أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-7-2022
4676
التاريخ: 24-3-2016
9970
التاريخ: 2024-10-06
410
التاريخ: 25-3-2016
3016
|
خلف الرومان تراثاً قانونياً طويلاً يمتد تاريخه لقرون عدة، بدءً من تأسيس روما سنة 754ق.م، وينتهي بوفاة الإمبراطور جوستنيان سنة 565م(1). إلا أن قانون "الألواح ألاثني عشرة" يعد نقطة البداية نحو المساواة والحرية بين الأشراف والعامة، حيث كان المتهم أمام المحكمة طليقاً – احتراماً لقرينة البراءة – رغبة في الحفاظ على التوازن بينه وبين المجني عليه، وتمكيناً له في الدفاع عن نفسه، ومن ثم فلم يكن من المسموح به إتمام محاكمته تحت وطأة الحبس الاحتياطي (التوقيف) مالم يكن قد تم ضبطه متلبساً بالجريمة، أو كان قد أعترف بارتكابها(2). ومن الثابت أن الرومان قد عرفوا نظام الاتهام الفردي وأقروه، طيلة المراحل المختلفة للدولة الرومانية – بصورة أو بأخرى – (3). وبأن القاعدة الأساسية المتفق عليها في مختلف قوانينها، مفادها أن من يدعي أمراً يقع عليه عبء إثبات ما يدعيه. إذ كان مجرد توجيه الاتهام يمثل مساساً بالحرية الفردية، ويلزم ممثل الاتهام بتقديم الدليل على صحة دعواه، وارتباطاً بهذا النظام، كانت ضمانات الحرية الفردية هي السمة السائدة في إجراءات المحاكمة الجنائية، بل ان المدعى كان عرضة للعقاب بالكي إذا ما تبين للقاضي انه قد قصد بالاتهام الكيد والتشهير بالمتهم، وأن الاتهام لم يكن قائماً على أدلة. وعلى ذلك يمكن القول أن الرومان قد عرفوا القاعدة الأساسية التي تفرض على الاتهام أن يثبت التهمة في مواجهة المتهم، وانه ليس على المتهم اثبات براءته، وهذا جوهر ما يقتضيه مبدأ البراءة، في الأقل في شقه المتعلق بعبء الإثبات(4). فضلاً عن ذلك، يشير الفقه الجنائي إلى توافر العديد من ضمانات المتهم في التشريعات الرومانية، مما يتفق مع غايات مبدأ البراءة، لعل أبرزها كفالة حق الدفاع بالنسبة للمتهمين جميعاً سواء بأنفسهم أو بوساطة الغير – حتى أن المحامي في عهد جوستنيان كان لا يمارس المحاماة إلا إذا حصل على قسط كبير من الثقافة القانونية، ولا يباشر عمله حتى يقسم يميناً على الإنجيل بأنه يراعى العدالة ويؤدي واجبه بكل أمانة(5). كما أن المحاكمة كانت تتم باجراءات شفوية علنية، يلتزم فيها القاضي بحدود الدعوى، فلا يحق له مقاضاة المتهم عن غير التهمة التي أحيل بها، ولذلك أعطى القانون الروماني ( في عهد جوستنيان ) الحق للمتهم الذي يتضرر من حكم يصدره أحد القضاة – نتيجة المحاباة أو التحيز – أن يقدم شكوى ضد القاضي، فإذا ما تبين صحة دعواه يحكم له بتعويض مناسب يلتزم بدفعه القاضي ( المدعى عليه) (6). فضلاً عن ذلك فقد عرف القانون الروماني بعض أوجه الطعن في الاحكام، بعدة طرائق، أبرزها طريق التظلم الذي يقدمه المتهم المدان إلى مجلس الشعب، أو عن طريق الطعن بالاستئناف الذي عرف في العهد الإمبراطوري(7). وفي ظل ما سبق يمكن الإقرار بأن القانون الروماني قد أخذ بالمبدأ الأساسي في الدعوى الجنائية الذي يعد المتهم بريئاً إلى ان تثبت ادانته، ذلك ما يقرره كثير من الفقه الجنائي(8).لاويعززه ما ورد في مدونة جوستنيان من مبادئ، وفيما يأتي نشير إلى نص بعض منها: ( البينة على من ادعى، في المواد الجنائية يجب التأويل بالأرحم، المنكر لا يطلب منه الدليل، الأصل عدم اعتبار أحد مسيئاً، إذا عجز المدعى عن البينة برئت ساحة المدعى عليه، الدفاع عن المتهم مباح). لا جدال في أن القاعدة التي تقرر أنه في المواد الجنائية يجب التأويل بالأرحم تعني أن الشك يفسر لمصلحة المتهم، والقاعدة التي تقرر ان المنكر لا يطلب منه الدليل تعني أن المتهم لا يطلب منه إثبات براءته، والقاعدة التي تقرر أن الأصل عدم اعتبار أحد مسيئاً، تعني أن عبء الإثبات يقع على عاتق الاتهام، ومن ثم لا ريب بأن تلك القواعد تقطع بأن القانون الروماني عرف قرينة البراءة، كما طبق نتائجها في المحاكمة الجنائية(9).
__________________
1- بدأت الدولة الرومانية بالملكية عام 754 ق.م، تلتها الجمهورية عام 509 ق.م، بعدها صارت إمبراطورية منذ عام 27 ق.م، وقد انقسمت الإمبراطورية على نفسها منذ عام 395م فسقط الجزء الغربي منها بيد القبائل الجرمانية عام 447م، وبقيت الإمبراطورية الشرقية - ويعرفها البعض بالإمبراطورية البيزنطية نسبة إلى بيزنطة – والتي انتهت بموت جوستنيان عام 565م. انظر في ذلك:
- عبدالوهاب الكيالي، "موسوعة السياسة"، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1979، ص293.
- عبدالعزيز فهمي، "مدونة جوستنيان في الفقه الروماني"، دار الكاتب المصري، ط1، القاهرة، 1946، ص11.
2- انظر في ذلك:
- حسن صادق المرصفاوي، "الحبس الاحتياطي وضمان حرية الفرد في التشريع المصري"، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، 1954، ص12.
- حاتم بكار، المرجع السابق، ص19.
3- إذ كان المبدأ الغالب في العصرين الملكي والجمهوري هو الاقتناع الذاتي للقاضي، وفي عصر الإمبراطورية ساد نظام الأدلة القانونية، حيث فرضت القيود من أجل حماية البراءة ضد تحكم والي المدينة ومساعديه الذين اصبحوا القضاة الرئيسيين للأمور الجنائية.
انظر في هذا المعنى: هلالي عبداللاه أحمد، المرجع السابق، ص46-49.
4-انظر في هذا معنى:
- محمود محمود مصطفى، "الإثبات في المواد الجنائية في القانون المقارن"، ج1، (النظرية العامة)، مطبعة جامعة القاهرة، القاهرة، 1977، ص56.
- غسان جميل الوسواسي، المرجع السابق، ص12.
- عبدالعزيز فهمي، المرجع السابق، ص370.
5- سعد حماد القبائلي، "ضمانات حق المتهم في الدفاع أمام القضاء الجنائي"، المرجع السابق، ص48.
6- انظر في ذلك: عبدالعزيز فهمي، مدونة جوستنيان، المرجع السابق، ص12.
7- انظر في تفاصيل ذلك:
- أدوار غالي الذهبي، "إعادة النظر في الاحكام الجنائية"، عالم الكتب، ط1، القاهرة، 1970، ص9-12.
8- انظر في هذا الرأي:
- احمد فتحي سرور، "الشرعية والإجراءات الجنائي"، دار النهضة العربية، القاهرة، 1977، ص118.
- محمود محمود مصطفى، "الإثبات في المواد الجنائية"، المرجع السابق، ص56.
- محمد محمد مصباح، "حق الإنسان في محاكمة عادلة"، المرجع السابق، ص41.
- سعد حماد القبائلي، "ضمانات حق المتهم في الدفاع أمام القضاء الجنائي"، المرجع السابق، ص48.
9- انظر في ذلك:
- عبدالعزيز فهمي، "مدونة جوستنيان"، المرجع السابق، ص365 – 395.
- احمد ادريس احمد، "افتراض براءة المتهم"، المرجع السابق، ص101-102.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|