الانبياء والاولياء/السيدة زينب (عليها السلام)
أخبرنا أبو عبد
الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني
أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا محمد بن مهران، قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي،
عن عمر بن عبد الواحد، عن إسماعيل بن راشد، عن حذلم بن ستير ، قال: قدمت الكوفة في
المحرم من سنة إحدى وستين، منصرف علي بن الحسين (عليهما السلام) بالنسوة من كربلاء
ومعهم الاجناد يحيطون بهم، وقد خرج الناس للنظر إليهم، فلما أقبل بهم على الجمال بغير
وطاء جعل نساء الكوفة يبكين، ويلتدمن ، فسمعت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول
بصوت ضئيل، وقد نهكته العلة، وفي عنقه الجامعة، ويده مغلولة إلى عنقه: إن هؤلاء النسوة
يبكين، فمن قتلنا؟!
قال: ورأيت زينب
بنت علي (عليه السلام) ولم أر خفرة قط أنطق منها، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين
(عليه السلام).
قال: وقد أومأت
إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأصوات، فقالت: الحمد لله، والصلاة على
أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله).
أما بعد: يا أهل
الكوفة، ويا أهل الختل والخذل، فلا رقأت العبرة ولا هدأت الرنة، فإنما مثلكم كمثل التي
نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم ، ألا وهل فيكم ألا الصلف
الظلف والضرم الشرف خوارون في اللقاء، عاجزون عن الأعداء، ناكثون للبيعة، مضيعون للذمة،
فبئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون . أتبكون! إي والله
فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا، ولقد فزتم بعارها وشنارها ، ولن تغسلوا دنسها عنكم أبدا.
فسليل خاتم الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، وأمارة محجتكم،
ومدرجة حجتكم خذلتم وله قتلتم! ألا ساء ما تزرون فتعسا ونكسا، ولقد خاب السعي، وتبت
الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله " وضربت عليهم الذلة والمسكنة
" .
ويلكم! أتدرون أي
كبد لمحمد فريتم، وأي دم له سفكتم، وأي كريمة له أصبتم ة لقد جئتم شيئا إذا * تكاد
السماوات يتفطرن منة وتنشق الأرض وتخر الجبال هدأ " .
ولقد أتيكم بها
خرقاء شوهاء بلاغ الأرض والسماء، أفعجبتم أن قطرت السماء دما، ولعذاب الآخرة أخرى،
فلا يستخفنكم المهل، فإنه لا يحفزه البدا ر، ولا يخاف عليه فوت الثار، كلا " إن
ربك لبالمرصاد " .
قال: ثم سكتت، فرأيت
الناس حيارى، قد ردوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا قد بكى حتى اخضلت لحيته، وهو يقول: كهولكم خير الكهول
ونسلكم إذا عد نسل لا يخيب ولا يخزى .
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
المصدر : الأمالي
الجزء والصفحة : ص 91