عندما أرسل اللّه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مبشرين ومنذرين كان ذلك لعدّة إمكانات تأهيلية تجعلهم قادرين للتصدي ولحمل وتبليغ هذه الرسائل الثقيلة فمن بين هذه الإمكانات هو التخطيط الإستراتيجي وبعد النظر للمستقبل القريب والبعيد وعلى كافّة الصُعُد وكان الرائد بكل هذه المؤهّلات هو خاتمهم صلى الله عليه وآله، فالمتتبع لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله يعلم جيدًا كيف كان يخطط للسّلم والحرب والإقتصاد والهجرة والعودة بطريقة إستراتيجية عميقة منتهى العمق.
زقّ النبي ص لعلي (ع)هذه المهارة العظيمة لأنّه كفؤ لحمل مثل هكذا مؤهّلات ولأنّه مشروع السماء ليكون خليفته على المؤمنين ولأنّه باب علمه للملأ.
علي (ع)كان ثاقب البصر نافذ البصيرة في كل أموره وكيف لايكون كذلك وهو ربيب البيت النبوي الذي ألهمه النبي ص في كل حركاته وسكونه وكل ذلك هو لأجل حفظ بيضة الإسلام وإحقاق الحق وإعلاء كلمة الله. كان علي (ع)لشدة فطنته وكياسته وحكمته وحسن تدبيره يروم مقاصد الأمور ويعمل على تهيئة كامل الأسباب منها النفسية والجسدية والروحية والجغرافية لذلك المقصد.
بعد شهادة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع)نوى أمير المؤمنين (ع)أن يتزوج بإمرأة ولدتها الفحولة من العرب فأشار لعقيل فقال له (إختر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوّجها لتلد لي غلامًا فارسًا)، فأشار له عقيل بأمّ البنين (ع) وذكر لأمير المؤمنين (ع)نسبها الطاهر وآبائها وأجدادها الشجعان.
فكان مشروع الزواج هذا هو من الخطط العسكرية التي رامها أمير المؤمنين (ع)لتلد له هذه السيدة الطاهرة (ع)من الشجعان من ينصر أبو عبد الله عليه السلام.
لابأس في هذا المضمار أن نقتطف سيرة أهليها وأنسابها؛ أهلها من سادات العرب وأشرافها وزعماءها، وهم أبطال مشهورون، ويعرّفنا التاريخ بأنّ آباءها من فرسان العرب في الجاهلية، ولهم التاريخ المجيد الحافل بالبطولات في الغزوات.
ويعد أبو عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب جد تهامة -والدة أم البنين- وهو الجد الثاني لام البنين (ع)؛ قيل عنه ملاعب الأسنة لفروسيته وشجاعته.
عسى ماذا تلد هذه الطاهرة؟
سأكتفي بالاجابه بكلمة واحدة ( العباس وأخوته)؛ فهم من جهة الأب ابناء أسد الله الغالب علي بن أبي طالب (ع)ومن جهة الام ذكرنا النسب.
من هنا تزوجها أمير المؤمنين علي عليه السلام، فزواج أمير المؤمنين منها كان خطة عسكرية محبوكة ومن هنا نجح أمير المؤمنين في تركيز هذا الدور لابي الفضل في الطف.
فأم البنين عليها السلام لم تكن خطة عسكريه جزئيه في طف كربلاء فحسب بل هي أم جيش الحسين (ع)المتجسد بأبي الفضل (ع)ومن هنا عندما وقع العباس قام الحسين من مصرعه محني الظهر مهموم وقال (الانغ انكسر ظهري.....) لان العباس كان يمثل ركيزة الجيش بأكمله.
فأم البنين عليها السلام ركزت الدور الحربي البطولي بأبنائها عليهم السلام.
وان لام البنين (ع)دورًا بارزًا ومكانة مرموقة في حياة المعصومين عليهم السلام لما آثرته لفداء ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث خدمت وربّت وضحّت وأقامت العزاء على الحسين (ع). ولعل المتصفح صفحات التاريخ لن يجد مثل هكذا شخصيه فكيف لا وهي ربيبة البيت العلوي التي استمدت المعاني السامية واستقت من رحيق المعصومين.
السلام عليكِ ياناصرة الحسين (ع) ياأم البنين الوفيّة الصابرة.







د.فاضل حسن شريف
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN