الرحمان » إن قوله : الرحمان مشتق من الرحم.
وقال أمير
المؤمنين عليه السلام : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول : قال الله عزوجل : أنا الرحمان وهي الرحم ،
شققت لها اسما من اسمي ، من وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته.
ثم قال علي عليه
السلام : أوتدري ما هذه الرحم التي من وصلها وصله الرحمان ومن قطعها قطعه الرحمان؟
فقيل : يا أمير المؤمنين حث بهذا كل قول على أن يكرموا أقرباءهم ويصلوا أرحامهم ،
فقال لهم : أيحثهم على أن يصلوا أرحام الكافرين وأن يعظموا من حقره الله وأوجب
احتقاره من الكافرين؟ قالوا : لا ، ولكنه حثهم على صلة أرحامهم المؤمنين ، قال :
فقال : أوجب حقوق أرحامهم لاتصالهم بآبائهم وامهاتهم؟ قلت : بلى يا أخا رسول
الله صلى الله عليه وآله ، قال : فهم
إذا إنما يقضون فيهم حقوق الآباء والامهات؟ قلت : بلى يا أخا رسول الله ، قال :
فآباؤهم وامهاتهم إنما غذوهم في الدنيا ، ووقوهم مكارهها وهي نعمة زائلة ومكروه
ينقضي ، ورسول ربهم ساقهم إلى نعمة دائمة لا تنقضي ، ووقاهم مكروها مؤبدا لا يبيد
، فأي النعمتين أعظم؟ قلت : نعمة رسول الله
صلى الله عليه وآله أجل وأعظم وأكبر ، قال : فكيف يجوز أن يحث على قضاء
حق من صغر الله حقه ، ولا يحث على قضاء حق من كبر الله حقه؟ قلت : لا يجوز ذلك ،
قال : فإذا حق رسول الله صلى الله عليه
وآله أعظم من حق الوالدين وحق رحمه أيضا أعظم من حق رحمهما ، فرحم رسول الله (ص)
أولى بالصلة ، وأعظم في القطيعة ، فالويل كل الويل لمن قطعها ، والويل كل الويل
لمن لم يعظم حرمتها أو ما علمت أن حرمة رحم رسول الله صلى الله عليه وآله حرمة رسول الله (ص)؟ وأن
حرمة رسول الله حرمة الله؟ وأن الله أعظم حقا من كل منعم سواه ، فان كل منعم سواه
إنما أنعم حيث قيضه له ذلك ربه ووفقه أما علمت ما قال الله لموسى بن عمران؟ قلت :
بأبي أنت وامي ما الذي قال له؟ قال عليه السلام؟ قال الله تعالى : يا موسى أو
تدري ما بلغت رحمتي إياك؟ فقال موسى : أنت أرحم بي من امي ، قال الله يا موسى :
وإنما رحمتك امك لفضل رحمتي ، أنا الذي رفقتها عليك ، وطيبت قلبها لتترك طيب وسنها
لتربيتك ، ولو لم أفعل ذلك بها لكانت وسائر النساء سواء ، يا موسى أتدري أن عبدا
من عبادي تكون له ذنوب وخطايا تبلغ أعنان السماء فأغفرها له ولا ابالي؟ قال : يا
رب وكيف لا تبالي؟ قال تعالى : لخصلة شريفة تكون في عبدي احبها : يحب إخوانه المؤمنين، ويتعاهدهم ويساوي نفسه
بهم ولا يتكبر عليهم ، فاذا فعل ذلك غفرت له ذنوبه ولا ابالي.
يا موسى إن
الفخر ردائي والكبرياء إزاري ، من نازعني في شئ منهما عذبته بناري.
يا موسى إن من
إعظام جلالي إكرام عبدي الذي أنلته حظا من حطام الدنيا عبدا من عبادي مؤمنا قصرت
يده في الدنيا ، فإن تكبر عليه فقد استخف بعظيم جلالي.
ثم قال أمير
المؤمنين عليه السلام : إن الرحم التي اشتقها الله عزوجل بقوله : أنا الرحمان ،
هي رحم محمد (ص) ، وإن من إعظام الله إعظام محمد وإن من إعظام محمد إعظام رحم محمد
، وإن كل مؤمن ومؤمنة من شيعتنا هو من رحم محمد ، وإن إعظامهم من إعظام محمد ،
فالويل لمن استخف بحرمة محمد ، وطوبى لمن عظم حرمته وأكرم رحمه ووصلها.
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
المصدر : بحار الأنوار
الجزء والصفحة : جزء 23 / صفحة [ 266 ]