أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2017
2995
التاريخ: 31-3-2018
1487
التاريخ: 22-10-2014
1206
التاريخ: 23-10-2014
1062
|
نقل عن بعض العلماء أنه قال : اعلم أن أظهر الموجودات و أجلاها هو اللّه ، فكان هذا يقتضي أن تكون معرفته أول المعارف و أسبقها إلى الافهام و أسهلها على العقول ، ونرى الأمر بالضد من ذلك فلا بد من بيان السبب فيه .وإنما قلنا إن أظهر الموجودات وأجلاها هو اللّه تعالى لمعنى لا نفهمه إلا بمثال ، وهو أنا إذا رأينا إنسانا يكتب أو يخيط مثلا كان كونه حيا من أظهر الموجودات فحياته و علمه و قدرته للخياطة أجلى عندنا من سائر صفاته الظاهرة و الباطنة ،إذ صفاته الباطنة كشهوته وغضبه و خلقه و صحته و مرضه كل ذلك لا نعرفه ، وصفاته الظاهرة لانعرف بعضها و بعضها نشك فيه ، كمقدار طوله و اختلاف لون بشرته و غير ذلك من صفاته ،أما حياته و قدرته و إرادته و علمه و كونه حيوانا فإنه جلي عندنا من غير أن يتعلق حسّ البصر بحياته و قدرته و إرادته ، فإن هذه الصفات لا تحس بشيء من الحواس الخمس ،ثم لا يمكن أن تعرف حياته و قدرته و إرادته إلا بخياطته و حركته. فلو نظرنا إلى كل ما في العالم سواه لم نعرف به صفاته فما عليه إلا دليل واحد وهو مع ذلك جلي واضح. ووجود اللّه تعالى و قدرته و علمه و سائر صفاته يشهد له بالضرورة كما نشاهده وندركه بالحواس الظاهرة و الباطنة من حجر و مدر و نبات و شجر و حيوان و سماء و أرض وكوكب و بر و بحر و نار و هواء و جوهر و عرض ، بل أول شاهد عليه أنفسنا و أجسامنا و أصنافنا و تقلب أحوالنا و تغير قلوبنا و جميع اطوارنا في حركاتنا و سكناتنا و أظهر الأشياء في علمنا أنفسنا ، ثم محسوساتنا بالحواس الخمس ، ثم مدركاتنا بالبصيرة والعقل ، و كل واحد من هذه المدركات له مدرك واحد و شاهد واحد و دليل واحد ،وجميع ما في العالم شواهد ناطقة و أدلة شاهدة بوجود خالقها و مدبرها و مصرفها و محركها و دالة على علمه و قدرته و لطفه و حكمته، والموجودات المدركة لا حصر لها ،فإن كانت حياة الكاتب ظاهرة عندنا و ليس يشهد له إلا شاهد واحد و هو ما أحسسنا من حركة يده ، فكيف لا يظهر عندنا من لا يتصور في الوجود شيئا داخل نفوسنا و خارجها إلا و هو شاهد عليه وعلى عظمته و جلاله ، إذ كل ذرة فإنها تنادي بلسان حالها أنه ليس وجودها بنفسها ولا حركتها بذاتها، وإنما تحتاج إلى موجد و محرك لها، ويشهد بذلك:
أولا: تركيب أعضائنا و ائتلاف عظامنا و لحومنا و أعصابنا و نبات شعورنا و تشكل أطرافنا و سائر أجزائنا الظاهرة و الباطنة ،فإنا نعلم أنها لم تأتلف بنفسها كما نعلم أن يد الكاتب لم تتحرك بنفسها ،ولكن لما لم يبق في الوجود مدرك و محسوس و معقول و حاضر وغائب إلا و هو شاهد و معرف فعظم ظهوره فابتهرت العقول و دهشت عن إدراكه فإذا ما يقصر عن فهمه عقولنا له سببان :
الأول : خفاؤه في نفسه و غموضه و ذلك لا يخفى مثاله.
الثاني : ما يتناهى وضوحه . وهذا كما أن الخفاش يبصر في الليل و لا يبصر في النهار لا لخفاء النهار و استتاره و لكن لشدة ظهوره ، فإن بصر الخفاش ضعيف يبهره نور الشمس إذا أشرق، فتكون قوة ظهوره مع ضعف بصره سبيلا لامتناع أبصاره ، فلا يرى شيئا إلا إذا امتزج الظلام بالضوء وضعف ظهوره. فكذلك عقولنا ضعيفة و جمال الحضرة الإلهية في نهاية الإشراق والاستنارة و في غاية الاستغراق و الشمول حتى لا يشذ عن ظهوره ذرة من ملكوت السماوات و الأرض فصار ظهوره سبب خفائه ،فسبحان من احتجب بإشراق نوره ،و اختفى عن الأبصار و البصائر بظهوره .ولا تتعجب من إخفاء ذلك بسبب الظهور فإن الأشياء تستبان بأضدادها و ما عم وجوده حتى لا ضد له عسر إدراكه. فلو اختلفت الأشياء فدل بعضها دون البعض أدرك التفرقة على قرب ،ولما اشتركت في الدلالة على نسق واحد أشكل الأمر و مثاله نور الشمس المشرق على الأرض ، فإنا نعلم أنه عرض من الأعراض يحدث في الأرض و يزول عند غيبة الشمس ، فلو كانت الشمس دائمة الإشراق لا غروب لها لكنا نظن أن لا هيئة في الأجسام إلا ألوانها و هي السواد و البياض و غيرهما ،فإنا لا نشاهد في الأسود إلا السواد و في الأبيض إلا البياض فأما الضوء فلا ندركه وحده. و لكن لما غابت الشمس و أظلمت المواضع أدركت تفرقة بين الحالتين ،فعلمنا أن الأجسام كانت قد استضاءت بضوء و اتصفت بصفة فارقتها عند الغروب ،فعرفنا وجود النور بعدمه و ما كنا نطلع عليه لو لا عدمه إلا بعسر شديد، وذلك لمشاهدتنا الأجسام متشابهة غير مختلفة في الظلام. والنور هذا مع أن النور أظهر المحسوسات إذ به يدرك سائر المحسوسات فما هو ظاهر في نفسه و هو مظهر لغيره ،أنظر كيف تصور أمره بسبب ظهوره لو لا طريان ضده ، فإذا الرب تعالى هو أظهر الأمور و به ظهرت الأشياء كلها ،ولو كان له عدم أو غيبة أو تغير لانهدت السماوات و الأرض و بطل الملك و الملكوت و لأدركت التفرقة بين الحالتين ، ولوكان بعض الأشياء موجودا به و بعضها موجودا بغيره لأدركت التفرقة بين الشيئين في الدلالة ولكن دلالته عامة في الأشياء على نسق واحد و وجوده دائم في الأحوال يستحيل خلافه فلا جرم أورث شدة الظهور خفاء ،فهذا هو السبب في قصور الأفهام عن معرفة اللّه تعالى .وانضم إليه ان المدركات التي هي شاهدة على اللّه تعالى إنما يدركها الإنسان في الصبا عند فقد العقل قليلا قليلا و هو مستغرق الهم بشهواته و قد أنس بمدركاته ومحسوساته وألفها فسقط وقعها عن قلبه بطول الانس ، ولذلك إذا رأى على سبيل الفجأة حيوانا غريبا أو فعلا من أفعال اللّه خارقا للعادة انطلق لسانه بالمعرفة طبعا ،فقال سبحانه و هو يرى طول النهار نفسه و أعضاءه و سائر الحيوانات المألوفة و كلها شواهد قاطعة و لا يحس بشهادتها لطول الانس بها ، ولو فرض أكمه بلغ عاقلا ثم انقشع غشاؤه عن عينه فامتد بصره إلى السماء و الأرض و الأشجار و النبات و الحيوان دفعة واحدة على سبيل الفجأة يخاف على عقله أن ينبهر لعظم تعجبه من شهادة هذه العجائب على خالقها. فهذا و أمثاله من الأسباب مع الانهماك في الشهوات التي هي سدت على الخلق سبيل الاستضاءة بأنوار المعرفة والسباحة في بحارها الواسعة و الجليات إذا صارت مطلوبة صارت معتاصة.
لقد ظهرت فلا تخفى على أحد ***** الا على اكمه لا يعرف القمرا
لكن بطنت بما أظهرت محتجبا ***** وكيف يعرف من بالعارف استترا
أقول و يشهد لذلك قول سيد الشهداء عليه السّلام في دعاء عرفة: كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك و متى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك ، عميت عين لا تراك و لا تزال عليها رقيبا ، و خسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا.
و قال أيضا: تعرفت لكل شيء فما جهلت شيئا.
وفي الحديث ما رأيت شيئا إلا و رأيت اللّه قبله و بعده و معه. و عن الصادق عليه السّلام أنه
سئل عن اللّه عز و جل هل يراه المؤمنون يوم القيامة قال: نعم و قد رأوه قبل يوم القيامة. فقيل متى فقال: حين قال لهم ألست بربكم قالوا بلى ثم سكت ساعة ثم قال و إن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة ألست تراه في وقتك هذا، قال: فأحدث بهذا الحديث عنك، فقال لا فإنك إذا حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقول ثم قدر أن هذا تشبيه و كفر و ليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالى اللّه عما يصفه المشبهون و الملحدون. و في كلام أمير المؤمنين عليه السّلام : ظاهر في غيب و غائب في ظهور لا تجنه
البطون عن الظهور و لا يقطعه الظهور عن البطون قرب فنأى و علا فدنا و ظهر فبطن و بطن فعلن.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|