طارق الغانمي
في الأول من شهر رجب الأصب من كل عام، يحتفل الموالون لآل بيت النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بولادة الإمام الخامس من آئمة أهل البيت (عليهم السلام) الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، وبهذه الولادة الميمونة لقب (عليه السلام) بأبن الخّيرتين.
وسبب تسميته بهذا الأسم لكونه يعد الملتقى والرابط الرئيسي بين أسرتي سيدي شبابي أهل الجنة الإمامين الهمعصومين الحسن والحسين (عليهما السلام)، لذا فهو أول هاشمي علوي يولد من جهتهما (صلوات الله عليهما)؛ لأن أباه الإمام زين العابدين (عليه السلام) من صلب الإمام الحسين (عليه السلام), وأمه الجليلة التقية, الطاهرة، الفاضلة, العابدة، الزاهدة, الصالحة؛ فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (عليهما السلام), التي نشأت وترعرعت في بيت العلم والمعرفة والتقى، لتتلقى مناهل العلوم من بيت النبوة (صلى الله عليه وآله وسلم), وبهذا الارتباط المحمدي العلوي أصبح الإمام محمد الباقر (عليه السلام) يلقب بـ(ابن الخّيرتين), ليكون ملتقى الكرامات, ومجمع العلم, والآصرة العلوية التي أثلجت بولادته الميمونة قلوب أهل البيت (عليهم السلام) فما أكرمه وما أعظمه (صلوات الله تعالى عليه).
ولو أردنا تسليط الضوء على أمّ الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، فهي من العلويات المخدرات, والصديقات الطاهرات, ذات العلم والشرف والحياء والعفة والكمال، تمتاز عن سائر بنات الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) بالجلالة وعظمة الشأن والنجابة.
عمها الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام)، جدها الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وجدتها الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وبهذا النسب يكفيها فخراً أنها من أغصان الشجرة الطيبة المثمرة بالدوحة الهاشمية، فتزوجها الإمام زين العابدين (عليه السلام) وهي أول علوية تتزوج من علوي، وأول فاطمية تتزوج من فاطمي، وعلى أساس هذا النسب الشريف، أصبحت ذريتها علوية فاطمية حسينية حسنية، لتكون ثالثة هاشمية تتزوج من هاشمي بعد جدتها الكبرى فاطمة بنت أسد (عليها السلام)، التي تزوجت جدها الأكبر أبا طالب (عليه السلام)، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) التي تزوجت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
تربت السيدة فاطمة في كنف والدها الإمام المعصوم الحسن السبط (عليه السلام) حيث العلم والحلم والكرم، وبعد أن استشهد أبوها المجتبى (عليه السلام) بمؤامرة دنيئة دبرها له معاوية بن أبي سفيان (عليه اللعنة والعذاب) بالاستعانة بزوجة الإمام (جعدة بنت الأشعث), فأصبحت عائلة الإمام الحسن (عليه السلام) تحت رعاية الإمام الحسين (عليه السلام), الذي بادر برعاية أُسرة أخيه وجعلها كأُسرته تماماً في التربية والتعليم والنصح والإرشاد والإنفاق ونحو ذلك من الأمور الأُخرى.
وهكذا عاشت فاطمة في كنف السبطين (عليهما السلام) معاً، الأمر الذي أسهم في تكوين شخصيتها، حتى توفرت فيها جميع المقومات والمؤهلات من سمو الحسب, وعلو النسب, وغزارة العلم والحلم، فزوجها الإمام الحسين (عليه السلام) من ولده السجاد (عليه السلام)، وبهذا الاقتران المبارك غمرت البيت النبوي بهجة وسرورا, ولتكون فيما بعد أُماً للذرية الطاهرة، وتنال شرف الدنيا والآخرة, إذ أصبحت أُماً لثاني التسعة المعصومين من ذرية الإمام الحسين (عليه السلام), ألّا وهو الإمام محمد الباقر (عليه السلام) الذي تربى في حجرها الطاهر فغذته بلبنها النقي, وأغدقت عليه أشعة سماوية من روحها الزكية, حتى أصبحت من كينونته الشخصية تفيض جمالاً وتذكو جلالاً وتسمو كمالاً.
فلا غرو إذن أن تسمو هذه النفس الطاهرة في حسبها ونسبها وأصلها إلى المقام الرفيع التي تكون فيه زوجة لمن هو زين العابدين والساجدين, وأُماً لمن هو باقر لعلوم الأولين والآخرين, والمتبحر بالعلم, والمستخرج لغوامضه ولبابه وأسراره, والمحيط بفنونه.
فسلام عليها يوم وُلدت، ويوم قضت نحبها مجاهدة صابرة، ويوم تُبعث بإذن الله تعالى في الحياة الأُخرى راضية مرضية.







وائل الوائلي
منذ 12 ساعة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN