اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ قُدرتِكَ بِالقُدرَةِ الَّتي استطَلْتَ بِها عَلَى كُلِّ شَيءٍ ، وَكُلُّ قُدرَتِكَ مستَطيلَةٌ ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِقُدرتِكَ كلّهَا |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-26
![]()
التاريخ: 18-1-2023
![]()
التاريخ: 2024-09-16
![]()
التاريخ: 2023-07-31
![]() |
القدرة من امّهات الصفات الإلهية ؛ ومن الأئمّة السبعة التي هي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والتكلّم . ولها الحيطة التامّة والشمول الكلّي ؛ وإن كانت محتاجة في التحقّق إلى الحياة والعلم . وهذا أحد مراتب الاستطالة وسعة القدرة ، إن كان المراد بالشيء شيئيةَ التعيّنات الصفاتية والأسمائية ؛ أي الأعيان الثابتة في الحضرة العلمية .
وهي على لسان الحكيم كون الفاعل في ذاته بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ([1]) . والمشيئة المأخوذة في القدرة الإِلهية هي التي بحسب الحقيقة عين الذات المقدّسة ؛ ولا ينافيها تأحّد المشيئة في الحضرة الربوبية ، لعقد الشرطية من الواجبتين والممتنعتين والممكنتين : أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ([2]) . وهو تعالى شاء بالمشيئة الأزلية الذاتية الواجبة الممتنعةِ العدم أن يمدّ ظلّ الوجود ويبسط الرحمة في الغيب والشهود ؛ لأنّ واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات والحيثيات ([3]) ؛ ولو شاء أن يجعل الفيض مقبوضاً وظلّ الوجود ساكناً لجعله ساكناً مقبوضاً ، لكنّه لم يشأ ويمتنع أن يشاء .
وعلى لسان المتكلّم صحّة الفعل والترك ([4]) ؛ لتوهّم لزوم الموجبية في حقّه تعالى وهو منزّه منها . وهذا التنزيه تشبيه والتقديس تنقيص ، للزوم التركيب في ذاته والإمكان في صفته الذاتية ، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً . ولم يتفطّنوا أنّ الفاعل الموجب من كان فعله بغير علم وإرادة أو كون الفعل منافراً لذاته ، وهو تعالى علمه وقدرته وإرادته عين ذاته ، أحديّ الذات والصفات ، ومجعولاته ملائمات لذاته . فإذا كان الفعل الصادر عن الفاعل الممكن ، مع علمه الناقص الممكن الزائل ، والإرادة المسخّرة للدواعي الزائدة الخارجية ، والأغراض الغير الحاصلة لذاته يكون عن اختياره ، فكيف بالفاعل الواجب بالذات والصفات !
أترى أنّ وجوب الذات وتمامية الصفات وبساطة الحقيقة وشدّة الإحاطة والعلم السرمدي والإرادة الأزلية توجب الموجبية ؛ أم الإمكان واللاشيئية والزوال وبطلان الحقيقة ودثور الذات والصفات والحدوث والتجدّد والتصرّم والتغيّر من شرائط الاختيار ؛ أو إمكان أن لا يفعل المؤدّي إلى الجهل ، بل الإمكان في ذات الفاعل من محقّقات حقيقة الاختيار ؟
فانتبه يا حبيبي من نومتك ، وانظر بعين الحقيقة والبصيرة إلى ربّك ، ولا تكن من الجاهلين .
تنبيه للمستبصرين وتيقيظ للراقدين : تحقيق في الأعيان
واعلم ، هداك اللَّه إلى طرق سمائه وتجلّى على قلبك بصفاته وأسمائه ، أنّ الأعيان الموجودة الخارجية ظلّ الأعيان الثابتة في الحضرة العلمية ؛ وهي ظلّ الأسماء الإِلهية الحاصلة بالحبّ الذاتي من حضرة الجمع ، وطلب ظهور مفاتيح الغيب بالفيض الأقدس في الحضرة العلمية ، وبالفيض المقدّس في النشأة العينية .
والفيض الأقدس أشمل من الفيض المقدّس ؛ لتعلّقه بالممكنات والممتنعات ؛ فإنّ الأعيان منها ممكن ومنها ممتنع ؛ والممتنع ، منه فرضي و [ باطل ] كشريك الباري واجتماع النقيضين ، ومنه حقيقي كصور الأسماء المستأثرة لنفسه ؛ كما قال الشيخ في « الفتوحات » : « وأمّا الأسماء الخارجة عن الخلق والنسب فلا يعلمها إلّا هو لأنّه لا تعلّق لها بالأكوان » ([5]) انتهى كلامه .
فما كان قابلًا في الحضرة العلمية للوجود الخارجي تعلّق به الفيض المقدّس ؛ وما لا يكون قابلًا لم يتعلّق به ، إمّا لعلوّ الممتنع وعدم الدخول تحت الاسم الظاهر ، وإمّا لقصوره وبطلان ذاته وعدم قابليته . فإنّ القابل من حضرة الجمع ؛ فعدم تعلّق القدرة بالممتنعات الفرضية والذوات الباطلة من جهة عدم قابليتها ، لا عدم القدرة عليها وعجز الفاعل عن إيجادها ، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً .
قال السيّد المحقّق الداماد والسند الممجّد الأستاذ ذو الرئاستين العقلية والنقلية وذو السعادتين العلمية والعملية أستاذ الكلّ في الكلّ - رضي اللَّه عنه وجزاه اللَّه عن أولياء الحكمة والمعرفة أفضل الجزاء - في « القبسات » :
« إنّما مصحّح المقدورية ومناط صحّة الوقوع تحت سلطان تعلّق القدرة الربوبية الوجوبية هو طباع الإِمكان الذاتي ، فكلّ ممكن بالذات فإنّه في سلسلة الاستناد ، منتهٍ إلى الباري القيّوم الواجب بالذات - جلّ سلطانه - ومستند هو وجميع ما يتوقّف وجوده عليه من الممكنات في السلسلة الطولية إليه سبحانه » .
ثمّ قال : « وهو الخلّاق على الإطلاق لكلّ ذي سبب ، بقاطبة علله وأسبابه ؛ إذ لا يخرج شيء ممّا يُعوِزُه في سلسلة الفاقة الإِمكانية عن علمه وإرادته وصنعه وقدرته - تعالى كبريائه - فإذن قد بان واستبان أنّ عدم تعلّق القدرة الحقّة الوجوبية بالممتنعات ([6]) الذاتية من جهة المفروض مقدوراً عليه ، إذ لا حقيقة ولا شيئية له بوجه من الوجوه أصلًا ، لا من جهة نقصان القدرة وعجزها . وهذا سرّ ما تسمعهم يقولون : الإمكان مصحّح المقدورية ، لا مصحّح القادرية ، فالمحال غير مقدور عليه بحسب نفسه الباطلة ، لا أنّه معجوز عنه بالنسبة إلى القدرة الحقّة ، فإنّ بين التعبيرين بل بين المفهومين المعبّر عنهما بالعبارتين فرقاناً ما مستبيناً ومباينة ما بائنة » انتهى كلامه بألفاظه ، نَوَّر اللَّه مضجعه وأسكنه اللَّه جنّته ([7]).
وقد بلغ كمال النصاب في التحقيق وأتى بغاية الصواب والتوفيق ، كيف ، وهو إمام الفلسفة وابن بُجدَتها وشيخ أصحاب المعرفة وسيّد سادتها .
إشراق عرشي : في سرّ عرفاني
واعلم أيّها المسكين ، أنّ السالك إلى اللَّه بقدم المعرفة قد ينكشف له في بعض حالاته أنّ سلسلة الوجود ومنازل الغيب ومراحل الشهود من تجلّيات قدرته تعالى ودرجات بسط سلطنته ومالكيته ، ولا ظهور لمقدرة إلّا مقدرته ، ولا إرادة إلّا إرادته ؛ بل لا وجود إلّا وجوده ، فالعالم كما أنّه ظلّ وجوده ورشحة جوده ظلّ كمال وجوده ؛ فقدرته وسعت كلّ شيء وقهرت على كلّ شيء .
والموجودات بجهات أنفسها لا شيئية لها ولا وجود ، فضلًا عن كمالات الوجود من العلم والقدرة . وبالجهات المنتسبة إلى بارئها القيّوم كلُّها درجات قدرته وحيثيات كمال ذاته وظهور أسمائه وصفاته .
ومن ذلك ينكشف [ وجه ] قوله : « بالقدرة التي استطلت بها على كلّ شيء » ؛ فإنّ الاستطالة هي سعة القدرة وبسط السلطنة عليها ، وهو تعالى بظهور قدرته وسع كلّ شيء : ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ([8]) . وله تعالى الاستطالة وبسط القدرة بالفيض المقدّس على الأعيان الموجودة والمهيّات المحقّقة في عوالم الشهادة المضافة والمطلقة ؛ وله الاستطالة بالفيض الأقدس على الأعيان الثابتة والمهيّات المقدَّرة في الحضرة العلمية الجمعية .
ثمّ إنّ القدير من الأسماء الذاتية على [ ما ] مرّ من تحقيق شيخنا العارف الكامل ([9]) - أدام اللَّه تأييداته - والقادر من أسماء الصفات على ما عيّن الشيخ الكبير في « إنشاء الدوائر » ([10]) . والمقتدر بأسماء الأفعال أشبه ، وإن جعله الشيخ من أسماء الصفات ([11]) ، واللَّه العالم .
[1] الحكمة المتاهالية 6 : 307 ؛ شرح المنظومة 3 : 615 .
[2] الفرقان ( 25 ) : 45 .
[3] الحكمة المتعالية 1 : 122 .
[4] كشف المراد : 248 ؛ شرح المواقف 8 : 49 ؛ شرح المقاصد 4 : 89 .
[5] الفتوحات المكّية 2 : 69 .
[6] في نسخة الأصل : « الممكنات » بدل « الممتنعات » .
[7] القبسات : 317 - 318 .
[8] هود ( 11 ) : 56 .
[9] تقدّم في الصفحة 105 - 106 .
[10] إنشاء الدوائر : 28 .
[11] نفس المصدر .
|
|
مريض يروي تجربة فقدانه البصر بعد تناوله دواءً لإنقاص الوزن
|
|
|
|
|
كارثة تلوح في الأفق بعد تحرك أكبر جبل جليدي في العالم
|
|
|
|
|
قسم التطوير يناقش بحوث تخرج الدفعة الثانية لطلبة أكاديمية التطوير الإداري
|
|
|