المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17793 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أحكام عقد الأمان للمشركين
2024-11-27
الآثار التي خلفها رعمسيس السادس (قفط)
2024-11-27
شروط فتح الأرض صلحاً
2024-11-27
الآثار التي خلفها رعمسيس السادس (تل بسطة)
2024-11-27
الآثار التي خلفها رعمسيس السادس (سرابة الخادم المعبد)
2024-11-27
معبد عنيبة
2024-11-27

مفهوم الانتقال من الكُمُون الحراري إلى الحرارة الكامنة عند العلماء العرب والمسلمون
2023-05-03
إخراج التمثيليات الإذاعية
13/9/2022
Sylvester Matrix
23-2-2019
هل للهيكل الخارجي مضار أو مساوي؟
10-1-2021
Statistical Range
10-2-2021
إمكان النسخ
4-1-2016


قصّة المعراج  
  
2342   04:13 مساءً   التاريخ: 4-2-2016
المؤلف : قطب الدين الرّاوندي
الكتاب أو المصدر : قصص الانبياء
الجزء والصفحة : ص 325- 339.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / قصص الأنبياء / قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله /

قال تعالى : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى } [الإسراء : 1].

1 ـ بالأسناد المذكور ، عن ابي بكر ، عن الصّادق عليه السلام قال : لمّا أُسري برسول الله صلى الله عليه واله إلى سماء الدّنيا لم يمرّ بأحدٍ من الملائكة إلاّ استبشروا به ، قال : ثمّ مرّ بملك كئيب حزين فلم يستبشر به ، فقال : يا جبرئيل ما مررت بأحد من الملائكة إلاّ استبشر بي إلاّ هذا الملك ، فمن هذا؟ قال : هذا مالك خازن جهنّم ، وهكذا جعله الله ، فقال له النّبيّ صلى الله عليه واله  : يا جبرئيل سله أن يرينيها ، قال : فقال جبرئيل : يا مالك هذا محمّد رسول الله صلى الله عليه واله وقد شكا إليّ وقال : ما مررت بأحدٍ من الملائكة إلاّ استبشروا بي إلاّ هذا الملك ، فأخبرته أن هكذا جعله الله حيث شاء ، وقد سألني أن أسألك أن تريه جهنّم ، قال : فكشف له عن طبق من أطباقها، فما رؤي رسول الله صلى الله عليه واله ضاحكاً حتّى قبض (1).

2 ـ وعن أبي بصير قال : سمعته يقول : إنّ جبرئيل احتمل رسول الله حتّى انتهى به إلى مكان من السّماء ، ثمّ تركه وقال : ما وطأ نبيٌّ قطّ مكانك.

وقال النّبي صلى الله عليه واله  : أتاني جبرئيل عليه السلام وأنا بمكّة ، فقال : قم يا محمّد ، فقمت معه وخرجت إلى الباب ، فاذا جبرئيل ومعه ميكائيل وإسرافيل ، فأتى جبرئيل بالبراق ، فكان فوق الحمار ودون البغل ، خدّه كخدّ الإنسان ، وذنبه كذنب البقر ، وعرفه كعرف الفرس ، وقوائمه كقوائم الإبل ، عليه رحل من الجنّة ، وله جناحان من فخذيه ، خطوه منتهى طرفه (2).

فقال : اركب ، فركب ومضيت ، حتّى انتهيت إلى بيت المقدس ، ولمّا انتهيت إليه إذا الملائكة نزلت من السّماء بالبشارة والكرامة من عند ربّ العزّة ، وصلّيت في بيت المقدس ، وفي بعضها بشرّ لي إبراهيم في رهط من الأنبياء ، ثم وصف موسى وعيسى صلوات الله عليهم ، ثمّ أخذ جبرئيل بيدي إلى الصّخرة فأقعدني عليها ، فاذا معارج إلى السّماء لم أر مثلها حسناً.

فصعدت إلى السّماء الدّنيا ، ورأيت عجائبها وملكوتها ، وملائكتها يسلّمون عليّ. ثمّ صعد بي إلى السّماء الثّالثة ، فرأيت بها يوسف عليه السلام ، ثمّ صعدت إلى السماء الرّابعة ، فرأيت بها ادريس عليه السلام ، ثمّ صعدت إلى السّماء الخامسة ، فرأيت فيها هارون عليه السلام ، ثمّ صعد بي إلى السّماء السّادسة ، فاذا فيها خلق كثير يموج بعضهم في بعض وفيها الكرّوبيّون قال : ثمّ صعد بي إلى السّماء السّابعة فأبصرت فيها خلقاً وملائكة (3).

3 ـ وفي حديث آخر قال النّبيّ صلى الله عليه واله  : رأيت في السّماء موسى عليه السلام ، ورأيت في السّابعة إبراهيم عليه السلام ثمّ قال : جاوزنا متصاعدين إلى أعلى عليّين ، ووصف ذلك إلى أن قال : ثمّ كلّمني ربّي وكلّمته ، ورأيت الجنّة والنّار ، ورأيت العرش وسدرة المنتهى.

قال : ثمّ رجعت إلى مكّة ، فلمّا أصبحت حدّثت فيه النّاس ، فأكذبني أبو جهل والمشركون ، وقال مطعم بن عدي : أنزعم أنّك سرت مسيرة شهرين في ساعة؟ أشهد أنّك كاذب ، ثمّ قالت قريش : أخبرنا عمّا رأيت.

فقال : مررت بعير بني فلان ، وقد أضلّوا بعيراً لهم هم في طلبه ، وفي رحلهم قعب من ماءٍ مملوّ ، فشرب الماء فغطّيته كما كان ، فاسألوهم هل وجدوا الماء في القدح؟ قالوا : هذه أية واحدة ، فقال صلى الله عليه واله : مررت بعير بني فلان ، فنفر بعير فلان فانكسرت يده ، فاسألوهم عن ذلك ، فقالوا : هذه آية أخرى ، قالوا : فأخبرنا عن عيرنا قال : مررت بها بالتّنعيم ، وبيّن لهم أحوالها وهيئاتها ، قالوا : هذه آية اُخرى (4).

4 ـ وفي رواية أخرى قال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة منه ، فاسألوه كم فيها من الاساطين والقناديل؟ فقالوا : يا محمّد إنّ ها هنا من دخل بيت المقدس فصف لنا أساطينه وقناديله ، فجاء جبرئيل عليه السلام فعلّق صورة بيت المقدس تجاه وجهه فجعل يخبرهم بما سألوه عنه فلمّا أخبرهم قالوا : حتّى تجيء العير ونسألهم عمّا قلت ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه واله : تصديق ذلك أنّ العير تطلع عليكم عند ونسألهم عمّا قلت ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه واله : تصديق ذلك أنّ العير تطلع عليكم عند طلوع الشّمس يقدمها جمل أحمر (5) عليه غرارتان ، فلمّا كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة والقرص ، فاذا العير يقدمها جمل أحمر ، فسألوهم عمّا قال رسول الله صلى الله عليه واله فقالوا : لقد كان هذا فلم يزدهم إلاّ عتوّاً (6).

5 ـ فاجتمعوا في دار النّدوة وكتبوا صحيفة بينهم : أن لا يواكلوا بني هاشم ، ولا يكلّموهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يزوّجوهم ، ولا يتزوّجوا إليهم حتّى يدفعوا إليهم محمّداً فيقتلونه ، وأنّهم يد واحدة على محمّد يقتلونه غيلة أو صريحاً ، فلمّا بلغ ذلك أبا طالب جمع بني هاشم ودخلوا الشّعب ، وكانوا أربعين رجلاً ، فحلف لهم أبو طالب بالكعبة والحرم : إنّ شاكت محمّداً شوكة لاتين (7) عليكم يا بني هاشم ، وحصّن الشّعب ، وكان يحرسه باللّيل والنهار ، فاذا جاء اللّيل يقوم بالسّيف عليه ورسول الله صلى الله عليه واله مضطجع ، ثمّ يقيمه ويضجعه في موضع آخر ،فلا يزال اللّيل كلّه هكذا ويوكّل ولده وولد أخيه به يحرسونه بالنّهار فأصابهم الجهد.

وكان من دخل مكّة من العرب لا جسر أن يبيع من بني هاشم شيئاً ، ومن باع بني هاشم شيئاً انتهبوا ماله ، وكان أبو جهل والعاص بن وائل السّهمي والنّضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط يخرجون إلى الطّرقات الّتي تدخل مكّة ، فمن رأوه معه ميرة نهبوه أن يبيع من بني هاشم شيئاً ، ويحذّرونه إن باع شيئاً منهم انتهبوا ماله ، وكانت خديجة لها مال كثير وأنفقته على رسول الله صلى الله عليه واله في الشّعب ، ولم يدخل في حلق الصّحيفة مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد المطلب (8) بن عبد مناف ، وقال : هذا ظلم ، وختموا الصّحيفة بأربعين خاتماً كلّ رجل من رؤساء قريش بخاتمه ، وعلّقوها في الكعبة ، وتابعهم على ذلك أبو لهب.

وكان رسول الله صلى الله عليه واله يخرج في كلّ يوم موسم ، فيدور على قبائل العرب ، فيقول لهم : تمنعون لي جانبي حتّى أتلو عليكم كتاب ربّكم وثوابكم الجنّة على الله ، وأبو لهب في إثره فيقول : لا تقبلوا منه ، فانّه ابن أخي وهو كذّاب ساحر ، فلم يزل هذا حالهم.

وبقوا في الشّعب أربع سنين لا يأمنون إلاّ من موسم إلى موسم ، ولا يشترون ولا يبيعون إلاّ في الموسم ، وكان يقوم بمكّة موسمان في كلّ سنة : موسم العمرة في رجب ، وموسم الحج في ذي الحجة ، فكان إذا اجتمعت المواسم يخرج بنو هاشم من الشّعب ، فيشترون ويبيعون ، ثمّ لا يجسر أحد منهم أن يخرج الى الموسم الثّاني ، وأصابهم الجهد وجاعوا ، وبعث قريش إلى أبي طالب : ادفع إلينا محمّداً نقتله ونملّكك علينا ، وقال أبو طالب رضي الله عنه : قصيدته ألّلاميّة يقول فيها :
ولمّا رأيت القوم لا ودّ منهم              وقد قطعوا كلّ العرى والوسائل
وأبيض يستسـقي الغمام بوجهه              ثمال اليتامى عصـمة للأرامل
كذبتم وبيت الله يبـزى محمّدٌ              ولمـّا نطـاعـن دونه ونقاتل
لعمري لقد كلّفت وجداً بأحمد              وأحببته حبّ الحبيب المواصل
وجدت بنـفسي دونه وحميته              ودارأت عنه بالذّرى والكواهل
فـأيّده ربّ العبـاد بنـصره              وأظـهر ديناً حقـّه غير باطل
فلمّا سمعوا هذا القصيدة آيسوا منه ، وكان أبو العاص ابن الرّبيع وهو ختن رسول الله صلى الله عليه واله يأتي بالعير باللّيل عليها البرّ والتّمر إلى باب الشّعب ، ثمّ يصح بها فتدخل الشّعب فيأكله بنو هاشم ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله : لقد صاهرنا أبو العباس فأحمدنا صِهره.

ولمّا أتى أربع سنين بعث الله على صحيفتهم القاطعة دابة الأرض ، فلحست جميع ما فيها من قطيعة وظلم ، وتركت : باسمك اللّهم ، ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه واله فأخبره بذلك ، فأخبر رسول الله أبا طالب ، فقام أبو طالب ولبس ثيابه ثمّ مشى حتّى دخل المسجد على قريش وهم مجتمعون فيه ، فلمّا أبصروه قالوا : قد ضجر أبو طالب وجاء الآن ليسلّم ابن أخيه ، فدنا منهم وسلّم عليهم ، فقاموا إليه وعظّموه ، وقالوا : قد علمنا يا أبا طالب أنّك أردت مواصلتنا والرّجوع إلى جماعتنا ، وأن تسلّم ابن أخيك إلينا.

قال : والله ما جئت لهذا ، ولكن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني أنّ الله تعالى أخبره أنّه بعث على صحيفتكم القاطعة دابة الأرض ، فلحست جميع ما فيها من قطيعة رحم ظلم وجور تركت اسم الله ،فابعثوا إلى صحيفتكم ، فان كان حقّاً فاتّقوا الله وارجعوا عما أنتم عليه من الظّلم والجور وقطيعة الرّحم ، وإن كان باطلاً دفعته إليكم ، فان شئتم قتلتموه ، وإن شئتم أسجنتموه.

فبعثوا إلى الصّحيفة وأنزلوها من الكعبة ، فاذا ليس فيها إلاّ باسمك اللّهم ، فقال لهم أبو طالب : يا قوم اتّقوا الله وكفّوا عمّا أنتم عليه ، فتفرّق القوم ولم يتكلّم أحد ، ورجع أبو طالب إلى الشّعب (9).

6 ـ وقال عند ذلك نفر من بني عبد مناف وبني قصيّ ورجال من قريش ولدتهم نساء بني هاشم منهم : مطعم بن عديّ ، وعامر بن لؤيّ ـ وكان شيخاً كبيراً كثير المال له أولاد ـ وأبو البختري بن هاشم ، وزهير بن اُميّة المخزومي في رجال من أشرافهم : نحن برآءٌ ممّا في هذه الصّحيفة ، فقال أبو جهل : هذا أمر قضي بليل ، وخرج النّبيّ صلى الله عليه واله  ورهطه من الشّعب وخالطوا النّاس ومات أبو طالب بعد ذلك بشهرين ، وماتت خديجة رضي الله عنها بعد ذلك ، وورد على رسول الله صلى الله عليه واله أمران عظيمان جزع جزعاً شديداً ، ودخل علي أبي طالب وهو يجود بنفسه ، فقال يا عمّ : ربّيت صغيراً ، ونصرت كبيراً ، وكفّلت يتيماً ، فجزاك الله عنّي خير الجزاء أعطني كلمة أشفع لك بها عند ربّي (10).

قال ابن عباس : فلمّا ثقل أبو طالب رُئي يحرّك شفتيه ، فأصغى إليه العبّاس يسمع قوله ، فرفع العبّاس عنه (11) وقال : يا رسول الله والله قد قال الكلمة الّتي سألته إيّاها.

وعن أبن عباس قال : إنّ رسول الله صلى الله عليه واله عارض جنازة أبي طالب ، فقال : وصلتك رحم (12) وجزيت خيراً ياعمّ (13).

7 ـ وعن الزّهري كان رسول الله صلى الله عليه واله يعرض نفسه على قبائل العرب في كلّ موسم ، ويكلّم كلّ شريف قوم لا يسأله منهم أحد (14) ، فلمّا توفّي أبو طالب اشتدّ البلاء على رسول الله صلى الله عليه واله فعمد لثقيف بالطّائف رجاء أن يؤووه ، فرضخوه بالحجارة ، فخلص منهم ورجلاه يسيلان الدّماء ، واستظلّ في ظلّ نخلة فيه وهو مكروب موجع ، فاذا في الحائط عتبة وشيبة ابنا ربيعة فلمّا رآهما كره مكانه لما يعلم من عداوتهما ، فلمّا رأياه أرسلا إليه غلاماً ـ يدعى عداس وهو نصرانيٌ ـ ومعه عنب ، فلمّا جاءه عداس ، قال له رسول الله : من أيّ أرض انت؟ قال : أنا من نينوى ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : من مدينة الرّجل الصّالح : يونس بن متى ، فقال عداس : وما يدريك من يونس بن متى؟ فقال له رسول الله : لا تحقّر أحداً أن يبلّغ رسالة ربّه ، أنا رسول الله ، والله تعالى أخبرني خبر يونس بن متى ، فجعل عداس يقبّل قدميه ، ولمّا رجع عليه السلام من الطّائف وأشرف على مكّة وهو معتبر ، كره أن يدخل مكّة وليس له فيها مجير، فنظر إلى رجل من أهل مكّة من قريش ـ قد كان أسلم سرّاً ـ فقال له : ائت مطعم بن عدي ، فسله أن يجيرني حتّى أطوف وأسعى ، فقا ل له : ائته وقل له : انّي قد أجرتك ، فتعال وطف واسع ما شئت ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه واله وقال مطعم لولده وأختانه وأخيه طعيمة : خذوا سلاحكم ، فانّي قد أجرت محمّداً ، وكانوا حول الكعبة حتّى يطوف ويسعى ـ وكانوا عشرة ـ فأخذوا السّلاح.

وأقبل رسول الله صلى الله عليه واله حتّى دخل المسجد ورآه أبو جهل ، فقال : يا معشر قريش هذا محمّد وحده ، وقد مات ناصره فشأنكم به ، فقال طعيمة : يا عمّ لا تتكلّم ، فانّ أبا وهب قد أجار محمّداً ، فقال أبو جهل : أبا وهب أمجير أم صابئ؟ قال : بل مجيرٌ ، قال : إذاً لا نخفر جوارك.

فلمّا فرغ رسول الله من طوافه وسعيه جاء إلى مطعم وقال : يا أبا وهب قد أجرت وأحسنت ، فردّ عليّ جواري ، فقال : وما عليك أن تقيم في جواري ، فقال : لا أقيم في جوار مشرك أكثر من يوم ، فقال مطعم : يا معشر قريش قد خرج محمّد من جواري (15).

8 ـ ذكر عليّ بن إبراهيم أنّ سعد بن زرارة وذكوان خرجا إلى عمرة رجب ، وكان أسعد صديقاً لعتبة ، فنزل عليه ، فقال له : إنّه كان بيننا وبين قومنا حروب ، وقد جئناك نطلب الحلف عليهم ، فقال عتبة : بعدت دارنا من داركم ولنا شغل لا نتفرّغ لشيءٍ قال : وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم؟ فقال عتبة : خرج فينا رجلٌ يدعي أنّه رسول الله سفّه أحلامنا (16) ، فقال أسعد ومن هو منكم؟ قال : محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب من أوسطنا شرفاً وأعظمنا بيتاً.

وكان اسعد وذكوان وجيمع الأوس ولا خزرج يسمعون من اليهود الّذين كانوا بينهم النّضير وقريظة وقينقاع أنّ هذا أوان نبيّ يخرج من مكّة يكون مهاجره بالمدينة ، فلمّا سمع أسعد وقع في قلبه ما كان سمع من اليهود ، قال : أين هو؟ قال : هو جالس في الحجر ، فلا تكلّمه فانّه ساحرٌ يسحرك بكلامه ، قال أسعد : كيف أصنع وأنا معتبر لابدّ لي أن أطوف بالبيت؟ قال : ضع أُذنك القطن.

فدخل أسعد المسجد وقد حشا أُذنيه القطن ، فطاف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه واله في الحجر مع بني هاشم ، فنظر إليه نظرةً وجازه ، فلمّا كان في الشّوط الثّاني رمى القطن وقال في نفسه : لا أحد أجهل منّي ، فقال : أنعم صباحاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : قد أبدلنا الله أحسن (17) من هذا ، تحية أهل الجنّة : سلامٌ عليكم ، فقال : أشهد أن لا اله إلاّ الله ، وأنّك رسول الله ، أنا من اهل يثرب من الخزرج ، وبيننا وبين إخوتنا من الأوس حبال مقطوعة ، فإن وصلها الله بك ، فلا أحد أعزّ منك ، ومعي رجل من قومي فان دخل في هذا الامر أرجو أن يتم الله لنا أمورنا فيك ، لقد كنّا نسمع من اليهود خبرك وصفتك ، وأرجو أن تكون دارنا دار هجرتك ، فقد أعلمنا اليهود ذلك ، فالحمد لله الّذي ساقني إليك.

ثمّ أقبل ذكوان ، فقال له أسعد : هذا رسول الله الّذي كانت اليهود تبشّرنا به تخبرنا بصفته ، فأسلم ذكوان وقالا : يا رسول الله ابعث معنا رجلاً يعلّمنا القرآن كثيراً ، فبعث معهما مصعب ، فنزل على أسعد ، وأجاب من كلّ بطن الرّجل والرّجلان لمّا أخبروهم بخير رسول الله وأمره.

وكان مصعب يخرج في كلّ يوم ، فيطوف على مجالس الخزرج يدعوهم إلى الاسلام فيجيبه الأحدث ، وقال سعد لمصعب : إنّ خالي سعد بن معاذ من رؤساء الأوس ، فإن دخل في هذا الأمر تمّ لنا أمرنا ، فجاء مصعب مع أسعد إلى محلّة سعد بن معاذ ، وقعد على بئر من آبارهم ، واجتمع إليه قوم من أحداثهم ، وهو يقرأ عليهم القرآن ، فبلغ ذلك سعد بن معاذ ، فقال لا سيد بن حصين ـ وكان من أشرافهم ـ : بلغني أنّ أسعد أتى محلّتنا مع هذا القرشي يفسد شبابنا ائته وانهه عن ذلك ، فأتى أسيد وقال لاسعد : يا أبا أمامة يقول لك خالك : لا تأتينا في نادينا ولا تفسد شبابنا.

فقال مصعب : أو تجلس فنعرض عليك أمراً؟ فإن أحببته دخلت فيه ، وإن كرهته نحّينا عنك ما تكره ، فجلس فقرأ عليه سورة ، فأسلم أسيد ، ثمّ رجع إلى سعد بن معاذ ، فلمّا نظر اليه سعد قال : أقسم انّ أسيداً رجع إلينا بغير الوجه الّذي ذهب من عندنا ، وأتاهم سعد فقرأ عليه أسعد : {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } [فصلت : 1، 2] فلمّا سمع بعث إلى منزله وابي بثوبين طاهرين ، واغتسل وشهد الشّهادتين ، وصلّى ركعتين ، ثمّ قام وأخذ بيد مصعب وحوّله إليه وقال : أظهر أمرك ولا تهابنّ أحداً.

ثمّ صاح لا يبقيّن رجل ولا امرأة إلاّ خرج ، فليس هذا يوم ستر ولا حجاب ، فلمّا اجتمعوا قال : كيف حالي عندكم؟ قالوا: أنت سيّدنا والمطاع فينا ، ولا نردّ لك أمراً ، فقال : كلام رجالكم ونساؤكم علي حرام حتّى تشهدوا أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، والحمد لله الّذي أكرمنا بذلك ، وهو الّذي كانت اليهود تخبرنا به ، وشاع الاسلام بالمدينة ودخل فيه من البطنين أشرافهم.

وكتب مصعب إلى رسول الله صلى الله عليه واله بذلك فكلّ من دخل في الاسلام من قريش ضربه قومه وعذّبوه ، وكان رسول الله صلى الله عليه واله يأمرهم أن يخرجوا إلى المدينة ، فيصيرون إليها فينزلهم الأوس والخزرج عليهم ويواسونهم (18).

9 ـ ثمّ إنّ الاوس والخزرج قدموا مكّة ، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه واله وقال : تمنعون جانبي حتّى أتلوا عليكم كتاب ربّكم وثوابكم على الله الجنّة؟ قالوا : نعم قال : موعدكم العقبة في اللّيلة الوسطى من ليالي التّشريق ، فلمّا حجّوا رجعوا إلى منى ، فلمّا اجتمعوا قال لهم رسول الله صلى الله عليه واله : تمنعوني بما تمنعون به أنفسكم؟ قالوا : فما لنا على ذلك؟ قال : الجنة ، قالوا : رضينا دماؤنا بدمك وأنفسنا بنفسك ، فاشترط لربّك ولنفسك ما شئت.

فقال رسول الله صلى الله عليه واله : أخرجوا إليّ منكم اثنى عشر نقيباً يكونون عليكم بذلك ، كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثنى نقيباً ، فقالوا : اختر من شئت ، فأشار جبرئيل إليهم فقال : هذا نقيب وهذا نقيب حتّى اختار تسعةً من الخزرج ، وهم : أسعد بن زرارة ، والبرء بن معرور ، وعبد الله بن حرام ـ أبو جابر بن عبد الله ـ ورافع بن مالك ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو ، وعبد الله بن رواحة ، وسعد بن الرّبيع ، وعبادة بن الصّامت.

وثلاثة من الأوس ، وهم : أبو الهيثم بن التّيهان ( وكان رجلاً من اليمن حليفاً في بني عمرة بن عوف ) وأسيد بن حصين ، وسعد بن خيثمة.

فلمّا اجتمعوا وبايعوا رسول الله صلى الله عليه واله إبليس : يا معشر قريش والعرب هذا محمّد والصّباة من الأوس والخزرج على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم ، فأسمع أهل منى ، فهاجت قريش وأقبلوا بالسّلاح وسمع رسول الله صلى الله عليه واله النّداء ، فقال للأنصار : تفرّقوا ، فقالوا : يا رسول الله صلى الله عليه واله إن أمرتنا أن نميل إليهم بأسيافنا فعلنا؟ فقال الرّسول  صلى الله عليه واله  : لم أؤمر بذلك ، ولم يأذن الله لي في محاربتهم ، فقالوا : يا رسول الله صلى الله عليه واله تخرج معنا؟ قال : أنتظر أمر الله تعالى.

فجاءت قريش قد أخذوا السّلاح وخرج حمزة ومعه السّيف ومعه عليّ عليه السلام فوقفا على العقبة ، فقالوا : ما هذا الّذي اجتمعتم عليه؟ قال حمزة : ما ها هنا أحد وما اجتمعنا ، والله لا يجوز أحد هذه العقبة إلاّ ضربت عنقه بسيفي ، فرجعوا وغدوا إلى عبد الله بن أبيّ وقالوا : بلغنا أنّ قومك بايعوا محمّداً على حربنا ، فحلف لهم عبد الله أنّهم لم يفعلوا ولا علم له بذلك ، فإنّهم لم يطّلعوه على أمرهم فصدّقوه ، وتفرّقت الأنصار ، ورجع رسول الله صلى الله عليه واله إلى مكّة (19).

10 ـ ثمّ اجتمعت قريش في دار النّدوة ، فجاءهم إبليس لمّا أخذوا مجلسهم ، فقال أبو جهل : لم يكن أحد من العرب أعزّ منّا حتّى نشأ فينا محمّد ، وكنّا نسمّيه الأمين لصلاحه وأمانته ، فزعم أنّه رسول ربّ العالمين وسبّ آلهتنا ، وقد رأيت فيه رأياً ، وهو : أن ندسّ اليه رجلاً فيقتله ، وإن طلبت بنو هاشم بدمه أعطيناهم عشر ديات ، فقال إبليس : هذا رأي خبيث ، فانّ بني هاشم لا يرضون أن يمشي قاتل محمّد على الأرض أبداً ، ويقع بينكم الحروب في الحرم ، فقال آخر : الرّأي أن نأخذه فنحبسه في بيت ونثبته فيه ، ونلقي إليه قوته حتّى يموت ، كما مات زهير والنّابغة. قال إبليس : إنّ بني هاشم لا ترضى بذلك ، فاذا جاء مواسم العرب اجتمعوا عليكم ، فأخرجوه فيخدعهم بسحره. فقال آخر : الرّأي أن نخرجه من بلادنا ونطرده ونتفرغ لآلهتنا ، فقال ابليس : هذا أخبث منهما ، فانّه إذا خرج يفجأكم وقد ملأها خيلاً ورجلاً فبقوا حيارى ، قالوا : ما الرّأي عندك؟

قال : ما فيه إلاّ رأي واحد ، وهو أن يجتمع من كلّ بطن من بطون قريش رجل شريف ، ويكون معكم من بني هاشم أحد ، فيأخذون سيفاً ويدخلون عليه ، فيضر به كلّهم ضربة واحدة ، فيتفرق دمه في قريش كلّهم ، فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه وقد شاركوا فيه ، فحماداهم أن تعطوا الدّية.

فقالوا : الرّأي رأي الشّيخ النّجدي ، فاختاروا خمسة عشر رجلاً فيهم أبو لهب على أن يدخلوا على رسول الله صلى الله عليه واله ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال : 30] وأجمعوا أن يدخلوا عليه ليلاً وكتموا أمره ، فقال أبو لهب : بل نحرسه ، فاذا أصبحنا دخلنا عليه ، فقاموا حول حجرة رسول الله صلى الله عليه واله.

وأمر رسول الله صلى الله عليه واله أن يفرش له ، وقال لعليّ بن أبي طالب عليه السلام : أفدني نفسك ، فقال : نعم يا رسول الله قال : نم على فراشي والتحف ببردتي ، فقام وجاء جبرئيل عليه السلام فقال : اخرج والقوم يشرفون على الحجرة فيرون فراشه وعليّ عليه السلام نائم عليه ، فيتوهّمون أنّه رسول الله.

فخرج رسول الله وهو يقرأ : يس إلى قوله : {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } [يس : 9] أخذ تراباً بكفّه ونثره عليهم وهم نيام ومضى ، فقال جبرئيل عليه السلام : يا محمّد خذ ناحية ثور ، وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثّور ، فمرّ رسول الله صلى الله عليه واله وتلقاه أبو بكر في الطّريق ، فأخذ بيده ومرّ به ، فلمّا انتهى إلى ثور دخل الغار.

فلمّا أصبحت قريش وأضاء الصّبح ، وثبوا في الحجرة وقصدوا الفراش ، فوثب عليّ عليه السلام إليهم وقام في وجوههم ، فقال لهم : ما لكم؟ قالوا : أين ابن عمّك؟ قال عليّ عليه السلام جعلتموني عليه رقيباً؟ ألستم قلتم له : اخرج عنّا؟ فقد خرج عنكم فما تريدون؟

فأقبلوا عليه يضربونه ، فمنعهم أبو لهب وقالوا : أنت كنت تخدعنا منذ اللّيلة ، فلمّا أصبحوا تفرّقوا في الجبال.

وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له : أبو كرز يقفو الآثار ، فقالوا له : يا أبا كرز اليوم ، اليوم فما زالوا يقفون أثر رسول الله حتّى وقف على باب الغار ، فقال : هذه قدم محمّد هي والله أخت القدم الّتي في المقام ، فلم يزل بهم حتّى وقفهم على باب الغار ، وقال : ما جاوزوا هذا المكان : إمّا أن يكونوا صعدوا إلى السّماء ، أو دخلوا الأرض ، فبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار وجاء فارس من الملائكة في صوة الانس ، فوقف على باب الغار وهو يقول لهم : اطلبوا في هذه الشّعاب ، فليس ها هنا فأقبلوا يدورون في الشّعاب (20).

11 ـ وبقي رسول الله صلى الله عليه واله في الغار ثلاثة أيّام ، ثمّ أذن الله له في الهجرة وقال : اخرج عن مكّة يا محمّد ، فليس لك بها ناصر بعد أبي طالب ، فخرج رسول الله صلى الله عليه واله وأقبل راع لبعض قريش يقال له : ابن أريقط ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال له : ائتمنك على دمي ، فقال : إذاً والله أحرسك ولا ادلّ عليك ، فأين تريد يا محمّد؟ قال : يثرب ، قال : لأسلكنّ بك مسلكاً لا يهتدي فيها أحد فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : ائت عليّاً وبشّره بانّ الله تعالى قد أذن لي في الهجرة ، فهيّئ لي زاداً وراحلة وقال أبو بكر : أعلم عامر بن فهيرة أمرنا وقل له : ائتنا بالزّاد والرّاحلة وخرج رسول الله صلى الله عليه واله من الغار ، فلم يرجعوا إلى الطّريق إلاّ بقديد ، وكانت الأنصار بلغهم خروج رسول الله صلى الله عليه واله اليهم ، وكانوا يتوقعون قدومه إلى أن وافى مسجد قبا.

ونزل على كلثوم بن الهدم شيخ صالح مكفوف ، واجتمعت ، واجتمعت إليه بطون الأوس ، ولم تجسر الخزرج أن يأتوا رسول الله لما كان بينهم وبين الاوس من العداة ، فلمّا أمسى أتاه أسعد بن زرارة مقنّعاً ، فسلّم على رسول الله صلى الله عليه واله وفرح بقدومه فقال رسول الله صلى الله عليه واله للأوس : من يجيره؟ فأجاره عويمر بن ساعدة وسعد بن خيثمة.

فبقي رسول الله صلى الله عليه واله خمسة عشر يوماً فقال أبوبكر : ندخل المدينة فالقوم متشوّقون إلى نزولك ، فقال : لأديم في هذا المكان حتّى يوافيني أخي علي بن أبي طالب عليه السلام وكان رسول الله صلى الله عليه واله قد بعث إليه أن احمل العيال واقدم ، فقال أبو بكر : ما أحسب عليّاً يوافي ، قال : بلى ما أسرعه.

فلمّا قدم عليّ ركب رسول الله صلى الله عليه واله راحلته ، واجتمعت اليه بنو عمرو وابن عوف ، فقالوا : يا رسول الله أقم عندنا ، قال : خلّوا عنها فانّها مأمورة وبلغ الأوس والخزرج خروج رسول الله صلى الله عليه واله ، فلبسوا السّلاح وأقبلوا يعدون حول ناقته ، وأخذ كلّ حيّ بزمام ناقته ، ويقول : خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة ، فبركت النّاقة على باب أبي أيّوب ، فنزل رسول الله صلى الله عليه واله.

وجاءته اليهود ، فقالوا : يا محمّد إلى ما تدعو ؟ قال : إلى شهادة أن لا اله الاّ الله ، وإنّي رسول الله ، وأنّا الّذي تجدونني مكتوباً في التّوراة ، والّذي أخبركم به علماؤكم ، فحرمي بمكّة ومهاجري في هذه البحيرة (21) ، فقالوا : قد سمعنا ماتقول وقد جئناك لنطلب منك الهدنة على أن لا نكون لك ولا عليك ، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه واله إلى ذلك ، وكتب بينهم كتاباً.

وكان رسول الله صلى الله عليه واله يصلّي في المربد بأصحابه ، ثمّ اشتراه وجعله المسجد ، وكان يصلّي إلى بيت المقدس ، حتّى إتى له سبعة أشهر ، فأمر أن يصلّي إلى الكعبة ، فصلّى بهم الظّهر ركعتين إلى ها هنا وركعتين إلى ها هنا (22).

____________
(1) تفسير العيّاشي ( 2/277 ـ 278 ) ، برقم : ( 8 ) مع اختلاف يسير. والبحار ( 18/341 ) عن أمالي الصّدوق بسند معتبر عن ابن بكير عن زرارة بن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، نفس المضمون.
(2) أي : كان سريعاً بحيث يضع كلّ خطوة منه على منتهى مدّ بصره.
(3) بحار الانوار ( 18/375 ـ 376 ) ، برقم : ( 81 ) وروي صدره ( أعني حديث المعراج ) عن العيّاشي مرسلاً عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في ص ( 403 ـ 404 ) ، برقم : ( 107 ) وأيضاً عنه عليه السلام في ص ( 385 ـ 386 ) ورواه مسنداً عنه عليه السلام في ص ( 388 ) عن أمالي الشّيخ الطوسي ولا يبعد إرجاع مراسليه عن أبي بصير إلى هذا المسند بسبك فنّي يعرفه أهله.
(4) بحار الانوار ( 18/376 ).
(5) في البحار : أورق. والغرارة بمعنى الجوالق.
(6) بحار الانوار ( 18/336 ـ 337 ) ، برقم : ( 37 ) عن أمالي الشيخ الصّدوق مسنداً والسّند معتبر وللحديث صدر له رابط تامّ بقوله : فاسألوه كم الاسطين فيها إلخ. وهذا هو الصّدر أبي عن علي عن أبيه ... عن أبي عبد الله عليه السلام جعفر بن محمّد الصّادق عليه السلام قال : لمّا اسرى برسول الله صلى الله عليه واله إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق فاتيا بيت المقدس وعرض عليه محاريب الأنبياء وصلى بها وردّه فمرّ رسول الله صلى الله عليه واله في رجوعه بعير لقريش وإذا لهم ماء في آنية وقد أضلوا بعيراً لهم وكانوا يطلبونه فشرب رسول الله من ذلك الماء وأهرق باقيه فلمّا اصبح رسول الله صلى الله عليه واله قال لقريش : إنّ الله جلّ جلاله قد أسرى بي إلى بيت المقدس وأراني آثار الانبياء ومنازلهم وإنّي مررت بعير لقريش في موضع كذا وكذا وقد أضلّوا بعيراً لهم فشرب من مائهم وأهرقت باقي ذلك فقال أبو جهل قد ... وبالجملة هذا المقدار من الطلب المرتبط ببقيّة الحديث كان ذكره أوّلاً ضروريّاً ولعلّه سقط من قلم الشّيخ الرّاوندي أو من غفلة النّاسخ والله العالم.
(7) أصله : لاُتي ، ماض مجهول ، اُكّد باللاّم والنّون المثقّلة ، أي لجاءكم الهلكة.
(8) والظّاهر أنّ ذكر عبد الطلب في سلسلة النّسب من غلط النّساخ ، كما يظهر من مراجعة كتب التّواريخ والانساب والرّجال فانّه : مطعم بن عدّي بن نوفل بن عبد مناف. وقد ترجم الشيخ في رجال ص ( 14 ) ، برقم : ( 23 ) ابنه جبير بنفس النّسب.
(9) بحار الانوار ( 19/1 ـ 4 ) ، برقم : ( 1 ).
(10) لا دلالة في هذا القول على عدم إيمان أبي طالب ، وبوجه كي يؤوّل بكتمانه إيمانه اتقاءً من القوم ـ كما أوّل في هامش البحار ( 19/5 ) ـ كيف؟ وهم يتّقونه ومادام حيّاً لم ينل قريش من رسول الله شيئاً. ولمّا سمعوا منه قصيدته الّلاميّة في شأن نبوّته ورسالته يقول فيها :
ألـم تعلمـوا أنّ ابننا لا مـكذّب              لـدينـا ولا يعنى بقـول الأباطل
وجـدت بنفسي دونه وحــميته              ودارأت عنه بـالذرى والكواهـل
( أي دافعت عنه بالرأس والرّقبة )
فايّـده ربّ العبــاد بـنصـره              وأظهر دينـاً حـقّه غيـر بـاطل
آيسوا منه وتفرّقوا عنه لما رأوا أنّ تصرفاته وحركاته الدّفاعيّة دليل على تصلّبه وإيمانه الجدّي بما جاء به ابن أخيه من شريعة الاسلام. والكلمة المرادة منه عند ارتحاله إنّما كانت كلمة الشهادتين تلقيناً وتجديداً لخاطرة التّوحيد والرّسالة من باب السّنة والطّريقة فانّ إيمان أبي طالب بالإسلام أظهر من الضّوء على الكون والعالم.
(11) في البحار : عنه رأسه.
(12) في البحار : وصلت رحماً.
(13) بحار الانوار ( 19/4 ـ 5 ) ، برقم : ( 3 ).
(14) في البحار ( 19/6 ) : لا يسألهم مع ذلك إلاّ أن يؤووه.
(15) بحار الانوار ( 19/5 ـ 8 ) برقم : ( 5 ) عن أعلام الورى ص ( 53 ـ 55 ) وفيهما تفاصيل الواقعة بصورتها وزواياها وما هنا ومقتبس من تلك الحادثة الحزينة.
(16) في البحار : سفه أحلامنا، وسبّ آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرّق جماعتنا.
(17) في البحار : قد أبدلنا الله به ما هو أحسن.
(18) بحار الانوار ( 19/8 ـ 12 ) عن إعلام الورى مع إختلاف في بعض الالفاظ.
(19) بحار الانوار ( 19/13 ـ 14 ) وص ( 47 ـ 48 ) ، برقم : ( 6 ) ، وراجع تفسير القمي ( 1/273 ).
(20) بحار الانوار ( 19/47 ـ 51 ) ، برقم : ( 8 ) عن إعلام الورى والقصص وتفسير القمي.
(21) في البحار : الحرة. أي : أرض ذات حجارة.
(22) بحار الانوار ( 19/69 ـ 70 ) عن أعلام الورى والقصص ، برقم : ( 20 ) إلى قوله : مسجد قبا. والبقيّة تجدها في ص ( 104 ـ 114 ) من نفس الجزء مقدّماً ومؤخّراً زيادة نقيصةً بوحدة المضمون.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .