أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-9-2018
2251
التاريخ: 12-8-2017
438
التاريخ: 12-9-2016
614
التاريخ: 12-9-2016
493
|
عقد الأمان جائز للمشركين لقوله تعالى ((وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)) (1) وعقد النبي (صلى الله عليه وآله) الأمان للمشركين عام الحديبية فإذا ثبت جوازه نظر فإن كان العاقد الإمام جاز أن يعقده لأهل الشرك كلهم في جميع البقاع والأماكن لأن إليه النظر في مصالح المسلمين وهذا من ذلك، وإن كان العاقد خليفة الإمام على إقليم فإنه يجوز له أن يعقد لمن يليه من الكفار دون جميعهم لأن إليه النظر في ذلك دون غيرها، وإن كان العاقد آحاد المسلمين جاز أن يعقد لآحادهم والواحد والعشرة ولا يجوز لأهل بلد عام ولا لأهل إقليم لأنه ليس له النظر في مصالح المسلمين فإذا ثبت جوازه لآحاد المسلمين فإن كان العاقد حرا مكلفا جاز بلا خلاف وإن كان عقدا صح سواء كان مأذونا له في القتال أو غير مأذون وفيه خلاف لقوله (صلى الله عليه وآله) يسعى بذمتهم أدناهم، وأدناهم عبيدهم.
وأما المرأة فيصح أمانها بلا خلاف لأن أم هاني بنت أبي طالب أجارت رجلا من المشركين يوم فتح مكة فأجاز النبي (صلى الله عليه وآله): أمانها وقال: آجرنا من أجرت وآمنا من أمنت، والصبي والمجنون لا يصح أمانهما لأنهما غير مكلفين فإن أغر مشرك بمراهق فأمنه ودخل بأمانة فالأمان فاسد ولكن لا يجوز التعرض له قبل أن يرد إلى مأمنه.
ثم يصير حربا لأنه دخل بشبهة فلا يجوز عذره والظفر به، وعلى هذا روى أصحابنا أن المشركين إذا استذموا من المسلمين فقالوا: لا نذمكم فظنوا أنهم آمنوهم فإنه لا يتعرض لهم بل ينبغي أن يردوا إلى المأمن ثم يصيرون حربا لأنهم دخلوا بشبهة فأما ألفاظ الأمان فهو أن يقول: آمنتك آجرتك و أذممتك ذمة الإسلام فأما إذا قال: لا تذهل لا تخف لا بأس عليك أو قال ما معناه بلغة أخرى فإن علم من قصده أنه أراد الأمان كان أمانا لأن المراعي القصد دون اللفظ، وإن لم يقصد بذلك الأمان لا يكون أمانا غير أنهم إذا سكنوا إلى ذلك ودخلوا لا يتعرض لهم لأنه شبهة ويردوا إلى مأمنهم يصيرون حربا، وكذلك الحكم إذا أومئ مسلم إلى مشرك بما يوهمه أنه أمان فركن إلى ذلك ودخل دار الإسلام كان حكمه ما قلناه، وإن قال: لم أو منهم فالقول قوله فإن مات قبل أن يبين شيئا لم يكونوا آمنين غير أنهم ينبغي أن يردوا إلى مأمنهم، ثم يصيروا حربا بالمكان الشبهة.
فأما وقت الأمان فإنه قبل الأسر ما دام على الامتناع و إن حصل في مضيق أو في حصر و لحقهم المسلمون فإنه يصح الأمان لأنه بعد على الامتناع، وإن أقر مسلم بأنه أمن مشركا قبل منه، و أما بعد الأسر فلا يصح الأمان من آحاد المسلمين والحكم فيه إلى الإمام على ما مضى فإن أقر مسلم أنه كان آمن هذا الأسير قبل الأسر لم يقبل منه لأنه لا يملك عقد الأمان في هذه الحال فلا يملك الإقرار به فإن أقام بينة على ذلك قبلت، و كذلك إن اجتمعت جماعة من المسلمين فأقروا أنهم عقدوا الأمان له قبل الأسر لم يقبل لأنهم يشهدون على فعلهم.
وإذا تجسس مسلم لأهل الحرب، وكتب إليهم فأطلعهم على أخبار المسلمين لم يحصل بذلك قتله لأن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة كتابا يخبرهم بخبر المسلمين فلم يستحل النبي قتله وللإمام أن يعفو عنه، وله أن يعزره لأن النبي (صلى الله عليه وآله) عفى عن حاطب، و من أذم مشركا أو غير مشرك. ثم حصره ونقض ذمامه كان غادرا آثما.
إذا دخل الحربي دار الإسلام فعقد لنفسه الأمان فإنه يعقد لنفسه و لماله على طريق التبع فإن خرج إلى دار الحرب نظر فإن خرج بإذن الإمام في رسالة أو تجارة أو حاجة فهو على الأمان مثل الذمي إذا خرج إلى دار الحرب لتجارة فإن لحق بدار الحرب للاستيطان انتقض أمانه في نفسه و لا ينتقض في ماله فما دام حيا فالأمان قائم لماله فإن مات انتقل ميراثه إلى ورثته من أهل الحرب إن لم يكن له وارث مسلم و ينتقض الأمان في المال لأنه مال الكافر لا أمان بيننا و بينه في نفسه و لا ماله كسائر أهل الحرب ويصير فيئا للإمام خاصة لأنه لم يؤخذ بالسيف فهو بمنزلة ميراث من لا وارث له.
وإن عقد أمانا (2) لنفسه فمات عندنا وله مال وله ورثة في دار الحرب كانت مثل المسألة الأولى سواء، وفي الناس من قال: إنه يرد إلى ورثته لأنه مات على الأمان والأول أقوى.
فإن عقد الأمان لنفسه وماله ولحق بدار الحرب للاستيطان انتقض أمانه في نفسه دون ماله على ما قلناه. ثم إن ظفر به ووقع في الأسر فملكه لا يزول عن ماله لأنه لا دليل عليه فإن فودى به أو من عليه رد إليه المال، وإن قتل زال ملكه عن ماله إلى وارثه، وكان الحكم على ما قدمناه، وإن استرق زال ملكه لأن المملوك لا يملك شيئا وصار ماله فيئا فإن عتق بعد ذلك لم يرد إليه وكذلك إن مات ما لم يرد إلى ورثته سواء كانوا مسلمين أو كفارا لأنه لم يترك شيئا.
إذا دخل مسلم دار الحرب بأمان فسرق منهم شيئا أو استقرض من حربي مالا وعاد إلينا فدخل صاحب المال بأمان كان عليه رده لأن الأمان يقتضي الكف عن أموالهم.
وإذا اقترض حربي من حربي مالا ثم دخل إلينا بأمان على المقترض رده على المقرض لأنه لا دليل على براءة ذمته بذلك، والأصل وجوب الرد، وكذلك لو تزوج امرأة وأمهرها مهرا وأسلما وترافعا إلينا ألزمنا الزوج المهر إن كان مما يملك، وإلا فقيمته إن كان لا يملكه مسلم.
وإن تزوج حربي بحربية ودخل بها ومات ثم أسلم زوجها ودخل إلينا وجاءوا وراثها يطلبون المهر لم يلزمه دفع ذلك إليهم لأن الورثة أهل حرب ولا أمان لهم على هذا المهر، وإن كان لها ورثة مسلمون كان لهم مطالبة الزوج بالمهر.
إذا دخل حربي إلينا بأمان فقال له: إن رجعت إلى دار الحرب وإلا حكمت عليك حكم أهل الذمة فأقام سنة جاز أن يأخذ منه الجزية، وإن قال له: أخرج إلى دار الحرب فإن أقمت عندنا صيرت نفسك ذميا فأقام سنة ثم قال: أقمت لحاجة قبل قوله ولم يجز أخذ الجزية منه بل يرد إلى مأمنه لأن الأصل براءة ذمته، وإن قلنا: إنه يصير ذميا كان قويا لأنه خالف الإمام.
وإذا دخل المسلم أو الذمي دار الحرب مستأمنا فخرج بمال من مالهم ليشتري لهم به شيئا فإنه لا يتعرض له سواء كان مع المسلم أو الذمي لأن ذلك أمانة معهم وللحربي أمان.
ولو دفع الحربي إلى الذمي في دار الإسلام [شيئا] وديعة كان في أمان بلا خلاف.
إذا حاصر الإمام بلدا وعقد عليهم على أن ينزلوا على حكمه فيحكم فيهم بما يرى هو أو بعض أصحابه جاز ذلك كما نزلت بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ فحكم عليهم بقتل رجالهم وسبي ذراريهم فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة: يعني سبع سماوات.
فإذا ثبت جوازه فالكلام بعد ذلك في فصلين: في صفة الحاكم وفيما يحكم به.
أما الحاكم فلا بد من أن يكون حرا مسلما بالغا ثقة من أهل العلم فإن كان صبيا أو مجنونا أو امرأة أو عبدا أو فاسقا أو كافرا لم يجز، ويجوز أن يكون أعمى لأنه لا يحتاج في ذلك إلى رؤية، وكذلك إن كان محدودا في قذف وتاب جاز. فإن نزلوا على حكم رجل منهم نظر فإن كان على حكم من يختاره الإمام جاز لأنه لا يختار إلا من يصلح، وإن كان على حكم من يختارونه لم يجز حتى يوصف. فإن نزلوا على حكم كافر أو أن يحكم بهم كافر ومسلم لم يجز لأن الكافر لا يكون حكما، وإن نزلوا على حكم مسلم أسير معهم حسن الرأي فيهم أو رجل أسلم عندهم وهو حسن الرأي فيهم أو مسلم عندنا حسن الرأي فيهم كره ذلك وكان جائزا إذا كان بالصفة التي ذكرناها، وإن نزلوا على حكم من لا يجوز أن يكون حكما كان فاسدا غير أنهم يكونون في أمان لأنهم نزلوا على هذا الشرط فيردون إلى مواضعهم حتى يرضوا بحكم من يجوز أن يكون حكما فإن نزلوا على حكم من يجوز أن يكون حكما فلم يحكم بشيء حتى مات لم يحكم فيهم غيره ويردون إلى مواضعهم حتى ينصب غيره ويرضوا به فينزلون على حكمه.
فأما ما يحكم به فإنه لا يجوز أن يحكم إلا بما [ي] رآه حظا للمسلمين عائدا بمصالحهم ثم ينظر فإن حكم بقتل الرجال وسبى النساء و الولدان و غنيمة المال نفذ ذلك كما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة، وإن حكم باسترقاق الرجال وسبى النساء والولدان وأخذ الأموال جاز أيضا، وإن حكم بالمن وترك السبي بكل حال جاز أيضا إذا أراه حظا، وإن حكم بأن يعقدوا عقد الذمة على أن يؤدوا الجزية لزمهم أيضا لأنهم نزلوا على حكمه فإن حكم على من أسلم منهم بحقن دمه جاز لأن هذا يجوز من غير تحكيم، وإن حكم على من أسلم منهم أن يسترق من أقام على الكفر قيل: جاز فإن أراد أن يسترق بعد ذلك من أقام على الكفر لم يكن له لأنه لم يدخل به على هذا الشرط، وإن أراد أن يمن عليه جاز لأنه ليس فيه إبطال شيء شرطه بل فيه إسقاط ما كان شرط من القتل فإن حكم بقتل الرجال وسبي النساء والذرية ورأى الإمام أن يمن على الرجال أو على بعضهم جاز ذلك لأن سعدا حكم على بني قريظة بقتل رجالهم ثم إن ثابت الأنصاري (3) سئل النبي (صلى الله عليه وآله) أن يهب الزبير بن رباطا (4) اليهودي له ففعل فإن نزلوا علي حكم الحكم فقبل أن يحكم فيهم بشيء أسلموا عصموا دماؤهم وأموالهم ولم يحل سبى ذراريهم، وإن أسلموا بعد أن حكم بقتل الرجال وسبي النساء و الولدان وأخذ الأموال سقط القتل لا غير وسبي النساء و الولدان و أخذ الأموال، وإن أراد الإمام هيهنا أن يسترق الرجال بعد أن أسلموا (5) لم يجز لأنهم ما نزلوا على هذا الحكم فإن حكم فيهم بقتل الرجال وسبى النساء و الذرية و أخذ المال كان المال غنيمة و يخمس لأنه أخذ قهرا بالسيف. فإن نزلوا على أن يحكم فيهم بكتاب الله أو القرآن كره ذلك لأن هذا الحكم ليس بمنصوص في كتاب الله أو القرآن فيحصل فيه اختلاف فإن نصبوا حكمين جاز لأنه لما جاز الواحد جاز الاثنان فإن اتفقا على الحكم جاز، وإن مات أحدهما لم يحكم الآخر حتى يتفقوا عليه. فإن لم يمت واختلفا لم يحكم حتى يجتمعا فإن اجتمعا واختلفت الفئتان فقالت إحداهما: نحكم بهذا، وقالت الأخرى: لا نحكم بهذا لم يجز أن يحكما حتى يتفقوا عليها.
______________________
(1) التوبة 6 .
(2) في بعض النسخ [الأمان].
(3) هو ثابت بن القيس الأنصاري.
(4) في بعض النسخ [باطا] كما في البحار ج 20 ص 222 الطبعة الحديثة، وأضاف المحشي نسخة [ناطا].
(5) في بعض النسخ [ما أسلموا].
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|