مراتب استهزاء المنافقين
  الاستهزاء بالآخرين والسخرية منهم، وإن كانا غير مشروعين ومحرمين في جميع الأحوال: (لا يسخر قوم من فوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولاً نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن). إلا أن مراتب قبحهما تختلف باختلاف مواردهما؛ فالمنافقون كانوا تارة يستهزءون بالمؤمنين،  تارة أخرى بأولياء الله، وتارة ثالثة بالأئمة والأنبياء (صلى الله عليه واله وسلم)، وتارة رابعة لسورة البقرة يسخرون بآيات الله. وعلى الرغم من ان الاستهزاء بالمؤمنين هو فسق، إلا أن الاستهزاء بالله والرسول وآيات الله يعادل الكفر: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66]. بالطبع، من المعلوم أنه إذا كان الاستهزاء بالمؤمنين هو بسبب وصفهم بالإيمان، فهو يعد كفراً أيضاً؛ لأن فحوى هذا الاستهزاء العملي والعمدي هو استهزاء بالوحي والرسالة، وليس استهزاء بأشخاص بعينهم.

لقد كان هدف المنافقين الوحيد من إظهار الإيمان في حضور المؤمنين هو الاستهزاء بهم (إنما نحن مستهزؤون)، ولم يكن من وراء عملهم هذا أي غرض عقلاني، لا لهم ولا لغيرهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة: 65].