أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-06-2015
3908
التاريخ: 29-12-2015
2724
التاريخ: 30-12-2015
3474
التاريخ: 12-08-2015
4922
|
و كان ابن عربي مكثرا من التأليف حتى يقال إن مؤلفاته و رسائله بلغت نحو أربعمائة، و عنده أن العلوم ثلاثة أنواع: علم العقل و يشمل العلوم المعروفة، و علم الأحوال و يدرك بالذوق، و علم الأسرار و هو فوق العلمين السابقين مما ينفث به الروح القدس في الروع و يختص به الأنبياء و الأولياء. و أهم من ذلك عقيدته في وحدة الوجود، و هي التي ملأت كتاباته و أشعاره بالألغاز، و اختلف إزاء عباراتها العلماء من معاصريه و من جاء بعدهم، فمنهم من قال إن لها باطنا سوى ظاهرها و تأوّلها، و منهم من قال بمروقه من الدين الحنيف لمثل قوله: «إن الحق المنزّه (أي اللّه) هو الخلق المشبّه» و «إن العالم صورة اللّه و هوية اللّه» . و ربما كان ابن تيمية أكثر خصومه إنصافا له إذ قال إنه أقرب الصوفية القائلين بوحدة الوجود إلى الإسلام، فإنه يفرق بين الظاهر و المظاهر و يقر الأمر و النهي و الشرائع على ما هي عليه و يأمر في السلوك بكثير مما أمر به المشايخ من الأخلاق و العبادات» (1).
و يمكن أن تؤوّل العبارتان السالفتان اللتان جعلتا كثيرين يحملون عليه حملات شعواء بسببهما أنه إنما يريد أن اللّه المنزّه عن الشبه بالخلق يتجلّى فيهم كما يتجلى في العالم بتكوينه له و خلقه. و بالمثل عباراته الأخرى الموهمة التي إن أخذت على ظاهرها ظنّ به المروق من الدين و الضلال، بينما لو أخذت بباطنها حملت على الإيمان و العرفان، و هو ما جعل كثيرين من معاصريه و من جاء بعدهم يدافعون عنه. و قد سمع على الشيوخ بجانب صحيح الترمذي السالف صحيح مسلم و صحيح البخاري، و أجاز له السلفي في الإسكندرية أن يحدث عنه، و أجازه ابن الجوزي في بغداد و ابن عساكر في دمشق، و هم جميعا من كبار المحدثين في عصره سوى شيوخ كثيرين. و بجانب هذه الشعبة الكبيرة في عقيدته: شعبة وحدة الوجود تتراءى شعبة ثانية كبيرة هي شعبة المحبة الإلهية، و قد صورها مبكرا في ديوانه: «ترجمان الأشواق» و من يقرؤه حسب ظاهره يظن أنه غزل صبّ عاشق لنظام-كما يقال-فتاة الشيخ مكين الدين إمام مقام إبراهيم في الحرم المكي، إذ يصف جمالها و فتنته به و دارها و الأطلال و المنازل و دلالها و مراشفها و لوعته و حرقة فؤاده بحبها و سهام عيونها و فتور أجفانها و كأننا بإزاء شاعر من شعراء الغزل العذري على شاكلة قوله:
مرضى من مريضة الأجفان علّلاني بذكرها علّلاني
بأبي طفلة لعوب تهادى من بنات الخدور بين الغواني
طلعت في العيان شمسا فلمّا أفلت أشرقت بأفق جناني
بأبي ثمّ بي غزال ربيب يرتعى بين أضلعي في أمان
فهو محب موجع الفؤاد أو هو مريض مرضا لا يرجى له منه شفاء لما وقع في قلبه من حب هذه الفتاة أو هذه الطفلة اللعوب التي رآها تتبختر بين الغواني الجميلات. و حين رآها ظنها شمسا فقد ملأت كل ما حوله و كل ما فيه من جنان أو عقل و غير عقل و استقر حبها في قلبه و ملك عليه كل شيء من أمره. و إنه ليفدي بروحه هذا الغزال المصون الذي يرعى بين أضلعه في قلبه و سويداء فؤاده. و الديوان كله-على هذا النحو- غزل و صبابة لا سبيل إلى إطفائها إذ تستمد من وجد ملتاع ما يزال ابن عربي يذوق ناره المحرقة، و ليست نار الفتاة نظام، و إنما هي نار المحبة الربانية، و إلى ذلك يشير في الديوان منشدا:
كلّ ما أذكره من طلل أو ربوع أو مغان كلّ ما
أو نساء كاعبات نهّد طالعات كشموس أو دمى
صفة قدسيّة علويّة أعلمت أنّ لصدقي قدما
فاصرف الخاطر عن ظاهرها و اطلب الباطن حتى تعلما
و هو لا يذكر في القصيدة الطلول و الربوع و المغاني أو المنازل و النساء المشرقات كالشموس و الدمى فحسب، بل يذكر أيضا: نجدا و تهامة و السحب تبكى و الزهر يبتسم و المواضع النجدية مثل الحاجر و ورق الحمام و أنينها و البروق و الرعود و الرياح و الطرق و الجبال و التلال و العقيق و النّقا و الرّبى و الرياض و الغياض، و كل ذلك حين يذكره صفات قدسية علوية يتخذها رموزا لبيان حبه الرباني و أسراره و أنواره في فؤاده، و هو حب يتسع به حتى ليشمل أصحاب الديانات جميعا، إذ يقول:
لقد صار قلبي قابلا كلّ صورة فمرعى لغزلان و دير لرهبان
و بيت لأوثان و كعبة طائف و ألواح توراة و مصحف قرآن
أدين بدين الحبّ أنّى توجّهت ركائبه فالحبّ ديني و إيماني
فدينه الحب الذي يسع جميع الديانات السماوية و الوثنية، و لعل هذه شطحة من شطحاته الصوفية، إذ لا يمكن أن يصبح الناس أمة واحدة فضلا عن أن يكون دينها المحبة. و له بجانب أشعاره موشحات صوفية، و تميزها نفس العذوبة و السلاسة اللتين نجدهما في شعره كقوله في إحدى موشحاته:
يقول و الوجد أضناه و البعد قد حيّره
و هيّم العبد و الواحد الفرد قد خيّره
في البوح و الكتمان و السرّ و الإعلان في العالمين
و في الحق أنه كان صوفيّا كبيرا، و قد لقبه تلاميذه و مريدوه بالشيخ الأكبر، و سميت طريقته الطريقة الأكبرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١) انظر مجموعة الرسائل و المسائل لابن تيمية (طبع دار المنار)١/١٧6.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
لتجنب "بكتيريا قاتلة".. تحذير من أطعمة لا يجب إعادة تسخينها
|
|
|
|
|
الهند تنجح بإطلاق صاروخ باليستي من غواصة نووية
|
|
|
|
|
شعبة فاطمة بنت أسد تقيم برنامج زينة الحياة القرآني للأطفال
|
|
|