النبوة/النبي محمد صلى الله عليه واله/عقيدة النبوة الخاصة/وجوب طاعة الرسول وحبه والتفويض إليه/الإمام الصادق (عليه السلام)
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة. عن فضيل بن
يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر: إن الله عز
وجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال: {إِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ
عَظِيمٍ} [القلم: 4] ، ثم فوض إليه أمر الدين والأمة ليسوس عباده، فقال عز وجل: {مَا
آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]
وإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس، لا يزل ولا
يخطئ في شئ مما يسوس به الخلق، فتأدب بآداب الله ثم إن الله عز وجل فرض الصلاة
ركعتين، ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الركعتين ركعتين
وإلى المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهن إلا في سفر وأفرد الركعة في
المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر فأجاز الله عز وجل له ذلك فصارت الفريضة سبع
عشرة ركعة، ثم سن رسول الله صلى الله عليه وآله النوافل أربعا وثلاثين ركعة مثلي
الفريضة فأجاز الله عز وجل له ذلك والفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة منها ركعتان
بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر وفرض الله في السنة صوم شهر رمضان وسن رسول
الله صلى الله عليه وآله صوم شعبان وثلاث أيام في كل شهر مثلي الفريضة فأجاز الله
عز وجل له ذلك وحرم الله عز وجل الخمر بعينها وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله
المسكر من كل شراب فأجاز الله له ذلك كله وعاف رسول الله صلى الله عليه وآله أشياء
وكرهها ولم ينه عنها نهي حرام إنما نهى عنها نهي إعافة وكراهة، ثم رخص فيها فصار الاخذ برخصه واجبا على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه وعزائمه ولم يرخص
لهم رسول الله صلى الله عليه وآله فيما نهاهم عنه نهي حرام ولا فيما أمر به أمر
فرض لازم فكثير المسكر من الأشربة نهاهم عنه نهي حرام لم يرخص فيه لاحد ولم يرخص
رسول الله صلى الله عليه وآله لاحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما إلى ما فرض الله
عز وجل، بل ألزمهم ذلك إلزاما واجبا، لم يرخص لاحد في شئ من ذلك إلا للمسافر وليس
لاحد أن يرخص [شيئا] ما لم يرخصه رسول الله صلى الله عليه وآله، فوافق أمر رسول
الله صلى الله عليه وآله أمر الله عز وجل ونهيه نهي الله عز وجل ووجب على العباد
التسليم له كالتسليم لله تبارك وتعالى.
- أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون،
عن زرارة أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام يقولان: إن الله تبارك
وتعالى فوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم، ثم تلا هذه
الآية {مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أدب نبيه صلى الله عليه وآله فلما
انتهى به إلى ما أراد، قال له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4]
ففوض إليه دينه فقال: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وإن الله
عز وجل فرض الفرائض ولم يقسم للجد شيئا وإن رسول الله صلى الله عليه وآله أطعمه
السدس فأجاز الله جل ذكره له ذلك، وذلك قول الله عز وجل: {هَذَا عَطَاؤُنَا
فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص: 39] .
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
المصدر : أصول الكافي
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 266