أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/النبي محمد صلى الله عليه واله/احوال آباء النبي صلى الله عليه واله وابناؤه وازواجه واصحابه/الإمام الصادق (عليه السلام)
عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم
السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتي أهل
الصفة، وكانوا ضيفان رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
كانوا هاجروا من أهاليهم وأموالهم إلى المدينة، فأسكنهم رسول الله (صلى الله عليه
وآله) صفة المسجد، وهم أربعمائة رجل، فكان يسلم عليهم بالغداة والعشي، فأتاهم ذات
يوم فمنهم من يخصف نعله، ومنهم من يرقع ثوبه، ومنهم من يتفلى، وكان رسول الله
(صلى الله عليه وآله) يرزقهم مدا مدا من تمر في كل يوم، فقام رجل منهم فقال: يا
رسول الله التمر الذي ترزقنا قد أحرق بطوننا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أما إني لو استطعت أن اطعمكم الدنيا لأطعمتكم، ولكن من عاش منكم من بعدي يغدى
عليه بالجفان، ويراح عليه بالجفان، ويغدو أحدكم في خميصة، ويروح في اخرى، وينجدون
بيوتكم كما تنجد الكعبة، فقام رجل فقال: يا رسول الله إنا إلى ذلك الزمان
بالأشواق فمتى هو ؟ قال (صلى الله عليه وآله): زمانكم هذا خير من ذلك الزمان،
إنكم من ملأتم بطونكم من الحلال توشكون أن تملأوها من الحرام، فقام سعد بن أشج
فقال: يا رسول الله ما يفعل بنا بعد الموت ؟ قال: الحساب والقبر، ثم ضيقه بعد ذلك
أو سعته، فقال: يارسول الله هل تخاف أنت ذلك ؟ فقال: لا، ولكن أستحيي من النعم المتظاهرة
التي لا اجازيها ولا جزاء من سبعة، فقال سعد بن أشج: إني اشهد الله واشهد رسوله
ومن حضرني أن نوم الليل علي حرام، والاكل بالنهار علي حرام ولباس الليل علي حرام،
ومخالطة الناس علي حرام، وإتيان النساء علي حرام فقال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): يا سعد لم تصنع شيئا، كيف تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر إذا لم تخالط الناس
؟ وسكون البرية بعد الحضر كفر للنعمة، نم بالليل، وكل لنهار،
والبس ما لم يكن ذهبا أو حريرا أو معصفرا، وأت النساء، يا سعد اذهب إلى بني المصطلق
فإنهم قد ردوا رسولي، فذهب إليهم فجاء بصدقة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
كيف رأيتهم ؟ قال: خير قوم، ما رأيت قوما قط أحسن أخلاقا فيما بينهم من قوم بعثتني
إليهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه لا ينبغي لأولياء الله تعالى
من أهل دار الخلود الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم أن يكونوا أولياء الشيطان
من أهل دار الغرور الذين لها سعيهم وفيها رغبتهم، ثم قال: بئس القوم قوم
لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، بئس القوم قوم يقذفون الآمرين بالمعروف
والناهين عن المنكر، بئس قوم لا يقومون لله تعالى بالقسط بئس القوم قوم يقتلون
الذين يأمرون الناس بالقسط في الناس، بئس القوم قوم يكون الطلاق عندهم أوثق من
عهد الله تعالى، بئس القوم قوم جعلوا طاعة إمامهم دون طاعة الله، بئس القوم قوم
يختارون الدنيا على الدين، بئس القوم قوم يستحلون المحارم والشهوات والشبهات قيل:
يا رسول الله فأي المؤمنين أكيس ؟ قال: أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعداد، اولئك
هم الاكياس.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 22 / صفحة [310]
تاريخ النشر : 2024-06-05