Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
العمامة والشعر

تعامل العمامة مع الشعر عموما يبدو محدودا ومقتصرا على أغراض معينة محدودة، منها ما له مساس بالعمل التعليمي الحوزوي مثل شعر الأرجوزة التعليمية التي تسهل الحفظ، وشعر المناسبات وهو شعر يقترن عادة بمناسبة دينية أو وطنية وشعر الرثاء، وأرخنة بعض الحوادث والمناسبات شعرا، أي كتابة تاريخ مناسبة ما شعرا وفق حساب الجمل. وبالتالي بدا شعر العمامة بعيدا عن كل نواحي وأغراض الشعر الأخرى.

فضلا عن ذلك تنظر الحوزة العلمية إلى الشعرـ وهذه حقيقة قد تزعج البعض، فلا يرضون عنها ـ نظرة دونية أو في الأقل تعطيه هامشا صغيرا من اهتماماتها، يبدو أصغر كثيرا مما يستحقه، ربما لأن أغراض الشعر ولاسيما الغزل والخمريات النصية وليست الاستهلالية تتعارض مع خط الحوزة الديني.

وفق تلك الرؤى يبدو مستعصيا على العمامة أن تكون شاعرة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وقد أفردت هذه الحالة المتناقضة، حالة الشاعر والعمامة ثلاثة اتجاهات متناقضة تخص ثلاثة رموز شعرية لازال التاريخ يشهد ببراعتهم وحنكتهم وإجادتهم فن الشعر وهم: الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري، والعلامة الكبير محمد سعيد ألحبوبي، والدكتور الشاعر الكبير مصطفى جمال الدين. فهؤلاء الرموز الشوامخ كانوا جميعهم قد بدأوا حياتهم بالدراسات الدينية الحوزوية، وكانوا ثلاثتهم قد لبسوا العمامة في مراحل متقدمة من أعمارهم، تعود إلى مرحلة الطفولة تحديدا.

والمعروف أن لبس العمامة، وتحمل تبعات تقاليدها في مرحلة الطفولة، مرحلة بدايات تكون الوعي، فضلا عن أجواء المجتمع ألنجفي المغلق والمتشبع بالعلوم الدينية وبحوثها، ثم العيش مع رجال جل همهم معرفة المسائل الفقهية وحلولها، مع انشغال الجميع بهم مشترك واحد بعيدا كل البعد عن كل الهموم الهامشية الأخرى، يترك أثرا واضحا على بناء وتكون شخصية ذلك الطفل. فضلا عن أن أجواء الحوزة العلمية وتلك الجدية والصرامة التي تسيطر عليها، تبدو وكأنها تضع قيودا ثقيلة على مجرد سماع بيت من الشعر، بله نظمه وتقفيته والتغني فيه، هذا في وقت كانت شياطين الشعر تتقافز في داخل هؤلاء الرجال الثلاثة وتثير في نفوسهم صراعا فوضويا عارما معربدا يبغي التحرر والتمرد والتخلص من قيود البيئة والملبس والموروث والمحيط، والحفاظ على هيبة وقدسية وصرامة العمامة، أي الجمع بين النقيضين.

في هذه المرحلة عاش كل واحد من الرجال الثلاثة صراعا فكريا صعبا وشرسا وضعهم في نهاية المطاف أمام أحد خيارين: إما أن يبعدوا صنعة الشعر عن بالهم ويتفرغوا إلى دراسة الفقه والعلوم الدينية وحدها، لأنهم يعلمون أن العمر مهما امتد لا يغطي حقول المعارف الفقهية، بما لا يسمح بالانشغال بأي موضوع آخر سواه لمن يريد أن يختط خطه. وإما السير خلف دلال القوافي وسحرها وغنجها، وترك دراسة الفقه لمن لا يشغله الشغف بالشعر. الجميل في هذا الموضوع أن كل واحد منهم حسم هذا الصراع بطريقته الخاصة، وهو حسم كان يحتاج إلى كثير من الشجاعة والجرأة، حيث:

خلع الجواهري عمامته ساعة أدرك أنها تعيق انطلاقته الشعرية، وتُحدُ من أفق طيرانه في دنيا القوافي.

وقبالته بادر محمد سعيد ألحبوبي إلى خلع هوس الشعر من باله، والابتعاد عن دنيا القوافي والاحتفاظ بالعمامة، يوم وجد أن الشعر يبعده عن دنيا العلوم الدينية التي يرى في نفسه ميلا إليها.

أما السيد مصطفى جمال الدين فقد عاش تجربة تحد أخرى، حيث أحتفظ بالشعر وبالعمامة كلاهما، يوم وجد في نفسه قدرة على الموازنة بين مطالب العمامة واستحقاقاتها وبين مطالب الشعر وأجوائه، بحيث يتقاسمان الحياة والعيش في حياته وعيشه، فلا يتعدى الشعر حدوده ليسلب العمامة حقها، ولا تأخذ العمامة من الشعر حقا يقيد إبداعه ويحد من حراكه.

ومن خلال هذه الموازنة الفريدة أصبح مصطفى جمال الدين فقيها شاعرا، وشاعرا فقيها، يجمع بين العمامة والشعر، ولهذا قال: quotهذه صحائف شاعر يقدس الشعر ويقدس الشرعquot، فكانت عمامته عمامة شاعرة كما هي عمامة فقيهة مجددة، وهذا الأمر من النوادر التي قل حدوثها في المجتمع الحوزوي عبر التاريخ، رغم أن أغلب الحوزويين كانوا يجيدون نظم القوافي ويحسنون صنعة الشعر.

رحم الله الجواهري والحبوبي وجمال الدين فقد أغنوا ذاكرتنا بجمال كثير، واعطوا مثالا تاريخيا على أن للإنسان قدرة التحكم بالاتجاهات وفق رؤى الروح وما تعشق، فالجمال قد يكون في العمامة أو في القصيدة أو فيهما كليهما.
البحث العلمي في العراق بين الأزمة والإصلاح: مراجعة نقدية في ضوء تجارب دولية رائدة
بقلم الكاتب : محسن حسنين مرتضى السندي
يمثل البحث العلمي حجر الزاوية في بناء الاقتصادات المعرفية المستدامة، والمحرك الأساسي للسيادة التنموية لأي دولة. كما يعكس حيوية منظوماتها الأكاديمية وقدرتها على توليد معرفة أصيلة تخدم تقدم المجتمع. إلا أن العراق، على الرغم من امتلاكه رأسمال بشرياً مؤهلاً وشبكة جامعية واسعة، يواجه أزمة هوية ووظيفة... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 1 اسبوع
2025/11/16
احلفكم بالله ايها المحللون والاعلاميون اتركوا المنتخب العراقي وشأنه ولا تضعوا...
منذ 1 اسبوع
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 1 اسبوع
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )