أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-6-2021
2319
التاريخ: 1-12-2016
2575
التاريخ: 1-12-2016
2378
التاريخ: 23-9-2016
2312
|
ترجع الصلات السياسية بين مملكة آشور مع مملكة أشنونا إلى مرحلة التأسيس التي اعقبت عملية الانفصال عن السلطة المركزية لسلالة أور الثالثة، فبعد ان تمكن (بوزور-آشور الاول ق.م Puzur-AššurI 2004-1984) من اقامة سلالة حاكمة في آشور، عمل وبالتعاون مع بعض القبائل الامورية المنتشرة حول آشور على مد نفوذه نحو المناطق المجاورة (1)، وخاصةً تلك المحصورة بين نهر(زابو-شابالو Zabu-šapalu) "الزاب الاسفل"، ونهر (ردانو Rdanu) "العظيم"(2)، مما أدى إلى حصول النزاع بينه وبين ملك أشنونا (نور-آخوم ق.م Nur-Ahum 2010-2002) والذي كان يسعى هو الاخر نحو بسط سيطرته عليها (3)، ويبدو ان الصراع بين الطرفين لم يسفر عن سيطرت احداهما على تلك المنطقة، مما دفع ملك آشور "بوزور-آشور الاول" إلى التحالف مع (كنداتو Kindattu 2005 ق.م) حاكم (سيماشكي Simaški) في عيلام، وبالتالي تعرضت مملكة أشنونا إلى هجوم مباغت قامت به قوات مشتركة من "آشور، وعيلام" اسفر عن طرد الملك "نور-آخوم" من عرشه (4) ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً اذ سرعان ما تمكن ملك أشنونا من استعادة عرشه، كما مد نفوذه نحو آشور وسيطر عليها وكان ذلك بمساعدة مملكة إيسن وقد أرخ الملك "نور-آخوم" ذلك الانتصار في احدى سنوات حكمه حيث جاء فيها: "السنة التي فيها الملك تشباك ضرب باليد على رأس سوبارتو" (5) وقد استمرت سيطرة مملكة أشنونا على آشور حتى زمن (كيري-كيري Kirikiri 2001-1993 ق.م) ملك أشنونا، ولكن لفترة قصيرة، تخلصت بعدها مملكة آشور من سيطرة أشنونا (6) وراح الملك الاشوري "بوزور-آشور الاول" يعمل على تحصين وتقوية مملكته من خلال بناء الاسوار حولها (7)، في حين اعتلى العرش في مملكة أشنونا الملك (بيلا لاما Bilalama 1992-1977 ق.م) والذي استطاع ان يمد نفوذه نحو الجهات الشمالية حيث وسع حدود مملكته لتصل إلى منطقتي "كركوك" و"أربيل" (8) ولكنه لم يتمكن من فرض سيطرته على آشور والتي تولى الحكم فيها الملك(9) (شالم-آخوم (Šalim-Ahum 1983-1963 .
شهدت مملكة أشنونا بعد ذلك مرحلة من الضعف والانحلال تعاقب الحكم خلالها مجموعة من الحكام التابعين، مرت في عهدهم المملكة بعدّة انتكاسات ثم خضعت اخيراً الى سيطرة مجموعة من الممالك الاخرى(10)، وقد استغل ملك آشور(إيلو-شوما Ilu-šuma1962-1942 ق.م) حالة الضعف والتدهور التي شهدتها مملكة أشنونا فمد نفوذه نحو جنوب بلاد الرافدين وسيطر على عدد من المدن فيه (11)، ثم تولى الحكم بعد ذلك في آشور الملك (أيريشم الاول ErešumI 1941-1902 ق.م)، والذي حافظ على قوة مملكة آشور وازدهارها، كما انه عاصره خلال مدة حكمه مجموعة من ملوك أشنونا كان اخرهم (أبق-أدد الاول Ipiq-AdadI 1917-1885 ق.م) الذي لقب نفسه "بالحاكم" و "الأمير"(12). ثم تعاقب على حكم مملكة آشور عدة ملوك منهم الملك (أيكونوم Ikunum1901-1890 ق.م)، و (سرجون الاول Šarru-gīn I) الاشوري (1889-1875 ق.م) الذي وسع حدود مملكته (13)، باتجاه أشنونا من خلال دعمه(يشكر-آيل Yašker-el) وهو جد الملك "شمشي-أدد الاول" واحد الزعماء الاموريين الذي نجح في السيطرة على اقليم (زارالولو Zaralulu) "تل الضباعي حالياً" أحد المراكز التابعة لمملكة أشنونا(14) ونصب نفسه حاكماً على ذلك الاقليم في زمن ملك أشنونا "أبق-أدد الاول"(15). ولكن عصر القوة والازدهار الاقتصادي والسياسي الذي شهدته مملكة آشور لم يستمر طويلا، حيث دب الضعف فيها وخاصةً في السنوات الاخيرة من حكم الملك "سرجون الاول"، كما انها خضعت إلى سيطرة (ورسا Warassa1881-1875 ق.م) ملك أشنونا والذي أرخ سنة حكمه الخامسة بذلك الحدث حيث جاء فيها :"السنة التي استولى فيها ورسا على آشور"(16).
وعلى الرغم من ذلك فان سيطرت مملكة أشنونا على آشور لم تكن طويلة حيث تمكن الملك الاشوري (بوزور-آشور الثاني Puzur-AššurII 1874-1848 ق.م) من التخلص منها في السنوات الاولى لحكمه، وكان يعاصره في حكم مملكة أشنونا الملك (بيلاكومBelakum 1874-1864 ق.م ) والذي فرض سيطرته على كامل منطقة "ديالى"(17)، كما ان الملك الاشوري "بوزور-آشور الثاني" وابنه الذي خلفه في الحكم وهو (نرام-سين Naram-Sin 1847-1816 ق.م) قد عاصرا (أيلا-كبكبو Ila-Kabkabu1854-1838 ق.م) وهو ابن "يشكر-آيل"، وولد الملك "شمشي-أدد الاول"(18)، وكان يمتلك قوات عسكرية لا يستهان بها، اسند قيادة جزءاً منها وخاصةً القريبة من أشنونا إلى ابنه الاكبر (أمينيوم Aminum)، ويبدو ان الملك الاشوري "نرام-سين" قدم الدعم والمساعدة لـ "أمينيوم" والذي مد نفوذه نحو مملكة أشنونا فسيطر على احد المراكز التابعة لها وهو (شادوبّومŠaduppum)(19)، حينما هزم قوات ملك أشنونا (أبق-أدد الثاني Ipiq-AdadII 1850-1813 ق.م) في الايام الاخيرة من سنة حكمه الاولى(20)، ولكن ملك أشنونا سرعان ما اعاد لمملكته قوتها، ثم وجه ضربات قوية لقوات "أمينيوم" واضطره الى الانسحاب نحو المناطق الغربية دون العودة مرةً اخرى(21)، ثم حدث ان توفي " أيلا-كبكبو" عن عمر ناهض الـ (65) عاماً، في الوقت الذي اصبح فيه "أمينيوم" وقواته تحت أمرة وتصرف أخيه الاصغر(22) (شمشي-أدد الاول (Šamši-AdadI 1836-1818 ق.م الذي تولى إدارة الامور والعمل من آجل ضرب مملكة أشنونا، وكان حليفه في صراعه ضد أشنونا هو (سين-آبوشو Sin-Abušu) حاكم (نيريبتوم Nerebtum) "تل أشجالي حالياً"(23) الذي استطاع ان يمد نفوذه بعد ان تلقى الدعم من "شمشي-أدد الاول"، الى المدن المجاورة له مستغلاً مرحلة الضعف التي شهدتها مملكة أشنونا فاستولى على "شادوبّوم وزارا لولو"(24)، ورداً على ذلك قام ملك أشنونا "أبق-أدد الثاني" من تجهيز حملة عسكرية ضمت اعداداً كبيرة من المقاتلين وقد اسند قيادتها الى ابنه الاصغر (دانوم-تخاز Dannum-tahaz)، وكان الهدف منها مهاجمة بعض المدن والاراضي التابعة "لشمشي-أدد الاول"، ولكن الاخير نجح في التصدي لتلك القوات وعمل على تفريقها(25).
لقد أثارت أعمال وتحركات "شمشي-أدد الاول" وأزدياد قوته العسكرية وسعة الاراضي التي اصبحت تحت سيطرته، بالأضافة الى نجاحه في اقامة علاقات سياسية مع الحكام والملوك المعاصرين له، ومن ثم قيامه بتحريض بعض الزعماء الاموريين في مدينة "أيكالاتوم" على التمرد والعصيان ضد السلطة الاشورية(26)، كل ذلك آثار حفيظة ومخاوف الملك الاشوري "نرام-سين" والذي رأى في "شمشي-أدد" خطراً يهدد مملكته، لذلك قام بتجهيز حملة عسكرية كبيرة تقدمت قواته فيها على طول نهر دجلة فأعدت الاستقرار والهدوء لمدينة "أيكالاتوم" بعد ان شهدت حالة من الفوضى والاضطراب، ثم استمرت في تقدمها حتى وصلت الى مناطق اعالي ما بين النهرين(27) الامر الذي اضطر "شمشي-أدد الاول" الى الفرار امام زحف الملك الاشوري "نرام-سين" واللجوء الى بابل(28)، وبقي هنالك حتى وفاة الملك الاشوري "نرام-سين" وتولى ابنه (أيريشم-الثاني ErešumII1815-1813 ق.م) الحكم في مملكة آشور(29)، ثم بدأ "شمشي-أدد الاول" تحركه العسكري مستغلاً حالة الفوضى والارتباك السياسي التي شهدتها آشور بعد تولي الملك الجديد الحكم فيها، فبسط سيطرته الكاملة على مملكة آشور في عام (1813 ق.م)، وأتخذ من مدينة "شوبات-أنليل" مقراً له(30) واخذ يدير شؤون المملكة من هناك وقد عاصره في سنة حكمه الاولى ملك أشنونا "أبق-أدد الثاني" ثم جاء بعده ابنه الثاني (نرام-سين Naram-Sin1812-1803ق.م) والذي عمل على توسيع حدود مملكة أشنونا مستغلاَ انشغال الملك "شمشي-أدد الاول" في ترتيب الاوضاع في مقره الجديد "شوبات –أنليل" وقيام ابنه (أشمي-داگان Išme-dagan) بسحب جزء من القطعات العسكرية الموجودة على الجناح الشرقي (جبهة أشنونا)، الامر الذي فسح المجال امام الملك الأشنوني "نرام-سين" إلى القيام بهجوم سريع ومباغت تمكن فيه من الاستيلاء على مدينة (قبرا Qabra) شمالاً(31) ثم وصل الى مناطق ما بين النهرين(32)، الا ان قوات مملكة أشنونا انسحبت من تلك المناطق ولم تبقِ فيها، ثم سادت مرحلة من الضعف والانكماش تعاقب فيها على حكم أشنونا مجموعة من الحكام والملوك الضعفاء(33). أنتهت تلك المرحلة بتولي الملك (دادوشا Daduša 1797-1786 ق.م) الحكم في أشنونا والذي عمل على تقوية مملكته واستعادت نفوذها(34)، من خلال قيامه بتجهيز الحملات العسكرية في الجهات المختلفة، حيث زحفت قواته على طول نهر دجلة باتجاه آشور واصطدمت بالقوات الاشورية في مدينة "أيكالاتوم" والتي كانت بقيادة "أشمي-داگان" وتمكنت من الحاق الهزيمة بها، وقد أرخ الملك "دادوشا" سنة حكمه الخامسة بذلك الانتصار حيث جاء فيها :
"السنة التي سحق فيها "دادوشا" جيش أيكالاتوم" (35).
وعلى الرغم من كون الاحلاف والاحلاف المضادة وتغيير العلاقات وتناقضها من ميزات العصر البابلي القديم، فقد اتفق الطرفان المتحاربان على عقد حلف بينهما(36) ولم تزودنا النصوص الكتابية من هذا العصر بأي معلومات تاريخية عن ما هية الظروف السياسية التي ادت الى عقد هذا الحلف بين الملك الاشوري "شمشي-أدد الاول" وملك أشنونا "دادوشا" ولعلها كانت تتمثل بظهور قوة "حمورابي" في مملكة بابل المعاصرة لهما أو ربما للتحديات التي واجهت كلا الطرفين من قبل قبائل "التركو" الخورية التي أصبح انتشارها ملحوظاً في العصر البابلي القديم(37)، وآخذت تسيطر على مناطق مهمة من جبال زاكروس ونزلت باتجاه آشور وأشنونا وبدأت تهدد مناطق شرق دجلة وهي مناطق السهول الخصبة التي كانت تحت نفوذ مملكة أشنونا(38)، وربما لان المناطق المتاخمة للحدود الشمالية من مملكة أشنونا كانت مثار قلق واضطرابات مستمرة تقوم بها القبائل الامورية القاطنة فيها مثل قبائل "الويلانوم" و"البو-عشتار" التي كانت تنزع إلى الاستقلال دائماً وربما أمام هذا تحالف الملكان(39) وعلى اثر ذلك الحلف فقد تم وضع بعض من جنود مملكة آشور في منطقة مانكيسوم على نهر دجلة(40) كما اشتركت قوات من أشنونا مع الجيش الاشوري بقيادة "أشمي-داگان" في الحملات الشرقية للملك "شمشي-أدد الاول"(41)، كما تزوج أحد ملوك آشور من ابنة الملك "دادوشا" والتي اصبحت فيما بعد تعمل كاهنة لمعبد آشور(42)، بالأضافة الى ذلك بدأ الطرفان حملة عسكرية مشتركة في المناطق الشرقية من مملكة آشور واستوليا على مدن (أرابخا Arrapha) "كركوك حاليا"، و (قبرا Qabra)(6).
لقد كانت "أرابخا" منطقة سهلية ذات موارد زراعية تمتد بين نهر الزاب الاسفل وجبال حمرين(43) وتشترك مع عموم المنطقة الشرقية في تكوين القوة الاقتصادية الآشورية، وقد جاءت معلوماتنا عن هذه الحملة من مسلة النصر العائد للملك "شمشي-أدد الأول"(44) اذ افادت ان الملك سيطر على "أرابخا" ودخل قصرها واقام احتفالاً دينياً فيها وبدأ يؤسس نظامها الاداري(45)، وعين حكامه في كل مكان منها ونصب القائد (أيتيلوم Ettelum) حاكماً عليها(46)، ونقرأ في نص المسلة:
"بأمر من الاله إنليل ... في السابع من آذار، أنا ذهبت الى ارابخا" ...
وقدمت ودخلت قصرها... وقبلت قدمي الاله ادد سيدي، وثبت تلك البلاد وعينت حكام في كل مكان واحتفلت بحرارة، الاحتفال "لشمش وأدد" في مدينة "أرابخا"(47) بالأضافة الى ذلك تشير المصادر التاريخية الى ان الحملة على "قبرا" كانت من الحملات المشتركة التي قام بها الملك "شمشي-أدد الأول" مع ملك أشنونا "دادوشا" ضد (بانو-عشتار Banu-Ištar) ملك أربيل وقد وصلت الينا اخبار هذه الحملة من مصدرين مهمين: المصدر الأول مسلة النصر العائدة للملك "شمشي-أدد"، والمصدر الثاني مسلة النصر العائدة للملك "دادوشا" نفسه، وذكر المصدر الاول أن الملك الآشوري بعد انتهائه من حملة "ارابخا" قد سار بقواته الى مملكة (أربيلوArbelu) التي تتكون من عدة مدن محصنة ومسورة وخاصةً مدينة قبرا التي كانت عبارة عن قلعة كبيرة جداً(48).
ويبدو أن الملك الآشوري سار بمحاذاة نهر الزاب الاسفل وسيطر على بعض المدن الواقعة على ضفافه كما نعرف من أحد النصوص الذي أفاد بذلك:
"الملك أخذ زاميياتوم Zameeatum ايانوم Aianum على ضفاف نهر الزاب (الاسفل) وكانت مدن محصنة ومسورة"(49).
ويذكر احد النصوص انه لم يبقَ الا مدينة واحدة تفصله عن قبرا هي (ساريما Sarema) ولذلك سار اليها فاستولى عليها سلمياً وبدون قتال وبقي فيها بعد ان انسحب اهلها من امامه كما جاء في النص:
"عندما سار الملك بقواته الفعلية الى ساريما Sarema التي هي من مدن قبرا، المدينة هجرت قبل ان يدخل الملك قبرا"(50).
ووفقاً لنص المسلة فانه في العشرين من شهر (آذار Addarum) عبر الملك نهر الزاب الاسفل باتجاه اراضي قبرا وقد استولى الملك "شمشي-أدد" على معظم اراضي اربيل ما عدا مدينة قبرا نفسها كما ذكر في النص:
"كل المدن المحصنة في بلاد قبرا قد اخذت، فقط قبرا لوحدها قد بقيت"(51).
ويبدو ان تحصينات واسوار مدينة قبرا كانت قوية مما دفع الملك الآشوري الى تغيير ستراتيجية حربه ضدها، وبدأ بتطبيق حرب الحصار، وذلك بتدمير محاصيلهم الزراعية في محاولة منه لمحاصرتها اقتصادياً، وتفيد الاخبار ان الملك قد نجح أخيراً في السيطرة على قبرا، ومما يؤكد ذلك ما ورد في قائمة سني حكم الملوك في ماري التي جاء فيها:
"في زمن اللمو اسقادوم Asqadum، شمشي-أدد أخذ قبرا"(52)
وقد اشترك في هذه الحملة "أشمي-داگان" مع ابيه وكانت تحت قيادته قوات آشورية وأشنونية مشتركة، أما "يسمح-أدد" فقد خلف والده في مدينة آشور ليشرف على المملكة وكانت تحت أمرته بعض من قوات الاحتياط التي وضعت في آشور لعملية اسناد الجيش الآشوري المشارك في المعركة ومن خلال الرسالة التي بعث بها "أشمي-داگان" إلى "يسمح-أدد" يطلب فيها التعزيزات العسكرية ذاكراً:
"ارسل لي الجيوش التي طلبتها وسيأتي سين-رابي Sin-Rabi ليأخذها"(53).
أما نص مسلة النصر للملك "دادوشا"، فقد جاء فيه:(54)
"دادوشا ابن أبق-أدد، الملك القوي الذي نصب على العرش، سُمّي بسيد جميع
البلاد، دادوشا الاقوى بين الملوك الذي انتصر على اعدائه ورفع رأس أشنونا
عالياً عندما دحر العصاة وحاصر المدينة (قبرا) واحتلها ولم يتمكن احد من
الملوك الذين حكموا قبله القيام بمثل هذا العمل"(55).
ويذكر دادوشا انه استولى على عدة مدن في اربيل منها (توتارا Tutarra، وخاتكوم Hatkum، خورارا Hurara، وكرخوم Kirhum) واحتل هذه المدن واخذ اهلها ونقل كنوزها الى مدينة أشنونا، وفي اليوم العاشر من الحملة فقد احتل مدينة قبرا وقبض على (بانو-عشتار Banu-Ištar) وذكر انه انسحب من مدينة قبرا تاركاً اياها للملك الآشوري "شمشي-أدد الأول" مقابل اخذ الغنائم إلى أشنونا حيث يقول:
"قد اعطيت كل ما ترك في البلاد والمدينة واقليمها الواسع وأناسها إلى شمشي-أدد ملك أيكالاتوم كهدية"(56).
لم يمضِ وقت طويل على تحالف الملكين الآشوري "شمشي-أدد" و ملك أشنونا "دادوشا" حتى بدأ النزاع يلقي بضلاله على العلاقة بينهما، إذ قام الملك "دادوشا" بتحريض المدن والاقاليم التابعة لبلاد آشور ضد الملك "شمشي-أدد الأول" مما اضطر الملك الآشوري للقيام بهجوم مباغت على قوات أشنونا في مدينة رابيقوم وطردها منها(57).
ثم هاجمت القوات الآشورية "دادوشا" في عقر داره فاستنجد بالملك (حمورابي Hammurabi 1792-1750 ق.م) ملك بابل الذي رفض بدوره التدخل في الصراع بين آشور وأشنونا، ونأى بمملكة بابل بعيداً عن الاحداث ربما لانه المستفيد الوحيد من تلك الحرب لما تسببه من اضعاف كلا الطرفين، مفسراً ذلك بانه كان منشغلاً في شق احدى قنوات الري(58).
وقد حققت الحملة الآشورية على أشنونا اهدافها في القضاء على حلم أشنونا بالتوسع، كما ساهمت فيما بعد على اضعاف مركز الملك "دادوشا" في الحكم وبالتالي اسقاطه(59) ونتيجةً لذلك فقد توج ابنه (إيبال-بيل الثاني Ibal-Pi-El II 1785-1773 ق.م) ملكاً على أشنونا، وربما تم ذلك بمباركة الملك الآشوري "شمشي-أدد الأول"، فدخلت أشنونا في حلف جديد مع آشور(60)، واتسمت العلاقات بين المملكتين بالصداقة والتحالف، كما تم تبادل الزيارات بين الملكيين(61) حتى ان ملك أشنونا "إيبال-بيل الثاني" أرخ سنة حكمه الخامسة بوفاة الملك "شمشي-أدد الأول"(62) وهذا يدل على العلاقات التي كانت تربط المملكتين واهمية هذه الحادثة(63)، وليس كما يعتقد بانه نوع من السيطرة او النفوذ الآشوري على أشنونا(64)، وقد خلف (أشمي-داگان Išme-Dagan) (1780-1741 ق.م) والده في حكم مملكة آشور وكان شجاعاً قوي الشخصية(65)، ويمتاز بتصريف الأمور بحكمه(66) وقد اكتسب خبرة عسكرية كبيرة من خلال مرافقته لأبيه في المعارك التي خاضها على جبهات مملكة آشور كافة، وتنسب جداول الملوك الآشوريين للملك "أشمي-داگان" حكماً دام اربعين سنة(67) وكانت مملكة آشور في عهده لا تزال مستمرة في حلفها مع مملكة أشنونا، ولكن بعد مضي اربع سنوات من حكمه، نقض ملك أشنونا "إيبال-بيل الثاني" حلفه مع آشور، وبدأ يهاجم المدن التابعة لأشور في جهة الغرب، حيث اشتبك مع القوات الآشورية هناك وتمكن من تحقيق النصر عليها وهو ما أرخ به ملك أشنونا سنة حكمه العاشرة(68)، ولكن حالة الصراع والعداء بين مملكتي أشنونا وآشور لم تستمر حيث حصل نوع من التحسن في العلاقات السياسية بين المملكتين، وخاصةً بعد تولي (صلّي-سين Silli-Sin) (1767-1761 ق.م) الحكم في أشنونا، والذي سعى إلى تقوية مملكته وتوسيع حدودها وذلك من خلال اتباعه سياسة التحالف مع القوى الاخرى، حيث نجح في عقد حلف مع مملكة آشور(69)، واستمر ذلك الحلف قائماً حتى سقوط أشنونا بيد الملك البابلي "حمورابي" في عام 1761 ق.م.
_______________
(1) فرحان، وليد محمد صالح، المصدر السابق، ص13.
(2) باقر، طه، مقدمة.. ، ج1، ص411.
(3) Edzard. D.O., ZZB, PP. 90-98.
(4) Yuhong, Wu., Op. Cit., PP. 7-11.
(5) Ibid., P.12 كذلك ينظر خارطة رقم (3).
(6) Harris, R., JCS, Vol.9 (1955), P.53.
(7) Johns, C.H.W., Op. Cit., P. 344.
(8) Roux, G., Op. Cit., P.170. كذلك ينظر خارطة رقم (3).
(9) Oates, D., Studdies in the Aneient History of Northern Iraq, P. 23F.
(10) Jacobsen, Th., OIP. 43, P. 135.
(11) فرحان، وليد محمد صالح، المصدر السابق، ص16.
(12) Yuhong, Wu., Op. Cit., P. 26. كذلك ينظر الجدول التعاصري، ص135.
(13) باقر، طه، مقدمة.. ، ج1، ص481.
(14) عثر على خمسة صيغ تاريخية لـ (يشكر-آيل) في اقليم "زارالولو"، ينظر
Yuhong, Wu. Op. Cit., P. 62.
(15) Ibid., P.63
(16) Yuhong, Wu., Op. Cit., P.37كذلك ينظر خارطة رقم (3).
(17) Edzard. D.O., ZZB, P. 106.
(18) Villard, B., Op. Cit., P.873.
(19) الأحمد، سامي سعيد، العراق القديم... ، .. ج2...، ص174.
(20) Yuhong, Wu., Op. Cit., P. 62.
(21) حميد، أحمد مجيد، "نصوص مسمارية غير منشورة من العهد البابلي القديم"، ص22.
(22) Yuhong, Wu., Op.Cit., PP. 63-65.
(23) حميد، أحمد مجيد، المصدر السابق، ص22.
(24) Yuhong, Wu., Op. Cit., PP. 47-51.
(25) Edzard. D.O., ZZB, P. 159.
(26) Villard, B., Op. Cit., P.873.
(4) Yuhong, Wu., Op.Cit., P. 64.
(27) Villard, B., Op.Cit., P.873.
(28) Gelb, J., JNES, Vol.13, Part.4 (1954), P.224.
(29) ساكز، هاري، عظمة بابل، ص60.
(30) قبرا: وهي مركز مدينة "اربيل" القديمة Arbilu وهي من المدن المحصنة والمسورة، ينظر:
Eidem, J., Iraq, Vol.47 (1985), P.83.
(31) Villard, B., Op. Cit., P.873. كذلك ينظر خارطة رقم (3).
(32) حميد، أحمد مجيد، "نصوص مسمارية غير منشورة من العهد البابلي القديم"، ص23-24.
(33) كلينغل، هورست، المصدر السابق، ص36.
(34) Sigrist, M. & Peter. D., Mesopotamian year names, P. 61.
(35) حميد، أحمد مجيد، المصدر السابق، ص23-24.
(36) بوتيرو، جين وآخرون، الشرق الادنى الحضارات المبكرة، ص200.
(37) العاني، عماد طارق توفيق، المصدر السابق، ص65.
(38) تشير المصادر الى ان ذلك التحالف قد تم في السنة الثالثة والعشرين من حكم الملك "شمشي-أدد"، ينظر
Yuhong, Wu. Op. Cit., P. 178.
(39) Macqueen, J.G., Op. Cit., P. 49.
(40) ARM, 1:161.
(41) Yuhong, Wu., Op.Cit., P. 180.
(42) Ibid, P. 183.
(43) Eidem, J., Iraq, Vol.47 (1985), P.83.
(44) هذه المسلة محفوظة في متحف اللوفر في باريس وبشأن قراءة النص المنقوش عليها، ينظر:
Grayson, A.K., ARI, Vol.1 (1972), P. 26FF.
(45) Eidem, J., Op. Cit., P.84.
(46) Yohong, Wu., Op.Cit., 186.
(47) Grayson, A.K., Op. Cit., P. 26.
(48) Eidem, J., Iraq, Vol.47 (1985), P.86.
(49) هذه الرسالة بعث بها "أشمي-داكان" إلى اخيه يسمح-أدد: ARM, 1:121
(50) تقع مدينة "ساريما" أسفل مدينة قبرا على نهر الزاب الاسفل، ينظر المصدرين: ARM, 4:49
Eidem, J., Iraq, Vol.47 (1985), P.85.
(51) ARM, 1:35.
(52) Yohong, Wu., Apolitical History of Eshnunna …., P.181.
(53) ARM, 1:126.
(54) عثر على هذه المسلة بالقرب من (بزايز خريسان بهرز) في منطقة ديالى عن طريق الصدفة نتيجة الاعمال الاروائية من قبل الاهالي وذلك سنة 1983م، وتبعد هذه المنطقة (1.5كم) عن تل اسمر، ويبلغ ارتفاع المسلة 180سم وعرضها 37سم وسمكها 18.5سم وتحمل الرقم المتحفي (95200) وهي من حجر الكلس، للمزيد عن هذه المسلة ينظر: الراوي، هالة عبد الكريم سليمان، المسلات الملكية في العراق القديم، ص109.
(55) .Postgate, J.N., Op. Cit., P. 248
(56) Ismail, B.K., IBZK, Vol.24 (1986), PP.105-109.
(57) Eidem, J., Iraq, Vol.47 (1985), P.47.. كذلك ينظر خارطة رقم (4)
(58) .Yohong, Wu. Op. Cit., P.162
(59) حميد، احمد مجيد، نصوص مسمارية غير منشورة من العصر البابلي القديم، ص25.
(60) .Munn-Rankin, J.M., Iraq, Vol.18/1 (1956), P.76
(61) .Dally, S., Mari and Karana…, P. 140
(62) .Baqir, T., Sumer, Vol.5 (1949), P.43
(63) غزالة، هديب حياوي، دور حضارة العراق في بلاد الشام، أطروحة دكتوراه غير منشورة
(القادسية، 2002)، ص153.
(64) الاعظمي، محمد طه، المصدر السابق ، ص37.
(65) باقر، طه، مقدمة ...، ج1، ص421.
(66) غزالة، هديب حياوي، المصدر السابق، ص144.
(67) . Gryson, A.K., ARI, Vol.1 (1972), P. 169
(68) . Sigrist. M., and Peter. D., Mesopotamian year Names…., P. 73
(69) حميد، احمد مجيد، نصوص مسمارية غير منشورة من العصر البابلي القديم، ص14.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|