من رحاب الثقلين، حيث يمتزج نور القرآن الكريم بعبق هدي العترة الطاهرة، ومن منائر الإيمان التي ترتفع في ظلال الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام"، تتجلى إشراقات قرآنية جديدة توّجت بتخرّج الدفعة الثامنة من طلبة الدورات القرآنية التخصصية المستديمة برعاية مباركة من قبل الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة، خادم الإمامين الكاظمين الجوادين الدكتور حيدر حسن الشمّري في حفل مبارك أقيم في رواق سيدنا عبدالله بن عبد المطلب "عليه السلام" بحضور نخبة من الأساتذة والمهتمين بالشأن القرآني، وطلبة الدورات القرآنية وجمع من الزائرين الكرام.
استهل الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم شنّف بها أسماع الحاضرين الطالب في دورة القراءة التحقيقية أحمد منير الخاصكي، بعدها كلمة العتبة الكاظمية المقدسة وألقاها الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة جاء فيها قائلاً: (نقف اليوم بكلّ فخر واعتزاز في هذه الرحاب الطاهرة لنحتفل بهذه الجهود المباركة، في هذه الدورات القرآنية التي كانت منارة علم، وواحة إيمان لتخريج مجموعات طيبة ومباركة تحمل القرآن في صدورها وتعيش معانيه في حياتها، فمن المعروف أن الدورات القرآنية لها أهمية كبيرة في بناء الفرد والأسرة والمجتمع، فهي ليست حلقات لتعلّم التلاوة والحفظ والتفسير، بل هي حاضنات تربوية تعليمية تسهم في إعداد جيل واعٍ، ومتخلق بأخلاق القرآن الكريم، ولهذه الأسباب دأبت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة من خلال مركز القرآن الكريم فيها أن تقيم دورات متعددة في الحفظ والتلاوة والتفسير والمقامات والنغم القرآني بالطريقة العراقية والمصرية، فضلاً عن دورات تطويرية وبأساليب مختلفة حضورية وإلكترونية، لأن أهمية هذه الدورات تتلخص بالآتي وهي غايتنا ورؤيتنا التي نتطلع إلى تحقيقها:
أولاً: تعزيز الارتباط بكتاب الله عز وجل حيث تساعد الدورات القرآنية على غرس حبُ القرآن في النفوس، وتعميق العلاقة مع كلام الله تعالى من خلال الحفظ والتلاوة والتفسير والتدبر.
ثانياً: تعلّم التلاوة الصحيحة تسهم في تحسين قراءة القرآن الكريم وفق أحكام التجويد مما يضمن قراءة صحيحة وعبادة مقبولة.
ثالثاً: غرس القيم والأخلاق، وذلك لأن الدورات تعلّم معاني القرآن وقيمه السامية مما يؤدي إلى تهذيب السلوك، وغرس الفضائل والصدق والأمانة والصبر وغيرها.
رابعاً: تنمية الوعي الديني حيث توفّر الدورات القرآنية مساحة لفهم تعاليم الدين الإسلامي، وهو الدين الحق ومعرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والمعاملات.
خامساً: تقوية الروابط الاجتماعية، لأن حضور الدورات القرآنية تجمع الناس على طاعة الله تعالى مما يعزز المحبة والأخوة بين أفراد الأسرة والمجتمع.
سادساً: تحصين الشباب والعوائل، حيث تعتبر الدورات القرآنية وسيلة فعّالة لحماية الشباب بنين وبنات، وكذلك النساء والرجال من الأفكار السلبية، والانحرافات الأخلاقية والفكرية من خلال تعليمهم منهج الحياة القويم مما ينعكس على سلوكهم في البيت والأسرة والمؤسسة.
سابعاً: نيل الأجر والثواب، فالمشاركة في هذه الدورات القرآنية بالتعلّم والتعليم من أعظم الأعمال التي يباركها الله سبحانه، إذ قال النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله وسلم": (خيركم من تعلّم القرآن وعلمه).
وأضاف: أن هذه الدورات هي استثمار في الدنيا والأخرة، وبناء للأجيال على أساس متين من الإيمان والمعرفة، وهي أيضاً محطات للتربية والتعليم وتزكية النفس حيث تعلّمنا كيف نجعل من القرآن الكريم دستوراً نهتدي به، ونوراً نسير على ضوئه، فهنيئاً لكم أيها الخريجون والخريجات هذا الإنجاز العظيم، وهنيئاً لكم الشرف بحفظ كتاب الله وتلاوته وتفسيره وتعلمه، وأن ما وصلتم إليه اليوم ما هو إلا استكمال للطريق في خدمة القرآن الكريم والعمل به، فجعلوا القرآن نبراس حياتكم، وكونوا قدوة صالحة في أُسَرِكم ومجتمعكم، واحملوا رسالة القرآن الكريم نحو المجتمع بكل حُب وإخلاص، ولا يفوتنا في هذا المقام الكريم أن نوجه الشكر الجزيل والثناء الجميل إلى من كلّ من كان له دور في إنجاح الدورات التخصصية المستديمة في دفعتها الثامنة الطلبة والطالبات لمواظبتهم وحضورهم ونجاحهم.. المعلمين والمعلمات الذين بذلوا أوقاتهم وجهودهم بصبر وإخلاص.. وأولياء الأمور الكرام الذين كانوا داعمين ومساندين، وكل من ساهم في إنجاح هذا العمل المبارك في مركز القرآن الكريم للعتبة الكاظمية المقدسة من داخله وخارجه من الأقسام والشُعب والوحدات الساندة، ونسأل الله العلي العظيم أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا.. )
بعدها شهد الحفل مشاركة لفرقة إنشاد الجوادين بقصيدة عنوانها: (قرآننا ملاذنا)، واختتم الحفل بتوزيع الشهادات التقديرية والهدايا على أساتذة الدورات وطلبتها وطالباتها من بركات الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام".
وتجدر الإشارة أن الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة تواصل نهجها الراسخ من خلال رؤيتها العميقة في تعزيز الوعي القرآني، مؤمنةً بأهمية تربية الأجيال على معارف الكتاب العزيز، وتسعى لتأسيس مجتمع قرآني متميز يبقى ثابتاً في رسالته وقيمه، مستنيراً بنور القرآن، وقائماً على المبادئ التي زرعها أهل بيت النبوة "عليهم السلام".