أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-4-2016
3845
التاريخ: 10-4-2016
3221
التاريخ: 28-4-2022
1787
التاريخ: 2024-02-24
1016
|
أن ما قام به عمر شيء خطير بالغ الأهمّية لتجميد الأوضاع وإيقاف أيّة عملية تؤدّي إلى انتخاب خليفة على المسلمين فإنّ صاحبه أبا بكر لم يكن في يثرب عند وفاة النبيّ (صلى الله عليه واله) وإنّما كان في السنح فبعث خلفه من يأتي به على وجه السرعة وانطلق عمر وهو يجوب في شوارع المدينة وقد شهر السيف ويلوّح به وينادي بصوت عال : إنّ رجالا من المنافقين يزعمون أنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) قد مات والله! ما مات ولكنّه ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران والله ليرجعنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) فيقطعن أيدي رجال وأرجلهم ممّن أرجفوا بموته ؛ وجعل لا يمرّ بأحد يقول مات رسول الله إلاّ خبطه بسيفه وتهدّده وتوعّده , وذهل الناس وساورتهم موجات من الشكوك والأوهام فلا يدرون أيصدّقون مزاعم عمر بحياة النبيّ وأنّه لم يمت وهي من أعزّ أمانيهم ومن أروع أحلامهم أم يصدّقون ما عاينوه من جثمان النبيّ (صلى الله عليه واله) وهو مسجّى بين أهله لا حراك فيه , ويستمرّ عمر يجول في الأزقّة والشوارع وهو يبرق ويرعد حتى أزبد شدقاه وهو يتهدّد بقتل من أرجف بموت النبيّ وبقطع يده ولم يمض قليل من الوقت حتى أقبل أبو بكر فانطلق معه إلى بيت النبيّ فكشف الرداء عن وجهه فتحقّق من وفاته فخرج إلى الناس وأخذ يفنّد مزاعم عمر وخاطب الجماهير التي أخرسها الخطب وذهلها المصاب قائلا : من كان يعبد محمّدا فإنّ محمّدا قد مات ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت وتلا قوله تعالى : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [آل عمران: 144] وصدق عمر بسرعة مقالته وراح يقول : فو الله ما هو إلاّ إذا سمعتها فعقرت حتى وقعت على الأرض ما تحملني رجلاي وقد علمت أنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) قد مات .
ولم تكن الحادثة بسيطة وساذجة فقد حفّت بالغموض ويواجهها عدّة من التساؤلات وهي :
1 ـ إنّ القرآن الكريم أعلن بصراحة ووضوح أنّ كلّ إنسان لا بدّ أن يسقى كأس المنية سواء أكان نبيّا أم غيره قال تعالى { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } [العنكبوت: 57] , وقال تعالى في خصوص نبيّه : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } [آل عمران: 144] .
وهذه الآيات الكريمة تتلى في وضح النهار وفي غلس الليل فهل خفيت على أبي حفص ولم يسمعها وهو يصاحب رسول الله (صلى الله عليه واله) ويماسيه ويسمع منه ما يتلوه من كتاب الله.
2 ـ إنّ عمر بالذات كان متفائلا بموت النبيّ (صلى الله عليه واله) فقد قال لأسامة بن زيد حينما ولاّه النبيّ على الجيش الذي فيه عمر وأبو بكر : مات رسول الله وأنت عليّ أمير وهذا يدلّ بوضوح على أنّه كان مطمئنّا بوفاته مضافا إلى أنّ النبيّ (صلى الله عليه واله) في أيامه الأخيرة قبل مرضه وبعده قد نعى نفسه إلى المسلمين .
3 ـ إنّ عمر هو الذي حال بين النبيّ (صلى الله عليه واله) وبين ما رامه من الكتابة التي ضمن فيها أن لا تضلّ امّته في جميع الأحقاب والآباد فقال له : حسبنا كتاب الله وقال : إنّ النبيّ يهجر ومن المؤكّد انّه إنّما قال ذلك بعد الاعتقاد بوفاته ولو كان يحتمل أنّ النبيّ لا يموت في مرضه لما قال ذلك .
4 ـ إنّ سكوت عمر وهدوء ثورته الجامحة حينما جاء أبو بكر وأعلن وفاة النبيّ فصدّقه ولم يناقشه فإنّه يقضي على اتّفاق مسبق بينهما في ذلك .
5 ـ إنّ حكم عمر بأنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) سوف يرجع إلى الأرض ويقطع أيدي رجال وأرجلهم ممّن ارجفوا بموته لا يخلو من مناقشة فإنّ تقطيع الأيدي والأرجل والحكم بالإعدام إنّما هو على الذين يخرجون عن دين الله أو يسمعون في الأرض فسادا والذهاب إلى موت الرسول لا يوجب ذلك قطعا .
6 ـ إنّ حكم أبي بكر بأنّ من كان يعبد محمّدا فإنّه قد مات ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت لا يخلو من النظر ؛ لأنّه لم يؤثر عن أي أحد من المسلمين أنّه كان يعبد محمّدا واتّخذه ربّا يعبده من دون الله وإنّما أجمع المسلمون على أنّه عبد الله ورسوله اختاره الله لوحيه واصطفاه لرسالته .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|