عن أبي حمزة
الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما أكل آدم من الشجرة اهبط إلى الارض
فولد له هابيل واخته توأم ، ثم ولد قابيل واخته توأم ، ثم إن آدم أمر هابيل وقابيل
أن يقربا قربانا ، وكان هابيل صاحب غنم وكان قابيل صاحب زرع ، فقرب قابيل كبشا من
أفضل غنمه ، وقرب قابيل من زرعه ما لم يكن ينقى كما أدخل بيته ، فتقبل قربان هابيل
، ولم يتقبل قربان قابيل ، وهو قول الله : « واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذا
قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر » وكان القربان يأكله النار ،
فعمد قابيل إلى النار فبنى لها بيتا ، وهو أول من بنى بيوت النار ، فقال : لأعبدن
هذه النار حتى يتقبل قرباني ثم إن إبليس عدو الله أتاه وهو يجري من ابن آدم مجرى
الدم في العروق فقال له : يا قابيل قد تقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربانك وإنك إن
تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك ، يقولون : نحن أبناء الذي تقبل قربانه وأنتم
أبناء الذي ترك قربانه ، فاقتله لكيلا يكون له عقب يفتخرون على عقبك ، فقتله ،
فلما رجع قابيل إلى آدم قال له : يا قابيل أين هابيل؟ فقال : اطلبوه حيث قربنا
القربان ، فانطلق آدم فوجد هابيل قتيلا ، فقال آدم : لعنت من أرض كما قبلت دم
هابيل ، فبكى آدم على هابيل أربعين ليلة ، ثم إن آدم سأل ربه ولدا فولد له غلام
فسماه هبة الله ، لان الله وهبه له وأخته توأم ، فلما انقضت نبوة آدم واستكملت
أيامه أوحى الله إليه : أن يا آدم قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك ، فاجعل العلم
الذي عندك والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من
ذريتك عند هبة الله ابنك ، فإني لم أقطع العلم والايمان والاسم الاعظم وآثار علم
النبوة من العقب من ذريتك إلى يوم القيامة ، ولن أدع الارض إلا وفيها عالم يعرف به
ديني ، ويعرف به طاعتي ويكون نجاة لمن يولد فيما بينك وبين نوح.
وبشر آدم بنوح ،
وقال : إن الله باعث نبيا اسمه نوح ، فإنه يدعو إلى الله ويكذبه قومه فيهلكهم الله
بالطوفان ، فكان بين آدم وبين نوح عشرة آباء كلهم أنبياء ، وأوصى آدم إلى هبة الله
أن من أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه وليصدق به ، فإنه ينجو من الغرق ، ثم إن آدم
مرض المرضة التي مات فيها ، فأرسل هبة الله فقال له : إن لقيت جبرئيل أو من لقيت
من الملائكة فاقرأه مني السلام ، وقل له : يا جبرئيل إن أبي يستهديك من ثمار الجنة
فقال جبرئيل : يا هبة الله إن أباك قد قبض
صلى الله عليه وآله وما نزلنا إلا للصلاة عليه فارجع ، فرجع فوجد آدم قد
قبض ، فأراه جبرئيل كيف يغسله ، فغسله حتى إذا بلغ الصلاة عليه ، قال هبة الله :
يا جبرئيل تقدم فصل على آدم ، فقال له جبرئيل : إن الله أمرنا أن نسجد لأبيك آدم
وهو في الجنة ، فليس لنا أن نؤم شيئا من ولده ، فتقدم هبة الله فصلى عليه أبيه آدم
وجبرئيل خلفه ، وجنود الملائكة ، وكبر عليه ثلاثين تكبيرة فأمره جبرئيل ، فرفع من
ذلك خمسا وعشرين تكبيرة ، والسنة اليوم فينا خمس تكبيرات ، وقد كان يكبر على أهل
بدر تسعا وسبعا.
ثم إن هبة الله
لما دفن آدم صلى الله عليه أتاه قابيل فقال : يا هبة الله إني قد رأيت آدم قد خصك
من العلم بما لم أخص به أنا ، وهو العلم الذي دعا به أخوك هابيل فتقبل منه قربانه
، وإنما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي فيقولون : نحن أبناء الذي تقبل
منه قربانه ، وأنتم أبناء الذي ترك قربانه ، وإنك إن أظهرت من العلم الذي اختصك به
أبوك شيئا ، قتلتك كما قتلت أخاك هابيل ، فلبث هبة الله والعقب من بعده مستخفين
بما عندهم من العلم والايمان والاسم الاكبر وميراث النبوة وآثار علم النبوة حتى
بعث الله نوحا وظهرت وصية هبة الله حين نظروا في وصية آدم ، فوجدوا نوحا نبيا قد
بشر به أبوهم آدم فآمنوا به واتبعوه وصدقوه ، وقد كان آدم أوصى إلى هبة الله أن
يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة ، فيكون يوم عيدهم فيتعاهدون بعث نوح وزمانه
الذي يخرج فيه ، وكذلك في وصية كل نبي حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله.
قال هشام بن
الحكم : قال أبو عبد الله عليه السلام : لما أمر الله آدم أن يوصي إلى هبة الله
أمره أن يستر ذلك فجرت السنة في ذلك بالكتمان ، فأوصى إليه وستر ذلك.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 23 / صفحة [ 63 ]
تاريخ النشر : 2024-10-14