أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-10-2014
6067
التاريخ: 9-05-2015
5901
التاريخ: 9-05-2015
6067
التاريخ: 10-05-2015
10284
|
إنّ كون علم البشر محدوداً أمرٌ مسلم به وبديهي ولا يحتاج إلى دليل أو برهان لإثباته، إلّا أنّه بالالتفات إلى النقاط التالية يتّضح لنا الأمر أكثر :
1- إنّ قدرة حواس الإنسان محدودة، فالعين رغم أنّها أهم وسيلة للمعرفة في الامور الحسية فهي لا تستطيع رؤية شيءٍ من بعيد، إضافة إلى أنّ عدد الألوان التي يشاهدها الإنسان محدودٌ جدّاً لأنّ الألوان ما فوق البنفسجية وما تحت الحمراء بالرغم من كثرتها فلا قدرة للعين على رؤيتها.
كذلك بالنسبة للاذن فانّها لا تسمع كل شيءٍ بل تسمع أمواجاً صوتية محدودة، وبمجرّد ارتفاع أو هبوط درجة تردد الأمواج فسوف لا تسمع شيئاً، وكذا الحال في بقية الحواس.
إنّنا بالعين المجرّدة نستطيع رؤية عدّة آلاف من النجوم في السماء فقط، بينما هناك المليارات من النجوم موجودة في السماء.
صحيح أنّ الوسائل العلمية ضاعَفَت من قدرة الحواس، إلّا أنّها هي بدورها محدودة القدرة أيضاً.
2- إنّ قدرة إدراكاتنا وأفكارنا محدودة وما وراءها فهو مجهول عندنا على الاطلاق، وهذا الأمر يصدق حتى بالنسبة إلى أكثر الناس علماً وذكاءً فإنّ قدرة فكره وإدراكه تكون محدودة أيضاً.
3- من جهة اخرى فإنّ العالم واسع بدرجة لا يمكننا استيعابه، ونستطيع أن نقول : إنّ علمنا كلما إزداد، ازدادت عظمة العالم في أذهاننا.
ولإدراك عظمة هذا العالم (إلى المستوى الذي يصل إليه فكرنا) يكفي أن نعرف أنّ المنظومة الشمسية والنجوم التي نشاهدها حولنا جزء من المجرّة التي تسمى بدرب التبّانة (المجرّات أو مدن النجوم مجموعة ضخمة من النجوم التي تشكل عالماً خاصاً بحد ذاتها).
وفي هذه المجرة- على ما يقول العلماء- يوجد أكثر من مائة مليارد نجمة! والشمس بالرغم من عظمتها ونورانيتها فانّها تعتبر من النجوم المتوسطة الحجم في هذه المجرة.
ونفس هؤلاء العلماء يقرّون- وبالاستعانة بالتلسكوب والحسابات الكمبيوترية- أنّ هناك مليارد مجرة في هذا العالم تقريباً! «1»
إنّ ذكر هذه الأرقام سهل على اللسان لكن ما أصعب تصورها؟! وينبغي أن لا ننسى أنّ معلوماتنا عن هذه المجرات والنجوم الهائلة تدور حول محور الأرض فكيف بنا إذا تجاوزنا هذا المحور؟!
4- ومن جهة ثانية فإنّ عالمنا هذا له بداية ونهاية فلا يعلم أحد عن المليارد سنة الماضية ولا عن المستقبل شيئاً، فهو كالسلسلة بدايتها الأزل وتمتد إلى عمق الأبد، وما نعرفه هو حلقة واحدة من هذه السلسلة وهي الحلقة التي نعيش فيها، وما ماضيها أو مستقبلها إلّا كشبح مرسوم في أذهاننا.
صحيح أن الإنسان- وبدافع من فطرته- في سعي مستمر لتحصيل علم أكمل وأشمل عن نفسه وعن العالم، وأنه قد جمع خلال آلاف السنين الماضية معلومات كثيرة ادخرها في خزائن مكتبات العالم الكبيرة والصغيرة.
وصحيح أنّ بعض المكتبات كبيرة إلى مستوى بحيث يصل مجموع طول رفوف الكتب فيها إلى مائة كيلومتر (كما هو الحال بالنسبة لمكتبة المتحف الانجليزي)! وقد يصل عدد الكتب في بعضها إلى ستةُ ملايين كتاباً (كما هو الحال بالنسبة لمكتبة باريس)، بل قد يصل عدد الكتب في بعضها إلى خمسة وعشرين مليوناً (كما هو الحال بالنسبة للمكتبة الأمريكية المعروفة)، وقد تصل فهارس الكتب فيها إلى حجم مكتبة كبيرة، وقد يصل الأمر بالبعض أن يستعمل وسائل النقل للتنقل فيها من مكان إلى آخر! لكن بالرغم من كل هذه المعلومات عن العالم وأسراره، فإنّ مجموعها لا يشكل إلّا كقطرةٍ من محيط كبير للغاية.
ولا بأس أن نشير هنا إلى شهادات بعض العلماء في هذا المجال كي يعرف القارىء أنّ ما ذهبنا إليه معترف به عند الجميع.
1- يقول «كريس موريس» الطبيب والعالم النفساني في كتابه «سر خلق الإنسان» :
«عندما نفكر بالفضاء اللامتناهي، أو الزمان السرمدي، أو الطاقة العجيبة المودعة في الذرة، أو بالعوالم غير المحدودة والتي تسبح فيها كواكب كثيرة، أو بقدرة تشعشع بعض الكواكب، أو بقوة جاذبية الأرض، أو بالقوانين الاخرى التي يرتبط قوام العالم بها، عندما نفكر بهذه ندرك مدى ضعفنا ونقصان علمنا» «2».
2- ويذكر الدكتور «الكسيس كارل» في كتابه «الإنسان ذلك المجهول» :
«إنَّ المساعي التي بذلت في العلوم التي اطلع عليها الإنسان لم تصل إلى نتيجة مطلوبة، ومعرفتنا لأنفسنا ما زالت ناقصة إلى حدٍ كبيرٍ» «3».
ولهذا السبب جعل «الإنسان ذلك المجهول» عنواناً لكتابه القيّم، فإذا كانت معرفة الإنسان عن نفسه محدودة إلى هذه الدرجة، فواضح حال معرفته عن الأكوان والعوالم الاخرى.
3- ويقول العالم المعروف «وليام جيمس» :
«علمنا قطرة، وجهلنا بحر عظيم».
4- ويقول الفلكي المعروف «فلا ماريون» :
«أستطيعُ أن أهييء أسئلة ولمدة عشر سنوات عن مجهولات لا تستطيعون الإجابة عليها» «4»!
5- ويضيف في كلام آخر له :
«نحن نفكر لكن ما هو فكرنا؟ ونمشي، لكن ما هو عملنا العضلي هذا؟ لا أحد يعلم بذلك.
أرى أنّ إرادتي قدرة غير مادية، لكنني عندما أريد أن أرفع يدي أرى أنّ الإرادة غير المادية تحرك يدي والتي هي عضو مادي، كيف يحصل هذا؟ وما هي الواسطة التي تحول الطاقة غير المادية إلى مادية؟ لا يوجد من يجيب على هذا السؤال» «5».
إذا كانت معلوماتنا تجاه أوضح وأبسط الامور العادية هكذا، فما هو الحال بالنسبة للقضايا المعقدة أو البعيدة عن متناول أيدينا زماناً ومكاناً.
6- يقول (انشتاين» الرياضي المعروف والمكتشف للنظرية النسبية والبُعد الرابع، في أحد كتبه :
«لقد علّمنا كتاب الطبيعة الذي نقرأه الكثير من الأمور وقد عَرفْنَا أُسس لغة الطبيعة ...
لكن رغم قراءتنا للمجلدات وفهمنا لها فإنّنا مازلنا بعيدين عن كشف أسرار الطبيعة» «6».
وينبغي هنا اضافة هذه الجملة على الشهادات السابقة :
من العجيب حقّاً أن كل اكتشاف جديد يحصل في هذا العالم يزيد من مجهولات الإنسان، وبعبارة اخرى إنّ اكتشافات العلماء في مختلف المجالات كاكتشاف مكتبة جديدة، أو اكتشاف كنز قيم في نقاط مختلفة من الأرض.
وبديهي فإننا إذا اطلعنا على وجود مكتبة في احدى المدن، أو كنز قيم في خربةٍ فقد أزلنا النقاب عن مجهول واحد، لكن الآلاف من المجاهيل تكشف عن نفسها من خلال هذا الاكتشاف، مثل عدد الكتب ومحتواها وكُتّابها وشخصياتهم وقضايا اخرى من هذا القبيل، كذا الحال بالنسبة للكنز فإذا اطلعنا على وجوده تبلورت في أذهاننا مجاهل اخرى عنه مثل نوعيته ومحتواه ....
ولا نذهب بعيداً، فإنّ عالم الكائنات المجهرية (المكروبات والبكتريا والفايروسات) كان في يوم ما مجهولًا كلياً، وعندما خطا (باستور) الخطوة الاولى عند كشفه لبعضٍ من هذه الكائنات تجلى أمامه عالم كبير من المجهولات.
إنّ اكتشاف الكواكب «اورانوس» و «نبتون» و «بلوتون» في المنظومة الشمسية وكذا كشف المجرات الجديدة كلها من قبيل كشف (باستور) لعالم الكائنات المجهرية، ومن هنا يجب الاذعان والاعتراف بأنّ العلوم البشرية كنور شمعةٍ وان حقائق هذا العالم العظيم كنور الشمس بل أعظم من ذلك!
ومن هنا ينبغي القول : {سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلّا مَا عَلَّمْتَنا}. (البقرة/ 32)
ونختم هذا الحديث بكلام عظيم لمتكلم عظيم ألا وهو الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، حيث يقول في خطبة الأشباح :
«واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السُّدَدِ المضروبة دون الغيوب، الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فمدح اللَّه- تعالى- اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً، وسمّى تركهم التعمّق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخاً، فاقتصر على ذلك ولا تُقدّر عظمة اللَّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين»! «7».
______________________
(1). جاء في كتاب (هل وكيف ولماذا) أنّ الفلكيين يعتقدون بوجود عدد كبير وهائل من المجرات قرب مجرتنا وبعضها أكبر والبعض الآخر أصغر حجماً وقد كشفت التلسكوبات القوية والحاسوبات العادية للنجوم عن وجود مليارد مجرة تقريباً في هذا العالم.
(2). سرّ خلق الإنسان، ص 87 (بالفارسية).
(3). الإنسان ذلك المجهول، ص 5.
(4). على اطلال المذهب المادي، ص 138.
(5). على اطلال المذهب المادي، ص 138.
(6). خلاصة الفلسفة النسبية.
(7). نهج البلاغة، الخطبة 91.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|