تنظيمات السيادة الهرمية Dominance hierarchy
 
تشير الدرسات الى ان السلوك الاجتماعي يتمايز ويختلف تبعا لاختلاف وتمايز أسس التنظيم الاجتماعي في الحيوانات ومن بين هذه الاسس تنظيمات السيادة الهرمية وهي تمثل الطريقة التي تمنع بها مجتمعات حيوانية كثيرة السلوك العدواني الذي يكون سببا في هدم وحدة المجموعة السكانية للنوع وهذا النظام ينشأ على اساس ان يأخذ كل بالغ موقعاً اجتماعياً مثبتاً بالنسبة الى كل بالغ آخر من النوع نفسه.
ولنأخذ مثلاً هذا التنظيم في المجتمع السكاني للدجاج. فالمعروف ان الدجاج حيوان ألفه الانسان منذ زمن بعيد ولاحظ جوانب عدة من سلوكه من دون محاولة لفهم طبيعة هذا السلوك او ذاك ومغزاه. الا ان العالم النرويجي شلدروب آبي Schielderup-Ebbe شاهد ضمن مجموعة من الدجاج في كل حظيرة تقوم بدور المتحكم فهي دائمة النقر للدجاجات الاخرى من غير ان ترد عليها الدجاجات، ولاحظ شلدروب ابي ان كل دجاجتين تأكلان معاً تنقر واحدة منهما الاخرى التي تخضع لهذه الاساءة فلا ترد عليها بمثلها ، وقد امكنه ان يميز بين الدجاجات كل بلونها ومظهرها ، واستطاع ان يتوصل الى ان هناك نوعا من الترتيب في النقر Peck order او السيادة الهيرارشية.
ان مشاهدات شلدروب لدجاجاته حفز الباحثين على الاهتمام بهذه الدراسات وتطبيقاتها وتوصلوا الى صدق استنتاجات شلدروب ودقتها وصحة قانونه الذي وضعه والذي حدد العلاقه بين مجتمع من الدجاج يعيش في مكان واحد ، أي في مجتمع يتألف من ثلاث دجاجات ( أ ، ب، ج.) فوجد ان الدجاجة (أ) تنقر الدجاجتين (ب، جـ) ولا تستطيع أي منهما الرد ، وتنقر الدجاجة (ب) الدجاجة (ج) التي لا تستطيع رد العدوان عن نفسها وبذا فان الدجاجة تخضع للدجاجتين (أ، ب) كلتيهما بينما تخضع الدجاجة (ب) للدجاجة (أ) ، من هذا يتضح ان هناك ترتيبا بين الدجاجات الثلاث تعرفه كل منها وتلتزم به.
ان سلوك النقر بين الدجاج والسيادة الهيرارشية الموجودة فيه يمكن ملاحظته بوضوح عند ادخال دجاجة الى مجموعة سكانية تعيش معا مدة ما ، اذ تستقبل الدجاجة الدخيلة بالنقر فترد عليها بالضرب والاعتداء الى ان تستقر بعد سلسلة من الحركات العدوانية يظهر من خلالها من الذي يسود القطيع.
لقد أوضحت نتائج البحوث والدراسات عن السيادة لدى الدجاج ان كثير بل جميع الفقريات فضلا عن كثير من اللافقريات مثل الحشرات والسرطانات والعناكب وغيرها مثل هذا النظام ، ويمثل هذا احدى حالات تنظيم السلوك الاجتماعي لدى الحيوانات.
ان نظام السيادة الهرمي يقلل العدوان ضمن المجموعة الاجتماعية. وتظهر المجموعات السكانية للحيوانات بأنواعها المختلفة صيغة معينة من التخصص في الادوار الوظيفية وتبنى هذه على فروقات حياتية تشارك فيها الصغار واليافعون والبالغون من الذكور والاناث ويتم ذلك بطرائق مختلفة. فاذا كانت المجموعة السكانية مؤسسة على أكثر من زوج واحد بالغ ومتزوج فان كل واحدة من هذه المراحل تحتوي افردا عديدين ، وعلى الرغم من ان وجود التجمعات الاجتماعية يعني انقاص التنافس والتفاعلات العدوانية بين الافراد  المتكافئين الا انه لا يكون معدوما كليا وعادة ما يبقى التنافس على الموارد المشتركة والغذاء والازواج ومواقع التعشيش وتستمر المطلقات التركيبية والسلوكية للعروض العدوانية.
بغية تقليل او الحد من التنافس والسلوك العدواني في هدم وحدة المجموعة السكانية يتم تنظيم نظام سيادة هرمي Dominance hierarchy وهو نظام يملك كل بالغ فيه موقعاً اجتماعياً مثبتا بالنسبة لكل بالغ آخر من الجنس نفسه.