أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-03
1009
التاريخ: 2023-11-15
1198
التاريخ: 2023-11-02
1015
التاريخ: 2023-11-04
1055
|
تشمل هذه الطبقة عامة الشعب في الارياف والمدن ثم البورجوازية التي يرتبط بها اعضاء المهن الحرة (القضاة والمحامون وكتاب العدول والاساتذة والاطباء). ثم البورجوازية العليا (ممثلو المال والتجارة الكبيرة كأصحاب السفن والبنوك ومتعهدو الضرائب).
أ - البورجوازية:
من الملاحظ ان المجتمع الفرنسي كان ما يزال مجتمعاً زراعياً حتى منتصف القرن الثامن عشر لذلك فان طبقة البورجوازية بجميع اشكالها (العليا والصغيرة كانت لا تشكل الا أقلية بالنسبة لطبقة المزارعين. وعلى الرغم من اقليتها هذه فقد شكلت هذه مجموعات عديدة منها:
- بورجوازية اصحاب الدخل يعيشون من فائدة رؤوس اموالهم. ومن مداخيل الاملاك العقارية.
- مجموعة المهن الحرة ورجال القانون من %10 الى 20 من اعداد البورجوازيين. هذه الفئة لعبت دوراً كبيراً سنة 1789 لانتمائها المتحمس لفلسفة الانوار.
- مجموعة الحرفيين والحانوتيين وهي بورجوازية صغيرة أو متوسطة.
- مجموعة بورجوازية الاعمال الكبرى وتأتي في اعلا السلم وتشمل فئة المتعهدين وبورجوازية المال والتجارة الخارجية. كانت هذه المجموعات لا تقل شأناً في المجتمع الفرنسي عن ارستقراطية المولد بفضل ثرواتهم الضخمة وقروضهم للدولة وهباتهم للملوك.
اما البورجوازية الصناعية فكانت ما تزال مرتبطة بالتجارة (التاجر يقدم المواد الأولية للحرفي ويأخذها مواداً صناعية) الا انه بعد ظهور صناعة التعدين ابتدأ الانتاج الرأسمالي في الظهور في أواخر القرن الثامن عشر.
ب- سكان المدن
لقد كان سكان المدن الذين يشكلون حوالي %16 من مجموع الشعب فئات مختلفة ومجزأة الى عدة مجموعات. فالتجار الاغنياء يتطلعون لأن يصبحوا من كبار رجال الصناعة والصناع يقاومون الضغط حتى لا يتحولوا الى طبقة البروليتاريا. وعلى الرغم من هذه الانقسامات فقد التحموا التحاماً وثيقاً بالبورجوازية الثورية بسبب حقدهم على الارستقراطية وعلى النظام القائم. اما عن وضع الصناع والعمال الذين لفظتهم الزراعة ولم تستقطبهم الصناعة بعد، فقد كانوا أكثر الطبقات بؤساً وأسواهم حالاً واشدهم تأثراً بالضائقات المالية نظراً لسوء حالة الصناعة والتجارة وتأدية الضرائب الجمركية العالية حتى انهم كانوا يجدون في نظام طوائف الحرف الفاسد عائقاً في سبيل تقدمهم. وكان من السائد عند البورجوازية القول ان الفقر دلالة على عدم الرضا الالهي ثم مع تطور الاقتصاد الاوروبي أصبح الفقر بالنسبة لها يمثل عقاباً عادلاً للكسل وللانحراف.
ان ما حدث قبيل الثورة بعدة أشهر ليشهد على مدى فعالية سكان المدن في قيام هذه الثورة. فعلى أثر اعلان صاحب مصنع الورق ريفيون بأن العامل يستطيع ان يعيش بـ 15 فلساً بدلاً من 20 فلساً وهو المعدل اليومي، قامت المظاهرات وذهب فيها الكثير من الضحايا احتجاجاً على هذا الاعلان وما نلمسه في هذا اليوم الثوري ازدياد وضوح الاسباب الاجتماعية والاقتصادية للثورة الفرنسية. أما خلال الثورة فقد مثل سكان المدن عنصراً عظيماً فيها: الذين أسقطوا الباستيل وهاجموا الملك في فرساي وشكلوا الحرس الوطني الذي حمى الثورة.
ج- الفلاحون (القرويون)
كان يبلغ عدد سكان الريف الذين يعيشون من الزراعة حوالي عشرين مليوناً. اذ ان الانتاج الزراعي بقي مسيطراً على الحياة الاقتصادية حتى اواخر القرن الثامن عشر. ومن هنا جاء دور القرويين مهماً في الثورة بل من أهم الحوافز التي حركت هؤلاء هي حقوق الاسياد واستمرار الاقطاعية والضرائب الفادحة التي كانت تلقى على كواهلهم. لأن الأشراف والاكليروس كانوا يرفضون دفع ما يتوجب عليهم من الضرائب.
كان المجتمع القروي يحوي فروقاً ومتناقضات بمقدار ما كان يحوي سكان المدن: (المزارعون الكبار والفلاحون والمزارعون بعقد والمزارعون بالمناصفة وصغار القرويين والمياومين الذين لا يملكون الا سواعدهم). وعلى الرغم من وضعهم السيء فقد كان يُلقى عليهم اعباء عديدة منها:
- الاعباء الملكية: كان على القروي وحده دفع ضريبة عقارية عن المساكن والأراضي هي ضريبة التاي (Taille) بالإضافة الى ان الحكومة كانت تحتكر الملح وتجبر كل شخص على شراء قدر معين منه وتعرف باسم (Gabelle). إلى جانب مساهمته في ضريبة الاعناق والعشرينات عن مداخيل الاملاك غير المنقولة والتجارة والحقوق الاقطاعية. ثم تأدية السخرة في اعمال الطرق والنقل العسكري.
- الاعباء الكنسية: على الرغم من ان الكنيسة كانت تمتلك ثروة هائلة فقد فرضت على القروي ان يدفع ضريبة تبلغ العشر على الغلال والمواشي. وبدل من ان تنفق الكنيسة اموالها على الفقراء والاعمال الخيرية فقد تركتها تحت تصرف كبار رجالها..
- الاعباء الاقطاعية: وكانت هذه اثقل الخدمات المفروضة على القروي واشدها كراهية لنفسه فقد كان يفرض عليه دفع ضريبة المكوس عن الانتقال عبور الجسور والسير في الطرق ودفع حصة عينيـة مـن محصولاته ورسوم مفروضة على عصر الاعناب وطحن الغلال واستخدام الافران. فضلاً عن حقوق الاسياد التي تشمل حق الصيد أراضي الفلاح دون تعويض. وتسخير القروي في خدمة السيد الاقطاعي ودفع الاتاوات والاكراميات عند بيع الارض أو انتقالها الى أحد الابناء.
ويكفي ان نذكر ما كان يتوجب على القروي دفعه من أصل ما يحصله لنعرف فداحة الضرائب التي كانت مفروضة عليه. فقد كان يدفع من أصل مائة فرنك يجنيها: 14 فرنكاً للنبيل و14 للكنيسة و53 فرنكاً للحكومة. بالإضافة الى ان الطبقة البورجوازية وحتى سكان المدن كانوا ينظرون الى الفلاح انه الكائن الجاهل المتوجب عليه خدمة الطبقات الحاكمة وتمويل الخزانات الملكية.
د - رجال الجيش
كانت الرتب العليا في الجيش محصورة في طبقة الاشراف دون الاخذ بعين الاعتبار القدرة العسكرية للشخص. لذا فقد استخف الافراد برؤسائهم الذين تنقصهم الخبرة العسكرية وعندما قامت الثورة لم تستطع الحكومة الاعتماد على الجيش في قمع الثورة او تسييرها في اتجاه معين.
يتبين من هذا العرض الموجز والمبسط مدى الهوة الساحقة والعداء الذي استحكم بين الطبقة الممتازة والغير ممتازة في ظل النظام القديم الذي أصبح مجتمعاً معقداً يتميز باختلافات كبيرة على جميع المستويات. ومن ثم فان الوعي المتزايد والحالة الاقتصادية النامية التي وصلت اليها الطبقة الوسطى جعلها تقف بوجه الهجوم الارستقراطي الذي اساء الى تطلعاتها واثار سخط الفلاحين الذين ساندوا البورجوازية في تحديها التاريخي الذي حصل عام 1789.
اما عن الحالة السياسية التي سادت فرنسا في القرن الثامن عشر. فإنه على الرغم من أن الملكية ظلت فيها حتى أواخر القرن الثامن عشر تتمتع بنفس النظرية التي كانت سائدة في اوروبا منذ أيام لويس الثالث عشر وهي نظرية الحق الالهي للملوك في الحكم. إلا أنها من جانب آخر فقدت هيبتها والكثير من عناصرها في أواخر القرن وذلك نتيجة لمساوئ الملوك التي تمثلت في هزائم جيوش لويس الرابع عشر وكذلك الحروب التي استنزفت الاموال والارواح فضلاً عن انتشار الأوبئة والمجاعات بين عامة الشعب وكثرة الاضطهاد الديني والسياسي وفداحة الضرائب والمبالغة في الاسراف الشديد من جانب الملك وحاشيته ...
وعندما اعتلى لويس الخامس عشر العرش (1715 - 1774) استبشر الناس أول الأمر خيراً. ولكن ما اشتهر به هذا الملك من الانغماس في الشهوات جعل الناس يصابون بخيبة امل عظيمة. وان كلمة لويس الخامس عشر المأثورة: من بعدي الطوفان ( Aprés moi les déluge) لتدل دلالة واضحة عن اليأس والانانية التي اصابت المؤسسة الملكية في هذا العهد. وتجدر الاشارة هنا الى ان السخط العام والهجمة الفكرية لم تكن موجهة ضد النظام الملكي الارستقراطي، بقدر ما كانت موجهة ضد شخص هؤلاء الملوك. وخاصة ان فريدريك العظيم البروسي قد اثبت كيف يستطيع الملك الحازم ان ينقذ بلاده من الاضطراب والاضمحلال. ولهذا فان الشعب نفسه وهو في اعلا مراحل الثورة لم يكن يفكر مطلقاً سوى بعض الاستثناءات) في اقامة الجمهورية والقضاء على الملكية.
أما في عهد لويس السادس عشر فقد مني الشعب ايضاً بخيبة أكبر ويأس وذلك على الرغم من رغبة هذا الملك في الاصلاح. إلا أنه كان عاجزاً عن تنفيذه في دولة فسدت فيها اداة الحكم وكان لا يمكن اصلاحها الا بإرادة قوية وهي الصفة التي كان يفتقر اليها لويس السادس عشر وحتى ان ضعف ارادته كانت من العوامل الهامة لاشتداد الثورة. عدا عن أنه كان مستسلماً لإرادة زوجته النمساوية ماري انطوانيت التي كانت تتمتع بسلطة واسعة مما كان له أثر سيء على سياسة الدولة وخاصة ان هذه الملكة كانت مولعة بحياة الترف والبذخ والاسراف وبعيدة عن كل محاولة اصلاحية.
بالإضافة إلى كونها، نمساوية، البلد الذي كان عدواً تقليدياً لفرنسا. فالنمسا بنظر الفرنسيين أضاعت على فرنسا ممتلكاتها في أميركا والهند أثناء حرب السبع سنوات. ولم يجد الفرنسيون تعبيراً لذمها أكثر من قولهم: «النمساوية» (Autrichienne) ومن قول أحدهم (إن الملك كان حوله رجل واحد.. زوجته». لهذا فقد كان لويس السادس عشر يتخبط في سياسته الداخلية والخارجية. ولو أنه استمع إلى آراء وزراء المال امثال تيرغو (Turgot) ونيكر (Necker) لكان من الممكن ان يتغير وجه الثورة.
ب. فلسفة الانوار
تبوأت فرنسا في القرن الثامن عشر مكانة عظيمة في عالم الفكر بفضل عدد من الفلاسفة مثلت فلسفتهم مصالح ومتطلبات الاغلبية العظمى من المجتمع الفرنسي. اذ إن انتقادات هؤلاء الفلاسفة لم تقتصر على المسائل الدينية والسياسة الضرائبية والاستغلال الاقطاعي فقط، بل شملت النظام الذي يقوم على نظرية الحق الالهي واستبداد الملكية ومؤسساتها السياسية فطالبوا بالتسامح الديني والمساواة الاجتماعية والأخذ بمذهب سيادة الشعب واقامة العدل والمحافظة على حقوق الانسان الطبيعية المتجسدة في الحرية وحق التملك المقدس كما طالبوا بإحلال سيادة العقل محل التسلط والتقليد وميتا فيزياء القرن السابع عشر، معتبرين العصر الوسيط مرحلة انقطاع حضاري للبشرية. وهكذا خاض فلاسفة القرن الثامن عشر الفرنسيين معاركهم ضد السلطة على ارضية سياسية بحتة بعد ان تجاوزوا الصراع الديني الذي اتخذته البورجوازية الاوروبية في القرن السادس عشر سلاحاً لها ضد الاقطاعية الدينية والارستقراطية.
وان كانت فلسفة التنوير قد تحدرت من الفلسفة الديكارتية، إلا انها تدين بمنهجها وجوهرها الى فلسفة لوك وواقع الحياة السياسية الانكليزية ايضاً. فبينما تنتمي فلسفة لوك الى القرن السابع عشر في انكلترا فإنها تنتمي في فرنسا الى القرن الثامن عشر، وفي حين مثلت فرنسا، ما قبل الثورة، هجوماً على المصالح الاقطاعية نراها في انكلترا، بعد الثورة الجليلة، تنتصب دفاعاً عنها. ومع ذلك فقد تجاوز الفلاسفة الفرنسيون معلمهم لوك وجعلوا من القرن الثامن عشر قرناً فرنسياً لا جدال فيه: «ثمة اسباب اجتماعية، فضلاً عن السياسية، اعطت الفلسفة السياسية الفرنسية نغمة من المرارة ليس لها نظير في فلسفة لوك. كان المجتمع الفرنسي نسيجاً من امتيازات جعلت الانقسام بين الطبقات اشد وعياً، وأكثر استفزازاً ان لم يكن أكثر واقعية منه في انكلترا. وكان رجال الدين لا يزالون يملكون نحو خمس اراضي فرنسا بالإضافة الى دخل طائل وامتيازات واعفاءات جوهرية ولكن بلا تفوق اخلاقي او فكري يبرر، مركزهم وكذلك كانت طبقة النبلاء تتمتع بامتيازات بلا سلطة سياسية أو زعامة ، وقد امتازت فلسفة الانوار هذه بعدة مميزات رئيسية اهمها:
- انها كانت عالمية النزعة تخطت الحدود الجغرافية لانطلاقتها، فتجاوزت بذلك التعصب القومي والتزمت الاقليمي اللذين سادا اوروبا في تلك الحقبة.
- انها اشادت بالإنسان الحر وكانت ذات نزعة فردية خالصة باعتبارها الفرد محور المجتمع المدني.
- انها كانت معادية لهيمنة الكنيسة ومفاسد المؤسسة السياسية.
- انها كانت ذات منهج تجريبي جدلي مجدت العقل ونبذت الخرافات والترهات.
- انها طرحت تصوراً جديداً للعالم ومهدت لانطلاقة البشرية وتطورها.
واهم هؤلاء الفلاسفة وأعظمهم اثراً لوك وفولتير ومونتسكيو وروسو.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|