أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير العياشي
عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه
السلام يحدث قال: لما فقد يعقوب يوسف اشتد حزنه عليه وبكاؤه
حتى ابيضت عيناه من الحزن واحتاج حاجة شديدة وتغيرت
حاله، قال: وكان يمتار القمح من مصر لعياله في السنة مرتين: للشتاء والصيف وإنه
بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة إلى مصر مع رفقة خرجت، فلما دخلوا على يوسف وذلك بعد
ما ولاه العزيز مصر فعرفهم يوسف ولم يعرفه إخوته لهيبة الملك وعزه، فقال لهم: هلموا
بضاعتكم قبل الرفاق، وقال لفتيانه: عجلوا لهؤلاء الكيل وأوفوهم فإذا فرغتم فاجعلوا
بضاعتهم هذه في رحالهم ولا تعلموهم بذلك، ففعلوا، ثم قال لهم يوسف: قد بلغني
أنه كان لكم أخوان لأبيكم فما فعلا ؟ قالوا: أما الكبير منهما فإن الذئب أكله،
وأما الصغير فخلفناه عند أبيه وهو به ضنين، وعليه شفيق، قال: فإني أحب أن
تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتاروا، فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون،
قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون. فلما رجعوا إلى أبيهم فتحوا متاعهم فوجدوا
بضاعتهم فيه قالوا: يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا
قد ردت إلينا وكيل لنا كيل قد زاد حمل بعير، فارسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون،
قال: هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل، فلما احتاجوا إلى الميرة
بعد ستة أشهر بعثهم يعقوب وبعث معهم بضاعة يسيرة وبعث معهم ابن ياميل وأخذ عليهم
بذلك موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم أجمعين، فانطلقوا مع الرفاق
حتى دخلوا على يوسف، فقال لهم: معكم ابن ياميل ؟ قالوا: نعم هو في الرحل، قال
لهم: فأتوني به، فأتوه به وهو في دار الملك، فقال: أدخلوه وحده، فأدخلوه عليه فضمه
يوسف إليه وبكى وقال له: أنا أخوك يوسف فلا تبتئس بما تراني أعمل، واكتم ما أخبرتك
به ولا تحزن ولا تخف، ثم أخرجه إليهم وأمر فتيته أن يأخذوا بضاعتهم ويعجلوا لهم
الكيل، فإذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل ابن ياميل ففعلوا به ذلك، وارتحل القوم مع
الرفقة فمضوا فلحقهم يوسف وفتيته فنادوا فيهم: " أيتها العير إنكم لسارقون * قالوا
وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون * قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا
به زعيم * قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين * قالوا
فما جزاؤه إن كنتم كاذبين * قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه " قال:
" فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم
استخرجها من وعاء أخيه " قالوا: إن يسرق فقد سرق أخ له
من قبل، فقال لهم يوسف: ارتحلوا عن بلادنا، قالوا: يا أيها العزيز إن له أبا شيخا
كبيرا وقد أخذ علينا موثقا من الله لنرد به إليه فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين
إن فعلت، قال: معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده، فقال كبيرهم: إني
لست أبرح الارض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي، ومضى إخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب
فقال لهم: فأين ابن ياميل ؟ قالوا: ابن ياميل سرق مكيال الملك فأخذ الملك سرقته
فحبس عنده، فاسأل أهل القرية والعير حتى يخبروك بذلك، فاسترجع واستعبر واشتد حزنه
حتى تقوس ظهره.
- عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن يعقوب أتى ملكا بناحيتكم يسأله الحاجة،
فقال له الملك: أنت إبراهيم ؟ قال: لا، قال: وأنت
إسحاق ابن إبراهيم ؟ قال: لا، قال: فمن أنت، قال: أنا يعقوب بن إسحاق، قال: فما
بلغ بك ما أرى مع حداثة السن ؟ قال: الحزن على يوسف، قال: لقد بلغ بك الحزن يا يعقوب
كل مبلغ، فقال: إنا معشر الانبياء أسرع شئ البلاء إلينا، ثم الامثل فالأمثل من الناس،
فقضى حاجته فلما جاوز بابه هبط عليه جبرئيل فقال له: يا يعقوب ربك يقرؤك السلام
ويقول لك: شكوتني إلى الناس ؟ ! فعفر وجهه في التراب، وقال: يا رب زلة أقلنيها
فلا أعود بعد هذا أبدا، ثم عاد إليه جبرئيل فقال: يا يعقوب ارفع رأسك، ربك يقرؤك
السلام ويقول لك: قد أقلتك فلا تعود تشكوني إلى خلقي، فما رئي ناطقا بكلمة مما
كان فيه حتى أتاه بنوه فصرف وجهه إلى الحائط وقال: " إنما أشكوا بثي وحزني
إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون
".
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 12 / صفحة [305 و 311]
تاريخ النشر : 2024-08-05