أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2017
2107
التاريخ: 2024-05-18
713
التاريخ: 2024-04-06
891
التاريخ: 2023-09-12
1358
|
والواقع أن أهم أثر لدينا — على ما نعلم حتى الآن — من عصر هذا الفرعون لا يوجد في القطر المصري نفسه، بل في بلاد النوبة الشقيقة، وأعني بذلك مقبرة «بننوت» التي أقامها لنفسه في بلدة «عنيبة» بوصفه نائب ابن الملك في «واوات «للفرعون «رعمسيس السادس». وقد كان يلقب نائب «واوات»، كما كان يحمل لقب رئيس مصلحة قطع الأحجار في هذه الجهة ومدير بيت الفرعون «حور «.
وفي خلال إقامته في بلاد النوبة أقام تمثالًا هناك للفرعون «رعمسيس السادس» في معبد «الدر»، وقد أرسل له الملك مكافأة على ذلك طبقين من الفضة، وقد وقف على عبادة هذا التمثال قرابين كانت تورد بصفة منظمة من المراكز الخمسة المتاخمة. وقد حدد «بننوت» هذه المراكز بدقة بالغة في النقوش التي تركها لنا على جدران قبره، ومنها نستقي على وجه التقريب معظم ما نعلمه عن نظم الحكم المصري في هذه الأصقاع النوبية، وبخاصة عندما نعلم أن «بننوت» كان يستعين بأقاربه في تسيير أمور الحكم في هذه الأصقاع، فقد كان اثنان من عشيرته يحمل كل منهما لقب خازن رب الأرضين في «عنيبة»، وآخر يحمل لقب كاتب بيت المال وعمدة «عنيبة» (؟).
شكل 1: تمثال الملك «رعمسيس السادس» وهو ممسك بناصية أسير.
وهاك وصف مناظر هذه المقبرة وترجمة ما جاء عليها من نقوش:
يشاهد الفرعون «رعمسيس السادس» جالسًا على عرش الملك لابسًا خوذة الحرب «خبرش»، وأمامه ابن الملك صاحب «كوش» منحنيًا في يده المروحة، وفوق هذا المنظر كتب المتن التالي: قال جلالته لابن الملك صاحب «كوش»: أعط إناء العطور والأصماغ الفضيين (تبو) للوكيل.
وقد أجاب ابن الملك بما يأتي: «سأفعل هذا! تأمل إنه اليوم السعيد وسيحتفل به في كل أرض.»
وفي المنظر الذي على «الجدار الغربي» نشاهد فيه نائب «كوش» يصل إلى «عنيبة» مقدما الإناءين إلى «بننوت». ويرى نائب الفرعون أمام تمثال الفرعون الموضوع على الحامل الذي كان «بننوت» مكلفًا بالقيام عليه، وخلف النائب يشاهد مدير بيته يحمل إضمامة من البردي. ومن جهة أخرى نشاهد «بننوت» يصحبه كاهنان وهو واقف أمامهما يحمل في يديه المرفوعتين طبقين فيهما أقراص من العطور، ولا بد أنهما هما الإناءان اللذان أشير إليهما في المتن، وعندئذ يخاطب نائب «كوش» «بننوت» بما يأتي:
ليت «آمون رع» ملك الآلهة يحبوك! وليت الإله «منتو» رب «أرمنت» يحبوك، وليت روح الفرعون له الفلاح والحياة، السيد الطيب يحبوك، وهؤلاء هم الذين جعلوك تصنع تمثال «رعمسيس السادس» بن «آمون» المحبوب مثل «آمون»، والمحبوب مثل «حور» سيد «معام» (عنيبة) … وإنه ذبح الثائرين.
اصغَ يا نائب «واوات»، يا «بننوت» إلى «آمون» في «الكرنك»؛ إن هذه الأشياء قد تحدث عنها في بلاط الفرعون السيد الطيب. ليت «آمون رع» ملك الآلهة يحبوك، وليت «حوراختي» يحبوك، وليت «منتو» يحبوك، وليت روح الفرعون له الحياة والفلاح والصحة؛ الإله الطيب يحبوك، وهو الذي قد فرح بما تفعله في إقليم السود، وفي بلاد «أكاتي»، وإنك أنت الذي جعلتهم يحضرون أسرى أمام الفرعون له الحياة والفلاح والصحة، والسيد الطيب يدفع ضريبتك … تأمل! إني أعطيتك الإناءين الفضيين حتى تعطر نفسك بالأصماغ؛ زد أنت … في أرض الفرعون له الحياة والفلاح والصحة حيث أنت.
أما جواب «بننوت» على ذلك فقد كان قصيرًا، وقد وُجد مهشمًا، وكل ما يمكن استخلاصه منه هو أنه كان بطبيعة الحال إطراء للفرعون له الحياة والفلاح والصحة، سيده الطيب.
وقد ذكر لنا «بننوت» الأراضي التي تجبى منها القرابين التي كانت تقدم لتمثال «رعمسيس السادس»، ولا نزاع في أن النقوش الخاصة بهذا التمثال وقرابينه كانت مأخوذة من السجلات الرسمية الخاصة به، وهذه الأراضي تحوي خمس مساحات مختلفة كل واحدة منها محددة بحدودها الأربعة الأصلية.
وهاك أسماء هذه الأقاليم:
العنوان: الأرض الموهوبة لتمثال «رعمسيس السادس» الثاوي في «عنيبة».
الإقليم الأول: الإقليم الواقع شمال «رعمسيس مري آمون في بيت رع» (وهذا هو اسم معبد «رعمسيس الثاني» في «الدر»، والكاتب يقصد هنا المدينة لا المعبد) قبالة بيت «رع» رب الانحناء الشرقي (ويلاحظ هنا أن النيل ينعطف انعطافًا شديدًا نحو الشرق بعد «الدر» مباشرة، أما بيت «رع» فيحتمل أن يكون معبدًا أو مقصورة صغيرة للإله «رع» المحلي في هذه الجهة، ولكنه اختفى الآن).
الحدود: الحد الجنوبي هو أراضي ضيعة زوج الملك «نفرتاري» الموجودة في «عنيبة». والحد الشرقي الصحراء، والشمالي حقول كتان الفرعون له الحياة والفلاح والصحة، والحد الغربي النيل.
المساحة: «3 إترو» (والإترو …)
الإقليم الثاني: الإقليم التابع … خلف أرض «ميو» في أراضي نائب «واوات» (أي الأراضي التي تحت سلطان نائب «واوات»).
الحدود: الحد الجنوبي أراضي ضيعة التمثال التي تحت إدارة الكاهن الأول «أمنمؤبت» والحد الشرقي الجبل العظيم، والشمالي حقول الكتان ملك الفرعون له الحياة والفلاح والصحة، وهي التي في يدي نائب «واوات» والغربي النيل.
المساحة: 2 إترو.
الإقليم الثالث: إقليم بيت الآلهة شرقي الأراضي التي … وشرقي الجبل الكبير.
الحدود: الحد الجنوبي أراضي ضيعة التمثال، وهي التي تحت إدارة نائب «واوات» المسمى «مري»، والشرقي لجبل الكبير، والشمالي أراضي الراعي «باحو» والغربي النيل.
المساحة: 4 إترو.
الإقليم الرابع: إقليم ضيعة «تيحنوت» الواقعة عند الحد الغربي لمقاطعة «تيحنوت» في حقول كتان الفرعون له الحياة والفلاح والصحة، هذا إلى الأراضي التي …
الحدود: الشرقي الجبل الكبير، والجنوبي حقول كتان الفرعون له الحياة والفلاح والصحة شرقي الجبل الكبير، والشمالي حقل «أراسا»، والغربي النيل.
المساحة: 6 إترو.
الملخص: مجموع الأراضي التي أعطيها (أي التمثال) خمسة عشر «إترو» ويتألف من ذلك … الحقول العلوية، وقد (تسلمها) كاتب الضيعة النائب «بنوت» بن «هرونفر» حاكم «واوات» … بمثابة حقول أجرت له ويدفع لها ثورًا يذبح سنويًّا.
الإقليم الخامس: الإقليم الذي في … الحقول التي تحت سلطان نائب «واوات»، وهو لا يوجد في الملف (السابق).
الحدود: الحد الغربي أمام الأرض الحصباء ملك النائب «بننوت»، والجنوبي الأرض الحصباء ملك النائب «بننوت»، والشمالي هو … الحقول التي في ضيعة الفرعون له الحياة والفلاح والصحة، والشرقي هو الجزء الأمامي من الأرض الحصباء ملك النائب «بننوت».
المساحة: 8 إترو.
اللعنة على المعتدي: «أما كل إنسان سيهملها فإن «آمون» ملك الآلهة سيقفو أثره، والآلهة «موت» ستقفو أثر زوجه، والإله «خنسو» سيقفو أثر أولاده، وإن الجوع سيأخذه، والعطش سيلحقه، وسيغمى عليه وينتابه المرض.»
هذا هو أهم متن في المقبرة، أما وصفها العام فكما يأتي:
وصف المقبرة: تقع مقبرة هذا العظيم على مسافة نحو كيلومتر من الجبانة الجنوبية من «عنيبة» من عهد الدولة الحديثة، وقد قطعت في جانب التل وتحتوي على حجرة مستطيلة حفرت فيها كوة مقابلة للمدخل وفيها ثلاثة تماثيل مهشمة نحتت في الصخر الطبيعي. وفي وسط الحجرة توجد بئر بين المدخل والكوة يبلغ عمقها عشر أقدام تقريبًا، وفي نهايتها الفتحة المؤدية إلى حجرة الدفن، وقد كانت البئر مغطاة في الأصل بحجر ليخفيها عن الأنظار.
وجدران الحجرة الرئيسية مغطاة بمناظر لا تزال ألوانها محفوظة حتى الآن، ولم تهشم هذه المناظر إلا في بعض أجزاء في الركن الجنوبي الشرقي. والمقبرة مفتوحة الآن، وقد دفن فيها العظيم «بننوت» النائب أو نائب «واوات»، وهو الذي كان يحمل كذلك لقب كبير بيت المال للفرعون، وعمدة «عنيبة»، ورئيس المحاجر، ومدير بيت «حور» رب «عنيبة».
وقد قدم «بننوت» أراضي وأثاث معبد لعبادة تمثال سيده «رعمسيس السادس»، وفي مقابل ذلك — كما قلنا — أغدق عليه هذا الفرعون الإنعامات والهدايا. وكانت زوجه «تاحقا» مغنية في معبد «عنيبة«.
ويلاحظ في الصور والنقوش التي في الحجرة الرئيسية أن هناك نظامًا متبعًا؛ فنجد النصف الشرقي خاصًّا بعالم الدنيا، ويحتوي على حوادث خاصة بصاحب المقبرة وقرابين تقدم للآلهة وللمتوفى.
شكل 2: نائب «كوش» أمام الفرعون الذي يكلفه بإعطاء إناءين من الفضة للنائب «بننوت«.
والقسم الغربي خاص بعالم الآخرة، ويحتوي على صورة من كتاب الموتى، وإذا استثنينا جدار المدخل الغربي (راجع Tafel 101 a) الذي غطي بنقوش طويلة، فإن كل الجدران قد غطيت بسلسلة من الصور في صفين علوي وسفلي.
القسم الشرقي من جدار القاعة الرئيسية: (أ) يشاهد على جدران المدخل من الجهة اليمنى (راجع Aniba II, Tafel 101 = L. D. III, 229 c) نقش تذكاري خاص بالوقف الذي تحدثنا عنه فيما سبق، وهو لإمداد تمثال الفرعون «رعمسيس السادس» بالقرابين في معبد «عنيبة».
وعلى يمين هذا النقش يشاهد في أعلى الجدار ثالوث «طيبة»، وهم: «آمون» (وقد لون باللون الأزرق) و«موت» (وكانت ترتدي ملابس بيضاء) ثم الإله «خنسو» ممثلًا برأس صقر. وفي أسفل هذا المنظر يشاهد «بننوت»، ومدير مخزن الغلال «نبررع» يتعبدان، ويلاحظ هنا أن «نبررع» ليس من مرؤوسي «بننوت»، ولكنه قد صور هنا؛ لأن له علاقة ما بإدارة هذا الوقف.
ويشاهد على الجهة اليسرى من أعلى الإله «بتاح»، وقد لون وجهه بالأزرق وملابسه بيضاء، والإله «تحوت». وفي أسفل هذا المنظر صورت امرأتان.
(ب) الجدار الشرقي الضيق (راجع Ibid. Tafel 102. = L. D. III, PI. 230).
الصف الأعلى من اليسار إلى اليمين:
(1) (يشاهد نائب «كوش» — الذي لم يذكر اسمه ولكن ذكر لقبه — واقفًا منحنيًا أمام مقصورة الفرعون «رعمسيس السادس»، الذي يلبس التاج الأزرق وفي يده اليسرى علامة الحياة). وعلى حسب ما جاء في النقوش يكلفه الفرعون إعطاء إناءين من الفضة للنائب «بننوت»، وهذان الإناءان خاصان بالعطور.
(2) يرى بعد ذلك منظر آخر مثل فيه نائب «كوش» يتبعه مدير البيت «مري»، ويقفان أمام تمثال الفرعون الواقف على قاعدة، ويحيط بذراعيه علمان واحد منهما برأس كبش ويرمز للإله «حور».
(3) وأخيرًا نرى في نفس الصف الأعلى صورة «بننوت» بذراعيه منتشرتين، وفي كل من يديه إناء من الإناءين اللذين أهداهما له الفرعون، هذا ويشاهد اثنان من أتباعه يزينانه. (انظر الشكل 2).
الصف الأسفل من اليسار إلى اليمين: (1) يشاهد «بننوت» يصب الماء على مائدة قربان مزينة بالأزهار وملأى بالمأكولات. وقد نقش في السطرين العموديين اللذين أمامه صيغة القربان العادية، وقد تضرع فيها للإلهة «أوزير حتيا» و«لأوزير نخت» و«لأوزير بننوت»، و«أوزير أمنمأبت» ولزوجاته اللاتي في عالم الآخرة، وهؤلاء كلهم بوصفهم أجدادًا متوفين من أسرة «بننوت»، وكلهم قد صوروا على النصف الشرقي من الجدار الشمالي في الصف الأسفل (راجع Tafel 153 a).
(2) والمنظر الثاني يشاهد فيه «بننوت» يصب الماء على مائدة قربان بمثابة قربان لوالدته «تاخعت»، ولامرأة أخرى يحتمل أنها جدته وكانتا جالستين أمامه وقد مُحي اسم الأخيرة؛ وخلف هاتين المرأتين يشاهد صفان من الأشخاص: خمسة رجال في الصف الأعلى، وخمس نساء في الصف الأسفل. ويتألف صف الرجال من كهنة (خدمة الإله) كما يتألف صف النساء من مغنيات، غير أنه قد غاب عنا نسبة هؤلاء الكهنة والمغنيات لصاحب المقبرة «بننوت»؛ وأخيرًا نشاهد في منظر زواج «بننوت» المسماة «تاخعت» تتبعها ابنتها «تحنت» وامرأتان أخريان، وهما مرسومتان على لوحة (Ibid. Tafel. 101 a = L. D. III, 229 c) ، وهن يقدمن القربان أمام أربعة أشخاص: رجلان في الصف الأعلى، وامرأتان في الصف الأسفل. والزوجان الأولان هما والدا «بننوت»، والزوجان الآخران هما جداه.
النصف الأيمن الشرقي من الجدار الخلفي الشمال: (راجع Tafel 103 a; = L. D. III, 213 a).
الصف الأعلى: يشاهد «بننوت» وزوجه وأولاده الذكور الستة يتقدمون متعبدين أمام الإله «رع-حوراختي» برأس صقر جالسًا على عرشه، ويلاحظ أن الرجال يحمل كل منهم في يده اليسرى سيقان بردي، واليد اليمنى مرفوعة تعبدًا. أما المرأة فتحمل صاجات.
الصف الأسفل من اليسار إلى اليمين: (1) يشاهد «بننوت» وزوجه يتعبدان للإله «أوزير» الجالس على عرشه، وقد ظهر أمامه على زهرة صور أولاد «أوزير» الأربعة، وخلفه رسمت علامة الغرب.
ويمسك «بننوت» في يده اليسرى ثلاث سيقان من البردي، كما تمسك زوجه بيسراها الصاجات، وكل منهما يرفع يده اليمنى تعبدًا كما في المنظر السابق.
(2) أما الأشخاص الثمانية الذين رسموا في هذا الصف فهم تابعون للمنظر السابق، (راجع Ibid. Tafel 102).
الباب المؤدي للحجرة الصغيرة الواقعة وسط الجدار الخلفي الشمالي: (Ibid Tafel 104 d = L. D. III, 229 b): صور على عارضتي الباب صاحب المقبرة متعبدًا، وقد نقش على العارضة اليسرى صلاة للإله «رع-حوراختي»، وعلى العارضة اليمنى صلاة للإله «آتوم» صاحب «هليوبوليس»، والصورة التي على عتب الباب تمثل سفينة الشمس يتعبد لها قردان، والماء الذي تجري عليه السفينة ظهر فيه سمكتان.
النصف الغربي من الحجرة الرئيسية على اليسار: جدار المدخل من جهة الجنوب (راجع Ibid Tafel 104 a = L. D. III, 232 b.).
الصف الأعلى: (1) يشاهد «بننوت» أمام قاعة العدالة.
(2) محاكمة: يشاهد «بننوت» وزوجه يدخلان من باب القاعة ويقفان بيدين مرفوعتين. ثم يشاهد في المنظر التالي على يمين الإله «أنوبيس» يزن القلب، ويجلس بجانب الميزان المارد الذي في صورة فرس البحر (وهو الذي يلتهم قلب المتوفى إذا خفت موازينه) وبعد ذلك يشاهد على اليمين الإله «تحوت» يكتب النتيجة على إضمامة بردي، وهذه الصورة تستمر على الجدار الضيق الغربي في الصف الأعلى.
الصف الأسفل: مثل فيه الاحتفال بفتح الفم أمام المقبرة، فعلى اليمين نشاهد كاهنًا ممسكًا بالمومية، وبجوارها أرملة المتوفى تندبه راكعة، ويأتي بعد ذلك كاهن آخر (الكاهن سم) وقد مثل وهو يصب الماء، ثم كاهن ثالث في إحدى يديه زهرة وفي الأخرى الإناء «حسي»، ثم كاهن رابع يرتل الشعائر، وخلف هؤلاء الكهنة يأتي المشيعون للجنازة منهم ثلاثة أبناء (تسمى النقوش ثلاثة بأسمائهم، وخلافًا لذلك يلقب واحد بابن ابنه وأخته وآخر تصفه بوارث إرثه، كما تذكر ست نساء تحمل كل منهن لقب مغنية، ويحتمل أنهن بنات المتوفى غير أنهن لم ينعتن بهذا النعت).
الجدار الضيق الغربي (Ibid Tafel 104 b & c = L. D. III, 232 a) تكملة منظر المحاكمة السابق.
الصف الأعلى من الشمال إلى اليمين: (1) يقود الإله «حور» بن «إزيس» صاحب المقبرة «بننوت» وزوجه أمام «أوزير»، ويحمل «بننوت» في يده إناء عطور على شكل القلب، ويشاهد «أوزير» على عرشه في محراب وأمامه زهرة ذات ساق عليها صورة أولاد «أوزير» الأربعة، وتقف خلفه أختاه «إزيس» و«نفتيس». ويلاحظ أن باب المحراب مفتوح وأمامه مائدة قربان.
(2) بعد ذلك يأتي مشهد آخر يرى فيه الإله «أنوبيس» على سرير المتوفى وبالقرب منه على الجانبين يشاهد كل من «إزيس» و«نفتيس» راكعتين منتحبتين، وتضع كل واحدة منهما إحدى يديها على رأسها والأخرى على علامة تدل على الخلود، والمتن التابع لهذا المنظر يحتوي جملًا من الفصل الخامس والعشرين بعد المائة من كتاب الموتى، وهو الفصل الذي يعترف فيه الراحل بعدم ارتكاب أي ذنب (راجع مصر القديمة ج5).
الصف الأسفل من الشمال إلى اليمين: (1) يشاهد فيه «بننوت» يتعبد للآلهة الثلاثة الجالسين على قاعدة وهم: الإله «رع-حوراختي» برأس صقر، والإله «آتوم» لابسًا التاج المزدوج، ثم الإله «خبري» وعلى رأسه «جُعَل».
(2) ويتبع ذلك منظر مثل فيه «بننوت» وزوجه يتعبدان.
(3) وأخيرًا نشاهد منظرًا مؤلفًا من ثلاثة صفوف بعضها فوق بعض، وهذا المنظر مأخوذ من الفصل العاشر بعد المائة من كتاب الموتى، وهو يمثل العمل في حقول المنعمين.
النصف الأيسر من جهة الغرب للحائط الشمالي الخلفي (راجع Ibid Tafel 103. = b. L. D. III, 231 b.).
الصف الأعلى من اليسار إلى اليمين: (1) يشاهد المتوفى راكعًا وهو يتعبد بيدين مرفوعتين أمام البقرة «حتحور» سيدة الجبانة، وقد أحيطت بسيقان البردي وهي خارجة من المدفن الجبلي الهرمي الشكل، وبجوار البقرة «حتور» تقف الإلهة «تاورت» التي صورت في هيئة فرس البحر، وفي إحدى يديها عصا وفي الأخرى عقرب (وهي إلهة الولادة).
(2) وفي المنظر الذي يلي السابق يشاهد «بننوت» وزوجه يتعبدان للإله «رع خبري» جالسًا على عرشه وقد مثل برأس إنسان.
الصف الأسفل من اليسار إلى اليمين: (1) يشاهد الإله «رع حور» برأس صقر جالسًا على عرشه في مقصورة، وأمام هذه المقصورة يشاهد المتوفى يطهر بالماء بواسطة الإلهين «تحوت» و«أنوبيس».
(2) وفي المنظر التالي يُرى المتوفى وفي يده سيقان بردي وزوجه وفي يدها صاجات، وكلاهما يتعبد للإله «بتاح سكر-أوزير» برأس إنسان.
تعليق: هذا مجمل وصف مقبرة «بننوت»، والواقع أنها تعد الوثيقة الوحيدة التي تقدم لنا لمحة عن علاقة مصر ببلاد النوبة في هذا العصر المظلم من تاريخ البلاد، فقد رأينا في الجزء السابق من هذا المؤلف (مصر القديمة ج7) أن «رعمسيس» الثالث قام بحملة على بلاد النوبة، كما كانت عادة الفراعنة الفاتحين الذين كانوا يقصدون بأمثال حملاتهم هذه إظهار ما لهم من سلطان وعظمة تقليدًا لمن سبقهم من الفراعنة العظام. ولقد كان المنتظر بعد عهد «رعمسيس الثالث» أن نرى ملك مصر آخذًا في الانهيار في تلك الجهات الجنوبية، ولكن مقبرة «بننوت» التي حفرها في صخور بلدة «عنيبة» دلت على أن سلطان الفرعون كان لا يزال قويًّا، فقد كان هذا الموظف نائبًا للفرعون في «بلاد واوات»، التي كانت تعد من أعظم منابع الذهب للملك، وبخاصة أنه يحمل لقب رئيس رجال المناجم، والمدير العظيم لبيت المالية للملك، وعمدة بلدة «عنيبة». وأخيرًا كان يحمل لقب مدير معبد الإله «حور» صاحب «عنيبة»؛ وهذا المعبد كان أحد المحاريب العدة التي كانت مقامة لهذا الإله في هذه الإمارة. ومن المحتمل أن المعبد المشار إليه هنا هو الذي عثر على بقاياه الأثري «ويجول» في بلدة «عنيبة» (Weigall, Guide p. 465). وتدل شواهد الأحوال على أن «بننوت» هذا كان رجلًا صاحب ثراء؛ فقد أقام للفرعون «رعمسيس السادس» تمثالًا في هذا المعبد، وحبس عليه الأوقاف من أملاكه في هذه الجهات، وقد كافأه الفرعون على ذلك بإهدائه آنيتين من الفضة، وقد كلف الفرعون نائب «كوش» بإعطائها له رسميًّا. ويلاحظ هنا أن الآنيتين كانتا من الفضة لا من الذهب الذي كان يُعد آنئذ أثمن من الفضة، وقد يرجع السبب في ذلك إلى أن الذهب كان كثيرًا في بلاد «واوات» ويجلب منها، فلو كان الإناءان من الذهب فإن ذلك يكون كجلب التمر إلى «هجر»، والفحم إلى «نيوكاسل»، وبهذه الهدية الملكية أظهر الفرعون ارتياحه إلى ما فعله «بننوت» في أقاليم السود، وفي أرض «أكاتا». و«أكاتا» هذه هي إقليم وادي «علاقي»، ويحتمل أن اللقب «رئيس التنجيم» الذي يحمله «بننوت» قد يشير إلى أعمال التنجيم هناك؛ ولا نزاع في أنه لا توجد في بلاد النوبة السفلية مناجم ذات حجم عظيم، على أن سكنى «بننوت» في «عنيبة» فيه دليل آخر على أن «وادي علاقي» كان يمكن الوصول إليه عن طريق «توشكا-إبريم«.
ومما يلاحظ في وثيقة الوقف التي تركها لنا «بننوت» أنه يشير إلى ضياع الملكة «نفرتاري»، وكذلك إلى حقول الكتان الملكية، وهذا يدل على أنه كان للبيت المالك ضياع خاصة في بلاد النوبة، وأن الفرعون كان لا يزال له نفوذ قوي في هذه الأصقاع النائية، على الرغم من تدهور الأحوال في مصر نفسها. وأخيرًا نلحظ أن بلاد النوبة كانت حقلًا عظيمًا لزراعة الكتان كما يظهر ذلك من وثيقة الوقف.
ونقوش مقبرة «بننوت» تعد نموذجًا لنقوش كبار الموظفين في هذا العصر؛ فإذا قرنا بين نقوش هذه المقبرة ونقوش مقبرة «أنحور خعوي» الذي عاش في عهد الفرعون «رعمسيس الرابع» (راجع عهد رعمسيس الرابع) وجدنا بينهما أوجه شبه كبيرة تكشف لنا عن الحالة الدينية والاجتماعية في هذا العصر، فنجد أن كلًّا من «أنحور خعوي» و«بننوت» قد حرص على رسم أفراد أسرته وأجداده بصورة مفصلة، وكذلك نلحظ أن معظم أفراد هذه الأسر كان ذكورهم يشغلون وظائف الكهنة للآلهة، كما كانت الآنسات يشتغلن مغنيات للآلهة في المعبد. هذا وقد حرص كل منهما على أن يمثل صورة جنازته وحسابه في الآخرة، وعلى اقتباس فصول من «كتاب الموتى» للدلالة على ما كان يرغب المتوفى أن يكون فيه من نعيم مقيم، وبخاصة بعد أن أصبح مُبرأً من الذنوب كلها أمام الإله «أوزير»، كما فصلنا ذلك في المناظر التي على جدران مقبرة «بننوت»؛ وهذه النقوش تدل من جهة أخرى على أن العبادة كانت موحدة في كلا القطرين كما كانت الحال من أقدم العهود.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|